عربي
Tuesday 23rd of July 2024
0
نفر 0

الحسين‌(ع) يحطّم‌ الصمت‌

الحسين‌(ع) يحطّم‌ الصمت‌:

عند ما هلك‌ معاوية‌ وخلّف‌ يزيد علي‌ الاُمة‌ بما يتصف‌ به‌ من‌ مجون‌وفسوق‌ وجرأة‌ علي‌ ارتكاب‌ المحرمات‌، عاشت‌ الاُمة‌ حالة‌ قلق‌
ووجل‌ من‌ مستقبل‌ هذه‌ السلطة‌ وخطرها علي‌ الاءسلام‌ عقيدة‌ شريعة‌
واُمة‌.

وفي‌ هذه‌ الاجواء المملوءة‌ بالارهاب‌ والانحرافات‌ الواسعة‌ عن‌الاءسلام‌، والمخاطر المحدقة‌ بالصالحين‌ من‌ ابناء الاُمة‌، كان‌ الاءمام‌الحسين‌(ع) محط‌ الانظار، والبقية‌ الباقية‌ من‌ آل‌ البيت‌: وهو اءمام‌المسلمين‌ وقدوتهم‌، والهادي‌ لهم‌ علي‌ المستوي‌ الفكري‌ والعقائدي‌والسلوكي‌.

طلبت‌ الحكومة‌ الاُموية‌ من‌ الاءمام‌ البيعة‌، وفعلها هذا خلاف‌ لمعاهدة‌الصلح‌ التي‌ عقدت‌ مع‌ معاوية‌؛ حيث‌ اشترط‌ ان‌ يكون‌ الامر للاءمام‌ الحسن‌اءذا هلك‌ معاوية‌ واءذا حدث‌ امر للاءمام‌ الحسن‌(ع) فالاءمام‌ الحسين‌(ع). ثم‌ اءن‌ولاية‌ العهد بدعة‌ لم‌ يألفها المسلمون‌ ولا تتفق‌ مع‌ ثقافتهم‌، واءضافة‌ الي‌ذلك‌ لم‌ يكن‌ يزيد من‌ الشخصيات‌ المجهولة‌ عند الاُمة‌ واءنّما كان‌ واضحاًومعروفاً جداً لسلوكه‌ الشاذ عن‌ المستوي‌ الطبيعي‌، ولعدم‌ تحفّظه‌ من‌ عمل‌المنكر والمجاهرة‌ به‌.

في‌ مثل‌ هذه‌ الظروف‌ المتشنجة‌ طلب‌ الحكم‌ الاُموي‌ من‌ الاءمام‌ (ع)البيعة‌ ليزيد، وكانت‌ بطلب‌ من‌ يزيد مباشرة‌؛ اذ كتب‌ الي‌ الوليد بن‌ عتبة‌ابن‌ ابي‌ سفيان‌ :

(امّا بعد فخذ حسيناً وعبد الله بن‌ عمر وابن‌ الزبير بالبيعة‌ أخذا شديداليس‌ فيه‌ رخصة‌ حتي‌ يبايعوا والسلام‌).

في‌ هذا الوقت‌ أعلن‌ الاءمام‌ الحسين‌ (ع) عن‌ موقفه‌ من‌ حكومة‌ يزيدومن‌ شخصية‌ يزيد بقوله‌ وهو  يخاطب‌ والي‌ المدينة‌:

«...اءنّا اهل‌ بيت‌ النبوة‌ ومعدن‌ الرسالة‌، ومختلف‌ الملائكة‌، ومهبط‌ الرحمة‌، بنافتح‌ الله، وبنا يختم‌، ويزيد شارب‌ الخمر، وقاتل‌ النفس‌ المحترمة‌، معلن‌ بالفسق‌،ومثلي‌ لا يُبايع‌ مثله‌، ولكن‌ نصبح‌ وتصبحون‌، وننظر وتنظرون‌، أينا أحق‌ بالخلافة‌والبيعة‌».

وقال‌ لمروان‌ بن‌ الحكم‌: «علي‌ الاءسلام‌ السلام‌ اءذا ابتليت‌ الاُمة‌ براع‌ مثل‌يزيد، ولقد سمعت‌ جدي‌ رسول‌ الله(ص) يقول‌: الخلاقة‌ محرّمة‌ علي‌ آل‌ ابي‌ سفيان‌؛فاءذا رأيتم‌ معاوية‌ علي‌ منبري‌ فابقروا بطنه‌، وقد رآه‌ أهل‌ المدينة‌ علي‌ المنبر فلم‌ يبقروافابتلاهم‌ الله بيزيد الفاسق‌».

بهذه‌ المواقف‌ الصريحة‌ والمبدئية‌ بدأ الاءمام‌ الحسين‌ (ع) حركته‌،وعيّن‌ الموقف‌ من‌ حكومة‌ يزيد؛ فتحطم‌ الصمت‌ وبدأ الكلام‌ عن‌ شرعية‌وكفاءة‌ يزيد لهذا المقام‌، فبدأ ولم‌ ينته‌، وأسس‌ مدرسته‌ مواجهة‌ مع‌ يزيدالماضي‌ وكل‌ّ يزيدي‌ السلوك‌ علي‌ طول‌ التاريخ‌.

 

 

الاءمام‌ الحسين‌ (ع) يعلم‌ بشهادته‌:

البيانات‌ الاُولي‌ للاءمام‌ الحسين‌ (ع) كانت‌ واضحة‌ وممتلئة‌ بعلم‌ الاءمام‌بالنتيجة‌ النهاية‌ التي‌ ستنتهي‌ اليها حركته‌(ع)، والشخصيات‌ المعاصرة‌كانت‌ تحذّر من‌ النتائج‌ المرشحة‌ للظهور، واستمرت‌ التحذيرات‌ للاءمام‌من‌ جميع‌ الاطراف‌ التي‌ لها خبرة‌ بتركيبة‌ المجتمع‌ الكوفي‌ وطريقة‌تعامل‌ الحكومة‌ الاُموية‌ مع‌ معارضيها.

ولم‌ تكن‌ هذه‌ المسائل‌ خفية‌ علي‌ الاءمام‌ (ع) واءنما كان‌ عالماً بالذي‌سيحدث‌؛ وأخبر بذلك‌ كما في‌ قوله‌: «خط‌ّ الموت‌ علي‌ ولد آدم‌ مخط‌ القلادة‌علي‌ جيد الفتاة‌، وما اولهني‌ الي‌ اسلافي‌ اشتياق‌ يعقوب‌ الي‌ يوسف‌! وخير لي‌ مصرع‌أنا لاقيه‌، كأنّي‌ بأوصالي‌ تقطّعها عسلان‌ الفلاة‌ بين‌ النواويس‌ وكربلاء فيملان‌ّ مني‌اكراشاً جوفا وأجربة‌ سغبا، لا محيص‌ عن‌ يوم‌ خط‌ بالقلم‌ رضا الله رضانا أهل‌ البيت‌».

وهذا المستوي‌ من‌ العلم‌ اشترك‌ غير الاءمام‌ مع‌ الاءمام‌ به‌ لقراءة‌الاحداث‌ واستعداد الشخصيات‌ الرسمية‌ علي‌ ارتكاب‌ ابشع‌ الجرائم‌ من‌غير حدود وقيود والتزامات‌، ولكن‌ الامر الذي‌ يفترق‌ به‌ الاءمام‌ عن‌ غيره‌هو معرفة‌ النتائج‌ التي‌ سيؤدي‌ اءليها موقفه‌ وشهادته‌ وانتهاك‌ حرمته‌،والتأثير الذي‌ ستخلّفه‌ الفاجعة‌.

 

 

اءقصاء الاءسلام‌ عن‌ الحياة‌:

اراد الله تعالي‌ لدينه‌ عقيدة‌ وشريعة‌ ان‌ يكونا ظابطة‌ لفكر وسلوك‌الاءنسان‌، وجعل‌ من‌ أنبيائه‌ واوليائه‌ أئمة‌ ليكونوا قادة‌ العباد وساسة‌ الاُمة‌،وجاء في‌ الحديث‌ النبوي‌: «كان‌ بنوا اءسرائيل‌ تسوسهم‌ الانبياء كلما ملك‌ نبي‌خلفه‌ نبي‌».

السياسة‌ الدينيّة‌ تعتقد أن‌ الاُمة‌ أمانة‌، والاءمام‌ أمين‌ عليها، ويتولّي‌قيادتها علي‌ خط‌ الهدي‌ باتجاه‌ رضا الله ورضوانه‌، ويتم‌ هذا بولاية‌ امرهاوتعليمها الكتاب‌ والحكمة‌ وهدايتها الي‌ العمل‌ الصالح‌، ومنعها عن‌الاعمال‌ المانعة‌ من‌ الوصول‌ الي‌ الله. وتجنّبها الفتن‌ والشكوك‌ بنشرالمعرفة‌، والحكم‌ في‌ المجتمع‌ واءرادته‌ وفق‌ الشريعة‌ الاءلهية‌ (فاحكم‌ بينهم‌بما أنزل‌ الله ولا تتبع‌ اهواءهم‌ عمّا جاءك‌ من‌ الحق‌ّ).

ولكن‌ يمكن‌ ان‌ يتعرض‌ الانبياء أو الائمة‌ (ع) لحالات‌ اضطهادواستضعاف‌ في‌ غفلة‌ من‌ الاُمة‌ أو جهل‌ لما يؤدي‌ اءليه‌ هذا الامر من‌ ضرّرعلي‌ المجتمع‌ فردا وجماعة‌، وعلي‌ الدين‌ من‌ أهداف‌ وغايات‌ كبري‌.

فعزل‌ الائمة‌ (ع) امر ممكن‌، وقد عزل‌ عن‌ تنفيذ مقام‌ الاءمامة‌ بعض‌الانبياء وكذلك‌ منع‌ الانبياء: اوالائمة‌: عن‌ ممارسة‌ دورهم‌ في‌ قيادة‌المجتمع‌ علي‌ المستويات‌ المذكورة‌، واءلقاؤهم‌ في‌ السجون‌ او قتلهم‌ومحاولة‌ اءلغاء دورهم‌ وقدرة‌ تأثيرهم‌.

والتاريخ‌ يشهد علي‌ الذين‌ شغلوا مقام‌ الائمة‌ (ع) بالغوا في‌ اءزوائهم‌واءبعادهم‌ عن‌ مسرح‌ الحياة‌، وأحيانا يحاولون‌ ان‌ يضيّعوا اسماءهم‌ فضلاًعن‌ مبدئهم‌ ورسالتهم‌، وهذا  الامر لوقدّر له‌ الانفراد في‌ الساحة‌ الفكرية‌كما هو الحال‌ في‌ السلطة‌ فسينتهي‌ الامر الي‌ سيادة‌ ثقافة‌ الحكّام‌ واختفاءالرسالة‌ الاءلهية‌ الاصيلة‌،وهذه‌ أحد وسائل‌ تحريف‌ الاديان‌ وتفريغها من‌محتواها وتغيير اتجاهها.

وأراد الاُمويون‌ للرسالة‌ الاءسلامية‌ هذا المصير وهذه‌ النهاية‌.

ففي‌ عصر الاءمام‌ الحسين‌ (ع) كان‌ الاءسلام‌ مستهدفاً، والمواقف‌الاُموية‌ من‌ القرآن‌ والنبي‌(ص) وعترته‌ واصحابه‌ ومدينته‌ وبيت‌ اللهالحرام‌.  كلها تشير علي‌ الاتجاه‌ والاهداف‌ العدائية‌ التي‌ يقصدونها في‌حركتهم‌، وخلقوا اجواءً اءرهابية‌ لدعم‌ مخططهم‌ العدائي‌ تدعمه‌ مجموعة‌وعاظ‌ السلطة‌ واصحاب‌ الاطماع‌ والمتخاذلون‌ الذين‌ لا يبالون‌ ولايهتمون‌ بأمر الدين‌، وما يتعرض‌ له‌ من‌ تهديد اءذا ضمنت‌ مصالحهم‌.

ففي‌ هذه‌ الاجواء المملوءة‌ بالاءرهاب‌ وهذه‌ الانحرافات‌ الكبيرة‌ عن‌الاءسلام‌، والمخاطر المحيطة‌ بالاُمة‌ ورجالاتها المخلصين‌، والهجمة‌الشرسة‌ علي‌ الاءسلام‌ عقيدة‌ وشريعة‌ كان‌ اءمام‌ المسلمين‌ الحسين‌ (ع) وهوالمسؤول‌ عن‌ صيانة‌ الدين‌ من‌ التحريف‌ والاُمة‌ من‌ الانحراف‌، وقد دُعي‌لبيعة‌ يزيد بن‌ معاوية‌ الذي‌ عرفته‌ الاُمة‌ بالفجور وشرب‌ الخمر، وقد ذكره‌الحاجز في‌ كتاب‌ التاج‌ بقوله‌:

«وكان‌ ملوك‌ الاءسلام‌ من‌ يدمن‌ علي‌ شربه‌ الخمر، يزيد بن‌ معاوية‌، وكان‌ لايمسي‌ اءلاّ سكران‌ ولايصبح‌ اءلاّ مخموراً».

 

خيارات‌ ومواقف‌:

في‌ اليوم‌ الاول‌ من‌ طلب‌ البيعة‌ ليزيد من‌ الاءمام‌ الحسين‌(ع) نظرالاءمام‌ الي‌ الامر فرأي‌ امامه‌ خيارين‌ وقد ذكرهما عندما اشتكي‌ لجدّه‌رسول‌ الله (ص) وهو يريد الخروج‌ من‌ المدينة‌ ومن‌ جوار جدّه‌ اءذ قال‌:«بأبي‌ أنت‌ وأُمي‌ يا رسول‌ الله، لقد خرجت‌ من‌ جوارك‌ كرهاً، وفرّق‌ بيني‌ وبينك‌وأخذت‌ قهراً، أن‌ أبايع‌ يزيد شارب‌ الخمر وراكب‌ الفجور، واءن‌ فعلت‌ كفرت‌ واءن‌أبيت‌ قتلت‌، فها أنا خارج‌ من‌ جوارك‌ كرها فعليك‌ مني‌ السلام‌ يارسول‌ الله».

وقد أضاف‌ لهذين‌ الخيارين‌ خياراً ثالثاً في‌ الجملة‌ الاخيرة‌ وهوالخروج‌ من‌ المدينة‌ للتهيؤ للقيام‌ والثورة‌.

وقدم‌ بعض‌ المعترضين‌ علي‌ خروج‌ الاءمام‌ الحسين‌(ع) الي‌ الكوفة‌خياراً رابعاً، وهم‌ لا يرون‌ بيعة‌ ليزيد ولا وفاء لاهل‌ الكوفة‌؛ ولذلك‌ اقترح‌عليه‌ محمد بن‌ الحنفية‌ بالذهاب‌ الي‌ اليمن‌ أو بعض‌ نواحي‌ البر، وقال‌ ابن‌عباس‌: ياابن‌ العم‌، اءني‌ أتصبّر وما أصبر وأتخوّف‌ عليك‌ هذا الوجه‌ الهلاك‌والاستئصال‌، اءن‌ أهل‌ العراق‌ قوم‌ غدر فلاتقربنّهم‌، فأن‌ أبيت‌ اءلاّ ان‌ تخرج‌فسر الي‌ اليمن‌ فاءن‌ بها حصوناً وشعاباً وهي‌ ارض‌ عريضة‌ طويلة‌، ولابيك‌بها  شيعة‌، وانت‌ عن‌ الناس‌ في‌ عزلة‌ فتكتب‌ الي‌ الناس‌ وترسل‌ وتبث‌دعاتك‌ فاءني‌ أرجوا أن‌ يأتيك‌ عند ذلك‌ الذي‌ تحب‌ّ في‌ عافية‌).

فالاءمام‌ الحسين‌،(ع) أمامه‌مجموعة‌ من‌ الخيارات‌ أحلاها مرّ.وسنتعرض‌ الي‌ ذكرها وموقف‌ الاءمام‌(ع) منها وهي‌ كالتالي‌:

 

الخيار الاول‌: أن‌ يبايع‌ يزيد:

وهذا الموقف‌ لا ينسجم‌ مع‌ هذه‌ المرحلة‌، ولانه‌ يعتبر نوعاً من‌اشكال‌ الموافقة‌، فهو يعطي‌ قوة‌ لحكومة‌ يزيد المعادية‌ للاءسلام‌، ومن‌ ثم‌يؤدي‌ الي‌ زيادة‌ نشاط‌ الفعاليات‌ الاُموية‌ ضد الاءسلام‌ وعزل‌ اكثر لاهل‌البيت‌: وقد عبر الاءمام‌ عن‌ هذا الموقف‌ بالكفر بقوله‌ :

(وان‌ فعلت‌ كفرت‌) وعبّر عنه‌ بالذلّة‌ كما في‌ قوله‌: «ألا ان‌ الدّعي‌ وابن‌الدّعي‌ ركز بين‌ اثنتين‌ بين‌ السلّة‌ والذلّة‌، وهيهات‌ منا الذلة‌».

 

 

الخيار الثاني‌: لا يبايع‌ ولا يترك‌ المدينة‌ اومكة‌:

اءذا بقي‌ الاءمام‌ الحسين‌ (ع) في‌ المدينة‌ ولم‌ يبايع‌ فاءنه‌ يقتل‌، وقد ذكرذلك‌ بقوله‌:

(وان‌ أبيت‌ قتلت‌). وكان‌ كتاب‌ يزيد الي‌ الوليد بن‌ عتبة‌ يأمر بذلك‌.وقدكان‌ نص‌ الكتاب‌ يقول‌: اءذا أتاك‌ كتابي‌ هذا فأحضر الحسين‌ بن‌ علي‌وعبدالله بن‌ الزبير والسلام‌.

واءذا قام‌ الاءمام‌ الحسين‌ في‌ مكة‌ ولم‌ يبايع‌ فاءن‌ بني‌ أُمية‌ لايعرفون‌حرمة‌ لكعبة‌ او نبي‌ او ابن‌ نبي‌، فاءذا لجأ الاءمام‌ الحسين‌ الي‌ الكعبة‌ فاءنّهم‌اضافة‌ الي‌ اغتياله‌ ينتهكون‌ بيت‌ الله الحرام‌، وقد قال‌ لابن‌ الزبير: «أن‌ أبي‌حدّثني‌ أن‌ لها كبشاً به‌ تستحل‌ّ حرمتها فما أحب‌ ان‌ اكون‌ أنا ذلك‌ الكبش‌».

وقال‌: «والله لان‌ّ اُقتل‌ خارجاً منها بشبر أحب‌ّ الّي‌ من‌ أن‌ أقتل‌ فيها».

ولم‌ يكن‌ هذا الامر مجرد حذر واءنما (د س‌ عمروبن‌ سعيد بأمر بن‌يزيد  مع‌ الحاج‌ ثلاثين‌ رجلاً من‌ شياطين‌ بني‌ اُمية‌، وأمرهم‌ باغتيال‌الحسين‌(ع) ولو كان‌ متعلّقاً باستار الكعبة‌.

فالنتيجة‌ هي‌ القتل‌ اغتيالاً أوصبراً وكلاهما لا يخدم‌ رسالة‌ الاءمام‌الحسين‌(ع).

 

الخيار الثالث‌ : يذهب‌ الي‌ اليمن‌:

وقدّم‌ هذا الاقتراح‌ ابن‌ الحنفيّة‌ وابن‌ عباس‌، وقد اجاب‌ الاءمام‌الحسين‌(ع) ابن‌ عباس‌: «يابن‌ عم‌ اءني‌ أعلم‌ أنك‌ ناصح‌ مشفق‌». وقال‌ (ع): «واللهلا يدعوني‌ حتي‌ يستخرجوا هذه‌ العلقة‌ من‌ جوفي‌؛ فاءذا فعلوا سلط‌ الله عليهم‌ من‌ يذلّهم‌حتي‌ يكونوا أذل‌ّ من‌ فرام‌ المرأة‌».

واليمن‌ حتي‌ اءذا وجد فيها شيعة‌ للاءمام‌ الحسين‌ (ع) اءلاّ أنهم‌ لايقاسون‌بالكوفة‌ من‌ ناحية‌ العدة‌ والعدد والولاء والمنعة‌ وهم‌ مع‌ كل‌ّ هذا لم‌ يخرج‌منهم‌ اءلاّ اليسير لنصرة‌ الحسين‌ (ع) فكيف‌ باليمن‌؟ ثم‌ اءذا حدثت‌ مواجهة‌وانتهت‌ الي‌ ما انتهت‌ اءليه‌ واقعة‌ الطف‌ فأنها لا تخلق‌ أثراً، لانها في‌ موقع‌بعيد عن‌ المراكز المهمة‌ للبلاد الاءسلامية‌.

وعلي‌ فرض‌ ذهاب‌ الاءمام‌ الحسين‌ الي‌ اليمن‌ وبايعه‌ أهل‌ اليمن‌وخلعوا يزيد فهم‌ لايمتلكون‌ القدرة‌ علي‌ نشر دعوتهم‌ لعوامل‌ متعددة‌،منها: موقعهم‌ الجغرافي‌ وقلة‌ الارتباطات‌ وصعوبتها، وعدم‌ وجود الكثافة‌السكانية‌، واءمكان‌ القضاء عليهم‌ بسهولة‌؛ لانهم‌ لم‌ يمتلكوا القدرة‌ علي‌مواجهة‌ غارات‌ كان‌ يوجّهها اليهم‌ معاوية‌، وأهل‌ اليمن‌ لم‌ يدعوا الاءمام‌اليهم‌ ولم‌ يبايعوه‌؛ فذهابه‌ اليهم‌ من‌ غير دعوة‌ لا يجعل‌ موقعه‌ في‌مقام‌القوة‌.

والمحصلة‌ النهاية‌ أن‌ بني‌ اُمية‌ لا يتركون‌ الاءمام‌ الحسين‌(ع) اءذا لم‌يدخل‌ في‌ بيعة‌ يزيد بقول‌ الاءمام‌ الحسين‌ (ع):

«لو دخلت‌ جحر هامة‌ من‌ هذه‌ الهوام‌ لاستخرجوني‌ حتي‌ يقتلوني‌».

 

الخيار الرابع‌: يرفض‌ البيعة‌ ويدعو لنفسه‌:

فقال‌ (ع): «مثلي‌ لا يُبايع‌ مثله‌»، وقد سبق‌ أن‌ وثيقة‌ الصلح‌ التي‌ كتبت‌بين‌ الاءمام‌ الحسن‌ (ع) ومعاوية‌ اشترط‌ بها ان‌ تكون‌ الخلافة‌ للاءمام‌الحسن‌(ع) بعد هلاك‌ معاوية‌، واءذا حدث‌ حادث‌ فللحسين‌(ع). وبيعة‌ يزيدأحد مخالفات‌ معاوية‌ للمعاهدة‌ التي‌ عقدت‌ بينه‌ وبين‌ الحسن‌ (ع) وهذاأوّل‌ المبررات‌، ثم‌ ان‌ يزيد فاسق‌ وفاجر لا تنعقد له‌ بيعة‌ اءضافة‌ الي‌ ذلك‌قول‌ الاءمام‌ الحسين‌ (ع) الذي‌ نقله‌ عن‌ جدّه‌: الخلافة‌ محرّمة‌ علي‌ آل‌ ابي‌سفيان‌). وقد ذكر هذا في‌ الصفحات‌ السابقة‌

وقول‌ الرسول‌ (ص): «من‌ رأي‌ سلطاناً جائراً مستحلاّ لحرام‌ الله ناكثاً عهده‌مخالفاً لسنّة‌ رسول‌ الله يعمل‌ في‌ عباد الله بالاءثم‌ والعدوان‌ فلم‌ يغيّر عليه‌ بفعل‌ ولا قول‌كان‌ حقّاً علي‌ الله أن‌ يدخله‌ مدخله‌، ألا واءن‌ هؤلاء قد لزموا طاعة‌ الشيطان‌ وتركواطاعة‌ الرحم'ن‌، واظهروا الفساد وعطّلوا الحدود، واستاثروا بالفي‌ء، وأحلّوا حرام‌ اللهوحرّموا حلاله‌، وأنا أحق‌ من‌ غيري‌».

فالاءمام‌ الحسين‌ (ع) كما تقدم‌ لايرضي‌ البيعة‌ ليزيد، والاخير لابيعة‌ له‌علي‌ الشرائط‌ المطلوبة‌ في‌ الاءمام‌ أوالخليفة‌، ثم‌ اءذا انعقدت‌ فهي‌ تنفسخ‌لانه‌ لم‌ يلتزم‌ بشي‌ء من‌ لوازمها. وقد تقدم‌ ذكر بعض‌ افعال‌ يزيد.

وقد خطب‌(ع) بأصحابه‌ في‌ كربلاء قائلاً: «ألا ترون‌ الحق‌ّ لا يعمل‌ به‌ والي‌الباطل‌ لا يتناهي‌ عنه‌، ليرغب‌ المؤمن‌ في‌ لقاء الله، اءنّي‌ لا أري‌ الموت‌ اءلاّ سعادة‌ والحياة‌مع‌ الظالمين‌ اءلاّ برما».

فالاءمام‌ المنصوب‌ من‌ الله تعالي‌ اميناً علي‌ رسالته‌ عقيدة‌ وشريعة‌يري‌ ان‌ الاءسلام‌ في‌ خطر، ولايمكن‌ السكوت‌ لان‌ّ الاءسلام‌ مهدد، لذلك‌يقول‌ (ع): «علي‌ الاءسلام‌ السلام‌ اءذا ابتليت‌ الاُمة‌ براع‌ مثل‌ يزيد».

تأسيس‌ خط‌ المقاومة‌:

لو استقام‌ الامر للطغاة‌ من‌ دون‌ مراقب‌ ومعترض‌ وثائر لوحّدوا الاُمة‌علي‌ اتجاه‌ واحد، ولجمعوا كلمتهم‌ علي‌ رأي‌ واحد ولعبّاوهم‌ نحو هدف‌واحد، لم‌ يكن‌ للدين‌ فيها موقع‌ ولم‌ تغب‌ للسلطان‌ فيها منفعة‌، معبأة‌ في‌طاعة‌ السلطان‌، فارغة‌ من‌ طاعة‌ الله، وغالباً ما تكون‌ عمليات‌ التحريف‌التي‌ تمر بها الاديان‌ السماوية‌ علي‌ أيدي‌ الحكّام‌ الذين‌ مسخرة‌ لخدمة‌مقامهم‌، وهذا الفعل‌ يساوق‌ عملية‌ التحريف‌ وهو الغاء للدين‌ واضلال‌للاُمة‌ ثم‌ استعبادها.

أما تحقيق‌ الاهداف‌ الاءلهية‌ للدين‌ لا تتم‌ اءلاّ باجتباء المولي‌ من‌يعرف‌ عبوديته‌ واءخلاصهم‌ ومؤهلاتهم‌ الاُخري‌ لمقام‌ الاءمامة‌، وقد كان‌ذلك‌ في‌ الاديان‌ السابقة‌، وفي‌ الاءسلام‌ كانت‌ الاءمامة‌ للائمة‌ من‌ العترة‌الطاهرة‌، والحسين‌(ع) أحد الائمة‌ الذين‌ أذهب‌ الله عنهم‌ الرجس‌وطهّرهم‌ تطهيراً، ولكنه‌ منع‌ من‌ ممارسة‌ دوره‌، ومنعت‌ الاُمة‌ من‌ انتخابه‌،فهل‌ يترك‌ الاُمة‌ طعمة‌ لبني‌ اُمية‌ وهي‌ تسير بها باتجاه‌ خطير ومقلق‌ وهواءمام‌ المسلمين‌، يري‌ ان‌ عليه‌ ان‌ يقف‌ بوجه‌ هذا الانحراف‌ الذي‌يستهدف‌ وجود الاءسلام‌ ؟

لم‌ يكتف‌ الاءمام‌ الحسين‌ (ع) بالقيام‌ والتضحية‌ بنفسه‌ وأهل‌ بيته‌ في‌مشروعه‌ للدفاع‌ عن‌ الاءسلام‌ وصيانته‌ للفترة‌ الزمنيّة‌ التي‌ عاشها، واءنّماقام‌ برسم‌ خارطة‌ لبناء اُمة‌ أمينة‌، تلتزم‌ الحق‌ّ قادرة‌ علي‌ حفظ‌ الخط‌ّالاصيل‌ للاءسلام‌ تكون‌ العلامة‌ والدليل‌ علي‌ طول‌ التاريخ‌ الاءسلامي‌ لبيان‌الدين‌ الحق‌ّ الذي‌ جاء به‌ النبي‌ (ص) واراده‌ الله لعباده‌ وفرزه‌ عن‌ الدين‌المزيّف‌ الذي‌ اوجده‌ الاُمويون‌.

اُمة‌ تتحرك‌ بهدي‌ القرآن‌ والسنّة‌ النبوية‌، تأمر بالمعروف‌ وتنهي‌ عن‌المنكر كما في‌ قوله‌ تعالي‌:

(ولتكن‌ منكم‌ اُمة‌ يدعون‌ الي‌ الخير ويأمرون‌ بالمعروف‌ وينهون‌ عن‌ المنكرواُولئك‌ هم‌ المفلحون‌* ولا تكونوا كالذين‌ تفرّقوا واختلفوا من‌ بعد ما جاءهم‌ البينات‌واُولئك‌ لهم‌ عذاب‌ عظيم‌).

ونتيجة‌ لثورة‌ الاءمام‌ الحسين‌ (ع) وما أفرزته‌ من‌ فكر اءصلاحي‌ومقاومة‌ واتجاه‌ مقاوم‌؛ حدث‌ توازن‌ للقوي‌ الاجتماعية‌ التي‌ كادت‌ ان‌تكون‌ طرفاً واحداً يضيع‌ معه‌ الاءسلام‌.

وتحققت‌ اهداف‌ الثورة‌ بقيام‌ طائفة‌، أخذت‌ علي‌ عاتقها مواجهة‌الجائرين‌ للدفاع‌ عن‌ الاءسلام‌. والاُمة‌ بشكل‌ منظّم‌ ومعبّأ، تتحرك‌ علي‌منهج‌ واضح‌ وشعارات‌ اصيلة‌ واهداف‌ مقدّسة‌.

فالاءمام‌ الحسين‌ (ع) أوجد اُمة‌ صالحة‌ وكتلة‌ مؤمنة‌، علمها طريق‌المواجهة‌ والمقاومة‌، وعيّن‌ لها الاتجاه‌، وترك‌ الحكم‌ الاُموي‌ لا يعرف‌الاستقرار والهدوء، فالاُمّة‌ منفصلة‌ عنهم‌ انفصال‌ رفض‌ تام‌.

 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

إحتجاج عقائدي
ذكرى استشهاد السيدة أم البنين (عليها السلام)
مناقب أهل البيت كما يرويها العارفون‏
عبد الله بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ( عليهم ...
قصة استشهاد الامام جعفر بن محمد الصادق عليه ...
كلمات الأئمة (ع) في علي الاكبر
جريمة اغتيال امير المؤمنين (ع) بداية للانعكاسات ...
دخول جيش السفياني الى العراق
شبهات وردود
باقة من رسائل تهنئة عيدالغدير

 
user comment