عربي
Thursday 26th of December 2024
0
نفر 0

هل يوافق الكتاب المقدس على تعليم الكنيسة بأن المسيح والله تعالى واحد ولا ينفصلان أو يتميزان عن بعضهما مطلقاً؟

السؤال الثاني:

هل يوافق الكتاب المقدس على تعليم الكنيسة بأن المسيح والله تعالى واحد ولا ينفصلان أو يتميزان عن بعضهما مطلقاً؟

إننا نسأل اتباع هذا المعتقد هل يمكن للفرد الواحد أن ينقسم إلى أكثر من جزء، ومع وجود مثل هذه الفرضية، هل يتميز أحدهما عن الآخر، أم أنهم يكونان معاً في مستوى واحد مع العلم والمعرفة والقدرة والمكانة، كما هو الحال لدى علماء اللاهوت وجميع اتباع عقيدة التثليث.

ومع التسليم بهذه النظرية نسأل كيف يصلي المسيح (عليه السلام) لله إذا كان فعلا مساويا له أو جزأ منه كما يجري الإدعاء، فقد ورد عنه في الكتاب المقدس إنه: (تقدم وخرّ على وجهه وكان يصلي قائلاً يا أبتاه إن أمكن

 

 


فالتعبير عني هذه الكأس ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت) متى 26: 39.

لو لم يكن المسيح (عليه السلام) فرداً مغايراً لله، وأقل مرتبة منه تعالى، لما تقدم وخرّ على وجهه وصلى إليه بهذا التواضع والخشوع، ولو كان زعم الكنيسة صحيحاً لأصبحت هذه الصلاة باطلة ودون معنى لأن المسيح (عليه السلام) حينها، يكون قد قدم الصلاة لنفسه، ولكانت مشيئته بالضرورة مشيئة الله عزّوجلّ ولا تهمّه تلاميذه آنذاك والعياذ بالله بالجنون، ولكي تصح الصلاة التي قام بها المسيح عليه لا بد أن نقر ونعترف ببطلان عقيدة الثالوث، والرضوخ للواقع الذي يرضي الله ورسوله بالاعتراف به كمرسل من رب العالمين.

ومن النصوص التي تفصل بين المسيح والله عزّوجلّ ما ورد في إنجيل يوحنا 17: 8 ـ 18 (أجاب يسوع الفرنسيين اليهود في ناموسكم مكتوب إن شهادة رجلين حق أنا هو الشاهد

 

 


لنفسي ويشهد لي الأب الذي أرسلني) وفي هذه الكلمات دليل على انفصال شخصية المسيح عن الله، حيث يقول إن شهادته وشهادة الله اثنتان، مما يستوجب وجود شخصيتين متميزتين.

ولكن هنالك العديد من الأخطاء الفادحة في هذا النص أبرزها..

(1) تشبيه الله تعالى وحصره بشخصية معينة وهي أنه رجل عندما قال: (شهادة رجلين حق أنا هو الشاهد لنفسي (الرجل الأول) ويشهد إلى الأب الذي أرسلني (الرجل الثاني).

(2) إغفال الكاتب الذي يدعي الوحي عن المبدأ الذي يتضمنه الكتاب المقدس حول الشهادة إذ يبطل شهادة المرء لنفسه، وشهادة أبيه أيضاً باطلة، كما هو مبين في يوحنا 5: 31 حيث نقرأ عن المسيح أنه قال: (إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي ليست حقاً

 

 


الذي يشهد لي هو آخر وأنا أعلم إن شهادته التي يشهدها لي هي حق)).. وهكذا تكون هنالك شهادة واحدة وهي لا تجدي نفعاً بحسب دستور الكتاب المقدس إذ نقرأ: (على فم شاهدين أو ثلاثة شهود يقتل الذي يقتل على فهم شاهد واحد) تثنية 17: 6 و 7. وفي العهد الجديد وتحديداً في متى 18: 15 و 16 يقول ما هو مشابه حيث نقرأ (وإن اخطأ إليك أخوك فاذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما إن سمع منك فقد ربحت أخاك وإن لم يسمع فخذ معك أيضاً واحداً أو اثنين لكي تقوم كل كلمة على فم شاهدين أو ثلاثة).. (لمزيد من الوضوح راجع 1 تي 5: 19 وعبرانيين 10: 28.

فهل تسمح أخي القارئ بنسب هذا الجهل لله تعالى، إن القرار في مثل هذه المسائل إنما يرجع للعقل فقط دون أي شيء آخر.

 

 


السؤال الثالث:

إن الكتاب المقدس الحالي وبغض النظر عن تحريفه، يصف المسيح (عليه السلام) بالمخلوق ويؤكد ذلك في كولوسي 1: 15 إذ يصرح قائلاً: (الذي هو (المسيح) صورة الله غير المنظور بكر كل خليقة).

وبحسب دستور الكتاب المقدس، فإن البكر هو المولود الأول وقد جرى استعمال هذا التعبير في أكثر من ثلاثين موضعاً للدلالة على المخلوق الأول من الأشياء الجامدة والمخلوقات الحية سواء كانت بشراً أم لا.

ولكن قد يعترض البعض قائلين، إن المقصود بالبرك أنه الأول من حيث التفوق والتميّز، ولا يعني ذلك أنه جزءاً من الخليقة بل هو الأكثر تميزاً عن المخلوقين كونه الخالق هذا في حال التسليم بصحة النص.

نقول فلماذا لا نقرأ في الكتاب المقدس، إن الروح القدس هو بكر كل خليقة، أو أن الله عزّوجلّ هو بكر كل خليقة؟

 

 


أو ليسوا جميعاً سواء عملاً بعقيدة الثالوث؟

ولكن مثل هذا التعبير لم ينطبق إلا على المسيح عليه السلام، والدليل على خلقه ورد في سفر الرؤيا 1: 1 وهذا نصه: (إعلان يسوع المسيح الذي أعطاه إياه الله.. -.. هذا بقوله الشاهد الأمين بداءة خليقة الله) وعليه فإنه لا يجوز لنا أن ندّعي بأن المسيح عليه السلام هو الخالق مع تأكدنا بأنه بداءة خليقة الله أن المخلوق الأول لديه، مع الاحتفاظ بحق الرفض لهذا النص لعدة أسباب نذكرها لاحقاً.

وللبيان في هذه المسألة (خلق المسيح عليه السلام) دعونا نتأمل في النص المدون في سفر الأمثال 8: 22 إذ نقرأ (الرب قناني أول طريقة من قبل أعماله منذ القدم منذ الأزل مسحت منذ أوائل الأرض إذ لم يكن غمر ابدئت إذ لم تكن ينابيع كثيرة المياه من قبل إن تقررت الجبال قبل التلال ابدت إذ لم يكن قد صنع الأرض بعد ولا البراري ولا أول أعفار المسكونة لما ثبت السماوات كنت هناك أنا.. -..

 

 


كنت عنده صانعاً وكنت كل يوم لذته فرحة دائمة قدامه)..

وبحسب قاموس المنجد صفحة 658: (قنا - قنوا الله لشيء: خلقه، القنا: الخلق) فيكون فعل قناني هو نفسه (خلقني)، والعبارة التي تلفظ بها المسيح عليه السلام في الكتاب المقدس هي: (الرب خلقني أول طريقة من قبل اعماله منذ القدم) وعليه فلا يمكن إن يستوي المخلوق والخالق.

ومن المفردات الدالة على خلقه عليه السلام التعبير الذي ورد في نص الأمثال أكثر من سبع مرات عن لسان المسيح إذ يقول فيه (أبدئت) وهذا ما يحتم وجود من ابدأه، أي خلقه حسب التعبير الأول.

وقد ذكر في نص الأمثال (كنت عنده صانعاً) والسؤال هل يستوي الصانع وسيده؟ حاشا له أن يكون متساويا مع أحد مخلوقات، وما من أحد سواه سرمدي أبدي ولا يجوز أن يشبه جل وعلا بشخص أو بشيء مطلقاً.

 

 


ولكن رغم احتواء الكتاب المقدس لمثل هذه النصوص التوحيدية الرافضة لعقيدة الشرك، يوجد ما هو مدسوس ومبرمج بحيث يؤكد وجود مثل هذه العقيدة حيث نقرأ في رسالة يوحنا الأولى: 5: 7 (فإن الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة الأب والابن والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد) ولكن ما يثير انتباه الباحثين في هذه المسألة هو إن أغلب الترجمات القديمة لا تحتوي مثل هذا التعريف والبعض الآخر يذكر في الحاشية أنه من الاجتهادات التي قد أقرتها الكنيسة المسيحية في القرن الرابع والتي لم تجرؤ على إدخالها ضمن الكتاب المقدس حتى سنة 1811 عندما ظهر هذا النص الأول مرة في الكتاب المقدس كجزء من المحتوى الموحى بحسب تعريف الكنيسة المسيحية واعتقادها.

هذه هي الموانع العقائدية التي تقف وجهاً لوجه أمام

 

 


عقيدة التثليث النصرانية والآن دعونا نناقش الموانع العقلية لمثل هذه العقيدة ضمن بحث بعنوان.

مواجهة العقل لعقيدة الثالوث الأقدس.

إذا افترضنا عقيدة الثالوث كعقيدة إلهية يجب اتباعها والإيمان بمضمونها الفلسفي، الذي يجعل من المسيح عليه السلام وإلهه عزّوجلّ، إلهين متساويين من حيث القدرة والمعرفة والتكوين، والكينونة الكاملة المطلقة، لابد للعقل آنذاك من قبول انطباق الصفات التي يتحلى بها كل منهما على الآخر، بحيث تكون الوحدة في الصفات والأعمال متوفرة حينها، وعليه فلابد لنا من قبول كل من هذه الصفات والأعمال التي انطبقت على المسيح عليه السلام في الكتاب المقدس كما لو أن الله تعالى قام بها وتحلى بها...

(1) (الله) تبارك وتعالى عما يصفون (يأكل ويشرب)..

 

 


ورد في إنجيلي متى ولوقا المسيح إن المسيح عليه السلام الذي = الله عند الثالوثين قد (جاء ابن الإنسان يأكل ويشرب فيقولون هوذا إنسان أكول وشرّيب خمر محب للعشارين والخطاة) متى 11: 19 ولوقا 7: 34..

(2) (الله) المسيح عليه السلام مواطن صالح خاضع للحكم ومطيع للحاكم.. ورد في إنجيل متى 22: 21 (حينئذ ذهب الفريسيّون... فأرسلوا إليه تلاميذهم.. قائلين يا معلم نعلم إنك صادق وتعلم طريق الله بالحق ولا تبالي بأحد لأنك لا تنظر إلى وجوه الناس فقل لنا ماذا تظن أيجوز أن تعطى جزية لقيصر أم لا... فقال لهم أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله). وفي تفسير هذا النص تذكر اللجنة اللاهوتية المؤلفة من حوالي 25 عالماً، في مؤلفها الشهير (التفسير التطبيقي للكتاب المقدس) (فانتماؤنا للدولة يقتضينا دفع الأموال للخدمات والمنافع التي نتمتع بها

 

 


وانتماؤنا لملكوت السماوات يقتضينا أن نقدم لله ولاء نفوسنا وطاعتها). والمسيح قد أطاع الدولة التي كان ينتمي إليها بدليل إنه دفع الجزية لقيصر آنذاك كما هو مدون في إنجيل متى 17: 24: (ولما جاءوا إلى كفرنا حوم تقدم الذين يأخذون الدرهمين الى بطرس وقالوا أما يوفي معلمكم الدرهمين، قال بلى) وبما أن (الله) المسيح عليه السلام دفع الجزية فلم يعد هنالك من فرق بينه وبين كل البشر المحكومين، فهل ترضى أخي القارئ بنسب هذا الواقع إلى الله تعالى..

(3) (الله) للمسيح عليه السلام سلسلة نسب بشرية، فهو منحدر من إبراهيم عليه السلام كما هو مدون في إنجيل متى 1: 1 (سلسلة كتاب ميلاد يسوع المسيح (الله) ابن داود ابن إبراهيم إلخ)... فهل يعقل أن يكون الخالق الأوحد منحدر من سلالة بشرية، وله آباء

 

 


وأجداد كما يقتضينا الدليل العقلي أن نعتقد عند اتباع عقيدة الثالوث..

(4) (الله) المسيح عليه السلام يولد من امرأة، وفي مذود داخل مغارة، حيث لم تجد أمه والعياذ بالله لها مكاناً تلد فيه كما ورد في إنجيل لوقا 2: 6 حيث نقرأ: (وبينما هما هناك (في بيت لحم) تمت أيامها لتلد فولدت ابنها البكر وقمّطته وأضجعته في المذود إذ لم يكن لهما موضع في المنزل) هذا النص يعطي دلالة واضحة على ولادة (الله) من امرأة، وفي بلدة صغيرة تدعى بيت لحم ولم يجد له مكاناً يأويه وهو رب السماوات والأرض وما بينهما، وقد أخذوا من هذه الحادثة ما يرنموه في الصلاة المريمية التي تنص..

(السلام عليك يا مريم يا ممتلئة نعمة، الرب معك، مباركة أنت في النساء ومباركة ثمرة بطنك سيدنا يسوع المسيح، يا قديسة مريم يا والدة الله صلي لأجلنا نحن الخطأة

 

 


الآن وفي ساعة موتنا... آمين) وهكذا انتشرت هذه العقيدة في أرجاء الشارع المسيحي على أنها موثقة من الكتاب المقدس، فأصبحت جزئاً لا يتجزأ منه..

(5) (الله) المسيح عليه السلام رضع من ثدي امرأة بشرية.. ورد في إنجيل لوقا 11: 27 و 28 ما نصّه (وفيما هو يتكلم في هذا رفعت امرأة صوتها من الجميع وقالت له طوبى للبطن الذي حملك والثديين اللذين رضعتهما) إن هذه المرأة حسب ما جاء في الرواية وقفت أمام الجميع وقالت للمسيح عليه السلام (الله) حسب مفهوم الكنيسة طوبى للبطن الذي حملك والثديين اللذين رضعتهما ولم يرد عليها بالنفي لهذه المسألة، مما يؤكد حدوثها فقد كان عليه السلام معلماً لا يغفل عن أي أمر صغير كان أو كبير إلا ووضحه للمشتبهين.

 

 

 


عدا إن مسألة ولادته ونموه المذكورة في الكتاب المقدس تقتضي تناوله الغذاء عبر هذه الطريقة، كما هو معروف في العرف العام.

(6) (الله) المسيح عليه السلام لا يجد لنفسه مسند رأس، فهو فقير ومعوز ومع ذلك خالق الكون ومبدع الوجود ومسكن الناس في قصور وبروج، فقد ورد في إنجيل متى 8: 20: (فقال له يسوع (الله) للثعالب أو جرة ولطيور السماء أو أوكار أما ابن الإنسان (المسيح = الله) فليس له أن يسند رأسه). إن هذا النص يوضح مدى فقر وعوز (الله) بحسب تعريف الثالوث فهل يتقبل العقل أن تكون حال من يبسط الرزق لمن يشاء من عباده هي هذه...

(7) (الله) المسيح عليه السلام يصلي ويتعبد ليلاً ونهاراً... ورد في إنجيل مرقص 1: 35 إن المسيح (الله)

 

 


كما تعرفه الكنيسة (في الصباح الباكر قام وخرج ومضى إلى موضع خلاء وكان يصلي هناك فتبعه سمعان والذين معه) وهنا يقتضي العقل أن تطرح عدة أسئلة منها.

إذا كان هو (الله) فلمن كان يصلي؟ وهل يصلي الآلهة المتشابهون الذين يفرضهم الثالوث واحدهم للآخر؟ ولماذا يصلي الآلهة ومن الذي يتقبل صلواتهم ويرفضها؟ وهل يعقل أن يكون هنالك عدة آلهة وبالتالي عدة قرارات قد تتفاوت غالباً؟ إن الإجابة على هذا الكم من الأسئلة المطروحة وغيرها إنما هو مدون في الكتاب المقدس الحقيقي ونترك مسؤولية البحث عن الأجوبة إلى القارئ،

 

 


وإلى العقل المودع به من الله تعالى كحجة يوم القيامة.

(8) (الله) المسيح عليه السلام يحتاج إلى وسيلة نقل كي يذهب إلى المكان الذي يريده.. إن يوحنا يذكر لنا في إنجيله عن تلك الأداة المستعملة من قبل المسيح عليه السلام (الله) إذ يقول: (ووجد يسوع (الله) جحشا فجلس عليه كما هو مكتوب لا تخافي يا ابنة صهيون هوذا ملكك يأتي جالسا على جحش أتان) يوحنا 12: 14.. وصلت بنا الأمور إلى أن ننسب إلى الله تعالى أنه تنقل بواسطة جحش والعياذ بالله، وهو الذي لا يحد ولا يحصر، فهو في كل مكان وفي أي زمان، ولم يره أحد قط كما يقول الكتاب المقدس في يوحنا 1: 18 (الله لم يره أحد قط) فكيف يكون المسيح عليه السلام هو نفسه الله وقد رأته الملايين

 

 


من المخلوقات... ولماذا نضع أنفسنا في الهلاك؟ فقط لتثبت إن النظرية الأفلاطونية صائبة وصحيحة...

(9) (الله) المسيح عليه السلام يسأل ويتعلم من المعلمين بإصغاء وشغف.. ورد في إنجيل لوقا 2: 45 (ولما لم يجداه (المسيح) رجعا إلى أورشليم يطلبانه وبعد ثلاثة أيام وجداه في الهيكل جالسا في وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم) إلى 52 (وأمد يسوع فكان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس) والسؤال هل يحتاج الله تعالى إلى المعرفة وهو كامل المعرفة؟ وهل كان الله تعالى في تلك الفترة، قليل الحكمة وقصير القامة ومعدوم النعمة، فتنموا لديه شيئا بعد شيء

(10) (الله) المسيح عليه السلام يجرب من إبليس اللعين..

نقرأ في إنجيل مرقص 1: 12 و13 إحدى

 

 


أغرب الروايات المدونة في الكتاب المقدس، حيث نسب إلى المسيح عليه السلام، أنه جرّب من إبليس اللعين فترة أربعين يوم، وهذا نصها (وللوقت أخرجه الروح إلى البرية وكان هناك في البرية أربعين يوماً يجرّب من الشيطان وكان مع الوحوش وصارت الملائكة تساعده).

فضلاً عن استحالة تطبيق هذا النص على الله عزّوجلّ، فإنه لا يجوز أيضاً أن ينسب للمسيح عليه السلام لعدة أسباب أبرزها..

(أ) كون المسيح عليه السلام نبياً من عند الله، مما يوجب عصمته عن أي خطأ، فلا يعود هنالك من مبرر للتجربة التي تعرض لها.

(ب) كون الله تعالى لا يسمح بتجريب أنبيائه، سيما من إبليس اللعين..

(ج) لأن الشيطان لا يستطيع الاقتراب من عباد

 

 


الله المخلصين، فما بالك الأنبياء المعصومين..

فقد ورد في القرآن الكريم أن الشيطان توعد وهدد بإغواء جميع البشر باستثناء العباد المؤمنين المخلصين الذين لا يتأثرون بإغواءات الشيطان وأساليبه الماكرة إذ تقرأ في سورة الحجر 40 (... ولأغوينّهم أجمعين (39) إلا عبادك منهم المخلصين (40)) فهل كان قادراً على إغوائهم ولم يرد ذلك؟ كلا على الإطلاق فهو يمثل قوى الشر التي لا تهاب شيئاً سوى قوى الخير والإيمان المزروعة داخل أولئك العباد المؤمنين.

وإذا افترضنا أن المسيح هو الله تعالى كما تزعم الكنيسة، لابد لنا من حذف هذا النص من الكتاب المقدس لأنه يتنافى مع ما ورد في يعقوب 1: 13 حيث يقول: (لأن الله غير مجرب بالشرور وهو لا يجرب أحداً) فكيف تستطيع الكنيسة أن تجمع بين

 

 


النقيضين، وتثبت أن الله تعالى قد جرب من إبليس اللعين الذي هو أصل كل الشرور وإنه في نفس الوقت لا يجرب بالشرور كما ورد أعلاه...

(11) (الله) المسيح عليه السلام يعترف ويندم ويعتمد من يوحنا المعمدان فهل تقبل أخي القارئ بهذا الواقع الذي تفرضه عقيدة التثليث؟

ولعدم الإطالة سوف نذكر المواضع والعناوين الرئيسة دون استعراض محتوى النصوص...

وسوف ننسب الأعمال إلى الله تعالى ناقلين بأمانة ما يدعيه اللاهوتيون.

(الله) ضعيف مسلوب القوة لا إرادة له في تحديد مصيره (لوقا 22: 43) وهو يفرز العرق وكأنه قطرات دم نازلة على الأرض من شدة حاجته (العدد44 من نفس الإصحاح)..

 

 


(الله) يسعى في خراب الأمم وقد هدف من مجيئه إلى الأرض، إلى التخريب والتفريق وإشعال الفتنة (متى 20: 32) مثل هذا لا يمكن أن ينسب للمسيح أيضا كونه يتعارض مع تعاليه التي كانت تدعو إلى المحبة والتسامح وضبط النفس.

(الله) عنصري وحقود فقد أتى إلى اليهود فقط دون سواهم من الناس، ووصف كل من كانوا في عهده من غير اليهود والعياذ بالله بالكلاب، (متى 15: 26).

(الله) ملك لشعب إسرائيل، وبالتالي إلها لهم فقط وليس رب العالمين.. (متى 2: 2) يوحنا (12: 13) مما يجعل من الله تعالى عنصريا يفضل شعب إسرائيل على سائر الشعوب بينما تجد

 

 


القرآن الكريم يقول: (إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم) وفي الحديث الشريف (لا فرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى) فلا فرق بين شعب وآخر إلا بالإيمان والتقوى وكل كتاب يدعي التحيز العنصري ليس من الله تعالى...

(الله) يضرب من أحد الخدام ولا يدافع عن نفسه عاجزاً.. (يوحنا 18: 22)..

(الله) يجوع ويعطش، يتعب وينام، ويصوم ليكفر عن ذنوبه وسواها من الصفات البشرية الناشئة عن ضعف الإنسان.. (يوحنا 19: 28 العطش) (متى 4: 2) الجوع) (متى 8: 22 النوم) (لوقا 18: 23 النتعب).

(الله) يحاكم على أيدي البشر، ويحكم عليه بالموت صلباً والأغرب أن الحكم ينفذ (مرقص 15: 37).

 

 


الخلاصة:

إذا أردنا أن نؤمن بالثالوث لابد لنا أن نرضخ للواقع الذي يفرضه علينا، أي ان الله تعالى له سيرة حياة بشرية عادية، فقد ولد من امرأة صالحة، وكان ينمو ويتقدم في القامة والمعرفة والعلوم، نتاج تلقينه الدروس من قبل الكهنة في حينه، وبقي هكذا حتى بلوغه سن الثلاثين سنة، فكرس وقته وعلمه لهداية الناس وإرشادهم لما فيه الخير والصلاح والسعادة في الدارين الدنيا والآخرة، كان (الله) كالبشر يأكل ويشرب يجوع ويعطش يتعب وينام، والأغرب أنه يصوم ليكفر عن ذنبه، وقد جربه إبليس اللعين أربعين ليلة، وقد أعلن نفسه إلهاً لليهود فقط دون سائر البشر وبالتالي هو إله اليهود وليس رب العالمين، إذ احتقر جميع الأمم غير اليهودية واصفاً إياهم بـ (الكلاب) والعياذ بالله، وبعد هذه التضحيات العظيمة

 

 


التي قدمها للشعب اليهودي، يقتل صلباً منهم تقديراً لجهوده المبذولة في سبيل إرضائهم ثم يقوم من الموت في اليوم الثالث ويصعد إلى السماء ليعد نفسه للرجوع، هادفاً إبادة أعدائه الذين تفوقوا عليه أول مرة.

وأن القرار يعود إليك أخي القارئ لتحدد ما إذا كان هذا الواقع معقولا لديك، وأما رأي المسيح عليه السلام من هذه العقيدة، فقد أظهره بوضوح عندما قال: (لأني أعطيتكم مثالاً... الحق الحق أقول لكم أنه ليس عبد أعظم من سيده ولا رسول أعظم من مرسله) يوحنا 13: 15 و 17.

وقد أعلن نفسه كرسول من الله عندما قال (لم آتي لأفعل مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني) يوحنا 6: 38.. ورأي الله تعالى مدون في القرآن الكريم إذ يقول:

(ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمّه صديقة) سورة المائدة الآية / 75 /.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الموت أفضل من الحياة
المعاد و التقية
ثقافة (التسخيت)
أنّه تعالى مريدٌ ومن صفات كماله إرادته
وأما الصفات السلبية -2
أزواجاً من أنفسکم
اليوم الآخر في القرآن الكريم
الجبر والاختيار
حديث المنزلة ق(4)
[فصل ] [مذهب العباسية وانقراضهم ]

 
user comment