عربي
Monday 25th of November 2024
0
نفر 0

النظرة البترا للدين :

النظرة البترا للدين :

رافقت الاديان السماوية بشكل عام ظاهرة خطيرة تجنح الى فصل الدين عن الحياة , والاقتصار على الامور العبادية الفردية التي لا علاقة لها بالمجتمع والامور التي تحيط بالانسان .
وقـد اخـذت هذه الظاهرة المجال الاوسع لها من الدين الاسلامي ايضا , ومنذبدايات التشريع , من خـلال ظـهور دعوات متعددة ومتكررة , لازال الواقع الاسلامي يعاني من رواسبها ومخلفاتها الشي الكثير.
وكـان لـلـظـروف الـسـياسية والحكومات التي تمرت على الاسلام الدخل الكبير في تشجيع هذه الـظاهرة , والايحا الى المسلمين بان الدين لا يعني اكثر من الصلاة والدعاواقامة الشعائر العبادية الاخرى , واما شؤون المجتمع والحياة والادارة والحكم فهي من وظائف الحكام والامرا , ولا دخل للتشريع بها , ولا يحق لهم التدخل فيها.
ولـذا نجد ان هذا السلوك الديني الشاذ , يجد في مختلف العصور الدعم السياسي الكامل , والارضية المهيئة لانتشاره , واتساع نطاق تاثيره من قبل حكومات الجوروالضلال , لان الامر لا يقتصر فيه على عدم التقاطع مع تلك الحكومات , وعدم تهديدمصالحها من قريب او بعيد فحسب , وانما نجد انه يقدم الخدمات الكبيرة لها في اغلب الاحيان .
ومـن غـيـر شـك ان الـدين الاسلامي الذي يدعو الفرد الى ان يدخل في غمار الحياة ,ويتفاعل مع المجتمع باالاخذ والعطا , ويغير وجه الحياة الى ما هو افضل دائما , ويوجههانحو الفضيلة والطهر والـصفا .. يحارب هذه الظاهرة بقوة , ويؤكد على استئصالها وقلعهامن الجذور , ويعدها من اخطر الظواهر التي تهدد الشريعة بالانزوا والتلاشي والاضمحلال .
ولذا نجد ان الاسلام قد دعى الى ان ياخذ الانسان نصيبه من هذه الحياة , عن طريق السلوك المحلل , وان يعطي لكل عضو من اعضائه حظا من الراحة , وان يهب لنفسه حقها من الالتذاذ بما اباحه اللّه لعباده من طيبات الرزق , وجعله بذلك مقوما لحركة الانسان التكامليه نحوه عزوجل , قال اللّه تعالى :
.
( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد ) ((243)) .
وقـال تـعـالى ( قل من حرم زينة اللّه التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة ) ((244)) .
فشجب الاسلام حالة الرهبنة , والقسوة بحق النفس , وتحميلها المشاق والصعوبات البالغة , ووجه الـمـجتمع نحو السلوك المتوازن , الذي يحفظ حق اللّه تعالى وحق النفس معا , ولا يناى عن الحياة الاجتماعية , ويغرق في الاذكار والاوراد والعبادات المحضة , الخالية من النفع والعطا.
وفـي الحقيقة ان هذه التوسعة تعبر عن احد المقومات الاساسية التي تساهم في اثرا حركة الانسان الـتـكـامـلـية نحو اللّه تعالى , واعطائها صورة متكافئة , لا تتحجم في الجانب العبادي وتنعزل عن دورها في الحياة بشكل مطلق , ولا تنساب مع الزخارف والملاذ من دون قيود.
وهناك دواع عديدة تؤدي الى نشؤ حالة ( الرهبنة ) , والانقطاع للعبادة ,والانزوا عن الحياة , من ابـرزهـا الخوف من الدخول في شؤون الحكم والسياسة ,والتجبجب عن ممارسة الامر بالمعروف والـنهي عن المنكر والجهاد , والابتعاد عن سطوة الظالمين , وبطشهم , وارهابهم , ومما يصلح ان يكون مؤشرا على ذلك ما رواه الطبرسي في ( مجمع البيان ) عن ابن مسعود انه قال :
(( كـنـت رديـف رسـول اللّه (ص ) على حمار , فقال : يا ابن ام عبد اسرائيل الرهبانيه ؟ فقلت : اللّه ورسوله اعلم , فقال : ظهرت عليهم الجبابرة بعد عيسى , يعملون بـمـعـاصي اللّه , فغضب اهل الايمان , فقاتلوهم , فهزم اهل الايمان ثلاث مرات , فلم يبق منهم الا القليل , فقالوا : ان ظهرنا لهؤلا افنونا ولم يبق للدين احد يدعواليه , فتعالوا نتفرق في الارض , الى ان يـبـعـث اللّه الـنـبـي الذي وعدنا به عيسى ـ يعنون محمدا(ص ) ـ فتفرقوا في غيران الجبال , واحدثوا رهبانية , فمنهم من تمسك بدينه , ومنهم من كفر , ثم تلا هذه الاية : ( ورهبانية ابتدعوها مـا كـتـبناها عليهم الا ابتغا رضوان اللّه فما رعوها حق رعايت هـا فتينا الذيـن آمنوا منهم اجرهم ((245)) اتدري ما رهبانية امتي ؟ قلت : اللّه , ثم قال (ص ) : يا ابن ام عبد ورسوله اعلم , قال : الهجرة والجهاد والصلاة والصوم والحج والعمرة .. )) ((246)) .
ومـن الـدواعـي الاخـرى لنشؤ الرهبنة , المشاكل النفسية , والازمات الروحية , اوالانتكاسات الاجـتماعية التي قد يصاب بها الانسان في حياته , فقد يضطره ذلك الى الانزوا , ومل الفراغ الذي يعيش فيه , بالذكر والعبادة والدعا , وقد روي في هذاالشان عن انس انه قال :
(( توفي ابن لعثمان بن مضعون , فاشتد حزنه عليه , حتى اتخذ من داره مسجدايتعبد فيه , فبلغ ذلك رسـول اللّه (ص ) , فـقال له : يا عثمان ان اللّه تبارك وتعالى لم يكتب علينا الرهبانية , انما رهبانية امتي الجهاد في سبيل اللّه )) ((247)) .
وذكر الكراجكي في كنز الفوائد ما يشير الى هذا المعنى ايضا حيث يقول :
(( لقد اضطررت يوما الى الحضور مع قوم من المتصوفين , فلما ضمهم المجلس ,اخذوا فيما جرت بـه عـادتـهـم مـن الغنا والرقص , فاعتزلتهم الى احدى الجهات , وانضاف الي رجل من اهل الفضل والديانات , فتحادثنا ذم الصوفية على ما يصنعون , وفساداغراضهم فيما يتناولون , وقبح ما يفعلون مـن الـحـركة والقيام , وما يدخلون على انفسهم في الرقص من الالام , فكان الرجل لقولي مصوبا , وللقوم في فعلهم مخطئا.
ولم نزل كذلك الى ان غنى مغني القوم هذه الابيات :
وما ام مكحول المدامع ترتعى ـــــترى الانس وحشاوهي تانس بالوحش .
فلم تلف شيئا من قوائمه الخمش ـــــغدت فارتعت ثم انتشت لرضاعه .
سباع الفلا ينهشنه ايما نهش ـــــفطافت بذاك القاع ولها فصادمت .
تودعني بالدر من شبك النقش ـــــباوجع مني يوم ظلت انامل .

فـلما سمع صاحبي ذلك نهض مسرعا مبادرا , ففعل من القفز والرقص والبكاواللطم ما يزيد على ما فعله من قبله ممن كان يخطئه ويستهجنه , واخذ يستعيد من الشعرما لا يحسن استعادته , ولا جرت عادتهم بالطرب على مثله وهو قوله :
فطافت بذاك القاع ولها فصادفت ـــــسباع الفلا ينهشنه ايما نهش .
حـتى بلغ من نفسه المجهود , ووقع كالمغشي عليه من الموت , فحيرني ما رايت من حاله , واخذت افكر في افعاله المضادة , لما سمعت من اقواله , فلما افاق من غشيته , لم املك الصبر دون سؤاله عن امـره , وسبب ما صنعه بنفسه , مع تجهيله من قبل لفاعله ,وعن وجه استعادته من الشعر ما لم تجر عـادتهم باستعادة مثله , فقال لي : لست اجهل ماذكرت , ولي عذر واضح فيما صنعت , اعلمك ان ابي كـان كاتبا , وكان بي برا وعلي شفيقا ,فسخط السلطان عليه فقتله , فخرجت الى الصحرا لشدة ما لحقني من الحزن عليه ,فوجدته ملقى والكلاب ينهشون لحمه , فلما سمعت المغني يقول :
فطافت بذاك القاع ولها فصادفت ـــــسباع الفلا ينهشنه ايما نهش .
ذكـرت مـا لـحـق ابي , وتصور شخصه بين عيني , وتجدد حزنه علي , ففعلت الذي رايت بنفسي )) ((248)) .
وقـد يكون في نفس هذه الاتجاه ما رواه ابو سلمان الداراني عن الربيع بن خثيم :(( انه كان جالسا عـلى باب داره اذ جاه حجر فصك جبهته فشجه فجعل يمسح الدم ويقول : لقد وعظت يا ربيع , فقام ودخل داره , فما جلس بعد ذلك على باب داره حتى اخرجت جنازته )) ((249)) .
وقد تبطن ظاهرة الاعتزال والرهبنة برغبة الخلوة باللّه تعالى , والانفراد به , الفرارمن مخالطة الـناس , التي تكدر ـ على زعمهم ـ صفو هذا الانفراد , وتقطع الانسان عن مزاولة عباداته بالشكل المطلوب .
ولـعـل اكـثـر ظواهر الرهبنة والاعتزال تبتني اساسا على هذا الهدف , وترفع شعارالدعوة اليه وتبرير الموقف من خلاله .
فيذكر الغزالي في ( الاحيا ) عن بعض الصالحين انه قال : (( بينما انا اسير في بعض بلاد الشام , اذا انـا بـعابد خارج من بعض تلك الجبال , فلما نظر الي تنحى الى اصل شجرة ,وتستر بها , فقلت :
سـبـحان اللّه قـلـبي في الصبر عن الدنيا واهلها , فطال في ذلك بقائي , وفني فيه عمري , فسالت اللّه تعالى ان لا يجعل حظي من ايامي في مجاهدة قلبي , فسكنه اللّه عن الاضطراب , والفه الوحدة والانفراد , فلما نظرت اليك خفت ان اوقع في الامر الاول :فاليك عني , فاني اعوذ من شرك برب العارفين وحبيب القانتين .. )) ((250)) .
ولما بنى عروة قصره بالعقيق , ولزمه , ولم يخرج منه , قيل له : (( لزمت القصر ,وتركت مسجد رسـول اللّه (ص ) , قال : رايت مساجدكم لاهية , واسواقكم لاغية ,والفاحشة في فجاجكم عالية , وفيما هنالك عما انتم فيه عافية )) ((251)) .
ويـنـقـل عن سفيان بن عيينة انه قال : (( لقيت ابراهيم بن ادهم في بلاد الشام فقلت له : يا ابراهيم تـركت خراسان , فقال : ما تهنات بالعيش الا هنا , افر بديني من شاهق الى شاهق , فمن رآني يقول :
موسوس او حمال او فلاح )) ((252)) .
وقال الفضيل : (( اذا رايت الليل مقبلا فرحت به , وقلت : اخلو بربي , واذا رايت الصبح ادركني , استرجعت كراهية لقا الناس , وان يجي من يشغلني عن ربي )) ((253)) .
وقال الربيع بن خثيم : (( ان استطعت ان تكون في موضع لا تعرف ولا تعرف فافعل )) ((254)) .
وقـال وهـيـب بن الورد : (( بلغنا ان الحكمة عشرة اجزا , فتسعة منها في الصمت ,والعاشرة في عزلة الناس )) ((255)) .
وقـال الـفضيل ايضا : (( اني لاجد للرجل عندي يدا , اذا لقيته ان لا يسلم علي ,واذا مرضت ان لا يعودني )) ((256)) .
وقد تعود ظاهرة الرهبنة والاعتزال في بعض مظاهرها وحالاتها الى الجهل الذي تمت الاشارة اليه عند ذكر العامل الاول من العوامل التي ادت الى نشؤ البدع في حياة المسلمين , او الى غير ما ذكرناه من دواع ومسببات .
وعـلى اية حال فنحن في غنى لان نستغرق في الرد على هذا النمط من التفكيروالسلوك , المخالف لصريح النصوص الشرعية القطعية , الواردة بشان حث الانسان على التعامل والاختلاط مع باقي ابنا الـبـشـر , وادا الـدور الـرسالي الملقى على عاتقه ,ومواصلة الناس , وبرهم , والاحسان اليهم , والـصـبـر عـلى آذاهم , ومداراتهم بالخلق الحسن , والهدي الطيب , والتاثير فيهم بالكلمة الطيبة والـموعظة الحسنة .. كما ان هذاالسلوك المتطرف يخالف الاهداف العليا لايجاد الانسان على وجه هذه الارض ,والغايات التي من اجلها انزلت الشرائع , وبعث الانبيا , وتظافرت الاديان , فكيف يمكن للانسان الذي يمثل المخلوق المنتقى لخلافة اللّه على وجه الارض ووراثتها ان يمارس سلوكه فى الحياة , ويدرك هذه الاهداف , وهو يعيش في زوايا المجتمع , ويسيرعلى هامش الزمن , ولا يحسن من الدين الا الاذكار والاوراد المجردة , ولا يمنح المجتمع الذي يعيش فيه املا يرتجى , او عطاا يذكر؟.
وهـل يـمكن ان يكون هناك من هو اكثر قداسة واشدا قربا الى اللّه تعالى من صاحب الرسالة (ص ) الـذي كـان يجسد السلوك الامثل , ويمارس كل ما يمكن ان تترقبه الشريعة من اهداف وابعاد , ولا يـتـسـنـى لـنا ان نتصور انـه (ص ) قد تخطى طموحا قدامرت به الشريعة , او تجاوز كمالا من كمالاتها وقيمها بشكل مطلق , فسيرة النبي الاكرم (ص ) حافلة بالممارسات الاجتماعية المتنوعة , كـمـا هـي حـافـلة كذلك بالابعادالروحية والعبادية المثلى , وهو يمثل بجمعه بين هذين الجانبين السلوك الامثل الذي امرت الشريعة به , وحثت عليه .
اضـف الـى ان الـشريعة الاسلامية لم تلغ الخلوة والانفراد للعبادة بشكل كامل ,وانما ندبت الانسان الـمـسـلـم الـى بعض الممارسات العبادية التي تسير به في اتجاه تربية الروح وتهذيبها وتعرضيها للنفحات الالهية , ويعد ( الاعتكاف ) من ابرز العبادات التي تلبي هذه الغاية , وتعكس هذا الاهتمام , فـهـو يـمـثل في مرتكزاته التشريعية وفلسفته الدينية النقاط المضيئه التي تتخلل مسيرة الانسان الروحية نحو اللّه سبحانه وتعالى ,فتمنح سلوكه عزما مستئنفا , ونشاطا ودابا جديدين .
والان نـحـاول ان نـستعرض جملة من البدع والمواقف المحدثة التي ظهرت في الحياة الاسلامية بسبب هذه النظرة القاصرة الى الدين :
1 ـ (( روي ان سلمان الفارسي (رض ) جا زائرا لابي الدردا فوجد ام الدردامبتذلة , فقال : ما شانك ؟ قالت : ان اخاك ليست له حاجة في شي من امر الدنيا.
فـلما جا ابو الدردا رحب بسلمان وقرب اليه طعاما , فقال لسلمان اطعم , فقال :اني صائم , قال [ ابو الدردا ] : اقسمت عليك الا ما طعمت , فقال [ سلمان ] : ما انا بكل حتى تاكل .
وبات عنده , فلما جا الليل قام ابو الدردا , فحبسه سلمان , وقال : يا اباالدردا , ان لربك عليك حقا , وان لـجـسدك عليك حقا , ولاهلك عليك حقا , فصم وافطر , وصل ونم , واعط كل ذي حق حقه , فاتى ابو الدردا النبي (ص ) , فاخبره بما قال سلمان , فقال له مثل قول سلمان )) ((257)) .
2 ـ روي عن جعفر بن محمد الصادق (ع ) عن آبائه (ع ) انه قال :
(( كـان رسـول اللّه يـاتي اهل الصفة , وكانوا ضيفان رسول اللّه (ص ) , كانوا هاجروامن اهاليهم وامـوالهم الى المدينة , فاسكنهم رسول اللّه (ص ) صفة المسجد , وهم اربعمائه رجل , فكان يسلم عـلـيـهم بالغداة والعشي , فاتاهم ذات يوم , فمنهم من يخصف نعله ,ومنهم من يرقع ثوبه , ومنهم من يتفلى , وكان رسول اللّه (ص ) يرزقهم مدا مدا من تمر في كل يوم .
فـقام رجل منهم فقال : يا رسول اللّه اما اني لو استطعت ان اطعمكم الدنيا لاطعمتكم , ولكن من عاش منكم من بعدي , يغدى عليه بالجفان , ويـراح عـلـيه بالجفان , ويغدو احدكم في قميصه ,ويروح في اخرى , وتنجدون بيتوتكم , كما تنجد الكعبة .
فقام رجل فقال : يا رسول اللّه انا الى ذلك الزمان بالاشواق قـال (ص ) : زمـانـكـم هـذا خـير من ذلك الزمان , انكم ان ملاتم بطونكم من الحلال ,توشكون ان تملؤوها من الحرام .
فقام سعد بن اشج فقال : يا رسول اللّه ما يفعل بنا بعد الموت ؟ قال (ص ) : الحساب والقبر , ثم ضيقه بـعد ذلك , او سعته , فقال : يا رسول اللّه هل تخاف انت ذلك ؟فقال (ص ) : لا ولكن استحي من النعم الـمتظاهرة التي لا اجازيها ولا جزا من سبعة ,فقال سعد بن اشج : اني اشهد اللّه , واشهد رسوله , ومـن حـضـرنـي , ان نـوم الليل علي حرام , والاكل بالنهار علي حرام , ولباس الليل علي حرام , ومـخالطة الناس علي حرام واتيان النسا علي حرام , فقال رسول اللّه (ص ) : يا سعد لم تصنع شيئا , كـيـف تـامـربـالـمـعروف , وتنهى عن المنكر , اذا لم تخالط الناس , وسكون البرية بعد الحضر كـفـرللنعمة , نم بالليل , وكل بالنهار , والبس ما لم يكن ذهبا , او حريرا , او معصفرا ,وآت النسا )) ((258)) .
3 ـ (( روي ان رجلا اتى الجبل ليتعبد به , فجي به الى رسول اللّه (ص ) فقال له .
رسـول اللّه (ص ) : لا تـفعل انت , ولا احد منكم , لصبر احدكم في بعض مواطن الاسلام خير من عبادة احدكم اربعين عاما )) ((259)) .
4 ـ ورد في ( الاحيا ) عن ابي هريرة انه قال :
(( غــزونا عـلى عهـد رسـول اللّه (ص ) , فمـررنا بشعب فيه عيينة طيبة الما ,فقـال واحـد من الـقــوم : لــو اعــتـزلت النسـا فـي هذا الشعب , ولن افعل ذلك حتى اذكـر لرسـول اللّه (ص ) , فـذكر لـه , فقال [ رسول اللّه (ص ) ] لا تفعل , فان مقام احدكم فـي سبيل اللّه , خير من صلاته في اهله ستين عاما , الا تحبون ان يغفر اللّه لكم ,وتدخلون الجنة ؟ اغزوا في سبيل اللّه , فانه من قاتل في سبيل اللّه فواق ناقة , ادخله اللّه الجنة )) ((260)) .
5 ـ روي عن انس انـه قال :
(( جا ثلاثة رهط الى بيوت ازواج النبي (ص ) يسالون عن عبادة النبي (ص ) , فلمااخبروا , كانهم تـقـالـوهـا , فقالوا : واين نحن من النبي (ص ) , وقد غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه وما تاخر ؟ , فقال احـدهـم : امـا انـا فاصلي الليل ابدا , وقال الاخر , اني اصوم الدهرولا افطر , وقال الاخر : اني اعتزل النسا فلا اتزوج ابدا , فجا رسول اللّه (ص ) فقال :انتم الذين قلتم كذا وكذا ؟ اما واللّه اني لاخشاكم للّه , واتقاكم له , لكني اصوم , وافطر ,واصلي , وارقد , واتزوج النسا , فمن رغب عن سنتي فليس مني )) ((261)) .
6 ـ خرج اسماعيل القاضي من حديث ابي قلابة انه قال :
(( اراد ناس من اصحاب رسول اللّه (ص ) ان يرفضوا الدنيا , وتركوا النسا ,وترهبوا , فقام رسول اللّه (ص ) , فغلظ فيهم المقالة , وقال : انما هلك من كان قبلكم بالتشديد , شددوا على انفسهم , فشدد اللّه عـلـيهم , فاولئك بقاياهم في الديار والصوامع ,اعبدوا اللّه , ولا تشركوا به شيئا , وحجوا , واعتمروا , واستقيموا , يستقم بكم , قال :ونزلت فيهم : ( يا ايها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما احل اللّه لكم ولا تعتدوا ان اللّه لا يحب المعتدين ((262)) ) ((263)) .
7 ـ ذكر اسماعيل عن يحيى بن يعمر:
(( ان عثمان بن مضعون هم بالسياحة , وهو يصوم النهار , ويقوم الليل , وكانت امراته امراة عطرة , فـتركت الكحل والخضاب , فقالت لها امراة من ازواج النبي (ص ) :اشهيد انت ام مغيب ؟ قالت : بل شـهيد , غير ان عثمان لا يريد النسا , فذكرت ذلك للنبي (ص ) , فلقيه رسول اللّه , فقال له : اتؤمن بـمـا نـؤمـن بـه ؟ قـال : نـعـم , قـال : فـاصـنع مثل ما نصنع , لا تحرموا طيبات ما احل اللّه لكم )) ((264)) .
8 ـ خرج ابن المبارك :
(( ان عـثمان بن مضعون اتى البني (ص ) فقال : ائذن لي في الاختصا , فقال النبي (ص ) : ليس منا من خـصي ولا اختصى , ان اختصا امتي الصيام , قال : يا رسول اللّه ان ترهب امتي الجلوس في المساجد لانتظارالصلاة )) ((265)) .
9 ـ عن انس بن مالك قال :
(( دخل رسول اللّه (ص ) المسجد , وحبل ممدود بين ساريتين , فقال : ما هذا ؟ قالوا: لزينب تصلي , فـاذا كـسـلت او فترت امسكت به , فقال (ص ) : حلوه , ثم قال (ص ) :ليصل احدكم نشاطه , فاذا كسل او فتر فليقعد )) ((266)) .
10 ـ روي عن علي (ع ) انه قال :
(( ان جـمـاعـة مـن الـصحابة كانوا حرموا على انفسهم النسا , والافطار بالنهار ,والنوم بالليل , فاخبرت ام سلمة رسول اللّه (ص ) , فخرج الى اصحابه , فقال :اترغبون عن النسا , اني آتي النسا , وآكل بالنهار , وانام بالليل , فمن رغب عن سنتي فليس مني )) ((267)) .
11 ـ روي ان رسـول اللّه (ص ) قد مر على رجل يصلي على صخرة بمكة ,فاتى ناحية مكة , فمكث مليا , ثم انصرف فوجد الرجل يصلي على حاله فقال (ص ) : ايهاالناس عليكم بالقصد والقسط ـ ثلاثا ـ فان اللّه لن يمل حتى تملوا )) ((268)) .
.

3 ـ السؤال عن المعضلات والخوض في المحظورات :

جـرت عادة البشر على ان يرجع الادنى الى الاعلى في مختلف الحقول والميادين ,بما في ذلك حقل الـعـلـم والمعرفة .. وكان ( السؤال ) يمثل الوسيلة الاساسية التي تفي بهذاالغرض , وتعبر عنه , فيستعان عادة بالسؤال لغرض التعرف على خصوصيات الامور ,واستجلا حقائقها , وسبر اغوارها المختلفة .
وفي حقيقة الامر ان السؤال ولد في نفس الانسان منذ اللحظات الاولى التي وجدفيها على وجه هذه الارض , ورافـقـه فـي لـحـظـات مـسيرته الاولى في هذا الوجود , فهو ,لكي يلبي غريزة حب الاستطلاع المغروسة في نفسه ـ يسال عن كل ما يحيط به من ظواهر ووقائع واحداث ... ومن هذه النقطة بدا الانسان سيره العلمي الطويل , وعلى هذاالاساس انبثق في داخله كيان المعرفة الجبار.
فــ ( الـسـؤال ) اذن مـظـهـر من مظاهر التطلع نحو الكمال , والتزود من العلم , وسبرالحقائق واكتشافها.
وانـطـلاقـا من هذه الاهمية التي يتخذها السؤال في حياة الانسان , اكدت الشريعة الاسلامية على ضـرورة مـمـارسـة الانـسان المسلم لهذه الظاهرة باستمرار , واستجلاالمعارف الدينية عن هذا الطريق , قال تعالى :
( فاسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ) ((269)) .
وعن رسول اللّه (ص ) انه قال :
(( العلم مخزون عند اهله , وقد امرتم بطلبه منهم )) ((270)) .
وروي عن ابي موسى انه قال :
(( كـان الـنبي (ص ) اذا صلى الفجر , انحرفنا اليه , فمنا من يساله عن القرآن , ومنا من يساله عن الفرائض , ومنا من يساله عن الرؤيا )) ((271)) .
وورد عنه (ص ) انه كان يقول :
(( لا تسالوني عن شي الى يوم القيامة , الا حدثتكم )) ((272)) .
وورد في ( الكافي ) وعن ابي عبداللّه (ع ) انه قال :
(( انما يهلك الناس , لانهم لا يسالون )) ((273)) .
وفيه ايضا عن ابن ابي عمير عن بعض اصحابنا قال :
(( سـالت ابا عبداللّه (ع ) عن مجدور اصابته جنابة , فغسلوه , فمات , قال (ع ) :قتلوه فان دا العي السؤال )) ((274)) .
وعن امير المؤمنين (ع ):
(( القلوب اقفال , ومفاتيحها السؤال )) ((275)) .
وعن رسول اللّه (ص ):
(( الـعلم خزائن , ومفاتيحه السؤال , فاسالوا رحمكم اللّه , فانه يؤجر اربعة :السائل , والمتكلم , والمستمع , والمحب لهم )) ((276)) .
وعنه (ص ):
(( السؤال نصف العلم )) ((277)) .
وعن امير المؤمنين (ع ):
(( سلوني قبل ان تفقدوني , فلانا بطرق السما , اعلم مني بطرق الارض )) ((278)) .
وقد كان النبي الاكرم (ص ) يحث المسلمين على ضرورة تتبع امر الدين , وتحري احكامه وتعاليمه , عـن طـريـق السؤال , ويشجعهم على ممارسة هذا السلوك النافع , من خلال اصغائه العميق لهم , واهتمامه البالغ بما يبثوه اليه من مسائل واستفسارات ,وكان (ص ) لا يتوانى , ولا يصيبه الضجر , مـن الاسـتماع الى اية مسئلة شرعية , صغيرة كانت ام كبيرة , وانما كان من خلقه العظيم , وهديه الـرفيع , ان يعير حواسه باهتمام الى من يقصده بالسؤال والحديث , ويستمع لهذا , ويجيب ذاك , من دون اي مـلـل او امـتـعـاض ,يـقـول اللّه تعالى مبينا هذه الصفة القيادية الفذة في شخصية الرسول الاكرم (ص ):
( ومـنـهـم الـذيـن يؤذون النبي ويقولون هو اذن قل هو اذن خير لكم يؤمن باللّه وى ؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول اللّه لهم عذاب اليم ) ((279)) .
وقد تحدث القرآن الكريم عن موارد متعددة , كان يسال الاصحاب عنها رسول اللّه (ص ) , فيرجئ النبي الاكرم (ص ) الاجابة عنها الى حين نزول الوحي , وينتظربشانها امر السما , ومن تلك النماذج قوله تعالى :
( يسالونك عن الشهر الحرام قتال فيه ) ((280)) .
وقوله : ( يسالونك عن الخمر والميسر ) ((281)) .
وقوله : ( ويسالونك عن اليتامى ) ((282)) .
قوله : ( ويسالونك عن المحيض ) ((283)) .
وقوله : ( يسالونك عن الانفال ) ((284)) .
وقوله : ( ويسالونك ماذا ينفقون ) ((285)) .
وقوله : ( يسالونك عن الاهلة ) ((286)) .
وقوله : ( يسالونك ماذا احل لهم ) ((287)) .
وقوله : ( يسالونك عن الساعة ايان مرساها ) ((288)) .
وقوله : ( ويسالونك عن الروح ) ((289)) .
وقوله : ( ويسالونك عن ذي القرنين ) ((290)) .
وقوله : ( ويسالونك عن الجبال ) ((291)) .
وكـان مـن امـر الـنـبي الاكرم (ص ) انه يبادر اصحابه السؤال , ويحرك في انفسهم كوامن التطلع والمعرفة , ويستنطقهم عن امور الشريعة المقدسة , ليقرا ما تمكنوا من استيعابه وهضمه , فيصحح مـا اخـطـاوا في فهمه , ويقر لهم ما اصابوه , ويوقفهم على ماجهلوه , فحياة الرسول الاكرم (ص ) واهـل الـبـيـت (ع ) ملئية بهذا النمط من المبادرات ,وطافحة بالكثير منها , ولو اردنا ان نستوفي الـحديث عن ذلك لما وسعتنا المؤلفات الكبيرة , ولكنا نقتصر على ذكر نماذج توضيحية , تدلل على عـمـق الاهـتـمـام الذي كان يوليه النبي الاكرم (ص ) واهل بيته (ع ) بهذا الجانب , لضمان سلامة الـرسالة , والاطمئنان على تطبيق تعاليمها من قبل المسلمين بدقة كاملة , والتاكد من فهم المسلمين الـواعـي لـمـفـردات الـثـقـافـة الاسلامية , وعدم التعامل معها من موقع السذاجة , والجهل الذي يسبب الوقوع في البدع والمحدثات , والابتعاد عن تعاليم الشريعة السمحا.
فـمـن الـموارد التي كان يبادر النبي الاكرم (ص ) فيها اصحابه بالسؤال , ليفتح لهم آفاقا جديدة من تعاليم السما ما روي عن معاذ بن جبل انه قال :
(( كـنـت ردف رسـول اللّه (ص ) فقال : يا معاذ ورسوله اعلم , قال (ص ) : ان تعبدوه , ولا تشركوا به شيئا , ثم قال (ص ) : فهل تدري ما حق العباد على اللّه اذا هم فعلوا ذلك ؟ قال : قلت : اللّه ورسوله اعلم , قال (ص ) :لا يعذبهم )) ((292)) .
وورد عنه (ص ) انه قال لابي موسى :
(( هـل ادلك على كنز من كنوز الجنة ؟ قال : اللّه ورسوله اعلم , قال (ص ) : لا حول ولا قوة الا باللّه )) ((293)) .
وسئل (ص ) اصحابه يوما:
(( ايـكـم مـال وارثـه احب اليه من ماله ؟ قالوا : يا رسول اللّه وارثـه , فقال (ص ) : اعلموا انه ليس منكم احد الا مال وارثه احب اليه من ماله , مالك من مالك الا ما قدمت , ومال وارثك ما اخرت )) ((294)) .
وبـيـنـما يدخل (ص ) المسجد ذات يوم واذا به يرى رجلا قد طاف حوله الناس والتفوا به , فبادر النفر الذين كانوا معه بالقول :
(( مـن هـذا ؟ فقالوا : انـه علامة يا رسول اللّه بـانـساب العرب , ووقائعها , وايام الجاهلية , والاشعار العربية جـهـلـه , ولا يـنفع من علمه خلاهن فهو فضل )) ((295)) .
ومن اجل ان يعطي الاصحاب فهما اعمق لمفردات الحياة , يسال النبي الاكرم (ص ) اصحابه قائلا:
(( مـا الـصـرعة فيكم ؟ فيجيب الاصحاب : الشديد القوي الذي لا يوضع جنبه ,فيقول (ص ) : بل الـصرعة حق الصرعة , رجل وكز الشيطان في قلبه , واشتد غضبه ,وظهر دمه , ثم ذكر اللّه , فصرع بحلمه غضبه )) ((296)) .
وفي موضع آخر نراه (ص ) يبادر اصحابه :
(( ما تعدون فيكم الرقوب ؟ قالوا : الذي لا ولد له , فيقول (ص ) : لا , ولكن الرقوب الذي لم يقدم من ولده شيئا )) ((297)) .
ويقول لاصحابه تارة اخرى :
(( مـا تـعدون الشهيد فيكم ؟ قالوا : الذي يقاتل , فيقتل في سبيل اللّه تعالى ,فيقول (ص ) : ان شهدا امـتـي اذا لقليل شهيد ـ يعني النفسا ـ )) ((298)) .
وجا عنه (ص ) انه قال لاصحابه :
(( مـا تـقـولـون فـي الزنا ؟ قالوا : حرمه اللّه , فهو حرام الى يوم القيامة , فقال رسول اللّه (ص ) لاصحابه : لان يزني الرجل بعشر نسوة , ايسر عليه من ان يزني بامراة جاره .
ثـم قـال (ص ) : مـا تقولون في السرقة ؟ قالوا : حرمها اللّه ورسوله , فهي حرام ,قال (ص ) : لئن يسرق الرجل من عشرة ابيات , ايسر عليه من ان يسرق من جاره )) ((299)) .
وقال (ص ) لاصحابه ذات مرة :
(( هـل تـدرون اول من يدخل الجنة من خلق اللّه ؟ قالوا : اللّه ورسوله اعلم , قال :اول من يدخل الجنة من خلق اللّه , الفقرا المهاجرون , الذين تسد بهم الثغور , ويتقى بهم المكاره , ويموت احدهم , وحاجته في صدره , لا يستطيع لها قضا )) ((300)) .
وقال (ص ):
(( هل تدرون ما الغيابة ؟ قالوا : اللّه ورسوله اعلم , قال : ذكرك اخاك بما ليس فيه )) ((301)) .
وعن انس بن مالك قال :
(( اغفى النبي (ص ) اغفاة فرفع راسه مبتسما ـ اما قال لهم , واما قالوا له ـ لم ضحكت ؟ فقال رسول اللّه (ص ) : انـه ا نـزلـت علي آنفا سورة , فقرا رسول اللّه (ص ) :( بسم اللّه الرحمن الرحيم انا اعـطـيـناك الكوثر .. ) ((302)) حتى ختمها , ثم قال (ص ) : هل تدرون ما الكوثر ؟ قالوا : اللّه ورسـولـه اعلم يـوم القيامة , آنيته عدد الكواكب , يختلح العبد منهم ,فاقول : يا رب انه من امتي , فيقال لي : انك لا تدري ما احدثوا بعدك )) ((303)) .
ويروى عنه (ص ) انه قال لاصحابه :
(( اتـدرون ما المفلس ؟ فقيل :المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع له , فقال :المفلس من امتي , من يـاتـي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة , وياتي قد شتم وقذف هذا ,واكل مال , هذا وسفك دم هذا , وضرب هذا , فيعطى هذا من حسناته , وهذا من حسناته , فان فنيت حسناته قبل ان يقضي ما عليه , اخـذ مـن خـطـايـاهم فطرحت عليه , ثم طرح في النار , ثم قال (ص ) : ان المفلس حقيقة هو هذا )) ((304)) .
ويقول ابو ذر ان النبي الاكرم (ص ) بادرني يوما بالقول :
(( يـا ابـا ذر الفقر ؟ قلت : نعم يا رسول اللّه ويـروى عن علي (ع ) في هذا الصدد , انه ابصر رجلا ينقر بصلاته , فبادره : القول :(( منذ كم صـلـيت بهذه الصلاة ؟ قال : منذ كذا وكذا , فقال (ع ) : مثلك عند اللّه كمثل الغراب , لومت مت على غير ملة ابي القاسم (ص ) , ثم قال (ع ) ان اسرق الناس من سرق صلاته )) ((305)) .
وروي عن سليمان بن جعفر النهدي انه قال : قال لي جعفر بن محمد الصادق (ع ):
(( يا سليمان من الفتى ؟ قال : قلت له جعلت فداك , الفتى عندنا الشاب , قال لي ,اما علمت ان اصحاب الـكـهـف كانوا كلهم كهولا , فسماهم اللّه فتية بايمانهم , يا سليمان )) ((306)) .
بـل ونرى ان النبي الاكرم (ص ) يتحرى بالسؤال , ويبادر الاصحاب في كل موضع يعتقد فيه ان من الممكن ان تقترب ممارسات هؤلا الاصحاب من دائرة التشريع ,فيحصل ان يرتكب البعض العمل من منطلق خاطئ , او نظرة ناقصة , او فهم مرتبك لحقائق التشريع , فيروى مثلا:
(( ان الاصحاب كانوا يسيرون مع رسول اللّه (ص ) في مسير , فنام رجل منهم ,فانطلق بعضهم الى نبل معه فاخذها , فلما استيقظ الرجل فزع , فضحك القوم ,فقال (ص ) : ما يضحككم ؟ فقالوا : لا , انا اخذنا نبل هذا ففزع , فقال رسول اللّه (ص ) : لايحل لمسلم ان يروع مسلما )) ((307)) .
وروي ايـضـا انـه خـرج الـنـبـي (ص ) فلقيه حذيفة , فحاد عنه , فاغتسل ثم جا ,فقال له رسول اللّه (ص ):
(( مالك ؟ قال : يا رسول اللّه كنت جنبا ((308)) .
ولعل من غير الخفي علينا ان ( السؤال ) الذي ورد الحث عليه في لسان النصوص الشرعية المتقدمة , انـمـا يـتـعلق بالامور التي ينبغي للانسان ان يطلع عليها , ويتعلمها ,ويجري على مقتضياتها , في تـعـديـل سلوكه , وتنظيم حياته الفردية والاجتماعية ,والتحري عن تفاصيل الاحكام الشرعية , وتحصيل اكبر رصيد منها , عن طريق التعلم والاكتساب , ولذا يقول امير المؤمنين (ع ):
(( سل عما لابد لك من علمه , ولا تعذر في جهله )) ((309)) .
هذا النوع من السؤال يكتسب الاهمية العلمية اولا , من خلال ما يفتح للانسان من آفاق المعرفة , وما يدركه الانسان بواسطته من آثار ايجابية متعددة , وثمار علمية كثيرة , ويكتسب الخلفية الشرعية ثـانـيـا , مـن خـلال الـنصوص الشرعية المتعددة التي ساهمت في اقراره , بل والدعوة اليه , في المجالات التي تتعلق بتنظيم حياة الانسان ,وسلوكه الخاص والعام .
ولـكـنـنـا نواجه في نفس الوقت نوعا آخر من ( السؤال ) , وهو ( السؤال ) الذي لايمتلك هذين الـمـقـومـيـن مـعا , فهو لا يحظى بالاهمية العلمية , لانه يعرقل سير الحياة ,وحركتها العلمية , ومـقتضياتها الواقعية , كما انـه لا يكتسب الخلفية الشرعية , لانه وقع موردا لذم الشريعة , ونقدها الحاد.
ويمكن لنا ان نحصر ( السؤال ) المذموم في نظر الشريعة الاسلامية عند ثلاث زوايا :
الـزاوية الاولى : ان يسال الانسان عن الشي تعنتا واختبارا , ولكي يوقع المسؤول في موقع الحرج والارتباك , او لكي يظهر للاخرين انـه من اصحاب المراعاة والاهتمام , فقد نهت الشريعة عن هذا النوع من الاسئلة , ودعت الى ( السؤال ) الذي ينطلق من موقع الاستفادة , والتفقه في امر الدين .
فقد ورد عن رسول اللّه (ص ) انه قال :
(( شرار الناس الذين يسالون عن شرار المسائل , كي يغلطوا بها العلما )) ((310)) .
وعن امير المؤمنين (ع ) انه قال لسائل ساله عن معضلة :
(( سـل تـفقها , ولا تسال تعنتا , فان الجاهل المتعلم شبيه بالعالم , وان العالم المتعسف شبيه بالجاهل المتعنت )) ((311)) .
وعنه (ع ):
(( والناس منقوصون مدخولون , الا من عصم اللّه : سائلهم متعنت , ومجيبهم متكلف )) ((312)) .
وعن ابي الطفيل عامر بن واثلة قال :
(( شهدت علي بن ابي طالب يخطب , فقال في خطبته : سلوني , فواللّه لا تسالوني عن شي يكون الى يوم القيامة الا حدثتكم به , سلوني عن كتاب اللّه , فواللّه ما من آية الا انا اعلم ابليل نزلت ام بنهار , ام في سهل نزلت ام في جبل .
فـقـام الـيه ابن الكوا فقال : يا امير المؤمنين , ما الذاريات ذروا ؟ فقال له : ويلك سل تفقها ولا تسال تـعـنـتـا , والـذاريـات ذروا : الـريـاح , فالحاملات وقرا : السحاب ,فالجاريات يسرا : السفن , فالمقسمات امرا : الملائكة )) ((313)) .
الزاوية الثانية : ان يسال الانسان عن تفاصيل الامور الشرعية التي تم السكوت عنها , ولم تبين للناس فـي احـكـام الـشـريـعة الواردة والواصلة اليه من قريب اوبعيد , وقد يكون السؤال هنا ناتجا عن الـلامبالاة , او محاولة التنصل والخلاص من التكليف , او الرغبة في التحدي والتعجيز .. او غير ذلك من الدواعي الاخرى , الا انا نجدفي الغالب ان هذا السائل حينما ينكشف له واقع الامر , ويقف عـلـى حـقيقة هذه الاحكام ويشرع بشانه منها ما لم يكن قد كلف به سابقا .. نجده يتهرب من ادا هذا التكليف والقيام بواجب اللّه فيه .
ولذا نرى ان الشريعة الاسلامية , ومن باب الرحمة بالانسان , والارفاق به , تنهاه عن تكلف الامور , والالحاح في طلبها واستقصائها , والاكتفا بما يحصل عليه من الطرق الطبيعية الجارية , والوسائل المتاحة , لان الشارع المقدس لو كان يريد الزيادة على ذلك ,لبين تلك الزيادة الى الناس , ولم يكتف بـذكـرهـا اجمالا , ولو كانت هناك ضرورة تقتضي في ملاكات الشريعة ان يرتكب الانسان سلوكا خـاصـا فـي حياته , على نحو الالزام , او مماهو دون ذلك , مما فيه رغبة مولوية خاصة , لما كان يجدر بالشريعة ان تتهاون في توضيحه وبيانه .. فما سكتت عنه الشريعة اذن فهو عفو , وخارج عن مساحة وجوب الانقياد والامتثال .
ورد عن رسول اللّه انه قال (ص ):
(( ان اللّه فـرض فـرائض فـلا تضيعوها , وحد حدودا فلا تعتدوها , وحرم اشيا فلاتقربوها , وترك اشيا عن غير نسيان فلا تبحثوا عنها )) ((314)) .
وعنه (ص ):
(( ذروني ما تركتكم فانما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم , واختلافهم على انبيائهم , فاذا امرتكم بشي فاتوا به ما استطعتم , واذا نهيتكم عن شي فدعوه )) ((315)) .
وعن سلمان الفارسي قال :
(( سئل رسول اللّه عن اشيا , فقال (ص ) : الحلال ما احل اللّه في كتابه , والحرام ماحرمه اللّه في كتابه , وما سكت عنه فهو مما قد عفى عنه , فلا تتكلفوا )) ((316)) .
وعنه (ص ):
(( لـولا ان بـنـي اسرائيل قالوا : ( وانا ان شا اللّه لمهتدون ) ((317)) ما اعطوا ابدا ,ولو انهم اعترضوا بقرة من البقر فذبحوها , لاجزات عنهم , ولكنهم شددوا فشدد اللّه عليهم )) ((318)) .
وروي عـنـه (ص ) فـي قـولـه تعالى : ( واذ قال موسى لقومه ان اللّه يامركم ان تذبحوا بقرة قالوا اتـتخذنا هزوا قال اعوذ باللّه ان اكون من الجاهلين # قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ..) ((319)) انه قال :
(( انـهـم امـروا بـادنى بقرة , ولكنهم لما شددوا على انفسهم , شدد اللّه عليهم , وايم اللّه , لو لم يستثنوا ما بينت لهم الى آخر الابد )) ((320)) .
وفـي قـولـه تـعالى : ( يا ايها الذين آمنوا لا تسالوا عن اشيا ان تبد لكم تسؤكم ) ((321)) خطب رسول اللّه (ص ) فقال :
(( ان اللّه كتب عليكم الحج , فقام عكاشة بن محصن , ويروى سراقة بن مالك ,فقال : افي كل عام يا رسـول اللّه ؟ فـاعـرض عنه (ص ) حتى عاد مرتين او ثلاثة , فقال رسول اللّه (ص ) : ويحك وما يـؤمـنـك ان اقـول : نعم , واللّه لو قلت نعم لوجبت , ولو وجبت ما استطعتم , ولو تركتم لكفرتم , فـاتـركـونـي ما تركتكم , فانما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم , واختلافهم على انبيائهم , فاذا امرتكم بشي فاتوا منه ما استطعتم , واذا نهيتكم عن شي فاجتنبوه )) ((322)) .
وروي عنه (ص ) انه قال :
(( ان اعـظـم المسلمين في المسلمين جرما , من سال عن شي لم يحرم على الناس ,فحرم من اجل مسالته )) ((323)) .
الـزاويـة الـثـالثة : ان يسال الانسان عن الامور التي تفتح امامه مجال الشك والترديد في اعتقاداته الفطرية السليمة , وتزعزع ثقته واذعانه بالمسلمات الشرعية الثابتة .
وانـه لمن الواضح لدينا انه على الرغم من القدرة العقلية الخلاقة , والمواهب الذهنية الجبارة , التي اودعـها اللّه تعالى في صميم الانسان , الا ان هذا المخلوق يبقى عاجزاعن فهم الكثير من الظواهر الكونية المحيطة به , وقاصرا عن ادراكها.
ولا يتسنى لاي بشرمهما كانت قابلياته الذهنية , وقدراته العقلية , من ان يحيط بعلم واحد من العلوم الـمـتـاحـة , مـن جميع جوانبه وجهاته , وفي مختلف مراحله وادواره , فضلا عن ان يحيط بكل الـعـلـوم الـبـشـريـة , ويـلـم بـهـا جميعا , الا اللهم من وهبه اللّه العصمة , وخصه بالالهام , من انـبـيـائه واوصـيـائه (ع ) , فـاودعـهـم عـلـم ما كان وما يكون , ضمن خصوصيات تفصيلية , لا يمكن التطرق اليها في هذا البحث .
واذا كان شان الانسان في المعارف الحسية كذلك , فان مما لا شك فيه , انه سوف لن يكون نصيبه من مـعـارف الـغيب باحسن من ذلك , فهناك الكثير من المعارف الغيبية التي يقف عقل الانسان عاجزا عن فهمها , والاحاطة بها , وادراكها , على ما هي عليه في واقع الامر , على الرغم من انه يكون فكرة عامة لها , وياخذ مفهوما اجماليا عنها.
والشريعة الاسلامية قد كلفت الانسان في مثل هذه الموارد بان يؤمن بهذه المعارف والتعاليم , بشكلها الذي يتوصل اليه الادراك الطبيعي , ومن خلال الفهم الواعي لخطوطها الاجمالية العامة , ومن دون حاجة الى ان يكلف نفسه الاستغراق في ابعادهاالتفصيلية , التي قدرت الشريعة انها تكون عادة خارج حدود امكاناته الخاصة ,وقدراته الذهنية الطبيعية .
ولا اروع من كلمات صادق اهل البيت (ع ) اذ يبين هذه الحقيقة بالقول :
(( يا ابن آدم لو اكل قلبك طائر لم يشبعه , وبصرك لو وضع عليه خرق ابرة لغطاه , تريد ان تعرف بـهـمـا ملكوت السموات والارض تملا عينيك منها , فهو كما تقول )) ((324)) .
ومـن هـذا الـبـاب جا النهي عن السؤال عن الذات الالهية المقدسة , والتفكير في هذا الجانب الغيبي الـعـمـيق , اذ لا يمكن لمن يعيش الامكان من اساسه , ان يدرك خصائص الواجب بالذات , الذي تقف عنده سلسلة العلل والاسباب .
فقد ورد عن رسول اللّه (ص ) انه قال :
(( لن يبرح الناس يتسالون : هذا اللّه خالق كل شي , فمن خلق اللّه ؟ )) ((325)) .
وعنه (ص ):
(( لا تقوم الساعة حتى يكفر باللّه جهرا , وذلك عند كلامهم في ربهم )) ((326)) .
وعنه (ص ):
(( تفكروا في خلق اللّه , ولا تفكروا في اللّه فتهلكوا )) ((327)) .
وعنه (ص ):
(( ان الشيطان ياتي احدكم فيقول : من خلق السما ؟ فيقول : اللّه , فيقول من خلق الارض ؟ فيقول :
اللّه , فيقول : من خلق اللّه ؟ فاذا وجد ذلك احدكم , فليقل : آمنت باللّه ورسوله )) ((328)) .
وعن ابي جعفر(ع ) انه قال :
(( ايـاكـم والتفكر في اللّه , ولكن اذا اردتم ان تنظروا الى عظمة اللّه , فانظروا الى عظيم خلقه )) ((329)) .
وعن ابي عبد اللّه الصـادق (ع ) فـي قول اللّه عزوجل : ( وان الى ربك المنت هى ) ((330)) انه قال (ع ):
(( اذا انتهى الكلام الى اللّه عزوجل , فامسكوا )) ((331)) .
وعن ابي عبداللّه الصادق (ع ) انه قال :
(( ايـاكـم والتفكر في اللّه , فان التفكر في اللّه لا يزيد الا تيها , ان اللّه لا تدركه الابصار , ولا يوصف بمقدار )) ((332)) .
وعنه (ع ):
(( تـكـلـمـوا في خلق اللّه , ولا تتكلموا في اللّه , فان الكلام في اللّه لا يزداد صاحبه الا تحيرا )) ((333)) .
ومن هذا الباب ايضا ورد النهي عن الخصومة في امر الدين , والجدال بيات اللّه ,والاخذ والرد في الـمعارف الغيبية العميقة التي ورد النهي عن الخوض فيها , وخصوصا من قبل من لا يمتلك الحصيلة الـعـقلية الكافية , والادلة والبراهين الاستدلالية المقنعة على مايتفوه به من مناظرات وكلام , قال تعالى :
( ومن الناس من يجادل في اللّه بغير علم ويتبع كل شيطان مريد ) ((334)) .
وقـال تـعالى : ( ومن الناس من يجادل في اللّه بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير# ثاني عطفه ليضل عن سبيل اللّه له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيامة عذاب الح ريق ) ((335)) .
وقـال تـعـالـى : ( ان الذين يجادلون في آيات اللّه بغير سلطان اتاهم ان في صدورهم الا كبر ماهم ببالغيه ) ((336)) .
وجا عن امير المؤمنين (ع ) انه قال :
(( من طلب الدين بالجدل تزندق )) ((337)) .
وعن ابي جعفر الباقر(ع ) انه قال لابي عبيدة :
(( يا ابا عبيدة اياك واصحاب الخصومات والكذابين علينا , فانهم تركوا ما امروابعلمه , وتكلفوا ما لم يؤمروا بعلمه , حتى تكلفوا علم السما , يا ابا عبيدة خالقوا الناس باخلاقهم , وزايلوهم باعمالهم , انـمـا لا نـعد الرجل فقيها عاقلا حتى يعرف لحن القول , ثم قرا قوله تعالى : ( ولتعرفنهم في لحن القول ) ((338)) .
)) ((339)) .
وعن زرارة قال : سالت ابا جعفر(ع ) : ما حجه اللّه على العباد ؟ قال (ع ):
(( ان يقولوا ما يعلمون , ويقفوا عند ما لا يعلمون )) ((340)) .
وعنه (ع ) انه قال لزياد:
 

(( يا زياد اياك والخصومات , فانها تورث الشك , وتحبط العمل , وتردي صاحبها , وعسى ان يتكلم الـرجل بالشي فلا يغفر له , انه كان فيما مضى قوم تركوا علم ماوكلوا به , وطلبوا علم ما كفوه , حتى انتهى كلامهم الى اللّه عزوجل فتحيروا )) ((341)) وعنه (ع ):
(( الخصومة تمحق الدين , وتحبط العمل , وتورث الشك )) ((342)) .
وعن ابي الحسن (ع ) انه قال لعلي بن يقطين :
(( مـر اصـحـابـك ان يـكفوا من السنتهم , ويدعوا الخصومة في الدين , ويجتهدوا في عبادة اللّه عزوجل )) ((343)) .
كما ان من هذا الباب ايضا ما ورد من نواهي مستفيضة على لسان الشرع من الخوض في القضا والقدر .. وغير ذلك من المعاني الدقيقة , والمطالب الاعتقادية الخطيرة , التي لا يمكن ان ينجو منها الا من تحصن بالعلم والبصيرة واليقين .
فقد ورد عن رسول اللّه (ص ) انه قال :
(( من تكلم في شي من القدر سئل عنه يوم القيامة , ومن لم يتكلم فيه لم يسال عنه )) ((344)) .
فـالـتـعـمـق في مثل هذه الامور اذن يكون غالبا عكسي التاثير على قناعات الانسان , وايمانه باللّه عزوجل , وبالتالي على سلوكه , وطريقة تعامله مع ظواهر الوجودالمختلفة التي تحيط به .
فلابد ان تتوفر للانسان القناعة الراسخة بان الوسائل الحسية التي زود بها , لايمكن ان تنال الا ما هـو داخـل فـي دائرة ادراكـها ومتناولها , واما الامور الغيبية الدقيقة ,فهي امور يتعامل معها القلب والوجدان , وتسلم لها النفس في قناعاتها الفطرية السليمة ,ويذعن لها الفؤاد والعقل من خلال السير الـعقلي المعزز بالادلة والبراهين , ويشتد هذاالتسليم ويتعاظم كلما صفت نفس الانسان , وطهرت روحه من الاعلاق الدنيوية الزائلة , وانقشعت عن قلبه حجب الخطايا , وظلمات المعاصي , وتسامى عقله عن التاثروالتلوث بالاهوا , والانانيات , والمصالح الذاتية الحاكمة .
ولعلنا لا نضيف للقارئ الكريم جديدا حين نقول بان هذا الذي تقدم , من التوجيهات الشرعية الحثيثة , حـول ضـرورة الـكـف عـن الخوض في ما لا يحسن الخوض فيه , من المعاني الدقيقة , والمفاهيم الحساسة .. لا يعني الدعوة الى شل الطاقة العقلية التي يختص بها الانسان عن باقي مخلوقات الوجود , واقـصـا الـفكر والوعي والادراك عن ساحة الاعتقاد , والسير عشوائيا في طريق الايمان باللّه تـعـالى , من دون تامل وتفكيروتدقيق .. فان الاسلوب القرآني , يعد اكبر حجة على المنحى العقلي فـي الاقـنـاع والاثـبات والاستدلال , كما ان النصوص الشرعية المتظافرة في ابواب الاعتقادات الـمختلفة , والتي وردت عن النبي الاكرم (ص ) , واهل بيته الطاهرين (ع ) , تصب في هذا الاتجاه ايـضـا بـمـا لايـقـبـل الـشـك والـتـرديـد , ودعوة الاسلام الى التفكر في آيات اللّه , والتطلع الـى ارقـى مـسـتـويات المعارف البشرية , والحث الاكيد على طلب العلم , واعمال العقل في مختلف المجالات , لهي اكبر من ان ينالها نقاش , او يعتريها لبس وترديد.
وانما الذي نفهمه من هذه النصوص , هو ان لا يؤدي ( السؤال ) او ( التفكير ) او( الجدال ) الى ما يـخل باساسيات الدين , وان لا يتجاوز العقل البشري حدوده في التعامل مع الاشيا , وان يترك الغيب مـستاثرا بالمعارف والاحكام التي لم يستطع تفسيرالحكمة منها , والخلفيات التي تقف وراها , ما دام قد اذعن لاصل وجود الحكمة ,والمصلحة الالهية , في كل تفاصيل التشريع .
كـمـا ان الـدعوة المذكورة تحذر من ان يعالج الانسان مسائل الدين , من منطلق الجهل او العفوية او التنظير الشخصي المحض , الذي لا يستند الى اسس شرعية قاطعة ومسلمة .
بـالاضـافـة الـى انـهـا تدعو الانسان المسلم , وقبل ان يسترسل ويتعمق في هذه المطالب الشائكة والمعقدة , الى ان يتحصن بقاعدة فكرية رصينة , ومبادئ اعتقادية واضحة ومستحكمة , تحميه من ان يتزلزل امام عواصف الشبهات المثارة , وتمنحه الثبات في مهب التيارات الجدلية المتضاربة .
وعـلـى اية حال فان ما تقدم الحديث عنه من طريقة شاذة في السؤال , والتفكير ,والالحاح في طلب معرفة الاشيا المحظورة شرعيا , او التي لا يؤمن من ان يقع الانسان بسبب ولوجها في مهاوي الشك والـتـرديد , ... انما هو ناتج عن نزوع النفس الانسانية الى الاطلاع على غوامض الامور , وخبايا الاشيا , واثارة الجدل حول المعاني الخفية والعميقة , وعن محاولة العقل التدخل في كل امر يعرض عـلـيـه , وابـدا وجهة النظرالاستقلالية في فهم ذلك , ونقله الى الاخرين , فهي غريزة انسانية راسـخـة في ذات البشر ,ومستحكمة في اعماقه , لا تنفك عنه , ولا تنفصل عن ذاته , الا اذا كان بـصـيـرا بـدينه ,عارفا بقدرة نفسه , متواضعا للعلم والمعرفة , وماتلك الدعوات والادعاات التي ظـهـرت فـي فـتـرات مختلفة من عمر البشرية , كادعا القيادة , والنبوة , والالوهية , والاحاطة بكل شي .. وما الى ذلك من امور , الا صدى لتلك الرغبة الكامنة , وافرازا عن ذلك النزوع الانساني , الذي يسعى دائما لان يجعل العقل بديلا عن تعاليم السما , ولكنه يبتلي ابدابالانتكاس والخسران .
وكان من جرا هذا التفكير الملتوي , والسلوك المنحرف , ان ظهرت بدع كثيرة في حياة المسلمين , وخـصـوصا تلك التي تتعلق بالاعتقادات , وترتبط بمعارف اصول الدين , فنشات فرق , ومذاهب , ومـشارب متعددة , تتقاطع مع تعاليم الشرع الاسلامي المبين , وتدعو الى الوان شتى من الانحراف الفكري , والاعتقاد المغلوط.
وكـانـت مفاتيح هذه الطائفة من البدع والمحدثات , بيد تلك المجاميع التي دخلت في عالم الاعتقادات بكل ماله من ابعاد وتفاصيل , وطرقت المفاهيم الاسلامية الحساسة ,من موقع الجهل , وقلة الخبرة , واللامبالاة .
وسوف نقوم باستعراض بعض المواقف والاحداث , التي شكلت النواة الاساسية الاولى لهذا النمط من الابتداع , والمظاهر التي انساقت مع هذا التيار في , بدايات عمرالتشريع :
1 ـ (( روي ان رجـلا اتى النبي (ص ) فقال : يا رسول اللّه ما صنعت في راس العلم ؟ قال : وما راس العلم ؟ قال (ص ) : هل عرفت الرب ؟ قال : نعم , قال (ص ) : فـمـا صـنـعت في حقه ؟ قال : ما شا اللّه اعلمك من غرائب العلم )) ((345)) .
وفـي كتاب ( التوحيد ) للشيخ ( الصدوق ) : (( قال الرجل : وما راس العلم يارسول اللّه ؟ قال :
مـعرفة اللّه حق معرفته , قال الاعرابي : وما معرفة اللّه حق معرفته ؟ قال :تعرفه بلا مثل , ولا شـبـه , ولاند , وانه واحد , احد , ظاهر , باطن , اول , آخر , لا كفو له ,ولا نظير , فذلك حق معرفته )) ((346)) .
فـنـرى ان الـنبي الاكرم (ص ) قد وجه هذا الرجل نحو العمل الصالح , ومعرفة الاصول الشرعية الـمـطـلوبة اولا , ومن ثم اذا ما احكم ذلك , وترسخ امر الدين في نفسه ,من خلال عنصري العلم والعمل , فان بامكانه ان يطلع الى ما يطمح اليه من غرائب العلم , وزوائد الاعتقاد.
وهـذا يـدل على ان الانسان , ما لم يتسلح بسلاح الايمان والمعرفة والبصيرة اولا ,ويتزود بقدر كاف من التقوى والعمل الصالح .
ثـانيا , فان دخلوه في مثل هذه الغرائب والاستفاضات , سيؤدي به الى الانحراف الفكري والعقائدي من دون ريب .
2 ـ جـا فـي كـتـاب ( الـتـوحـيد ) للشيخ ( الصدوق ) باسناده عن النوفلي عن السكوني عن ابي عبداللّه (ع ) عن آبائه (ع ) انـة قال :
(( مـر النبي (ص ) على رجل , وهو رافع بصره الى السما يدعو , فقال له رسول اللّه (ص ) : غض بصرك فانك لن تراه .
وقـال : ومـر الـنـبي (ص ) على رجل , رافع يديه الى السما , وهو يدعو , فقال رسول اللّه (ص ) :
اقصر من يديك فانك لن تناله )) ((347)) .
فـهـذا التوجيه النبوي يهدف الى صرف ذهنية المسلمين من الادراك الساذج لمعارف التوحيد , ومن الـشعور البدائي المختمر بالحس , الى حيث الادراكات القلبية ,والمعاني التجريدية العقلية , فبين رسـول اللّه (ص ) للمسلمين ان اللّه تعالى لا تناله الحواس , ولا تدركه الابصار , وان ما ارتكز في اذهـانـهـم جـهـلا , مـن انه تعالى كائن في السما , هو امر خاطئ لا اساس له , فاللّه تعالى حاضر ومـوجـود فـي كل آن ومكان , ولانحتاج في مخاطبتنا اياه ان نرفع بايدينا الى السما , او نشخص بابصارنا نحوها ,بهذه الطريقة المبنية على السذاجة والجهل , لانا لا نراه , ولا نناله .
3 ـ عن ابي هريرة قال :
(( خـرج علينا رسول اللّه (ص ) , ونحن نتنازع في القدر , فغضب حتى احمر وجهه ,حتى كانما فـقـي في وجنتيه الرمان , فقال : افبهذا امرتم ؟ ام بهذا ارسلت اليكم ؟ انما هلك م ن كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الامر , عزمت عليكم , عزمت عليكم , الا تنازعوا فيه )) ((348)) .
4 ـ ورد في ( مجمع الزوائد ) عن ثوبان انه قال :
(( اجتمع اربعون من الصحابة ينظرون في القدر والجبر , فيهم ابو بكر وعمر رضي اللّه عنهما , فـنزل الروح الامين جبرائيل صلى اللّه عليه وسلم , فقال : يا محمد اخرج على امتك فقداحدثوا , فـخـرج عليهم في ساعة لم يكن يخرج عليهم في مثلها , فانكروا ذلك , وخرج عليهم متلمعا لونه , متوردة وجنتاه , كانما تفقا بحب الرمان الحامض , فنهضوا الى رسول اللّه (ص ) حاسرين ادرعتهم , تـرعـد اكـفهم واذرعهم , فقالوا : تبنا الى اللّه ورسوله , فقال :اولى لكم ان كنتم لتوجبون , اتاني الروح الامين فقال : اخرج على امتك يا محمد فقداحدثت )) ((349)) .
5 ـ روي انه : جا رجل الى امير المؤمنين (ع ) فقال :
(( يـا امـير المؤمنين اخبرني عن القدر , قال (ع ) : بحر عميق فلا تلجه اخـبرني عن القدر , قال (ع ) : طريق مظلم فلا تسلكه قال (ع ) : سر اللّه فلا تتكلفه ((350)) .
6 ـ روي انـه : (( مـر امير المؤمنين (ع ) على قوم من اخلاط المسلمين , ليس فيهم مهاجري ولا انصاري , وهم قعود في بعض المساجد , في اول يوم من شعبان , واذا هم يخوضون في امر القدر , وغـيـره مـمـا اختلف الناس فيه , قد ارتفعت اصواتهم , واشتد فيه جدالهم , فوقف عليهم , وسلم , فـردوا عليه , ووسعوا له , وقاموا اليه يسالونه القعوداليهم , فلم يحفل بهم , ثم قال لهم ـ وناداهم ـ:
يـا مـعـشر المتكلمين الم تعلموا ان للّه عبادا قد اسكتتهم خشيته من غير عي ولابكم ؟ وانهم هم الـفـصـحـا البلغا الالبا , العالمون باللّه وايامه , ولكنهم اذا ذكروا عظمة اللّه , انكسرت السنتهم , وانقطعت افئدتهم , وطاشت عقولهم , وتاهت حلومهم , اعزازاللّه واعظاما واجلالا , فاذا افاقوا من ذلـك , اسـتـبقوا الى اللّه بالاعمال الزاكية , يعدون انفسهم من الظالمين والخاطئين , وانهم برا من الـمـقصرين والمفرطين , الا انهم لايرضون اللّه بالقليل , ولا يستكثرون اللّه الكثير , ولا يدلون عـليه بالاعمال , فهم اذارايتهم مهيمون , مروعون , خائفون , مشفقون , وجلون , فاين انتم منهم يا مـعشرالمبتدعين , الم تعلموا ان اعلم الناس بالضرر اسكتهم عنه , وان اجهل الناس بالضررانطقهم فيه ؟ )) ((351)) .
7 ـ عن جعفر بن محمد الصادق (ع ) عن ابيه (ع ) انه قال :
(( ان رجـلا قـال لامير المؤمنين (ع ) : هل تصف ربنا نزداد له حبا وبه معرفة ؟ الـنـاس فـقال فيما قال : عليك يا عبد اللّه بما دلك عليه القرآن من صفته ,وتقدسك فيه الرسول من معرفته , فائتم به , واستضي بنور هدايته , فانما هي نعمة وحكمة اوتيتها , فخذ ما اوتيت , وكن من الشاكرين , وما كلفك الشيطان علمه , مما ليس عليك في الكتاب فرضه , ولا في سنة الرسول وائمة الهداة اثره , فكل علمه الى اللّه , ولاتقدر عليه عظمة اللّه .
واعـلم يا عبد اللّه ان الراسخين في العلم , هم الذين اغناهم اللّه عن الاقتحام على السدد المضروبة دون الغيوب , اقرارا بجهل ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب ,فقالوا : آمنا به كل من عند ربنا , وقـد مـدح اللّه اعـتـرافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما , وسمى تركهم التعمق فيما لم يكلفهم البحث عن كنهه رسوخا )) ((352)) .
8 ـ روي عن ابي عبداللّه الصادق (ع ) انه قال :
(( جـا حبر الى امير المؤمنين صلوات اللّه عليه فقال : يا امير المؤمنين ؟ فقال (ع ) : ويلك في مشاهدة الابصار , ولكن راته القلوب بحقائق الايمان )) ((353)) .
9 ـ روي ان رجلا قال للحسين بن علي (ع ) : اجلس حتى نتناظر في الدين ,فقال (ع ):
(( يـا هـذا انـا بـصير بديني , مكشوف علي هداي , فان كنت جاهلا بدينك , فاذهب واطلبه , مالي وللمماراة ؟ وان الشيطان ليوسوس للرجل , ويناجيه ويقول : ناظر الناس في الدين كيلا يظنوا بك العجز والجهل ..)) ((354)) .
10 ـ جا في ( التوحيد ) عن جعفر بن محمد(ع ) عن ابيه (ع ) قال :
(( قيل لعلي (ع ) : ان رجلا يتكلم في المشيئة , فقال (ع ) : ادعه لي , قال : فدعي له ,فقال (ع ) : يا عبد اللّه خلقك اللّه لما شا , او لما شئت ؟ قـال : اذا شا , قال (ع ) : فيشفيك اذا شا , او اذا شئت ؟ او حـيـث شـئت ؟ )) ((355)) .
والـذي يـبـدو ان هـذا الرجل كان يقول بتفويض الامور الى العباد , وان اللّه تعالى ليست له علاقة بـمخلوقاته بعد خلقهم وانشائهم , فحذره امير المؤمنين (ع ) من الانسياق مع هذا التفكير الخطير , وبـين له ان ارادة اللّه تعالى ومشيئته تبقى مرافقة للانسان , ولا يمكن ان تنفك عنه مطلقا , وسياتي فـي آخـر هذه الدراسة تسليط الضؤ من خلال حديث اهل البيت (ع ) على هذه النقطة بشكل اوضح واوسع , ان شا اللّه تعالى .

4 ـ اتباع الاهوا:

ومـن الاسـبـاب الاخـرى الـتـي ادت الـى نـشؤ البدع في حياة المسلمين , ظاهرة اتباع الاهوا , والانحراف عن جادة الصواب , وصراط اللّه المستقيم .
فالنفس الانسانية تتجاذبها تيارات وشهوات متعددة , وهي تنساق مع مغريات الحياة وملاذها بروية , وتـسـتـعـصـي على الحق , وتابى قبوله , والسير على هداه , لما فيه من منع للنفس عن آهوائها , ومشتهياتها الفانية .
فـقـد يـديـن الانـسان بالاسلام , ويعد فيمن يعد من المسلمين , الا انه ما يلبث ان ينتحل الاعذار , ويسوف في امتثال الاوامر الالهية , نتيجة لاستسلامه لضغوط قوة الهوى عليه , وقد يندفع الانسان الـى ما هو ابشع من ذلك , تلبية للنزعات الانانية الكامنة في نفسه , فيحرف التعاليم السماوية , وفق اهوائه وميوله الخاصة , من اجل ان يبرر لنفسه المعتقد والعمل , او من اجل ان يضل الاخرين بغير علم , فيردى ويردي الاخرين معه في الاهوا والمبتدعات .
هـذا الـعامل لم يكن ليتحرر منه الانسان الذي عاش في العصر الاول للتشريع , كماانه لا يمكن ان يـتـحرر منه انسان اليوم وانسان غد , ما زال يحمل اعدى اعدائه بين جوانحه , وهي نفسه الامارة بالسؤ.
قال تعالى : ( ومن اضل ممن اتبع هواه بغير هدى من اللّه ) ((356)) .
وقال تعالى : ( ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل اللّه ان الذين يضلون عن سبيل اللّه لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب ) ((357)) .
وعن رسول اللّه (ص ) انه قال :
(( ما تحت ظل السما من اله يعبد من دون اللّه اعظم عند اللّه , من هوى متبع )) ((358)) .
وقال امير المؤمنين (ع ):
(( انما اخاف عليكم اثنين : اتباع الهوى , وطول الامل , اما اتباع الهوى , فانه يصدعن الحق , واما طول الامل , فينسي الاخرة )) ((359)) .
وقال ابو جعفر الباقر(ع ):
(( قال رسول اللّه (ص ) : يقول اللّه عزوجل : وعزتي , وجلالي , وعظمتي ,وكبريائي , ونوري , وعلوي , وارتفاع مكاني , لا يؤثر عبد هواه على هواي , الا شتت عليه امره , ولبست عليه دنياه , وشغلت قلبه بها , ولم اوته منها الا ما قدرت له .
وعزتي , وجلالي , وعظمتي , ونوري , وعلوي , وارتفاع مكاني , لا يؤثر عبد.
هـواي عـلى هواه , الا استحفظته ملائكتي , وكفلت السموات والارضين رزقه , وكنت له من ورا تجارة كل تاجر , واتته الدنيا وهي راغمة )) ((360)) .
وعن ابي عبداللّه الصادق (ع ) انه قال :
(( احـذروا اهواكم , كما تحذرون اعداكم , فليس شي اعدى للرجال من اتباع اهوائهم , وحصائد السنتهم )) ((361)) .
وفـي الحقيقة ان اتباع الاهوا يعد من ابرز العوامل التي ساهمت في ظهور البدع والمحدثات , يقول امير المؤمنين (ع ):
(( ايها الناس انما بد وقوع الفتن اهوا تتبع , واحكام تبتدع , يخالف فيها كتاب اللّه , يتولى فيها رجال رجالا , فلو ان الباطل خلص , لم يخف على ذي حجى , ولو ان الحق خلص , لم يكن اختلاف , ولكن يؤخذ من هذا ضغث , ومن هذا ضغث , فيمزجان فيجيئان معا , فهنالك استحوذ الشيطان على اوليائه , ونجا الذين سبقت لهم من اللّه الحسنى )) ((362)) .
ويمكن لنا ان نلتمس بعض المصاديق التي تولدت عن هذا العامل في بدايات التشريع , على انـا نذكر قبل ذلك ان اغلب الفتن التي مرت بها الامة الاسلامية , واكثرالانقسامات التي حصلت فيها , انما هي ناشئة في واقعها من جرا اتباع الاهوا ,والابتعاد عن كتاب اللّه وعترة اهل البيت (ع ) الذين اوصى رسـول اللّه (ص ) امته بان تتمسك بهما , وتلوذ في حماهما , لانهما لن يفترقا حتى يردا عليه (ص ) الحوض .
1 ـ جا في الاعتصام ما نصه :
(( شرب نفر من اهل الشام الخمر , وعليهم يزيد بن ابي سفيان , فقالوا : هي لناحلال , وتاولوا هذه الايـة : ( لـيـس عـلى الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيماطعموا اذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا واحسنواواللّه ى حب المحسنين ) ((363)) , قال : فكتب فيهم الى عمر , فكتب عمر اليه : ان ابعث بهم الي قبل ان يفسدوا من قبلك , فلما قدموا الى عمر استشار فـيهم الناس , فقالوا : يا اميرالمؤمنين به , فاضرب اعناقهم فـان تـابـواجلدتهم ثمانين ثمانين لشربهم الخمر , وان لم يتوبوا ضربت اعناقهم , فانهم قد كذبوا على اللّه , وشرعوا في دين اللّه ما لم ياذن به )) ((364)) .
2 ـ مر الامام علي (ع ) بقتلى الخوارج فقال :
(( بؤسا لكم بـالـسـؤ , غـرهـم بـالاماني , وفسحت لهم في المعاصي , ووعدتهم الاظهار ,فاقتحمت بهم النار )) ((365)) .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

دواء القلوب
المُناظرة العشرون /مناظرة الاِمام الكاظم عليه ...
محكمة الآخرة
الجبر والاختيار
سياحة في الغرب أو مسير الأرواح بعد الموت 3
صفات الخالق وخصائصه
آراء الحكماء في المعاد الجسماني
المناظرة الحادية عشر/سماحة الشيخ مصطفى الطائي
أسباب النزول بين العموم والخصوص
الصفات الذاتية الثبوتية

 
user comment