يسمون أبناءه، وينسبون إليه نسبة صحيحة، نافعة في الدنيا والآخرة (1).
وأخرج الدار قطني: أن علياً احتج يوم الشورى على أهلها، فقال لهم:
أنشدكم الله هل فيكم أحد أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الرحم مني، ومن جعله صلى الله عليه وسلم، نفسه، وأبناؤه أبناءه، ونساؤه نساءه، غيري، قالوا: اللهم لا (2).
وفي السيرة الحلبية: فلما أصبح صلى الله عليه وسلم، أقبل ومعه حسن وحسين وفاطمة وعلي، رضي الله عنهم، وقال: اللهم هؤلاء أهلي.
وعند ذلك قال لهم (أي لوفد نجران) الأسقف: إني لأرى وجوهاً، لو سألوا الله أن يزيل لهم جبلاً، لأزاله، فلا تباهلوا فتهلكوا، ولا يبقى على وجه الأرض نصراني، فقالوا: لا نباهلك (3).
وروى مسلم في صحيحه بسنده عن صفية بنت شيبة قالت: قالت عائشة خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة، وعليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) * (4).
ورواه الحاكم في المستدرك (5)، والطبراني في الصغير (6)، والزمخشري في الكشاف (7).
____________
(1) تفسير الكشاف للزمخشري 1 / 147 - 148.
(2) أحمد بن حجر الهيثمي: الصواعق المحرقة ص 239 (دار الكتب العلمية - بيروت 1403 هـ/ 1983).
(3) علي بن برهان الدين الحلبي: إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون الشهير بالسيرة الحلبية 3 / 236 (ط الحلبي - القاهرة 1384 هـ/ 1964).
(4) صحيح مسلم 15 / 194.
(5) المستدرك للحاكم 3 / 147.
(6) المعجم الصغير للطبراني 22 / 5.
(7) تفسير الكشاف 1 / 148.
|
|
|
وروى الإمام أحمد بن حنبل في المسند بسنده عن شهر بن حوشب عن أم سلمة قالت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لفاطمة: ائتني بزوجك وابنيك، فجاءت بهم، فألقى عليهم كساء فدكيا، قالت: ثم وضع يده عليهم، ثم قال: اللهم إن هؤلاء آل محمد، فاجعل صلواتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد، إنك حميد مجيد، قالت أم سلمة: فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه من يدي، وقال: إنك على خير (1).
ورواه الطحاوي في مشكل الآثار (2)، والمتقي الهندي في كنز العمال (3)، وذكره السيوطي في الدر المنثور، وقال: أخرجه الطبراني (4).
وفي رواية في المسند أيضاً عن أم سلمة قالت: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم، في بيتي يوماً، إذ قالت الخادم: إن علياً وفاطمة بالسدة، قالت: فقال لي: قومي فتنحي لي عن أهل بيتي، قالت: فقمت فتنحيت في البيت قريباً، فدخل علي وفاطمة، ومعهما الحسن والحسين، وهما صبيان صغيران، فأخذ الصبيين فوضعهما في حجره فقبلهما، واعتنق علياً بإحدى يديه، وفاطمة باليد الأخرى، فقبل فاطمة، وقبل علياً، فأغدق عليهم خميصة سوداء، فقال: اللهم إليك، لا إلى النار، أنا وأهل بيتي، قالت: فقلت: وأنا يا رسول الله، قال: وأنت (5).
وروى الإمام أحمد في الفضائل بسنده عن شداد أبي عمار، قال: دخلت على واثلة بن الأسقع، وعنده قوم فذكروا علياً فشتموه فشتمته معهم، فلما قاموا قال لي: لم شتمت هذا الرجل؟ قلت رأيت القوم شتموه فشتمته معهم، فقال:
ألا أخبرك بما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: بلى، فقال: أتيت فاطمة أسألها
____________
(1) مسند الإمام أحمد 6 / 323.
(2) مشكل الآثار 1 / 334.
(3) كنز العمال 7 / 103.
(4) فضائل الخمسة 1 / 233.
(5) مسند الإمام أحمد 6 / 296.
|
|
|
عن علي، فقالت: توجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلست أنتظره، حتى جاء رسول الله صلى عليه وسلم، ومعه علي وحسن وحسين، آخذاً كل واحد منهما بيده، حتى دخل فأدني علياً وفاطمة فأجلسهما بين يديه، وأجلس حسناً وحسيناً كل واحد منهما على فخذه، ثم لف عليهم ثوبه - أو قال كساء - ثم تلا هذه الآية: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) * ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، وأهل بيتي أحق (1).
ورواه الإمام الطبري في التفسير (2)، والترمذي في صحيحه (3)، والسيوطي في الدر المنثور (4)، ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد (5)، والحاكم في المستدرك (6)، وأحمد في المسند (7).
وروى ابن الأثير في أسد الغابة بسنده عن زبيد عن شهر بن حوشب عن أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم، جلل علياً وفاطمة والحسن والحسين كساء، ثم قال:
اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، قالت أم سلمة: قلت يا رسول الله أنا منهم، قال: إنك إلى خير (8).
ورواه الإمام أحمد في المسند (9).
____________
(1) الإمام أحمد بن حنبل: كتاب فضائل الصحابة 2 / 557 - 578 (ط بيروت 1403 هـ/ 1983 م - نشر - مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي - كلية الشريعة - جامعة أم القرى بمكة المكرمة).
(2) تفسير الطبري 22 / 5 - 6.
(3) صحيح الترمذي 5 / 351، 663.
(4) تفسير الدر المنثور 5 / 198.
(5) مجمع الزوائد 9 / 166.
(6) المستدرك للحاكم 3 / 147.
(7) مسند الإمام أحمد 4 / 107.
(8) أسد الغابة 4 / 110.
(9) مسند الإمام أحمد 6 / 292.
|
|
|
وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال: لما نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى الرحمة هابطة، قال: ادعوا لي، ادعوا لي، قالت صفية، من يا رسول الله؟ قال: أهل بيتي: علياً وفاطمة والحسن والحسين، فجئ بهم، فألقي عليهم كساء، ثم رفع يديه، ثم قال: اللهم هؤلاء آلي، فصل على محمد وعلى آل محمد، وأنزل الله عز وجل: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) * (1).
وروى المتقي الهندي في كنز العمال عن واثلة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، جمع علياً وفاطمة والحسن والحسين تحت ثوبه، وقال: اللهم قد جعلت صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، اللهم إن هؤلاء مني، وأنا منهم، فجعل صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك علي وعليهم، قال واثلة: وكنت على الباب، فقلت: وعلي يا رسول الله بأبي أنت وأمي، قال: اللهم وعلى واثلة، قال أخرجه الديلمي (2).
وروى الهيثمي في مجمع الزوائد بسنده عن واثلة بن الأسقع قال:
خرجت، وأنا أريد علياً، فقيل لي: هو عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأممت إليهم، فأجدهم في حظيرة من قصب، رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلي وفاطمة وحسن وحسين، قد جعلهم تحت ثوب، اللهم اجعل صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك علي وعليهم - قال رواه الطبراني (3).
وروى ابن الأثير في أسد الغابة بسنده عن عطاء عن أم سلمة قالت: في بيتي نزلت * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) *، قالت: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى فاطمة وعلي والحسن والحسين،
____________
(1) المستدرك للحاكم 3 / 147.
(2) كنز العمال 7 / 92.
(3) مجمع الزوائد 9 / 167.
|
|
|
فقال: هؤلاء أهلي، قالت: فقلت: يا رسول الله، أفما أنا من أهل البيت؟ قال:
بلى، إن شاء الله عز وجل (1).
وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يمر ببيت فاطمة ستة أشهر، إذا خرج لصلاة الفجر، يقول: الصلاة يا أهل بيت محمد إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً (2).
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نزلت هذه الآية في خمسة: في وفي علي وحسن وحسين وفاطمة إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت، ويطهركم تطهيراً (3).
وعن أبي سعيد عن أم سلمة، رضي الله عنها قالت: إن هذه الآية نزلت في بيتي، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً، قالت: وأنا جالسة على باب البيت، فقلت: يا رسول الله، ألست من أهل البيت؟ فقال صلى الله عليه وسلم: إنك إلى خير، إنك من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: وفي البيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم (4).
وروى السيوطي في تفسيره قال: أخراج ابن مردويه عن أم سلمة قالت:
نزلت هذه الآية في بيتي إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً وفي البيت سبعة: جبريل وميكائيل عليهما السلام، وعلي وفاطمة والحسن والحسين، وأنا على الباب، قلت: يا رسول الله، ألست من أهل البيت؟ قال: إنك إلى خير، إنك من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم (5).
وروى الطبري في تفسيره عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله
____________
(1) أسد الغابة 7 / 222، 343، المستدرك للحاكم 3 / 146.
(2) أسد الغابة 7 / 223، تحفة الأحوذي 9 / 67 - 68.
(3) تفسير ابن كثير 3 / 773 (بيروت 1986 م).
(4) تفسير الدر المنثور 5 / 198 - 199.
(5) تفسير الطبري 22 / 5.
|
|
|
صلى الله عليه وسلم: نزلت هذه الآية في خمسة: في وفي علي وحسن وحسين وفاطمة إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً (1).
قال: ورواه الهيثمي في مجمعه (1)، والمحب الطبري في الذخائر (2).
وهكذا ثبت بالنص والإجماع: أن أهل البيت إنما هم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسيدة فاطمة الزهراء والإمام علي والحسن والحسين، عليهم السلام، ثبت بالنص - كما رأينا في الأحاديث النبوية الشريفة التي سبق أن ذكرنا بعضاً منها آنفاً - كما ثبت بالإجماع، ذلك لأن الأمة قد اتفقت على أن لفظ أهل البيت إذ أطلق، إنما ينصرف إلى الإمام علي والسيدة فاطمة الزهراء والحسن والحسين وذريتهما، ولو لم يكن فيه إلا شهرته فيهم، لكفى.
ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى عدة نقاط، منها (أولاً): أن هناك من قسم أهل بيت النبي إلى ثلاثة دوائر، الدائرة الخاصة: وهم ذرية فاطمة وعلي إلى يوم القيامة من الحسن والحسين، وهم أهل الكساء والمباهلة، ويسمون كذلك خاصة الخاصة، والدائرة الثانية: هم بنو هاشم والمطلب، ومن ألحق بهم نصاً، وهم الذين تحرم عليهم الزكاة، والدائرة الثالثة: هم الزوجات الطاهرات، أمهات المؤمنين، رضي الله عنهم.
ومنها (ثانياً) أنه مهما اختلف المسلمون في فرقهم، فإن كلمتهم واحدة في أن شجرة النسب النبوي الشريف إنما تنحصر في أبناء فاطمة الزهراء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يعقب إلا من ولدها.
وأما بنو علي - من غير السيدة فاطمة - وبنو عقيل وجعفر والعباس، فإنهم من بني هاشم، جدهم وجد النبي معاً، ولكنهم ليسوا من آل النبي صلى الله عليه وسلم، لأن نسبهم لا ينتهي إليه صلى الله عليه وسلم.
____________
(2) مجمع الزوائد 9 / 167.
(3) ذخائر العقبى ص 24.
|
|
|
ومنا (ثالثاً) أن لقب الشريف أو السيد إنما يطلق على من ينتسب - عن طريق أبيه - إلى ذرية الإمام الحسن أو الإمام الحسين، وقد أخطأ البعض حين نسبوا هذا اللقب إلى كل من ينتسب إلى بني هاشم الكرام.
صحيح أن بني هاشم في الذروة من قريش، بنص الحديث الشريف، الذي رواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة، والقاضي عياض في الشفاء عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أتاني جبريل عليه السلام، فقال: قلبت الأرض مشارقها ومغاربها، فلم أر رجلاً أفضل من محمد، ولم أر بني أب أفضل من بني هاشم (1).
ولكنه صحيح كذلك أن شرف الحسن والحسين عليهما السلام مستمد من سيدة نساء العالمين، السيدة فاطمة الزهراء، بضعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ثم فهما بالتالي بضعة من بضعة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
روى ابن شهرآشوب في مناقبه أن الإمام أبا حنيفة جاء ليسمع من الإمام جعفر الصادق فخرج إليه الإمام جعفر يتوكأ على عصا، فقال أبو حنيفة يا ابن رسول الله، لم تبلغ من السن ما تحتاج معه إلى العصا، قال: هو كذلك، ولكنها عصا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أردت التبرك بها، فوثب أبو حنيفة وقال: أقبلها يا ابن رسول الله.
فحسر أبو عبد الله جعفر الصادق عن ذراعيه وقال له: والله، لقد علمت أن هذا بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن هذا من شعره، فلم لا تقبله، وتقبل العصا.
وهذا يعني أن ذرية الحسن والحسين، إنما هم بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أشرف ولد آدم قاطبة - وليس أشرف بني هاشم فحسب - كما جاء في الأحاديث
____________
(1) القاضي عياض: الشفا بتعريف حقوق المصطفى 1 / 166، أبو نعيم الأصفهاني: دلائل النبوة ص 25 - 26، الإمام أحمد بن حنبل: فضائل الصحابة 2 / 628 - 629، البيهقي: دلائل النبوة 1 / 137، السيوطي: الخصائص الكبرى 1 / 38.
|
|
|
النبوية الشريفة، فلقد روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم، فأنا خيار من خيار من خيار (1).
وبعد:
فالله أسأل أن يجنبنا الزلل، وأن يشملنا برحمته وغفرانه، وأن يعفو عنا - إن أخطأنا - أن يجعل في هذه الدراسة في رحاب النبي وآل بيته الطاهرين بأجزائها التي امتدت حتى أصبح هذا الجزء إنما يمثل فيها الجزء العاشر.
أسأل الله تعالى أن يجعل فيها بعض النفع، ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين وما توفيقي إلا بالله توكلت وإليه أنيب.
وصلى الله على سيدنا ومولانا وجدنا محمد رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته المكرمين.
والحمد لله حمداً يليق بجلاله، ويقربنا إلى مرضاته سبحانه، فيقبلنا - بمنه وكرمه - في أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، عباداً لله قانتين، ولسيدنا رسول الله تابعين، وبهديه وخلقه مقتدين، إنه سميع قريب مجيب الدعوات، رب العالمين.
بولكلي - رمل الإسكندرية في
الثامن من رجب عام 1413 هـ
الأول من يناير عام 1993 م.
____________
(1) صحيح مسلم 15 / 36، صحيح الترمذي 4 / 292، القسطلاني: المواهب اللدنية 1 / 13، القاضي عياض: الشفا بتعريف حقوق المصطفى 1 / 166، البيهقي: دلائل النبوة 1 / 108 - 109، ابن كثير: السيرة النبوية 1 / 191.