عربي
Tuesday 26th of November 2024
0
نفر 0

كيف تواجهين الظروف القاسية مع زوجكِ؟

* رضا نجاد
إحدى الصفات المتميزة في المرأة الصالحة هي أنها لا تتنصّل عن مؤازرة زوجها في أقسى الظروف. وهذه الصفة تجد مصداقيتها في موقفين:
الأول: عندما يتوجه إليه الجميع بالذمّ والقدح، فهي تناصره وتقف إلى جانبه.
الثاني: عندما يفتقر زوجها ويصل إلى أدنى درجات الإملاق، فهي تصمد إلى جانبه بكلّ صلابة وثبات مثلما كانت عليه مواقفها ومشاعرها في أيام الرخاء والنعمة، وهكذا تزيل بموقفها هذا عن زوجها شعوره بالانكسار والإحباط.
هل عرضت لكم يوماً ما نعمة أدّى خوف فقدانها إلى إيجاد الرعب في قلوبكم؟ نعم إن أفضل مثال على تلك النعمة هي المرأة الصالحة التي يقول زوجها أحياناً في نفسه: ماذا عساني أفعل مع الحياة ومع الأولاد لولا وجود مثل هذه المرأة؟ وإذا وصلت المرأة في حياة الرجل إلى هذه الدرجة من الأهمية بحيث يشعر بالرهبة لإمكانية فقدانه إياها، فهذا يعني أنه يعيش حياة هانئة طيبة، وهنيئاً له جنة الخلد.
إذا كان وقت زَوجُكِ مزدحماً بالعمل يجب أن يرى المائدة جاهزة أمامه عند دخوله إلى الغرفة، لأن رؤية مائدة الطعام جاهزة يخلق لديه شعوراً بأن زوجته تساعده على عدم إهدار وقته.
وإذا كان زوجك من النوع الذي يجب أن يكون مع الجماهير دوماً ولا وقت لديه لمجالستك إلا في القليل النادر، يكفي أن تعتقدي بأن ذلك يُعزى إلى أهميته وأنك على درجة أكبر من الأهمية بسبب كونك زوجته. وهذا ما يوجب عليك التطابق مع عمل زوجك وتنسيق حياتك مع نمط حياته، حتى وإن تطلَّب ذلك افتراض عدم وجوده في البيت ولو كان موجوداً فيه في الواقع. واعلمي أن أفضل عمل للزوجة هو مساعدة زوجها على الرقيّ والكمال. ولعل المرأة لا تجد مكسباً لها خير وأفضل من التخلي عن أهوائها النفسية في سبيل تحقيق مصالح زوجها.
إذا وصلت المرأة إلى درجة تحمد الله على أن الصفة الفلانية المفقودة فيها متوفرة في زوجها، تكون قد حازت بذلك منزلة رفيعة في الحياة، لأنها والحال هذه أصبحت على استعداد لتكون هي وزوجها بمثابة كيان واحد.
يتمنَّى الرجال على الدوام التخلص من بضعة أشياء، من جملتها الدائن ـ وهو مرض مزمن ينوأون تحت وطأته ـ والكبت الذي يسلبهم حرياتهم، وتقف على رأس كل تلك الأماني أمنية التخلص من صياح المرأة التي يرتفع صراخها على الأطفال أو لأمور تافهة، وخاصة إذا كانت تلك المرأة قد قالت لزوجها ذات مرة، يا ليتني كنت تزوجت فلاناً واستشعرت السعادة. لأن الرجل يشعر بعد هذا الكلام بحالة من الانفصال والابتعاد الدائم عن زوجته. ولا تتخذ حالات الجماع التي تقع بعد هذه الطعنة النجلاء سوى طابع المتعة العابرة، أي أن الرجل يضطر تحت ضغط الغريزة الجنسية إلى ممارسة نوع من الجماع الحيواني.
هذا الكلام المهين الذي يسمعه الزوج في تمني زوجته بأنها لو كانت تزوجت من رجل غيره، يدفعه إلى الفرار من البيت والارتماء في أحضان امرأة أخرى لأن انحصار الجماع في قالب المتعة الحيوانية وتوقفه عند تلك المرحلة، يخلق لديه شعوراً بالحرمان من الحب، وهو أمر لا وجود له عند الحيوانات.
المرأة التي تندم على قولها لزوجها: يا ليتني كنتُ زوجة لفلان، يمكنها التعويض عن ذلك بأساليب أخرى ولكن بشرط أن لا تذكر اسماً لرجل آخر غير زوجها. فالمرأة التي تفكر تفكيراً عقلانياً يمكنها أن تفهم بسرعة نوعية الأعمال والكلمات التي تثير غضب زوجها، وتثير فيه الحنق أكثر من غيرها. وهي ما أن تدرك الغضب الذي أثارته في نفس زوجها حتى تسارع إلى الاعتذار منه طالبة منه الصفح عنها، وأن مثل هذا الكلام لن يصدر مرة ثانية منها. ولكنها إذا لم تجد في نفسها القدرة على الإقدام على مثل هذا العمل ـ الذي يعدّ في الحقيقة كنوع من الجهاد الأكبر ـ يمكنها أن تقول له: يمكنك إن آذيتك مرة أخرى على هذا النحو أن تحاسبني. ولا شكّ في أن الإفصاح عن هذا المطلب ومفاتحة الزوج بمثل هذا الاقتراح، يدفعه بدل الغضب، إلى استشعار أحاسيس طيبة ونزيهة، ويقول في نفسه: إن امرأتي عاجزة عن تغيير سلوكها والإقلاع عن هذا العمل. فيرضى عنك وينظر إليك نظرة اعتزاز ومودة.
كل اقتراح تعرضه الزوجة على زوجها ولا يُقدم عليه عملياً رغم تكراره مرات متعددة من قبلها، عليها أن تعلم بأنه غير راغب فيه، وأنها يجب أن تفكر بشيء آخر وتمتنع عن إغضاب زوجها، فتقول له مثلاً: كنت أتصور الاقتراح الذي عرضت عليك كان اقتراحاً جيداً، ولكن تبيَّن لي الآن بأنني كان ينبغي لي أن أكون على نحو آخر ولا أتسبب في مضايقتك وإزعاجك.
يجب على المرأة أن تقف موقف التأييد من العمل الذي يميل إليه زوجها. لأن المرء لا يستطيع الصمود إزاء العمل الذي يفرض عليه رغم إرادته إلا بضع ساعات ويشعر بعدها بالتعب والملل، والأسوأ من ذلك أن الحصيلة الناتجة عن ذلك لا تتصف بجودة التنفيذ ولا تقترن بسلامة وراحة المنفذ. وعلى العكس من ذلك يمكن الاستمرار في العمل المرغوب فيه ساعات طويلة ويُنجز على النحو المطلوب ولا تنجم عنه أية أضرار على جسم الشخص ونفسه.
هناك مسألة تتعلق بالزوج والزوجة يجب مراعاتها إلى أبعد الحدود وتختص بالنساء ذوات الأزواج كثيري المشاغل. فهؤلاء الرجال غالباً ما يكونون قليلي النوم، وحتى أن الليل والنهار يقصران عن استيعاب مشاغلهم، ولا يكادون ينتهون من عمل حتى ينشغلوا بعمل آخر. فإذا كانت لأحدهم زوجة جاهلة بقيمة الوقت أو كسولة، فإن الزوج يعيش في عذاب منها. فقد تتصل به زوجته أثناء عمله وتطلب إليه أن يأتي فوراً إلى البيت كي يوصلها إلى دار إحدى قريباتها. فيأتي الرجل على وجه السرعة، لكن المرأة تتأخر ساعتين في البيت ويبقى هو في الانتظار. وهاتان الساعتان من الانتظار تشكلان عبئاً باهظاً وعذاباً مريراً للرجل كثير المهام والمشاغل. ولهذا السبب تصبح معرفة أهمية الوقت بالنسبة للمرأة التي لها زوج كثير العمل والنشاط، من أهم الأمور التي يجب مراعاتها في الحياة الزوجية.
يجب على المرأة أن تلتفت إلى الوقت الذي يجب عليها أن تترك زوجها طليقاً ولا تتعلق به، والظرف الذي يجب أن تصغي فيه ولا تتكلم، والوقت الذي يجب أن تمتنع فيه عن استقبال ودعوة الضيوف. ولكن الأمر الذي يجب أن تجعله نصب عينيها على الدوام هو قول رسول الله (ص): ((ما استفاد امرء مسلم فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة، تسره إذا نظر إليها، وتطيعه إذا أمرها وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله)). أي أن يكون مرآها مدعاة لسرور النفس واستقرارها وسكينتها، وأن تكون باسمة وبشوشة على الدوام وأن تكون دارها نظيفة ومرتبة وسبباً للراحة والشعور بالأمن.
على الزوجة أن تلتفت إلى الأمور التي تثير حساسية الرجل. وهذا هو سر النجاح والعثور على مفتاح السعادة. ولا فرق في ذلك بين ما يرغب فيه وما يثير استياءه. فهو لا يحب مثلاً أن يُكنس البيت ما دام هو موجوداً، أو يرغب في رؤية أد أطفاله ليدفع عن نفسه السأم والملل. هذان الأمران يجب رعايتهما كليهما. وبما أن شخصية المرأة تستقطب وتجتذب الرجل إليها، فهذه الصفة يجب أن تكون بحدّ ذاتها وسيلة لاستقطاب الرجل واجتذابه إلى البيت، وهو ما يؤدي إلى إكبار شخصية المرأة. وعلى كل حال فإن إدخال السرور على الزوج يعتبر نوعاً من توفير الراحة النفسية والجسدية له، وتوفير الراحة للزوج يعني تزويده بالقوة اللازمة لعمل أكثر وحياة أفضل.
يقول علماء النفس: إن الرجل الذي ينهمك بهوايات فرعية أكثر من انهماكه بمله الأساسي فتلك علامة دالة على أن عمله الأساسي لا يشبع الجوانب الفنية والذوقية في نفسه. ومن هنا فإن المرأة التي ترى زوجها في مثل هذا الوضع يجب أن تدرك بأن حرمان زوجها من هوايته يُعدُّ بمثابة انتكاسة كبرى له. لهذا يجب أن لا تتصور بأن فسح المجال أمامه لممارسة هوايته الفرعية يعتبر تخلياً عنه، وإنما يعتبر عملها هذا بمثابة مساعدة نفسية له للترويح عن نفسه.
تسود في بداية الزواج عادة علاقة حميمة وترابط وثيق بين الرجل والمرأة، بحيث تكثر الحموات في مثل هذه الحالات بالإلحاح على الزوج بالإكثار من شراء الوسائل والمستلزمات من أجل سد النواقص والتعويض عن نقاط الضعف. ولكن سريعاً ما تتكشف الأمور وتخرج الحقائق من تحت الأقنعة وتطفو اختلافات الزوجين إلى السطح، فتؤدي تلقائياً إلى صياغة الطفل الأول صياغة تختلف عن سائر الأولاد.
وعلى المرأة أن تدرك بأنه كلّما طال المكوث تحت قناع التستر كان ذلك أشد خيانة ونكاية للعلاقة الزوجية، لأن رد الفعل يكون أشد وأعنف كلما ازدادت الفترة الزمنية الفاصلة بين وقوع الاختلافات، وذلك لأن الرجل يشعر وكأنه لم يفهم الأمور طوال هذه الفترة المديدة.
يجب أن يدير الشخص محل عمله على أفضل نحو ممكن. وليس هناك من عمل للمرأة أفضل وأشرف وأكثر قيمة من ترتيب محل عملها وهو بيتها. فالرجل عليه أن يسعى لتوفير حاجات ومستلزمات زوجته وأولاده، وعلى المرأة أن لا تعتبر أي أمر آخر أكثر أهمية من تربية الأولاد تربية صحيحة.
عندما يسألني بعض الناس عن الكيفية التي يفهمون بها في أية مرحلة من الإيمان هم؟ أقول لهم: خذوا القرآن الكريم وانظروا في آياته واحصوا ما تعملون به منها وما لا تعملون به، وعند ذلك تفهمون في أية مرحلة من الإيمان أنتم. وإذا أرادت الزوجة أن تعلم في أية مرحلة من مراحل الزوجية هي، أقول لها: خذي ورقة وقلماً واكتبي: عندما يخرج زوجي إلى العمل صباحاً أو عصراً يخرج مسروراً ـ عندما يعود إلى البيت يرتاح ويستعيد قواه ـ لا يتجرأ أحد عليه في البيت ولا يصرخ فيه والكل يحترمونه، وحتى الأطفال يضعون أنفسهم تحت أمره بسبب كثرة ما رددته الأم في آذانهم عن جهود الأب وما يتحمله من مشاق. ويكفي تعيين درجة لهذه المطالب الثلاثة من أجل تحديد مدى نجاح الحياة الزوجية. وإذا كان المرء يحتاج إلى مراجعة ألف وخمسمائة آية من القرآن الكريم (ولا أدري عددها بالضبط، وإنما قلتُ هذا الرقم من باب المثال فقط) لمعرفة درجة إيمانه، فإن هذه المطالب الثلاثة وحدها كفيلة بتعيين مدى نجاح الحياة الزوجية.
ويمكن اتباع طريقة في الحساب، واستشعار الخجل من بعد رؤية المعادلات والمعايير المستخلصة منها، وتلك الطريقة هي عبارة عن احتساب الأوقات التي لم تكن فيها مداراة الزوج إلهية، أو لم تكن حتى إنسانية. ويتمثل انعدام الصبغة الإلهية في عدم سير الحياة الزوجية في ضوء التعاليم الدينية والعلمية، أما افتقادها للصيغة الإنسانية فيتمثل في عدم مراعاة أدنى ما يجب مراعاته من الأحاسيس والمشاعر.
إذا كان تبعّل الزوجة لزوجها يحمل صبغة إلهية يتمخض عنه ما لخصه القرآن بمعنى المودة والرحمة. أجل إن الأسرة التي تسود بين أعضائها روابط ودّية ومحبّة خالصة تكون العلاقات الزوجية فيها ذات طابع إلهي، وهذه هي الصفات الإيجابية فيها وهي تتضمن في الوقت ذاته نفي الصفات السلبية مثل: (ولم يجعلني جباراً شقياً)، (ولم يكن جباراً عصياً). وتشير الأولى منهما إلى النبي عيسى (ع)، والثانية إلى النبي يحيى (ع). فبما أن العلاقة بين النبي زكريا وزوجته كانت مبنية على الحسنى والمحبة فقد ولد لهما مولود كان براً بوالديه، ولم يكن عصياً، أي أنه لم يأت كنتيجة لأسلوب سيادة الأدب، ولم يكن جباراً، أي لم يأت كنتيجة لأسلوب سيادة الأم. وبما أن النبي عيسى لم يكن له أب، فقد كانت المسألة المطروحة بشأنه هي مسألة سيادة الأم.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

ماذا يحب الرجل في المرأه ..
دعوة للتكامل مع الاحتفاظ بخصوصية الآخر
خصائص الأسرة المسلمة
هل يعاني الشباب حقاً من مشكلة؟
إصدار كتاب "كربلاء كما شاهدت
اعتصام “زينبيات صمود” ومسيرات “أنات الإنتصار” ...
الواصلية
الإمام الخميني (ره) أحيا الإسلام وبث روح المقاومة ...
الشيخ محمد حسن النجفي المعروف بالشيخ صاحب ...
اليك عشر طرق للنوم الهاديء

 
user comment