عربي
Monday 25th of November 2024
0
نفر 0

طريقان للحل

طريقان للحل :
بناء على هذا الدنيا طريقان ، أحدهما لنا والطريق الآخر بوصفه جواباً عن أسئلة الآخرين ، أي في المرحلة الأولى ، يجب أن يحل هذا الموضوع لنا ، حيث أن بعض الأسئلة مثل أنه لماذا لا يمكن ان تتصدى المرأة لكثير من الأمور التنفيذية ، ليست قابلة للطرح ـ توضيح هذا الموضوع يستلزم نكتتين :
أولاً : كثير من الأعمال التنفيذية جائزة للمرأة شرعاً ، من ذلك مرجعية المرأة للنساء وإمامة للنساء والتصدي للأعمال التنفيذية المتعلقة بالنساء ليس جائزاً فقط ، بل أولى والرجل غير مجاز بأن يشترك في بعض الأمور التنفيذية إلا أن تقتضي ضرورة .
ثانياً : إن الأمور التنفيذية ليس مقاماً ، لو كانت مقاماً وكان واجباً ان يتقبل الإنسان هذا العمل التنفيذي ـ بوصفه من الكمالات وليس لحفظ النظام ـ لم يكن علماؤنا الكبار يبتعدون عنه .

قيمة الفقاهة ومسؤولية المرجعية :
إذا كان القارىء يعرف بسيرة علماء الدين فسوف يعرف أن كثيراً من كبار الفقهاء كانوا يقبلون المرجعية بمشقة ، وكانوا يبذلون جهوداً ليل نهار في الفقهاء كانوا يقبلون المرجعية بمشقة ، وكانوا يبذلون جهوداً ليل نهار في الفقاهة ، وكانوا جادين في مسير الاجتهاد ، فمن ناحية كانوا يجاهدون حتى يصبحوا مجتهدين ، ومن ناحية أخرى كانوا مجاهدين أن لا يصبحوا مراجع ، وهذا يدل على ان الفضيلة هي شيء آخر والمقامات التنفيذية هي


 


مجرد وظيفة ، فإذا قام بها شخص يجب تأييده وإعانته والطلب من الله ان يؤيده في إنجاز هذا العمل التنفيذي . وهذه المسؤولية الثقيلة في خدمة دين الله . ولكن هذا المقام ليس معيار فضيلة حتى يسعى الناس الصالحون للحصول عليه . لذا كان العلماء العارفين بأسس الفضائل القرآنية جهادين : جهاد الاجتهاد والفقاهة وجهاد آخر من المرجعية .
بناء على هذا ، لو كان تقبل المسؤوليات التنفيذية واجباً عبادياً أو حتى مستحباً تعبدياً ، وكان لازماً أن يسعى الإنسان للحصول عليه لكان العلماء الكبار مثل الشيخ الأنصاري قد سعوا للوصول إلى هذا المقام . إن ما نراه من ان الفقيه إذا كان أزهد يسعى لأن لا يتقبل المرجعية ، أو أن الفقيه الأتقى يسعى لأن لا يتقبل المسائل المالية أو يتقبل قليلاً ، أو أن الأتقى قليلاً ما يذهب وراء هذه المسائل ـ إلا أن يصبح واجباً عينياً عليه ـ فان سر ذلك هو ان هذه الأمور هي وظيفة ، وليست مقاماً ، أما الاجتهاد والفقاهة ووراثة علوم الأنبياء وفهم الكتاب والسنة وأمثالها . فهي مقام . ان هذا الابتعاد والهرب من المال والتحرك باتجاه التفقه عملان وليس عملاً واحداً ، أحدهما تبري والآخر تولي . بناء على هذا يتضح أنها مسائل هي وظيفة العلماء وبعض العلماء إنما تقبلوا المرجعية لحفظ هذا النظام والحوزة والله يؤيدهم . ولكن ذلك ليس مقاماً فإذا أصبح شخص مرجعاً يكسب عشر درجات من الجنة مثلاً وإذا لم يصبح مرجعاً يحصل على ثمانية درجات .
طبعاً إذا أصبح شخص أعلم فدرجته أعلى ، الشخص الذي يصبح أقرب وأفقه وأتقى درجته أعلى .

درجات الجنة :
درجات الجنة مزينة بالأضواء بعدد آيات القرآن ، أي لو أريد تجسيم الجنة من أقل درجاتها حتى أعلى درجاتها بصورة كتاب تصبح قرآناً ولو أريد


 


تجسيم القرآن بصورة نظام عالمي يصبح جنة . ودرجات الجنة النازلة هي التي يقول القرآن بشأنها :
( جنات تجري من تحتها الأنهار ) (1) .
ودرجاتها الوسطى أشار إليها القرآن أيضاً بقوله :
( إن المتقين في جنات ونهر * في مقعد صدق عند مليك مقتدر ) (2) .
وفي آية أخرى في جاء صدد تعريف درجات الجنة العالية :
( فادخلي في عبادي * وادخلي جنتي ) (3) .
من أسفل الجنة وهي ( جنات تجري من تحتها الأنها ر) حتى صدر الجنة وهو ( في مقعد صدق عند مليك مقتدر ) وحتى رأس وذروة الجنة وهو ( فادخلي في عبادي * وادخلي جنتي ) ، هذا النظام الواسع لو أريد أن يجسم بصورة كتاب يصبح قرآناً ولو أريد أن يجسم القرآن يصبح ( جنات تجري من تحتها الانهار ) ، ويصبح ( في مقعد صدق عند مليك مقتدر ) ويصبح ( فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ) ، عند ذلك يقال لكل شخص أكثر فهماً للقرآن ، وأفضل إدراكاً للقرآن وعملاً بالقرآن بصورة أفضل : إن لك سهماً هنا بدرجة فهمك واعتقادك وإيمانك . لذاوكما ذكر من أن درجات الجنة ، مقسمة من الظاهر والباطن بعدد آيات القرآن . ولكن لم يلاحظ في أية مسألة أن درجات الجنة مقسمة على أساس معايير تنفيذية حتى يقال في النتيجة : إن سهم المرأة قليل : بل إن التقسيم على أساس المعنويات وقواعد القيم ، بمعنى أن من هو أعلم ، له المقام الفلاني ، ومن هو أفقه ، أو أتقى له مثل
____________
(1) سورة البقرة ، الآية : 25 .
(2) سورة القمر ، الآيتين : 54 ـ 55 .
(3) سورة الفجر ، الآيتين : 29 ـ 30 .


 


هذا المقام أيضاً .

طريق إجابة الآخرين :
أما إذا أردنا أن نجيب الآخرين الذين لم يدخلوا في هذه المسائل العميقة فلا نستدل لهم بهذا الطريق المذكور ، لأنهم لم يعرفوا هذا المعيار ، بل يجب إجابتهم بالطريق العادي وهو :
أولاً إن كثيراً من الأعمال التنفيذية جائزة للمرأة ومسألة الولاية والحكومة هي شيء آخر : وإلا إذا كانت الإعمال التنفيذية الخاصة بالنساء بعهدة النساء فان هذا ليس فقط غير ممنوع بل هو أولى ، كما أن المرأة إذا وصلت إلى مقام الفقاهة ، فان الطريق مفتوح لها في المسائل الاستشارية سواء في مجلس صيانة الدستور أو في مجلس الشورى الإسلامي . وإذا قيل أحياناً ستة أشخاص فقهاء من الرجال فهو لأنهم يستطيعون تحمل مصاعب العمل ، وإلا إذا لم يكن حضور النساء وحشرهن مع الرجال لازماً ، ويكون الرأي كافياً فقط ، فليس بعيداً أن تعطي نساء فقيهات رأياً وفتوى ويستشرن .
من الممكن ان تصل امرأة إلى مستوى المرحوم صاحب الجواهر والشيخ الأنصاري ، فلا تصبح مرجع تقليد ، ولكن تلاميذها يكونون مراجع تقليد ، فهذه ليس لديها أي نقص .

الفقاهة ملك والمرجعية أمانة :
لإجابة المجموعة الثانية أيضاً ، يجب القول أيضاً للذين يعتقدون بكلمات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : إن الإمام علياً عليه السلام يعتبر الأعمال التنفيذية وظيفة ، ويذكر ان هذه هي أمانة بأيدكم ، والأمين ليس مالكاً أبداً . الفرق بين المقام والمنصب هو أن المقامات المعنوية هي ملك الإنسان والمنصب هو أمانة ، والأمانة ليست عامل فخر بل الملك هو

عامل الفخر .
وبيان هذه المسالة هو انه يقال أحياناً لشخص : إن هذا البساط هو أمانة عندك . فهو موظف بأن يحافظ عليه وليس له حق الاستفادة منه . وإذا كان لهذا البساط قيمة فهي لصاحب البساط وليست للأمين . ولكن أحياناً يقال لشخص : أن هذا البساط لك . في هذه الحالة يكون له حق الاستفادة .
هذا من المسائل الظاهرية ، أما المسائل المعنوية والعلوم والمعارف فهي تتعلق بالإنسان ، أي تعطي الإنسان زينة ، لكن المنصب هو وظيفة وأمانة وليس مقاماً . لذا كتب أمير المؤمنين عليه السلام كتابالص إلى أحد عماله بهذا المضمون وهو : إن منصبك هذا هو أمانة في يدك والأمانة لا تدعو إلى الفخر .
فاتضح بشكل كامل أن الأعمال التنفيذية هي بمثابة أمانة ، المرجعية هي أمانة ولكن الفقاهة ملك ، الوزارة هي أمانة ، أما التقوى فهي ملك ، والمرأة والرجل متساويان في ما يتعلق بالنفس وكمال الروح . أما في حدود ما هي أمانة ووظيفة فالأعمال مقسمة .
لو كانت هناك جامعات خاصة بالمرأة ، فالأفضل ان تتولى المسؤولية التنفيذية في تلك الجامعات ، إلا أن لا يكون لدى المرأة صلاحية ، وهذه الشروط هي مشروط تحصيلية وليست حصولية ، أي يجب ان تكون هناك نساء يقمن بإدارة الأمور المتعلقة بالنساء والبنات حتى لا يكون لازماً ان يتصدى غير محرم لإدارة تلك الامور ، . واضح ان هذا الشكل من التدخل في الامور التنفيذية لا يتعلق بمسألة الولاية ، ولي أمر المسلمين يجب أن يكون رجلا طبعاً ؛ لان الولاية هي تتمة الأمامة ، ولأن الولي يأمر بالحرب والصلح ، ويلتقي مع الناس كثيراً ، ولديه عمل بدني صعب ، ويتطلب جهداً


 


اكثر .. ومن لوازم هذه الأمور الذكورة . بناء على هذا فإن كثيراً من المسائل في الاعمال التفيذية خاصة بالمرأة والرجل لا يحق له أن يتدخل ، ولكن الرجل يشترك لأن الضرورة تقتضي .
لعل شخصاً يقول : إذا كان القائد رجلاً يجب أن تكون المرأة بالنتيجة ، في تماس معه وهذه مشكلة من طرفين .
وجواب هذه المسألة واضح ، فعندما يكون الرجل قائداً له ارتباط بكل المجتمع ، والمرأة قد يكون لها ارتباط بالقائد أوالقاضي أو القائد العسكري ، وهم رجال ، وهذا الارتباط ليس عملها اليومي ، ولكن المراة إذا تولت إحدى المسؤوليات المهمة فإن عملها اليومي هو التعامل مع مئات الرجال ، في حالات شكوى ولقاء وأمثال ذلك وهناك هوة كبيرة بين هذين الموضعين . ولهذا قسمت الأعمال النتفيذية .

الفرق بين المرأة والرجل في المسائل التنفيذية :
من الممكن ان يتوهم شخص ، انه إذا يكن هناك فرق بين المرأة والرجل في الكمالات المعنوية ، فلماذا نرى في قسم مهم من المسائل الفقهية أنه يذكر : ( يشترط في أمور ) ثم تذكر من ضمن المسائل مسألة الذكورة ؟ أو يقال : إن الوالي أو مرجع التقليد يجب أن يكون رجلاً ولماذا لا تستطيع المرأة ان تتصدى للمسؤوليات المهمة ؟ .
جواب الشبهة هو ان الإنسان لديه حساب مع نفسه ، يعود إلى الكمالات النفسية ، ولديه علاقة مع الله ، تعود إلى الكمالات العبودية ، ولديه ارتباط مع عالم الطبيعة بل من مطلق الكون ، بعد إلى الربط العلمي ، ولديه ارتباط بالمجتمع يعود إلى الكمالات الاجتماعية . في هذه الكمالات ليس هناك أي تمايز بين هذين الصنفين وكل شخص موظف لأن يكرم نفسه


 


ويكون مهذباً ومتواضعاً ويقوم بتزكية النفس ويتخلص من الكبر والحسد ويكون منيع الطبع وقانعاً و ...
في هذه الأقسام ليس هناك أي فرق بين المرأة والرجل . كل الناس مكلفون بان يقووا علاقتهم العبادية مع الله ، رغم ان العبادة : ( الصلاة قربان كل تقي ) وردت بشان الصلاة خاصة ـ من حيث ان الصلاة عمود الدين ـ ولكن جميع الأعمال العبادية والقريبة هي قربان ( الصوم قربان كل تقي ـ الجهاد قربان كل تقي ـ الزكاة قربان كل تقي ) في هذه الناحية العبادية ليس هناك أي فرق بين المرأة والرجل . وفي هذا التعزيز للارتباط بين العبد والخالق ، ليس هناك أي فرق بين المرأة والرجل ، ولكن الرجل له ارتباط بالرجل والمرأة لها ارتباط بالنساء ، كذلك في ( تعزيز الارتباط الاجتماعي ) بين الفرد والمجتمع ليس هناك فرق بين المرأة والرجل . ولكن الرجل له ارتباط بالرجال والمرأة لها ارتباط بالنساء كما قرر العلماء ، لأن ان يكون للرجال ارتباط بالمرأة لها والمرأة ارتباط بالرجل ، الأعمال المشتركة والاجتماعية لها حساب ، والأعمال الخاصة لها حساب آخر .
المرجعية منصب تنفيذي ، ولكن سند المرجعية ، جذر وقيمة المرجعية ، هي بالفقاهة والاجتهاد ، في الفقاهة والاجتهاد ، الذكورة والأنوثة ليست شرطاً ، سند المرجعية في الأساس هي الفقاهة والعدالة ، وهي تحسب من الكمالات وكمال الفقاهة لا هو مشروط بالذكورة ولا ممنوع عن الأنوثة . والعدالة هي أيضاً كذلك ، من الممكن ان تستطيع المرأة في ظل الفقاهة والعدالة ان تخرج تلاميذاً يصبحون مراجع تقليد ، ولكنها لا تتقبل عملاً تنفيذياً ، وليس معلوماً أن المرأة لا تستطيع ان تصبح مرجع تقليد للنساء ، كما أن المرأة تستطيع ان تكون إمام جماعة النساء ، فقط قيل : ان لا تتصدى للأعمال التنفيذية الموجودة بحضور غير المحرم . وإلا تستطيع ان تكتب


 


بمستوى صاحب الجواهر رضوان الله عليه .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

إصدار كتاب "النَّثر الفنِّي في ثورة ...
رجل ضعيف وامرأة قوية .. صراع بين قوتين
ثورة زيد بن علي بن الحسين
اقوال الامام الخميني (ره) أهمية و مكانة الشهادة
الشيخ محمد بن يعقوب الكليني
اصدارات دار التراث تخطف الأنظار في مؤتمر نهج ...
ابن السكيت الدورقي العالم النحوي
إصدار عدد 24 من مجلة "البراعم الصغار" باللغة ...
أسماك القرش ودورها في النظام البيئي
غشاء البکارة

 
user comment