عربي
Thursday 31st of October 2024
0
نفر 0

التعميم‌ في‌ النتائج‌ والسنن‌ الاءلهية‌ في‌ المجتمع‌ والتاريخ‌

6 ـ التعميم‌ في‌ النتائج‌ والسنن‌ الاءلهية‌ في‌ المجتمع‌ والتاريخ‌:

للطاعة‌ والعصيان‌ ا´ثار ونتائج‌ في‌ حياة‌ الناس‌ الاءجتماعية‌.

يقول‌ تعالي‌: ( وَلَوْ أَن‌َّ أَهْل‌َ الْقُرَي‌' ا´مَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم‌ْ بَرَكَات‌ٍ مِن‌َالسَّماءِ وَالْاَرْض‌ِ وَل'كِن‌ كَذَّبُوا فَاَخَذْنَاهُم‌ْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون‌َ).

ويقول‌:(كَدَأْب‌ِ ا´ل‌ِ فِرْعَوْن‌َ وَالَّذِين‌َ مِن‌ قَبْلِهِم‌ْ كَفَرُوا بِا´يَات‌ِ اللّه‌ِ فَاَخَذَهُم‌ُ اللّه‌ُبِذُنُوبِهِم‌ْ اءِن‌َّ اللّه‌َ قَوِي‌ٌّ شَدِيدُ الْعِقَاب‌ِ* ذ'لِك‌َ بِاَن‌َّ اللّه‌َ لَم‌ْ يَك‌ُ مُغَيِّراً نِعْمَة‌ً أَنْعَمَهَا عَلَي‌' قَوْم‌ٍحَتَّي‌' يُغَيِّرُوا مَابِاَنْفُسِهِم‌ْ وَأَن‌َّ اللّه‌َ سَمِيع‌ٌ عَلِيم‌ٌ).

ويقول‌ تعالي‌: (قَدْ خَلَت‌ْ  مِن‌ قَبْلِكُم‌ْ سُنَن‌ٌ فَسِيرُوا فِي‌ الْاَرْض‌ِ فَانْظُرُوا كَيْف‌َكَان‌َ عَاقِبَة‌ُ الْمُكَذِّبِين‌َ).

وهذه‌ النتائج‌ والا´ثارتجري‌ في‌ حياة‌ الناس‌ بموجب‌ سنن‌ الله تعالي‌وهي‌ سنن‌ حتميّة‌ تجري‌ بامر لله.

اءلاّ ان‌ّ هذه‌ السنن‌ لا تخص‌ّ العاملين‌ والحاضرين‌ فقط‌، واءنّما تشمل‌الحاضرين‌ والغائبين‌، اءذا كان‌ يجمعهم‌ الرضا والسخط‌.

تامّلوا في‌ الا´يات‌ المباركات‌ من‌ سورة‌ البقرة‌ (61) وا´ل‌ عمران‌(112) حيث‌ يذكر الله تعالي‌ العقوبات‌ التي‌ عاقب‌ بها اليهود علي‌جرائمهم‌ الكثيرة‌ وقتلهم‌ للنبيين‌.

وهذه‌ العقوبة‌ هي‌ الذل‌ّ والمسكنة‌ والبدء بغضب‌ الله. وهذه‌ الذلّة‌والمسكنة‌ تجري‌ في‌ حياتهم‌ السياسية‌ والاقتصادية‌ والاءجتماعية‌بموجب‌ سنن‌ الله تعالي‌، في‌ اءذلال‌ العصاة‌ والمتمردين‌.

ولكن‌ الله تعالي‌ عاقب‌ اجيال‌ الابناء من‌ اليهود، بهذه‌ السنّة‌ بجرائم‌الا´باء، فعمّتهم‌ العقوبة‌ الاءلهية‌ في‌ الدنيا.

تامّلوا في‌ هاتين‌ الا´يتين‌ من‌ «سورة‌ البقره‌» و «ا´ل‌ عمران‌»:

(وَضُرِبَت‌ْ عَلَيْهِم‌ُ الذِّلَّة‌ُ وَالْمَسْكَنَة‌ُ وَبَاءُوا بِغَضَب‌ٍ مِن‌َ اللّه‌ِ ذ'لِك‌َ بِاَنَّهُم‌ْ كَانُوايَكْفُرُون‌َ بِا´يَات‌ِ اللّه‌ِ وَيَقْتُلُون‌َ النَّبِيِّين‌َ بِغَيْرِ الْحَق‌ِّ ذ'لِك‌َ بِمَا عَصَوا وَكَانُوا يَعْتَدُون‌َ).

( ضُرِبَت‌ْ عَلَيْهِم‌ُ الذِّلَّة‌ُ أَيْن‌َ مَا ثُقِفُوا اءِلاَّ بِحَبْل‌ٍ مِن‌َ اللّه‌ِ وَحَبْل‌ٍ مِن‌َ النَّاس‌ِ وَبَاءُوابِغَضَب‌ٍ مِن‌َ اللّه‌ِ وَضُرِبَت‌ْ عَلَيْهِم‌ُ الْمَسْكَنَة‌ُ ذ'لِك‌َ بِاَنَّهُم‌ْ كَانُوا يَكْفُرُون‌َ بِا´يَات‌ِ اللّه‌ِ وَيَقْتُلُون‌َالْاَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَق‌ٍّ ذ'لِك‌َ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُون‌َ).

وليس‌ من‌ شك‌ّ ان‌ّ هذه‌ العقوبة‌ التي‌ سنّها الله تعالي‌ لهم‌ لم‌ تخص‌ّاجيال‌ اليهود الذين‌ كانوا يقترفون‌ جرائم‌ قتل‌ النبيّين‌ بل‌ تعم‌ّ اجيال‌ اليهود«اينما ثقفوا» وهي‌ من‌ مصاديق‌ سنّة‌ التعميم‌.

 

(ع) ـ التعميم‌ في‌ النتائج‌ والسنن‌ الاءلهية‌ في‌ نفس‌ الاءنسان‌:

تتحقق‌ السنن‌ الاءلهية‌ في‌ حياة‌ الناس‌ في‌ مساحتين‌:

مساحة‌ المجتمع‌ والتاريخ‌.

وفي‌ مساحة‌ النفس‌.

وقد تحدثنا عن‌ سنّة‌ التعميم‌ في‌ السنن‌ الاءلهية‌ في‌ مساحة‌ المجتمع‌والتاريخ‌ ونقول‌ الا´ن‌ ان‌ّ سنّة‌ التعميم‌، تشمل‌ السنن‌ الاءلهية‌ في‌ مساحة‌النفس‌ البشرية‌ كذلك‌.

ففي‌ سورة‌ البقرة‌ يحدثنا القرا´ن‌ عن‌ مسلسل‌ طويل‌ من‌ تعنّت‌ بني‌اءسرائيل‌وكفرهم‌ بانعم‌ الله وعنادهم‌ ولجاجتهم‌ وتشكيكهم‌ في‌ ا´يات‌ اللهوقتلهم‌ للنبيّين‌ وعصيانهم‌ وتمرّدهم‌.

ثم‌ يقول‌ القرا´ن‌ الكريم‌ بعد ذلك‌ في‌ بيان‌ سنّة‌ الله تعالي‌ في‌ عقوبة‌بني‌ اءسرائيل‌ بعد كل‌ّ هذا الجحود والكفران‌ والعصيان‌:

(ثُم‌َّ قَسَت‌ْ قُلُوبُكُم‌ْ مِن‌ْ بَعْدِ ذ'لِك‌َ فَهِي‌َ كَالْحِجَارَة‌ِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَة‌ً).

ولاشك‌ ان‌ّ هذه‌ القسوة‌ في‌ قلوبهم‌ والتي‌ يصفها الله تعالي‌ بتحجّرالقلوب‌ او اشد من‌ ذلك‌ كانت‌ نتيجة‌ لتلك‌ الجرائم‌ والجحود والمعاصي‌وتعبير القرا´ن‌ دقيق‌ (ثُم‌َّ قَسَت‌ْ قُلُوبُكُم‌ْ مِن‌ْ بَعْدِ ذ'لِك‌َ) اي‌: من‌ جرّاء هذه‌المعاصي‌.

ولاشك‌ّ ان‌ّ المخاطبين‌ بهذه‌ الا´ية‌ اليهود المعاصرون‌ لرسول‌ الله(ص)بدليل‌ سياق‌ ا´يات‌ سورة‌ البقرة‌ وبدليل‌ ضمير الخطاب‌ في‌ الا´ية‌ الكريمة‌(ثُم‌َّ قَسَت‌ْ قُلُوبُكُم‌ْ).

 

8 ـ تعميم‌ اللعن‌ والبراءة‌:

من‌ مصاديق‌ التعميم‌.. تعميم‌ اللعن‌ والبراءة‌ للقتلة‌ والمجرمين‌والراضين‌ بجرائمهم‌.

وفي‌ النصوص‌ الماثورة‌ عن‌ اهل‌ البيت‌ في‌ زيارة‌ الحسين‌(ع) نتلقي‌هذا التعميم‌ بوضوح‌ وصراحة‌.

ففي‌ النص‌ المعروف‌ بزيارة‌ وارث‌ نقرا:

«لعن‌ الله اُمّة‌ً قتلتك‌..

ولعن‌ الله اُمّة‌ً ظلمتك‌..

ولعن‌ الله اُمّة‌ سمعت‌ بذلك‌ فرضيت‌ به‌».

وهو نص‌ عجيب‌، يستوقف‌ الاءنسان‌ للتامّل‌ والتفكّر.

فهذه‌ طوائف‌ ثلاثة‌ تعمّهم‌ اللعن‌ والبراءة‌ من‌ القتلة‌، والذين‌ ايّدواالقتلة‌ بالدعم‌ والاءسنادة‌، والذين‌ رضوا عنهم‌.

 

اللعن‌ والبراءة‌:

واللعن‌ والبراءة‌ هو اءعلان‌ الفصل‌ والبينونة‌ الكاملة‌ ولا يصح‌ ولايجوز اللعن‌ اءلاّ عند ما ينقطع‌ ا´خر الخيوط‌ من‌ وشائج‌ الولاء في‌ هذه‌ الاُمّة‌.

فاءذا انقطعت‌ هذه‌ الخيوط‌ خيطاً بعد خيط‌ ووشيجة‌ بعد وشيجة‌، عندذلك‌ يكون‌ كل‌ّ من‌ الفريقين‌ اُمّة‌ منفصلة‌ عن‌ الفريق‌ الا´خر، فاءذا كانت‌اءحدي‌ الاُمتين‌ موضع‌ رحمة‌ الله «مرحومة‌» فلا محالة‌ تكون‌ الاُمّة‌الاُخري‌ موضع‌ غضب‌ الله «ملعونة‌». وهذا هو الحد الفاصل‌ والحاسم‌بينهما.

فاءن‌ّ الله تعالي‌ قد وصل‌ بين‌ المسلمين‌ بوشيجة‌ الولاء، فقال‌ تعالي‌:(والمؤمنون‌ بعضهم‌ اولياء بعض‌).

وهي‌ اقوي‌ الوشائج‌ الحضارية‌ في‌ تاريخ‌ البشرية‌، ومَن‌ يدخل‌ في‌مساحة‌ الولاء من‌ المؤمنين‌ يستحق‌ من‌ اعضاء هذه‌ الاُسرة‌ الكبيرة‌،النصر والسلام‌ والعصمة‌، واقصد بالعصمة‌ ان‌ يحفظوا دمه‌ وعرضه‌«كرامته‌» وماله‌، وقد اعلن‌ رسول‌ الله(ص) حق‌ّ المسلم‌ علي‌ المسلمين‌ في‌«العصمة‌» في‌ خطاب‌ عام‌ القاه‌ علي‌ المسلمين‌ في‌ مسجد الخيف‌ بمني‌،في‌ ا´خر حَجّة‌ حجّها رسول‌ الله(ص) بالمسلمين‌ فقال‌: «يا ايّها الناس‌ اسمعوا مااقول‌ لكم‌ واعقلوه‌ فانّي‌ لا ادري‌ لعلي‌ لا القالكم‌ بعد عامنا هذا». ثم‌ قال‌: اي‌ّ يوم‌اعظم‌ حرمة‌؟ قالوا: هذا اليوم‌. قال‌: فاي‌ّ شهر اعظم‌ حرمة‌؟ قالوا: هذا الشهر.قال‌: فاي‌ّ بلد اعظم‌ حرمة‌؟ قالوا: هذا البلد. قال‌: فان‌ دماءكم‌ واموالكم‌ عليكم‌حرام‌ كحرمة‌ يومكم‌ هذا في‌ شهركم‌ هذا في‌ بلدكم‌ هذا اءلي‌ يوم‌ تلقونه‌. فنسالكم‌اعمالكم‌، الا هل‌ بَلَغت‌ قالوا: نعم‌. قال‌: اللهم‌ّ اشهد الا مَن‌ كانت‌ عنده‌ امانة‌ فليؤدهافاءنّه‌ لا يحل‌ّ دم‌ امري‌ٍ مسلم‌ ولا ماله‌ اءلاّ بطيبة‌ نفسه‌ ولا ترجعوا بعدي‌ كفّار».

ويحق‌ّ عليه‌ تجاه‌ المسلمين‌ العزة‌ والسلام‌ والعصمة‌ ونقصد بالسلام‌ان‌ يسلم‌ المسلمون‌ من‌ يده‌ ولسانه‌.

فقد روي‌ عن‌ رسول‌ الله(ص) في‌ ذلك‌: «المسلم‌ من‌ سلم‌ المسلمون‌ من‌ يده‌ولسانه‌».

ولا نعرف‌ فيما نعرف‌ من‌ العلاقات‌ الحضارية‌ علاقة‌ اقوي‌ وامتن‌،وفي‌ نفس‌ الوقت‌ ارق‌ من‌ علاقة‌ الولاء.

ويدخل‌ في‌ دائرة‌ الولاء، هذه‌ كل‌ مَن‌ يشهد ان‌ لا اءله‌ اءلاّ الله وان‌ّ محمّداًرسول‌ الله، فاءذا اشهدها دخل‌ في‌ عصمة‌ الولاء وعصم‌ من‌ المسلمين‌ دمه‌وماله‌ وعرضه‌.

واءذا انقطع‌ ما بينهما من‌ العصمة‌ كان‌ كل‌ فريق‌ٍ منهما اُمة‌ ورحم‌ اللهزهير بن‌ القين‌  كان‌ واعياً لهذه‌ الحقيقة‌ لمّا خاطب‌ جيش‌ بني‌ اُمية‌ يوم‌عاشوراء فقال‌ لهم‌: «يا اهل‌ الكوفة‌ نذار لكم‌ من‌ عذاب‌ الله نذار. ان‌ّ حقاًعلي‌ المسلم‌ لنصيحة‌ اخيه‌ المسلم‌، وحن‌ حتّي‌ الا´ن‌ اُخوة‌ علي‌ دين‌ واحد مالم‌ يقع‌ بيننا وبينكم‌ السيف‌ فاذا وقع‌ السيف‌ انقطعت‌ العصمة‌، وكنا اُمة‌وانتم‌ اُمة‌».

وهذا وعي‌ دقيق‌ لحقيقة‌ كبري‌ من‌ حقائق‌ هذا الدين‌، فاءن‌ّ العصمة‌ اءذاارتفعت‌ بين‌ فريقين‌ من‌ المسلمين‌ ووقع‌ بينهما القتل‌، وبغي‌ احدهماعلي‌ الا´خر، كان‌ كل‌ فريق‌ منهما اُمّة‌ فاءذا كانت‌ اءحداهما مرحومة‌ كانت‌الاُخري‌ ملعونة‌ لا محالة‌».

 

الطوائف‌ الملعونة‌ في‌ زيارة‌ (وارث‌):

نعود اءلي‌ الطوائف‌ الثلاثة‌ التي‌ ورد اللعن‌ عليهم‌ في‌ زيارة‌ وارث‌ وهم‌:

القتلة‌، والمؤيّدين‌ لهم‌، والراضين‌ من‌ فعلهم‌ والنص‌ كما يلي‌:

«لعن‌ الله اُمّة‌ً قتلتكم‌..

ولعن‌ الله اُمّة‌ً ظلمتكم‌..

ولعن‌ الله اُمّة‌ سمعت‌ بذلك‌ فرضيت‌ به‌».

والطائفة‌ الاُولي‌ محدودة‌ بمن‌ حضر كربلاء، في‌ محرم‌ سنة‌61هجرية‌.

والطائفة‌ الثانية‌ اوسع‌ من‌ الطائفة‌ الاُولي‌ لانّها تشمل‌ كل‌ّ الذين‌ دعمواوايّدوا القتلة‌ وظلموا الحسين‌(ع)، حضروا كربلاء يوم‌ عاشوراء سنة‌ 61هجرية‌ ام‌ لم‌ يحضروا كربلاء في‌ هذا التاريخ‌.

والطائفة‌ الثالثة‌ اوسع‌ هذه‌ الطوائف‌ جميعاً وتمتدّ علي‌ اءمتداد التاريخ‌وتتصل‌ حلقاتها اءلي‌ يومنا الذي‌ نعيش‌ فيه‌.

ومن‌ العجيب‌ ان‌ّ هذه‌ الطائفة‌ تستحق‌ من‌ اللعن‌ والعذاب‌ والبراءة‌ ماتستحقه‌ الطائفة‌ الاُولي‌ والثانية‌.

وكان‌ الحسين‌(ع) اءذا طلب‌ النصرة‌ من‌ احد فلم‌ يستجب‌ له‌ ينصحه‌ ان‌يبتعد عن‌ الموقع‌ لئلا يسمع‌ استغاثته‌، فلا يغيثه‌، وكان‌ يقول‌ لهم‌ مَن‌ سمع‌واعينا فلم‌ يعتنا، كان‌ حقاً علي‌ الله ان‌ يكبّه‌ علي‌ منخره‌ في‌ النار.

وينعكس‌ هذا الوعي‌ للتاريخ‌ وربط‌ الحاضر بالمّاضي‌ والاجيال‌بعضها ببعض‌ في‌ «زيارة‌ عاشوراء» بصورة‌ واضحة‌ وبنصوص‌ مؤثّره‌.وفيما يلي‌: ننقل‌ بعض‌ هذه‌ النصوص‌:

«لعن‌ الله اُمّة‌ً اسّست‌ اساس‌ الظلم‌ والجور عليكم‌ اهل‌ البيت‌، ولعن‌ الله اُمّة‌ًدفعتكم‌ عن‌ مقامكم‌ وازالتكم‌ عن‌ مراتبكم‌ التي‌ رتّبكم‌ الله فيها، ولعن‌ الله الممهّدين‌لهم‌ بالتمكين‌ من‌ قتالكم‌، برئت‌ اءلي‌ الله واءليكم‌ منهم‌ ومن‌ اشياعهم‌ واتباعهم‌واولياءهم‌: اءنّي‌ سلم‌ لمن‌ سالمكم‌، وحرب‌ لمن‌ حاربكم‌ اءلي‌ يوم‌ القيامة‌».

 

عاشوراء في‌ خارطة‌ الولاء والبراءة‌:

الحياة‌ ساحة‌ صراع‌، والصراع‌ هو العمود الفقري‌ للتاريخ‌.

ولا نستطيع‌ ان‌ نعرّف‌ التاريخ‌ بافضل‌ من‌ هذا التعريف‌. فاءن‌ّ التاريخ‌هو الصراع‌ وما عدا ذلك‌ فهو علي‌ هامش‌ التاريخ‌ وليس‌ من‌ صلب‌التاريخ‌.

ولا اقصد بالصراع‌، الصراع‌ الطبقي‌ كما يقول‌ ماركس‌، ولا نظرية‌التحدي‌ والاءستجابة‌ في‌ التنافس‌ العسكري‌ والاءقتصادي‌ والسياسي‌ واءنّمااقصد بالصراع‌ الصراع‌ بين‌ التوحيد والشرك‌، وهو صراع‌ الحق‌ّ والباطل‌،وهذا هو بالذات‌ جوهر التاريخ‌ والعمود الفقري‌ للتاريخ‌، وكل‌ صراع‌ ا´خرعدا هذا الصراع‌، فهو علي‌ هامش‌ التاريخ‌، وليس‌ من‌ صلب‌ التاريخ‌.

وهذا هو الصراع‌ الذي‌ به‌ نهض‌ باءمامته‌ اءبراهيم‌(ع) في‌ التاريخ‌ وتبعه‌في‌ ذلك‌ انبياء الله ورسله‌ والصالحون‌ من‌ عباده‌ وساحة‌ الحياة‌ يتقاسمهاهذا الصراع‌.

والناس‌، كل‌ّ الناس‌، بين‌ جبهتي‌ هذا الصراع‌ بدرجات‌ ومواقع‌مختلفة‌، وتتداخل‌ اطراف‌ هذا الصراع‌ وتتشابك‌ الخطوط‌ في‌ الساحة‌ حتّي‌يصعب‌ التمييز مَن‌ الحق‌ والباطل‌ في‌ ساحة‌ الصراع‌.

ولابدّ للاءنسان‌ الذي‌ يريد ان‌ يلتزم‌ جانب‌ الحق‌ّ في‌ هذا الصراع‌ من‌معرفة‌ دقيقة‌ لهذه‌ الساحة‌ ووعي‌ وبصيرة‌ نافذة‌ لفرز الحق‌ّ عن‌ الباطل‌ ولايستطيع‌ الاءنسان‌ ان‌ ياخذ موقعه‌ الصحيح‌ في‌ هذه‌ الساحة‌ المتشابكة‌ من‌غير هذا الوعي‌ والمعرفة‌.

والعامل‌ الاهم‌ في‌ هذا الوعي‌ هو التقوي‌.

(واتّقوا الله ويعلّمكم‌ الله).

(وَمَن‌ يَتَّق‌ِ اللَّه‌َ يَجْعَل‌ لَه‌ُ  مَخْرَجاً).

(يَا أَيُّهَا الَّذِين‌َ ا´مَنُوا اتَّقُوا اللَّه‌َ وَا´مِنُوا بِرَسُولِه‌ِ يُؤْتِكُم‌ْ كِفْلَيْن‌ِ مِن‌ رَحْمَتِه‌ِ وَيَجْعَل‌لَكُم‌ْ نُوراً تَمْشُون‌َ بِه‌ِ).

و«عاشوراء» عامل‌ دقيق‌ للفرز بين‌ الحق‌ّ والباطل‌ في‌ هذه‌ الساحة‌التي‌ طالما اختلط‌ فيها الحق‌ّ والباطل‌.

ولست‌ ادري‌ اي‌ سرّ اودع‌ الله تعالي‌ في‌ هذا اليوم‌ العجيب‌ من‌ ايام‌التاريخ‌، فقد كان‌ عاشوراء منذ سنة‌ 61 هجرية‌ عاملاً اساسياً يشطر الناس‌اءلي‌ شطرين‌ متميّزين‌ شطر مع‌ الحسين‌ (ع)، وشطر ضد الحسين‌(ع).

والشطر الاوّل‌ هو الشطر الذي‌ وقف‌ علي‌ اءمتداد التاريخ‌ مع‌ الانبياءوالمرسلين‌ وهو شطر الصالحين‌ من‌ الناس‌.

والشطر الثاني‌ هو الشطر الذي‌ تصدّي‌ لدعوة‌ الانبياء في‌ التاريخ‌وهو شطر المجرمين‌ والمفسدين‌ من‌ الناس‌.

ذلك‌ اءن‌ّ الحسين‌ وارث‌ الانبياء والمرسلين‌، ودعوة‌ الحسين‌(ع)اءمتداد لدعوة‌ الانبياء، ويزيد كان‌ علي‌ نهج‌ الطغاة‌ في‌ التاريخ‌، يرث‌ عنهم‌بطغيانهم‌ وطيشهم‌ وصدّهم‌ عن‌ سبيل‌ الله، وكبرياءهم‌ وخُيلاءهم‌.

وهذا الشطران‌ من‌ الناس‌ منتشران‌ علي‌ كل‌ مساحة‌ التاريخ‌، ولذلك‌فهما يصبغان‌ كل‌ التاريخ‌ بصبغتهما الخاصة‌، فكل‌ مَن‌ ورث‌ التوحيدوقِيَمه‌ وكان‌ مع‌ الحق‌ كان‌ راضياً بموقف‌ الحسين‌(ع)، وساخطاً علي‌موقف‌ بني‌ اُمية‌ في‌ عاشوراء. كان‌ مع‌ الحسين‌، وعلي‌ خط‌ الانبياءوالمرسلين‌.

وكل‌ مَن‌ ورث‌ بطر بني‌ اُمية‌ وثرائهم‌ واءستكبارهم‌ وخروجهم‌ علي‌حدود الله واحكامه‌ وصدّهم‌ عن‌ سبيل‌ الله، وسخطهم‌ علي‌ الحسين‌(ع) في‌عاشوراء فهو ضد الحسين‌(ع) وعلي‌ خط‌ الطغاة‌ والمستكبرين‌ في‌التاريخ‌.

وعاشوراء، علامة‌ فارقة‌ بين‌ هذين‌ الشطرين‌ من‌ التاريخ‌ والمجتمع‌،يشطر التاريخ‌ والمجتمع‌ اءلي‌ شطرين‌ متميّزين‌.

وكل‌ احداث‌ الصراع‌ بين‌ الحق‌ّ والباطل‌ يمكن‌ ان‌ تكون‌ علاقة‌ فارقة‌بين‌ الحق‌ّ والباطل‌ في‌ التاريخ‌ والمجتمع‌، ولكن‌ّ الله تعالي‌ خص‌ّ عاشوراء،من‌ بين‌ احداث‌ كثيرة‌ بهذه‌ الميزة‌ العظيمة‌ الواضحة‌.

«الموقف‌» من‌ هذين‌ الشطرين‌ «الولاء» و «البراء»، الولاء للشرط‌الاول‌ والبراءة‌ للشطر الثاني‌ والحسين‌(ع) هو العلامة‌ الفارقة‌ والفاصلة‌بين‌ هذا الشطرين‌.

«اءنّي‌ سلم‌ لمن‌ سالمكم‌ وحرب‌ لمن‌ حاربكم‌ وولي‌ لم‌ والاكم‌ وعدوّلمن‌عاداكم‌».

وتمتد مساحة‌ كل‌ من‌ هذين‌ الشطرين‌ علي‌ اءمتداد التاريخ‌ والمجتمع‌،وهي‌ اوسع‌ المساحات‌ جمعاً في‌ حياة‌ الناس‌.

ذلك‌ ان‌ّ عامل‌ «الرضا» و«السخط‌» يدخل‌ في‌ تلوين‌ هذه‌ الساحة‌بلون‌ الولاء والبراءة‌ والاولياء والاعداء.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الحرب العالمية في عصر الظهور
محطات قدسيّة .. في عالم النور (السيّدة زينب عليها ...
حديث المغفرة
لماذا فرض الله صيام 30 يوما على الامه؟؟
زيارة وزوار الامام الحسين (عليه السلام) في ...
كفر من خالف علياً ( ع ) وارتداد من فضَّل أحداً عليه ...
لطف الميل في المرأة
مفهوم العبادة
هل التقية من النفاق
فضل یوم الجمعة و لیلته

 
user comment