دور القبائل اليمانيّة في نُصرة أهل البيت عليهم السّلام
إسلام القبائل اليمانيّة
كانت اليمن في مطلع البعثة النبويّة خاضعة لتسلّط الأجانب، وكانت بيئة تتأجّج فيها نيران الاختلافات والمنازعات القبلية. وسنُلقي فيما يأتي نظرة سريعة على التركيب القبلي في المجتمع اليمانيّ، وعلى الموقع السياسي والجغرافي والعسكري لهذه القبائل، وارتباطاتها ببعضها، وصولاً إلى التعرّف على هيكل السلطة القبلية وتأثيرها في الميل إلى الإسلام والتشيّع.
قبيلة حِمْيَر
قبيلة تنتمي في رأي علماء الأنساب إلى قحطان بن يَعرُب بن يشجب بن سبأ ( حِميَر وكهلان ).
وتُنسب قبيلة حِمْير إلى شجرة حمير في الجنوب الشرقيّ من اليمن، وتعيش هذه القبيلة في مناطق ظفار وقلعتهم الشهيرة « ريدان »، وتنتشر طوائف منها في المناطق الجبلية المحاذية للبحر. وتسيطر هذه القبيلة على « قنا » أهم ميناء في حضرموت. ويمكن تحديد منطقة حمير بصورة عامة بأنّها تمتدّ شمالاً إلى صنعاء، وجنوباً إلى عدن، وشرقاً إلى شبَوه، وغرباً إلى ساحل البحر الأحمر.
وقد أدّى النزاع المستمرّ بين العشائر الحِمْيرية إلى إضعافها، فانتهى الأمر بها إلى الخضوع لسيطرة الأجانب. وكان كلّ واحد من الأمراء الحميريين ـ عند دخول الإسلام إلى اليمن ـ يحكم منطقة معيّنة ويُلقّب بالملك. ويتّضح من رسائل الرؤساء الحميريين إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله، ورسائله صلّى الله عليه وآله في جوابهم أنّ أولئك الرؤساء كانوا يتمتّعون بقدر من الاستقلال الداخلي في إدارة أمور مناطقهم.
إسلام حِمْيَر
بادر زُرعة ذو يَزَن ـ من القادة الحميريين ـ إلى الدخول في الإسلام، فأرسل في السنة التاسعة للهجرة رسالة إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله يُعلن فيها إسلامه(1). وبعد عودة رسول الله صلّى الله عليه وآله من غزوة تبوك قام عددٌ من زعماء حِمير ( هم الحارث بن عبد كلال، وشُريح بن عبد كلال، ونعيم بن عبد كلال، وقَيْل ذو رُعين ومعافر ) بإرسال سفير إلى رسول الله في المدينة يُدعى مالك بن مرارة الرهاوي، فأعلموه بإسلامهم. فكتب إليهم رسول الله صلّى الله عليه وآله يدعوهم إلى عبادة الواحد الأحد، وإلى جهاد المشركين، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وأمَرَهم بتسليم صدقاتهم إلى مُعاذ بن جبل ومالك بن مرارة(2).
قبائل حضرموت
تحتلّ حضرموت مساحة واسعة من اليمن، وتقع في الجنوب من الجزيرة العربيّة بمحاذاة البحر، وتنتهي من الشرق إلى حدود عُمان، ومن الغرب إلى شرق عدن. وتعيش في هذه المنطقة عدّة قبائل، منها قبيلة مَهْرَة التي تحتلّ الساحل الجنوبي الشرقيّ، وقبيلة حضرموت التي تحتل المنطقة الوسطى، في حين تتوزّع قبائل صدف وتُجيب وسكاسك وسَكون ( من كِندة ) في المناطق التي تقع في الشمال.
اسلام قبائل حضرموت
بعثت قبيلة مهرة إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله مهري بن أبيض في جماعة، فدعاهم رسول الله صلّى الله عليه وآله إلى الإسلام، فأسلموا بأجمعهم، فكتب صلّى الله عليه وآله لهم كتاباً أن لا يتعرّض لهم أحد بسوء، وأوصاهم برعاية أحكام الإسلام(3).
وقدم وفدُ حضرموت على رسول الله صلّى الله عليه وآله، وهم بنو وليعة ملوك حضرموت حَمْدة ومِخْوس ومِشْرَح وأبضعة فأسلموا. وقدم على النبيّ صلّى الله عليه وآله وائل بن حُجر الحضرميّ فأسلم، فدعا له النبيّ صلّى الله عليه وآله وكتب له كتاباً جعل له ما في يديه من الأرض والحصون، وأوصاه بالعدل(4).
ويتّضح من المصادر التاريخيّة أنّ قبائل حضرموت لم تكن متّحدة بينها، وأنّ زعماء تلك القبائل ـ ويُدعون بالأقيال ـ كانوا يحكمون مناطقهم بصورة مستقلّة. ويحدّثنا المؤرّخ اليعقوبي في تاريخه عن نزاعات ومعارك دموية كانت تدور بين كِندة وحضرموت(5).