عربي
Tuesday 19th of March 2024
0
نفر 0

دخول جيش السفياني الى العراق

تؤكد الروايات أن السفياني بعد معركة قرقيسيا يوجه جيشه الى العراق، فعن الإمام الباقر عليه السلام قال: (فيلتقي السفياني بالأبقع فيقتتلون، يقتله السفياني ومن معه، ويقتل الأصهب، ثم لا يكون له همة إلا الإقبال نحو العراق، ويمر جيشه بقرقيسيا فيقتتلون بها فيقتل من الجبارين مئة ألف، ويبعث السفياني جيشاً إلى الكوفة وعدتهم سبعون ألفاً)  (البحار:52/237)

وفي مخطوطة ابن حماد ص87 عن علي عليه السلام قال: (إذا خرجت خيل السفياني إلى الكوفة، بعث في طلب أهل خراسان. ويخرج أهل خراسان في طلب المهدي).

وعن جابر الجعفي قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن السفياني فقال: (وأنى لكم بالسفياني حتى يخرج قبله الشيصباني، يخرج بأرض كوفان ينبع كما ينبع الماء، فيقتل وفدكم. فتوقعوا بعد ذلك السفياني وخروج القائم). (البحار:52/250).

والشيصبان في اللغة اسم من أسماء الشيطان. وهو في أحاديث أهل البيت عليهم السلام  كناية عن رجل من أعدائهم سيء أو مغمور.

وعن الإمام الباقر عليه السلام  قال: (لابد لبني فلن أن يملكوا.فإذا ملكوا ثم اختلفوا تفرق ملكهم وتشتت أمرهم حتى يخرج عليهم الخراساني والسفياني هذا من المشرق وهذا من المغرب، يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان: هذا من هنا، وهذا من هنا، حتى يكون هلاك بني فلان على أيديهما، أما إنهما لا يبقون منهم أحداً). (البحار:52/231)  

والمقصود ببني فلان هنا قد يكون أسرة آخر حاكم في العراق قبل الإمام المهدي، الشيصبان أو غيره.

وتصف الروايات في مصادر الطرفين أعمال جيش السفياني الفظيعة في العراق ضد شيعة اهل البيت عليهم السلام، وبعضها محل شك بسبب سندها أو متنها، أو لأنها إخبارات عن أحداث سابقة لا علاقة لها بخروج السفياني وظهور الإمام المهدي عليه السلام. وهذه نماذج منها:

عن الإمام الصادق عليه السلام قال: (كأني بالسفياني(أو بصاحب السفياني)  قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة، فنادى مناديه: من جاء برأس(من)  شيعة علي فله ألف درهم. فيثب الجار على جاره ويقول هذا منهم، فيضرب عنقه ويأخذ ألف درهم. أما إن إمارتكم لا تكون يومئذ إلا لأولاد البغايا. وكأني أنظر إلى صاحب البرقع، قلت: ومن صاحب البرقع؟فقال: رجل منكم يقول بقولكم يلبس البرقع فيحوشكم فيعرفكم ولا تعرفونه، فيغمز بكم رجلا رجلا. أما إنه لا يكون إلا ابن بغي) ( البحار:52/215).

وفي مخطوطة ابن حماد ص82: (وتقبل خيل السفياني كالليل والسيل فلا تمر بشيء إلا أهلكته وهدمته، حتى يدخلون الكوفة فيقتلون شيعة آل محمد، ثم يطلبون أهل خراسان في كل وجه. فيخرج أهل خراسان في طلب المهدي فيدعون له وينصرونه).

وفي لوائح الأنوار البهية للسفاريني الحنبلي: (يقاتل الترك فيظهر عليهم ثم يفسد في الأرض، ويدخل الزوراء فيقتل من أهلها).

وتذكر الأحاديث فظائع يرتكبها جيش السفياني في غزوه العراق، خاصة بحق شيعة اهل البيت عليهم السلام ، كما في مخطوطة ابن حماد ص83، والبحار:52/219).

كما تذكر الرويات أسماء أماكن يتمركز فيها جيش السفياني مثل الزوراء أي بغداد، والأنبار والصراة والفاروق والروحاء. فعن الإمام الصادق عليه السلام  قال: (ويبعث مئة وثلاثين ألفاً إلى الكوفة. وينزلون الروحاء والفاروق، فيسير منها ستون ألفا حتى ينزلوا الكوفة، موضع قبر هود عليه السلام  بالنخيلة). ( البحار:52/273).

لكن حملة السفياني لا تحقق هدفها في السيطرة على العراق، بل تقرر بعد أسابيع الإنسحاب من العراق والتوجه الى الحجاز لأداء دورها الجديد في القضاء على حركة الإمام المهدي عليه السلام  في مكة، حيث تذكر بعض الروايات أن السفياني يرسل جيشه إلى الحجاز من العراق، وبعضها يذكر أنه يرسله من الشام، ويمكن أن يكون قسم منه من الشام وقسم من العراق، فعن الإمام الباقر عليه السلام  قال: (ويبعث السفياني جيشاً إلى الكوفة وعدتهم سبعون ألفاً، فيصيبون من أهل الكوفة قتلاً وصلباً وسبياً، فبينا هم كذلك إذ أقبلت رايات سود من قبل خراسان تطوي المنازل طياً حثيثاً ومعهم نفر من أصحاب القائم) (البحار:52/238).

وفي مخطوطة ابن حماد ص84: (يدخل السفياني الكوفة فيسبيها ثلاثة أيام، ويقتل من أهلها ستين ألفاً، ثم يمكث فيها ثمانية عشرة ليلة. وتقبل الرايات السود حتى تنزل على الماء، فيبلغ من بالكوفة من أصحاب السفياني نزولهم فيهربون. ويخرج قوم من السواد الكوفة ليس معهم سلاح إلا قليل منهم، ومنهم نفر من أهل البصرة فيدركون أصحاب السفياني فيستنقذون ما في أيديهم من سبي الكوفة. وتبعث الرايات السود بالبيعة إلى المهدي).

وتصف الرواية التالية المنسوبة لأمير المؤمنين عليه السلام جانباً من احتلال جيش السفياني للعراق، متزامناً مع فتنة غربية وما يشبه حرباً عالمية، ودخول قوات الخراسانين الممهدة للمهدي عليه السلام إلى العراق، ويبدو أنها تجميع لبعض الرواة من نصوص متعددة في الموضوع.

ففي البحار:53/ 82، عن أمير المؤمنين عليه السلام  قال: (ألا أيها الناس، سلوني قبل أن تشغر برجلها فتنة شرقية تطأ في خطامها بعد موت وحياة، أو تشب نار بالحطب الجزل غربي الأرض، رافعة ذيلها تدعو ياويلها بذحلة أو مثلها. فإذا استدار الفلك، قلتم مات أو هلك، بأي واد سلك، فيومئذ تأويل هذه الآية: (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً).

ولذلك آيات وعلامات: أولهن إحصار الكوفة بالرصد والخندق، وتخريق الزوايا في سكك الكوفة، وتعطيل المساجد أربعين ليلة. وتخفق رايات ثلاث حول المسجد الأكبر يشبهن بالهدى، القاتل والمقتول في النار. وقتل كثير وموت ذريع، وقتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين. والمذبوح بين الركن والمقام. وقتل الأسبغ المظفر صبراً في بيعة الأصنام، مع كثير من شياطين الإنس.

وخروج السفياني براية خضراء(حمراء)  وصليب من ذهب، أميرها رجل من كلب. واثني عشر ألف عنان من يحمل السفياني متوجهاً إلى مكة والمدينة، أميرها أحد من بني أمية يقال له خزيمة، أطمس العين الشمال على عينه طرفة، يميل بالدنيا فلاترد له راية حتى ينزل بالمدينة، فيجمع رجالاً ونساء من آل محمد فيحبسهم في دار بالمدينة يقال لها دار أبي الحسن الأموي. ويبعث خيلاً في طلب رجل من آل محمد قد اجتمع عليه رجال من المستضعفين بمكة أميرهم رجل من غطفان. حتى إذا توسطوا الصفاح الأبيض بالبيداء يخسف بهمه فلاينجو منهم أحد إلارجل واحد يحول الله وجهه في قفاه لينذرهم وليكون آية لمن خلفه. فيومئذ تأويل هذه الآية: (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيب).

ويبعث السفياني مئة وثلاثين ألفاً إلى الكوفة فينزلون بالروحاء والفاروق، وموضع مريم وعيسى بالقادسية، ويسير منهم ثمانون ألفاً حتى ينزلوا الكوفة موضع قبر هود عليه السلام  بالنخيلة فيهجموا عليه يوم زينة، وأمير الناس جبار عنيد يقال له الكاهن الساحر، فيخرج من مدينة يقال لها الزوراء في خمسة آلاف من الكهنة، ويقتل على جسرها سبعين ألفاً، حتى يحتمي الناس الفرات ثلاثة أيام من الدماء ونتن الأجساد. ويسبي من الكوفة أبكاراً لا يكشف عنها كف ولا قناع، حتى يوضعن في المحامل يزلف بهن للثوية وهي الغريين.

ثم يخرج من الكوفة مئة ألف بين مشرك ومنافق، حتى يضربون دمشق لا يصدهم عنها صاد، وهي إرم ذات العماد.

وتقبل رايات (من)  شرقي الأرض ليست بقطن ولا كتان ولا حرير مختمة في رؤوس القنا بخاتم السيد الأكبر، يسوقها رجل من آل محمد، يوم تطير بالمشرق يوجد ريحها بالمغرب كالمسك الأذفر، يسير الرعب أمامها شهراً.

ويخلف أبناء سعد بالكوفة طالبين بدماء آبائهم، وهم أبناء الفسقة، حتى يهجم عليهم خيل الحسين يستبقان كأنهما فرسا رهان. شعث غبر أصحاب بواكي وقوارح، إذ يضرب أحدهم برجله باكية، يقول لا خير في مجلس بعد يومنا هذا، اللهم فإنا التائبون الخاشعون الراكعون الساجدون، فهم الأبدال الذين وصفهم الله عز وجل: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ). والمطهرون نظراؤهم من آل محمد.

ويخرج رجل من أهل نجران يستجيب الإمام، فيكون أول النصارى إجابة، ويهدم صومعته ويدق صليبها، ويخرج بالموالي وضعفاء الناس والخيل فيسيرون إلى النخيلة بأعلام هدى.

فيكون مجمع الناس جميعاً من الأرض كلها بالفاروق، وهي محجة أمير المؤمنين، وهي ما بين البرس والفرات، فيقتل يومئذ ما بين المشرق والمغرب ثلاثة آلاف من اليهود والنصارى، فيقتل بعضهم بعضاً، فيومئذ تأويل هذه الآية: (فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ). بالسيف، وتحت ظل السيف). انتهى.

والفقرة الأولى والأخيرة من هذه الرواية تذكر حرباً عالمية يتركز دمارها على الغرب، ويقتل فيها ثلاثة آلاف ألف أي ثلاثة ملايين، وسيأتي ذكرها في محله.

ومعنى (تخريق الزوايا في الكوفة)  إقامة المتاريس لقتال الشوارع في حملة السفياني أو الغربيين.

وسيأتي ذكر الرايات الثلاث حول المسجد الحرام في حركة الظهور في اختلاف القبال على السلطة قبيل ظهور المهدي  عليه السلام.

أما قتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين، فيستقرب بعضهم انطباقه على أستاذنا الشهيد الصدر قدس سره، وظهر الكوفة هي النجف.

والمذبوح بين الركن والمقام هو النفس الزكية قبيل ظهور المهدي، وهو رسول المهدي عليه السلام  إلى أهل مكة.

وفي الرواية عدة أسماء وكلمات لا يعرف معناها مثل الأسبغ المظفر الذي يقتل في بيعة الأصنام أي في معبد الأصنام، وشياطينه الكثيرين. وأبناء سعد السقاء، وأمير الناس الكاهن الساحر، وغيرها، فقد تكون إضافة أو أسماء أشخاص في ذلك العصر.

ويوجد بعض روايات تذكر أو تشير إلى أن مريم وعيسى عليهما السلام  قد زارا العراق ونزلا القادسية، وبقيا مدة في مكان مسجد براثا قرب بغداد، والله العالم.

أما موضع قبر هود عليه السلام  بالنخيلة فهو معروف قرب النجف في وادي السلام.

ورايات شرقي الأرض هي رايات الخراسانيين الممهدين.

وتفسير الفاروق في الرواية الثانية لابد أن يكون تعليقاً من أحد الرواة دخل في أصل الرواية. وقد يكون مجمع الناس هناك بمعنى أن قوات المهدي عليه السلام تتجمع هناك.

واعلم أن أمثال هذه الرواية إما موضوع، أو هي خطب لرواة وعلماء ضمنوها عدداً من الروايات، ثم نسبت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام!

جيش السفياني إلى الحجاز(جيش الخسف):

سنتعرض في حركة الظهور المقدس إن شاء الله إلى حالة الصراع السياسي التي تحدث في الحجاز، على أثر مقتل حاكمه عبد الله، وعدم اتفاقهم على حاكم بعده، وصراع القبائل الحجازية على السلطة، الأمر الذي يضعف حكومة الحجاز، ويسمح للمهدي عليه السلام  أن يبدأ حركته في مكة ويحررها، ويحكم سيطرته عليها.

ففي هذه المرحلة، وعندما ترى حكومة الحجاز عجزها عن القضاء على حركة المهدي عليه السلام، تقوم هي أو تقوم الدول الكبرى بتكليف السفياني بهذه المهمة، فيوجه قواته إلى المدينة المنورة ثم إلى مكة المكرمة، بينما يعلن المهدي عليه السلام للمسلمين وللعالم بأنه ينتظر المعجزة الموعودة على لسان النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  وهي الخسف بجيش السفياني بالبيداء قرب مكة، وأنه بعد هذه المعجزة سيتابع حركته المقدسة.

بل تذكر بعض الأحاديث أن استدعاء قوات السفياني إلى الحجاز، والحرمين خاصة، يكون قبل بدء حركة ظهور المهدي عليه السلام، وأن جيش السفياني يدخل المدينة المنورة بحثاً عن المهدي وأنصاره ويرتكب فيها الجرائم، وأن المهدي عليه السلام  يكون عند ذاك في المدينة ثم يخرج منها إلى مكة على سنة موسى عليه السلام  خائفاً يترقب، ثم يأذن الله له بالظهور.

وتصف الأحاديث في مصادر الشيعة والسنة دخول جيش السفياني إلى المدينة المنورة عن طريق العراق والشام بأنه دخول كاسح، لا يجد أمامه مقاومة، وأنه يستعمل مع أنصار المهدي وشيعة أهل البيت عليهم السلام نفس طريقته في العراق في القتل والإبادة للكبير والصغير والرجال والنساء!

بل يبدو أن بطشه في المدينة يكون أشد، ففي مخطوطة ابن حماد ص 88، عن ابن شهاب قال: ( يكتب السفياني إلى الذي دخل الكوفة بخيله بعد ما يعركها عرك الأديم، يأمره بالسير إلى الحجاز، فيسير إلى المدينة فيضع السيف في قريش، فيقتل منهم ومن الأنصار أربع مائة رجل، ويبقر البطون، ويقتل الولدان، ويقتل أخوين من قريش رجل وأخته يقال لهما فاطمة ومحمد، ويصلبهما على باب مسجد المدينة).

وتذكر روايات أخرى أن هذا السيد وأخته هم أبناء عم النفس الزكية الذي يرسله الإمام المهدي عليه السلام إلى مكة فيقتلونه في المسجد الحرام قبل ظهوره  عليه السلام  بخمسة عشر ليلة. وأنهما يكونان فارين من العراق من جيش السفياني، ويدلهم عليهما جاسوس يكون معهما من العراق.

وعن الإمام الباقر عليه السلام  قال: (ويظهر السفياني ومن معه حتى لايكون له همة إلا آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم  وشيعتهم، فيبعث بعثاً إلى الكوفة فيصاب بأناس من شيعة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم   قتلاً وصلباً. ويبعث بعثاً إلى المدينة فيقتل بها رجلاً، ويهرب المهدي والمنصور منها، ويؤخذ آل محمد صغيرهم وكبيرهم لا يترك منهم أحد إلا أخذ وحبس، ويخرج الجيش في طلب الرجلين، ويخرج المهدي منها على سنة موسى خائفاً يترقب حتى يقدم مكة). ( البحار ج 52 ص 222).

وفي ص 252 عن السفياني أنه يأتي المدينة بجيش جرار. وجاء في مستدرك الحاكم:4/442، أن أهل المدينة يخرجون منها أمام حملة السفياني.

ويبدو أن المنصور الذي يخرج مع المهدي عليه السلام  هو النفس الزكية محمد، وهو من أصحاب المهدي عليه السلام، وهو الذي يرسله إلى المسجد الحرام ليبلغ رسالته فيقتلونه، ويحتمل أن يكون غيره.

ولا تذكر الأحاديث أماكن أخرى من الحجاز تدخلها قواته غير المدينة، ثم محاولة دخولها مكة. ويبدو أن مدة احتلاله للمدينة لا تطول حتى يرسل جيشه كله أو معظمه إلى مكة فتقع فيه الآية الموعودة، ويخسف بهم جميعاً تقريباً قبيل مكة.

وفي بعض الروايات أن بقاء جيشه في المدينة يكون أياماً فقط، ويبدو أن المقصود من دخوله المدينة تخويف أهلها والبحث عن المهدي عليه السلام، وليس المرابطة فيها أو قربها.

والأحاديث في جيش الخسف كثيرة متواترة في مصادر المسلمين، ولعل أشهرها في مصادر السنة الحديث المروي عن أم سلمة قالت: (قال رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم  يعوذ عائذ بالبيت فيبعث إليه جيش حتى إذا كانوا بالبيداء بيداء المدينة خسف بهم). (مستدرك الحاكم:4/429 والبحار:52/186).

قال صاحب الكشاف في تفسر قوله تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ) (سورة سـبأ:51): (روي عن ابن عباس أنها نزلت في خسف البيداء).

وقال صاحب مجمع البيان: ( قال أبو حمزة الثمالي: سمعت علي بن الحسين والحسن بن الحسن بن علي عليه السلام  يقولان: هو جيش البيداء، يؤخذون من تحت أقدامهم). (البحار:52/ 186).

وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم  ذكر فتنة تكون بين أهل مشرق والمغرب وقال: فبينا هم كذلك يخرج عليهم السفياني من الوادي اليابس في فوره ذلك، حتى ينزل دمشق. فيبعث جيشين جيشا إلى المشرق، وآخر إلى المدينة، حتى ينزلوا بأرض بابل من المدينة الملعونة فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف ويغصبون أكثر من مئة امرأة ويقتلون بها ثلاث مئة كبش من بني (فلان)  العباس. ثم ينحدرون إلى الكوفة فيخربون ما حولها. ثم يخرجون متوجهين إلى الشام فتخرج راية هدى فتلحق ذلك الجيش، فيقتلونهم ولا يفلت منهم مخبر، ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم. ويحل الجيش الثاني بالمدينة فينتهبونها ثلاثة أيام بلياليها، ثم يخرجون متوجهين إلى مكة حتى إذا كانوا بالبيداء بعث الله جبرئيل فيقول يا جبرئيل اذهب فأبدهم. فيضربها برجله ضربة يخسف بهم عندها، ولا يفلت منهم إلارجلان من جهينة). (البحار:52/ 186).

وعن أمير المؤمنين عليه السلام  قال: ( المهدي أقبل، جعد، بخده خال. يكون مبدؤه من قبل المشرق، فإذا كان ذلك خرج السفياني فيملك قدر حمل امرأة تسعة أشهر، يخرج بالشام فينقاد له أهل الشام إلا طوائف مقيمين على الحق يعصمهم الله من الخروج معه، ويأتي المدينة بجيش جرار، حتى إذا انتهى إلى بيداء المدينة خسف الله به، وذلك قول الله عز وجل: (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ). (غيبة النعماني163 والمحجة للبحراني ص 177).

ومعنى قوله  عليه السلام : (أقبل)  أي يقبل عندما يمشي بكل بدنه.

و(جعد)  أي في شعره جعد.

و(مبدؤه من قبل المشرق)  أي مبدأ أمره بدولة الإيرانيين الممهدين له.

(فإذا كان ذلك)  أي فإذا بدأ أمره وقامت دولتهم خرج السفياني. وليس في الحديث تعيين وقت خروجه، وأنه هل يكون مباشرة بعد قيام دولة الممهدين أو بعد سنين طويلة، لكن التعبير يدل على نوع من الترتب والترابط بين دولة الإيرانيين وخروج السفياني، وأن خروجه يكون عملاً موجهاً ضدها كما ذكرنا في أوائل الحديث عن حركته.

وعن حنان بن سدير قال: (سألت أبا عبد الله(أي الإمام الصادق عليه السلام)  عن خسف البيداء فقال: (أَمَاصِهْرا، على البريد، على اثني عشر ميلاً من البريد الذي بذات الجيش)  (البحار:52/181). وذات الجيش واد بين مكة والمدينة، وأماصهرا موضع فيها.

وفي مخطوطة ابن حماد ص90 عن محمد بن علي(الإمام الباقر عليه السلام  ) قال: (سيكون عائذ بمكة يبعث إليه سبعون ألفاً، عليهم رجل من قيس، حتى إذا بلغوا الثنية دخل آخرهم ولم يخرج منها أولهم، نادى جبرئيل: يابيداء يابيداء- يسمع مشارقها ومغاربها- خذيهم، فلا خير فيهم! فلا يظهر على هلاكهم أحد إلا راعي غنم في الجبل، ينظر إليهم حين ساخوا فيخبر بهم. فإذا سمع العائذ بهم، خرج).

وفيها ص 91 عن أبي قبيل قال: ( لا يفلت منهم أحد إلا بشير ونذير، فأما البشير فإنه يأتي المهدي وأصحابه فيخبرهم بما كان من أمرهم، ويكون شاهد ذلك في وجهه قد حول الله وجهه إلى قفاه، فيصدقونه لما يرون من تحويل وجهه ويعلمون أن القوم قد خسف بهم. والثاني مثل ذلك قد حول الله وجهه إلى قفاه، فيأتي السفياني فيخبره بما نزل بأصحابه فيصدقه ويعلم أنه حق لما يرى فيه من العلامة. وهما رجلان من كلب).

وفيها ص90 عن حفصة قالت: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  يقول: يأتي جيش من قبل المغرب يريدون هذا البيت حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم، فيرجع من كان أمامهم لينظر ما فعل القوم فيصيبهم ما أصابهم، ثم يبعث الله تعالى كل امرئ على نيته).

أي أن المجبور على الخدمة في جيش السفياني وإن كان حسابه في الآخرة ليس كالمتطوع بإرادته، ولكنه يخسف به أيضاً.

وفي حديث آخر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم  قال: ( عجبت لقوم مصرعهم واحد ومصادرهم شتى، فقيل كيف ذلك يا رسول الله؟ فقال: ( لأن فيهم المجبور والمستكره والمنتفر)  

أي يموتون في مكان واحد، لكن الله تعالى يحاسبهم في الآخرة على نياتهم، ومنهم المستكره خوفاً على أهله وما شابه، ومنهم المساق جبراً، ومنهم المتطوع المستنفر برغبته.

وفي رواية أن عدد جيش الخسف اثنا عشر ألفاً، وليس سبعين ألفاً. وفي رواية أخرى أنه يخسف بثلثهم، وتحول وجوه ثلثهم إلى أقفيتهم، ويبقى ثلثهم سالمين. (مخطوطة ابن حماد ص90 - 91).

بداية تراجع السفياني:

بعد معجزة الخسف بجيشه في طريق مكة، يبدأ نجم السفياني بالنزول، بينما يأخذ نجم المهدي عليه السلام  بالصعود والتلألؤ.

ولا تذكر الأحاديث دوراً عسكرياً للسفياني في الحجاز بعد حادثة الخسف بقواته، مما يشير إلى أنها تكون القاضية على دوره في الحجاز.

ولكن من المحتمل أن تبقى له قوات في المدينة المنورة تقاتل إلى جانب قوات حكومة (بني فلان) حيث ذكرت الأحاديث أن المهدي عليه السلام يتوجه بعد آية الخسف بجيشه المكون من بضعة عشر ألفاً ويحررها، وقد يخوض معركة مع أعدائه فيها.

ومهما يكن، فإن المهدي عليه السلام  يفتح المدينة المنورة والحجاز ويقضي على مناوئيه، وينهزم جيش السفياني أمامه من الحجاز إلى العراق والشام، حيث تذكر الأحاديث معركة أو أكثر في العراق بين جيش السفياني وجيش المهدي عليه السلام  وأنصاره اليمانيين والخراسانيين.

معركة الأهواز:

الأمر الطبيعي في العراق أن يدخل تحت حكم المهدي عليه السلام   وأنصاره، بعد هزيمة قوات السفياني على يد الممهدين الإيرانيين واليمانيين، وأن تكون هزيمة السفياني في الحجاز بطريق المعجزة عاملاً مساعداً لتحكيم سيطرة أنصار المهدي عليه السلام  على العراق، خاصة أن قوات الممهدين تستقر في العراق بعد أن تهزم قوات السفياني وتبعث ببيعتها إلى الإمام المهدي عليه السلام  في الحجاز.

فعن الإمام الباقر عليه السلام  قال: (تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان (إلى) الكوفة. فإذا ظهر المهدي بعثت إليه بالبيعة). (البحار:52/217)  

ورواه ابن حماد في مخطوطته ص 88: (تنزل الرايات السود التي تقبل من خراسان الكوفة. فإذا ظهر المهدي بمكة بعثت بالبيعة إلى المهدي)

ولكن مع وجود هذه العوامل، توجد روايات تتحدث عن معارك لقوات السفياني في العراق تخوضها هذه المرة مع القوة الموحدة للإمام المهدي  عليه السلام  حيث يعين شعيب بن صالح قائد قوات الإيرانيين قائداً عاماً لقواته عليه السلام   المتكونة في معظمها من قوات الإيرانيين واليمانيين، والبلاد الأخرى.

وتنفرد بعض الروايات بذكر معركة باب إصطخر، وتصفها بأنها ملحمة بين قوات السفياني وقوات المهدي عليه السلام.

وإصطخر مدينة قديمة في جنوب إيران في منطقة الأهواز، كانت عامرة في صدر الإسلام، وما زالت آثارها قرب مدينة(مسجد سليمان)  النفطية.

بل يروى أن مدينة إصطخر بناها بني الله سليمان عليه السلام، وأنه كان يقضي فيها فصل الشتاء. ومسجد سليمان كانت مسجداً بناه هو عليه السلام.

وتحدد روايتان مكان(بيضاء إصطخر) محلاً لتجمع قوات الإيرانيين، وهي تعني منطقة بيضاء في إصطخر، ويبدو أنها منطقة الربوات القريبة من مسجد سليمان التي تسمى بالفارسية (كوه سفيد)  أي الجبل الأبيض.

بل تذكر ثلاث روايات أن الإمام المهدي عليه السلام  عندما يتوجه من المدينة المنورة إلى العراق ينزل أولاً في بيضاء إصطخر فيبايعه الإيرانيون ويخوضون بقيادته معركتهم مع جيش السفياني ويهزمونه.

وعلى أثرها يدخل الإمام المهدي عليه السلام  العراق: (في سبع قباب من نور لايعلم في أيها هو)، كما يأتي في حركة الظهور.

جاء في مخطوطة أن حماد ص86 عن علي عليه السلام قال: (إذا خرجت خيل السفياني إلى الكوفة بعث في طلب أهل خراسان، ويخرج أهل خراسان في طلب المهدي، فيلتقي هو والهاشمي برايات سود على مقدمته شعيب بن صالح. فيلتقي هو وأصحاب السفياني بباب إصطخر فيكون بينهم ملحمة عظيمة، فتظهر الرايات السود وتهرب خيل السفياني. فعند ذلك يتمنى الناس المهدي ويطلبونه).

ومعنى: (فيلتقي هو والهاشمي) يلتقي المهدي عليه السلام  والهاشمي الخراساني قائد قوات الإيرانيين كما تنص الرواية الآتية. أي أن جماهير الإيرانيين يخرجون في طلب المهدي عليه السلام  لكي يبايعوه فيتوجهون إلى جنوب إيران القريب من حدود الحجاز البرية عند البصرة، فيلتقي به قائدهم الهاشمي الخراساني وقواته.

وتذكر رواية أخرى في مخطوطة ابن حماد ص86 أن السفياني في غزوه العراق (يبث جنوده في الآفاق) وهو إشارة إلى سعة نشر قواته في العراق وعلى الحدود العراقية الإيرانية، وهو يساعد على افتراض وجود قوات بحرية للسفياني وحلفائه الروم في الخليج.

وتذكر الرواية التالية مجئ المهدي عليه السلام  إلى جنوب إيران، وتصف معركة باب إصطخر أو بيضاء إصطخر، ولكن في متنها اضطراباً:

(يبث السفياني جنوده في الآفاق بعد دخوله الكوفة وبغداد، فيبلغه فزعة من وراء النهر من أهل خراسان، فيقبل أهل المشرق عليهم قتلاً ( أي على جنود السفياني)  فإذا بلغه ذلك بعث جيشاً عظيماً إلى إصطخر فيلتقي هو (أي السفياني باعتبار قواته) والمهدي والهاشمي ببيضاء إصطخر فيكون بينهما ملحمة عظيمة حتى تطأ الخيل الدماء إلى أرساغها).

وتذكر الرواية الأولى التأثير الكبير الذي يكون لهزيمة جيش السفياني في معركة الأهواز هذه، في تفجير التيار الموالي للمهدي في شعوب المسلمين، حيث يتحركون للالتحاق بالمهدي عليه السلام  ومبايعته: (فعند ذلك يتمنى الناس المهدي ويطلبونه).

وأياً تكن روايات معارك السفياني في العراق بعد الخسف بجيشه في الحجاز، فمما لا شك فيه أنه يدخل في مرحلة التراجع والهزيمة. ويصبح همه المحافظة على منطقة حكمه بلاد الشام، وتقوية خط الدفاع الأخير عن فلسطين والقدس، والإستعداد لمواجهة زحف قوات المهدي عليه السلام .

ولا تذكر له الروايات معارك أخرى مع المهدي عليه السلام  وأنصاره سوى معركة الفتح الكبرى، فتح القدس وتحرير فلسطين، التي يكون فيها نهايته وهزيمة حلفائه اليهود والروم.


source : علي الكوراني العاملي
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

تفضيل الصحابة كثيرة
أهمية التربية في الإسلام
تعدد المذاهب والفرق سمة وحالة لازمة ثابتة في ...
مراتب صلة الرحم
الصراع على السلطة بين الأصهب والأبقع
العلم و المال
ظروف ولادة الإمام المهدي (ع)
زيارة الحسين والمبيت عند قبره
الاستشراق في الميزان
زيارة أئمة البقيع: الإمام جعفر الصادق

 
user comment