عربي
Monday 25th of November 2024
0
نفر 0

المرأة في القرآن

المرأة في القرآن


نبدأ ببحث جديد بفضل الله ، هو موضوع المرأة في القرآن الكريم .
ان التفسير الموضوعي يتولى بحث مواضيع خاصة حللها القرآن ، ان الموضوع الذي يطرح من وجهة نظر القرآن ، يطرح أيضاً من وجهة نظر العترة ، لأن القرآن لا يفترق عن العترة ، ولا تنفك العترة أيضاً عن القرآن ، ونظراً لأن الإسلام يظهر بصورة قرآن وعترة ، لذا فالبحث الذي يقدمه القرآن والعترة يقدمه الإسلام في الحقيقة . بناء على هذا يمكن القول : إن المرأة في الإسلام بذلك المعنى الذي بينه القرآن والعترة .

مقدمة (1)
الفرق بين التفسير الموضوعي والتفسير الترتيبي :
قبل الدخول في البحث الأساسي يلزم توضيح مسألة ، وهي الفرق بين التفسير الموضوعي والتفسير الترتيبي . في السير التعليمي يقع التفسير الموضوعي بعد التفسير الترتيبي ، يجب ان يكون الإنسان أولاً في خدمة القرآن الكريم بنحو الترتيب ، أي يدرس القرآن من أوله إلى آخره ويكون


( 38 )


لديه حضور ذهني وعلمي ، بحيث لو طرحت آية من القرآن لا يكون بعيد الذهن عنها ، وبعد التعرف على مضمون الآيات يأتي إلى التفسير الموضوعي برأسمال التفسير الترتيبي ، فيختار موضوعاً من المواضيع ويبحث حوله ، أي يقوم بجمع آيات من القرآن تحوي هذا الموضوع ويرتبها ، ثم يقوم بجمع وترتيب الروايات الواردة في ذلك المجال ، وفي المرحلة النهائية يقوم بترتيب ثالث لما تحصّل لديه من الآيات والروايات ، حتى يستطيع تقديم ذلك بوصفه راي الإسلام والقرآن والعترة .
ان وزان التفسير الموضوعي والتفسير الترتيبي هو وزان شرح الحديث مع الفقه ، فعندما يجمع بعض العلماء روايات في الجوامع الأولية والمجامع اللاحقة ، يبحث بعض آخر هذه الروايات بطرح شرح الحديث ودراسة سنده وتحليل متن الحديث كعلم حديث ترتيبي ، . ثم يختار الفقيه موضوعاً من المواضيع ـ عادة الفقه هو مواضيع مختارة ـ ويستفيد من هذه الأحاديث لتبيين وتعليم هذا الموضوع الفقهي ، طبعاً قد تكون بعض هذه الأحاديث في باب ، وبعضها في باب آخر ، والشخص الذي يتولى الشرح الترتيبي للأحاديث ، يبين الباب من أوله إلى آخره ، لكنه لا يستطيع الافتاء اعتماداً على باب واحد بل يجمع الفقيه الروايات المتعلقة بذلك الموضوع من أبواب متنوعة ، وكثيراً ما يدرس عدة أبواب حتى يستطيع ان يكون لديه ترتيب عام للروايات .
وبعد هذه المرحلة يزن النتيجة بالقرآن والعقل والاجماع ، ويبيّن فتواه في ما يتعلق بذلك الموضوع الفقهي بناءّ على هذا فهناك تفسير موضوعي وتفسير ترتيبي كما أنّ هناك شرح الحديث والفقه . فالفقه بمثابة التفسير الموضوعي للأحاديث والروايات ، وشرح الحديث هو بمثابة التفسير الترتيبي .


( 39 )


تقدم التفسير الترتيبي على التفسير الموضوعي :
ان القول بان التفسير الترتيبي مقدم على التفسير الموضوعي ، يعني أن من يريد بحث موضوع من وجهة نظر القرآن الكريم ، لا يستطيع أبداً استنباط موضوعه من القرآن اعتماداً على ( المعجم ) أو ( كشف المطالب ) ، ثم يسند ذلك إلى القرآن ؛ لأن هناك كثيراً من المسائل المتعلقة بذلك الموضوع لم تبيّن بتلك اللغة ، حتى يتمكن المعجم من تقديمها ، علاوة على ذلك ، لو أراد شخص ان يكتب تفسيراً موضوعياً . ودخلت آية في محل البحث ، فعليه أن لا ينظر لهذه الآية بمعزل عن السياق السابق واللاحق ، بل يجب أن يأخذ بنظر الاعتبار السياق والخصائص الموضوعية للآية حتى يقول : إن هذه الآية تبين الموضوع الفلاني إلى هذا الحد .
بناء على هذا يتضح أن التفسير الموضوعي لا يمكن بدون التفسير الترتيبي ، ويمكن ذلك إذا كان الإنسان عارفاً بالموضوع ويستنبط من القرآن الكريم الموضوع بعد أن ينهي أولاً التفسير الترتيبي ويأخذ بنظر الاعتبار كل آية مع ملاحظة صدر وذيل تلك الآية ، وكذلك تلاحظ جمع الآيات التي لها بنحو من الانحاء علاقة مع الموضوع محل البحث سواء بشكل إثبات وتأييد أو بشكل سلب وتكذيب .

مراحل التفسير الموضوعي :
لو أراد شخص بحث موضوع من وجهة نظر القرآن والعترة يجب على الأقل قطع ستة مراحل تحقيقية حتى يشخص رأي الإسلام حول ذلك الموضوع .
المرحلة الأولى : بجمع الآيات الواردة في ذلك المجال . في هذه المرحلة يجب ان يكون لديه من الخبرة والاطلاع على القرآن الكريم ما


( 40 )


يمكنه من استخراج جميع الآيات التي لها دخل في الموضوع ـ نفياً وإثباتاً ـ ولا يكتفي في هذا الصدد بخصوص الآيات التي تتضمن ذلك الموضوع لفظاً ، بل يجعل المحور في جمع الآيات هو المحتوى وليس اللفظ .
المرحلة الثانية : ينسّق الآيات التي جمعت ، أي يقوم بترتيب المطلقة مع المقيدة ، والعامة مع الخاصة ، والمجملة مع ( المبينة ) ، والمتشابهة مع المحكمة ، والأجزاء المناسبة إلى جانب بعضها البعض ، كي يحصل النتائج الصحيحة من دراسة الآيات .
المرحلة الثالثة : يصل الدور إلى سيرة العترة الطاهرة ، فيجمع الروايات الواردة في هذا المجال ـ نفياً وإثباتاً ـ سواء كانت الروايات أقوالاً للمعصومين عليهم السلام أو أفعالاً صادرة منهم .
المرحلة الرابعة : يرتب بين هذه الروايات المجموعة أي يقرن المطلقة بالمقيدة ، والعامة مع الخاصة والمحكمات الروائية مع المتشابهات ، والناسخة مع المنسوخة والمجملة مع المبينة ويجب أن يقوم في كل موضوع بنفس العمل الذي يعمل في الاستنباط الفقهي ، لكي يستطيع تحصيل النتائج الصحيحة من بحث الروايات .
المرحلة الخامسة : يستخرج النتائج المتعددة التي حصلت من الآيات بصورة قاعدة مهمة ، ويقدم كذلك الثمرات المتنوعة الحاصلة من الروايات بصورة قاعدة جامعة .
المرحلة السادسة : يقوم في هذه المرحلة بترتيب نهائي بين النتائج الحاصلة من القرآن والثمرات المستنبطة من الروايات لكي يستنبط موضوعاً منسجماً مع القرآن والعترة .
إذا قطع هذه المراحل التحقيقية وأراد أن يتكلم حول الموضوع ، فإن


( 41 )


الأدب الديني والاحتياط العلمي يقتضيان أن يقول : إن مقتضى هذه الآية هو هذا ، أو ان مقتضى هذه الرواية هو هكذا ، لا أن يقول : الإسلام يقول هكذا . وإذا أراد نقل رأي الإسلام لا يسنده إلى نفسه . وينقل حصيلة تحقيق المحققين الذين قطعوا هذه المراحل الاستنباطية الست ، ويقول ان محققينا كان هذا رأيهم ، وان : نظر الإسلام في هذا المجال هو هذا .

دور العقل والاجماع في تبيين المعارف الإسلامية :
طبعاً ان المحقق لا يغفل عن ( العقل ) و ( الاجماع ) في جميع المراحل المذكورة ، رغم ان هاتين المسألتين تعودان إلى مقام الإثبات ، لأن حجية الاجماع تعود إلى حجية السنة والعترة ، لأنه يلزم في الاجماع حيثيتان :
1 ـ ان يكون كاشفاً عن رأي المعصوم عليه السلام أو يكون المعصوم نفسه ـ سلام الله عليه ـ داخلاً بين المجمعين .
2 ـ بعد أن يكشف الاجماع عن رأي المعصوم ، فان العقل يحكم بأن الكاشف عن رأي المعصوم هو حجة ، أو إذا كان داخلاً في المجمعين فان العقل يقول : إن رأي المعصوم يعطي قيمة لأراء الآخرين ويجعلها حجة .
فنتيجة الاجماع تعود إلى السنة من ناحية ـ بلحاظ المكشوف ـ وتعود إلى العقل من ناحية أخرى .
وأما ( العقل ) فرغم أنه قوة قوية في مقام الاستدلال ، ولكن إذا تولى العقل مسألة أو قضية ، وكانت تلك المسألة واردة في بيان القرآن والعترة أما بصراحة ، أو بنحو الالتزام ، أو بنحو الملازمة لهذا فرغم أن مصادر الاستدلال هي الكتاب والسنة والاجماع والعقل ، ولكن حجية العقل والاجماع تعودان إلى حجية الكتاب والسنة ؛ لأن العقل معتبر في مقام الإثبات وليس لديه رأي يخصه ، وإذا قدم رأياً من عنده في بعض الحالات


( 42 )


مثل ( المستقلات العقلية ) ، فان ذلك يمكن العثور عليه أيضاً أما في متن الشرع ، أو أن الشرع أمضاها ، فإذا لم ترد عين القضية في متن الشرع فانه أمضاها على أساس الملازمة . بناء على هذا يمكن إسناد موضوع إلى القرآن الكريم عندما تكون قد لوحظت جميع هذه المصادر القوية والفنية .
مقدمة (2) :
تعليم المواضيع عن طريق القرآن :
بالنظر لأن موضوع الكلام هو ( المرأة في القرآن ) ، أي المرأة في نظر القرآن والعترة وبعبارة أخرى : ( المرأة في الإسلام ) . لذا فالقرآن الكريم يعلم هذا الموضوع أيضاً للناس مثل سائر المواضيع استناداً لقوله تعالى : ( ويعلمهم الكتاب والحكمة ) (1) .
وقد تكلم أشخاص كثيرون حول معرفة هذا النوع من الإنسان وكتبوا مؤلفات ، ولكن هل ان القرآن الكريم يتكلم في هذا الموضوع كالآخرين أيضاً ، أم ان كلام القرآن نوع آخر ؟
القرآن يقول : إن النبي ـ عليه آلاف التحية والثناء ـ هو معلم الناس ، يعلم الناس الحكمة ويعلمهم الكتاب الإلهي ويزكي نفوسهم و ... وأساساً إن كل معلم يسير في طريق يدل الآخرين أيضاً لكي يتعرفوا على الطريق ويسلكوه أيضاً . ولكن الطريق الذي سار فيه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والانبياء المرسلون عليهم السلام ليس طريقاً يتمكن الآخرون من معرفته والذهاب فيه ، بل يدلون الآخرين على ذلك المقدار الذي يستطيعونه ، حتى يتعرفوا عليه ويقطعوه ، لذا فتعليم الأنبياء غير تعليم الآخرين .
____________
(1) سورة آل عمران ، الآية : 164 .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

إصدار كتاب "المنهج الحق كتاب الله والعترة ...
الإمام الخميني رجل القرن العشرين، ورجل القرن ...
إصدار كتاب "النَّثر الفنِّي في ثورة ...
رجل ضعيف وامرأة قوية .. صراع بين قوتين
ثورة زيد بن علي بن الحسين
اقوال الامام الخميني (ره) أهمية و مكانة الشهادة
الشيخ محمد بن يعقوب الكليني
اصدارات دار التراث تخطف الأنظار في مؤتمر نهج ...
ابن السكيت الدورقي العالم النحوي
إصدار عدد 24 من مجلة "البراعم الصغار" باللغة ...

 
user comment