اسمها ونسبها
السيّدة شهر بانو بنت يزدجر بن شهريار بن كسرى ملك الفرس ، ولقبها شاه زنان ، ومعناه ملكة النساء .
سمّاها أمير المؤمنين (عليه السلام) مريم ، أو فاطمة ، أو شاه زنان ، واسمها خولة ، أو سلافة ، أو غزالة ، ولعلّ كانت لها عدّة أسماء وألقاب .
جدّة الأئمّة
السيّدة شهر بانو هي جدّة ثمان من الأئمّة (عليهم السلام) ، وزوجة سيّد شباب أهل الجنّة الإمام الحسين (عليه السلام) ، وأُمّ الإمام زين العابدين (عليه السلام) ، وحفيدة كسرى ملك الفرس .
ولم يكن بعض أهل المدينة يرغبون في نكاح الجواري حتّى ولد الإمام زين العابدين (عليه السلام) فرغبوا فيهنّ ، وكان يُقال للإمام السجّاد (عليه السلام) ابن الخيرتين ، فخيرة الله من العرب هاشم ، ومن العجم فارس .
زواجها من الإمام الحسين (عليه السلام)
لمّا ورد سبي الفرس إلى المدينة أراد عمر بن الخطّاب بيع النساء ، وأن يجعل الرجال عبيداً ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال :(( أكرموا كريم كلّ قوم )) .
فقال عمر : قد سمعته يقول : (( إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه وإن خالفكم )) .
فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) : (( هؤلاء قوم قد ألقوا إليكم السلم ورغبوا في الإسلام ، ولابدّ أن يكون لي فيهم ذرّية ، وأنا أُشهد الله وأُشهدكم أنّي قد أعتقت نصيبي منهم لوجه الله )) .
فقال عمر : قد وهبت لله ولك يا أبا الحسن ما يخصّني وسائر ما لم يوهب لك .
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : (( اللّهمّ اشهد على ما قالوه وعلى عتقي إيّاهم )) .
فرغب جماعة من قريش في أن يستنكحوا النساء ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : (( هنّ لا يُكرهنَ على ذلك ، ولكن يخيّرنَ ما اخترنه عُمل به )) .
فأشار جماعة إلى شهر بانو بنت كسرى فخُيّرت وخوطبت من وراء الحجاب والجمع حضور ، فقيل لها : مَنْ تختارين من خطّابك ، وهل أنت ممّن تريدين بعلاً ؟ فسكتت .
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : (( قد أرادت وبقي الاختيار )) .
الصفحة (2)
وبعدها أومأت بيدها ، واختارت الإمام الحسين (عليه السلام) ، فأُعيد القول عليها في التخيير ، فأشارت بيدها ، وقالت : هذا إن كنت مخيّرة ، وجعلت أمير المؤمنين (عليه السلام) وليّها ، وتكلّم حذيفة بالخطبة .
فتزوّجها الإمام الحسين (عليه السلام) ، وأنجبت له الإمام زين العبدين (عليه السلام) ، وقد أنشأ أبو الأسود الدؤلي في وصف الإمام زين العابدين (عليه السلام) بقوله :
وإنّ غلاماً بين كسرى وهاشم لأكرم من نيطت عليه التمائمُ
خطبتها في عالم الرؤيا
روت السيّدة شهر بانو قصّتها لأمير المؤمنين (عليه السلام) فقالت : رأيت في النوم قبل ورود عسكر المسلمين علينا كأنّ محمّداً رسول الله (صلّى الله عليه وآله) دخل دارنا ، وقعد ومعه الإمام الحسين (عليه السلام) ، وخطبني له وزوّجني أبي منه ، فلمّا أصبحت كان ذلك يؤثّر في قلبي ، وما كان لي خاطب غير هذا ، فلمّا كانت الليلة الثانية ، رأيت السيّدة فاطمة (عليها السلام) وقد أتتني وعرضت عليّ الإسلام وأسلمت ، ثمّ قالت : (( إنّ الغلبة تكون للمسلمين ، وإنّك تصلين عن قريب إلى ابني الحسين (عليه السلام) سالمة لا يصيبك بسوء أحد )) ، وكان من الحال أن أُخرجت إلى المدينة .
سؤال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) منها
سأل الإمام علي (عليه السلام) شهر بانو بنت كسرى حين أُسرت : (( ما حفظت عن أبيك بعد وقعة الفيل؟ )) قالت : حفظنا عنه أنّه كان يقول : إذا غلب الله على أمر ذلّت المطامع دونه ، وإذا انقضت المدّة كان الحتف في الحيلة .
فقال الإمام علي (عليه السلام) : (( ما أحسن ما قال أبوك ! تذلّ الأُمور للمقادير حتّى يكون الحتف في التدبير )) .
وفاتها
توفّيت السيّدة شهر بانو في الخامس من شعبان 38 هـ بالمدينة المنوّرة ، وذلك في نفاسها ، أي حين ولادتها للإمام زين العابدين (عليه السلام) .