السجود في القرآن وفي ختام الأدعية
السجود حالة من حالات القرب إلى الله تعالى، ففي سورة العلق الآية (19) أمر من الله بالسجود والاقتراب، وكذلك هناك آيات إذا قرأها الإنسان يجب عليه السجود، وأخرى يستحب له السجود،وبما أن القرب من أهم الأشياء المطلوبة في الدعاء، نرى أن بعض الأدعية كدعاء الصباح للإمام علي (ع) يختم بدعاء في حالة السجود، كما ورد السجود عقب دعاء الجوشن الصغير، وكذلك دعاء الإمام زين العابدين (ع) في طلب الحوائج المذكور في الصحيفة السجادية، وكان الإمام زين العابدين يقرأ دعائه في التسبيح الوارد في الصحيفة وهو ساجد، صحيح أن السجود هيئة بدنية ظاهرية إلا أن لها العديد من الإيحاءات الروحية والنفسية على الساجد، ومن هذه الإيحاءات الخضوع والتذلل والخشوع والتسليم والفقر والحاجة إلى الله تعالى.
السجود يقي من عذاب النار
المستفاد من الأدعية والروايات أن السجود يقي الإنسان من عذاب النار، ففي خطبة النبي (ص) في استقبال شهر رمضان يقول ( ص): ( واعلموا أن الله أقسم بعزته أن لا يعذب المصلين والساجدين، وأن لا يروعهم بالنار يوم يقول الناس لرب العالمين) وورد في مناجاة الخائفين للإمام زين العابدين (ع) : (إلهِي هَلْ تُسَوِّدُ وُجُوهً خَرَّتْ ساجِدَةً لِعَظَمَتِكَ؟)، في دعاء كميل للإمام علي (ع): (وليت شعري يا سيدي وإلهي ومولاي أتسلط النار على وجوه خرت لعظمتك ساجدة) وفي دعاء السحر: (. يا الله يا كريم ، لا تحرق وجهي بالنار بعد سجودي لك وتعفيري بغير منٍّ مني عليك).
رفض السجود يوجب الهلاك
وكما أن السجود يقي من عذاب النار فإن رفض السجود والاستكبار على الله يوجب الهلاك، وكلنا يعلم ما أصاب إبليس عندما عصى الله ورفض السجود لآدم، فقد طرد من رحمة الله، واستحق لعنة الله وغضبه.
السجود من أبواب غفران الذنوب
قال النبي (ص) في خطبته في استقبال شهر رمضان : (أيها الناس: إن أنفسكم مرهونة بأعمالكم ففكوها باستغفاركم، و ظهوركم ثقيلة من أوزاركم، فخففوا عنها بطول سجودكم).
اقتران السجود بالشكر
من المعروف أنه يستحب سجود الشكر بعد الصلاة، ويمكن للإنسان أن يشكر في غير حال السجود، إلا أن الشكر في حال السجود على نعم الله أو لدفع بلاء ما يكون ذا طابع خاص، ويتعدد سجود الشكر لتعدد النعم، فكل نعمة ينبغي أن يكون لها سجود شكر كما ينقل موقع السراج عن كتاب مكارم الأخلاق، ص 304: (قال الصادق (ع) : إنَّ رسول الله (ص) كان في سفرٍ يسير على ناقةٍ إذا نزل فسجد خمس سجدات ، فلمّا ركب قالوا : يا رسول الله !.. رأيناك صنعت شيئاً لم تصنعه ؟.. فقال: نعم استقبلني جبرئيل (ع) فبشّرني ببشارات من الله عزَّ وجلَّ ، فسجدت لله شكراً لكلّ بشرى سجدة)
فوائد سجدة الشكر
لا أستطيع أن أضيف من فوائد سجدة الشكر على ما ورد عن الإمام الصادق (ع) في موقع السراج نقلاً عن كتاب مكارم الأخلاق، ص 332 : ( سجدة الشكر واجبة على كلّ مسلم تُتمُّ بها صلاتك ، وتُرضي بها ربّك ، وتعجب الملائكة منك ، وإنّ العبد إذا صلّى ثم سجد سجدة الشكر فتح الربّ تعالى الحجاب بين العبد وبين الملائكة ، فيقول :
يا ملائكتي !.. انظروا إلى عبدي أدّى فرضي ، وأتمَّ عهدي ، ثم سجد لي شكراً على ما أنعمت به عليه ، ملائكتي !.. ماذا له ؟..
فتقول الملائكة : يا ربّنا رحمتك !.. ثم يقول الربّ تبارك وتعالى : ثم ماذا له ؟..
فتقول الملائكة : يا ربنا جنتك !.. فيقول الرب تبارك وتعالى : ثم ماذا ؟..
فتقول الملائكة : يا ربّنا كفاية مهمّه !.. فيقول الربّ تبارك وتعالى :
ثم ماذا ؟..
قال : فلا يبقى شيءٌ من الخير إلاّ قالته الملائكة ، فيقول الله تبارك وتعالى :
يا ملائكتي ثم ماذا له ؟!..
فتقول الملائكة : يا ربّنا !.. لا علم لنا ، قال : فيقول الله تبارك و تعالى :
أشكر له كما شكر لي ، وأقبل إليه بفضلي وأُريه وجهي)
سجود الظواهر الطبيعية
بعض الأدعية تعبر عن سجود الظواهر الطبيعية لله تعالى كما ورد في دعاء الوارد في هذا الدعاء عن النبي (ص) كما ورد في بحار الأنوار: (أن أنت الذي سجد لك سواد الليل ، ونور النهار ، وضوء القمر ، وشعاع الشمس ، ودوي الماء وحفيف الشجر).فإذا كان كل الكون خاضعاً لله فمن القبيح على الإنسان أن يستكبر عن السجود ويكون شاذاً بين كل هذه المخلوقات.
السجود والاعتراف
كان الإمام الصادق (ع) يقول في سجوده كما في موقع السراج نقلاً عن الكافي 3/327 : (سجد وجهي البالي لوجهك الباقي الدائم العظيم ، سجد وجهي الذليل لوجهك العزيز ، سجد وجهي الفقير لوجه ربّي الغني الكريم العليّ العظيم).
وكان زين العابدين (ع) يقول عند فراغه من صلاته في سجدة الشكر كما في موقع السراج نقلاً عن دلائل الإمامة (: يا كريم !.. مسكينك بفنائك .. يا كريم !.. فقيرك زائرك ، حقيرك ببابك يا كريم !.. ")
سجود التذلل يوجب علو الدرجات
ورد في موقع السراج نقلاً عن أمالي الطوسي 1/167، قال الصادق (ع) : أوحى الله تعالى إلى موسى بن عمران (ع): أتدري يا موسى لِمَ انتجبتك من خلقي ، و اصطفيتك لكلامي ؟.. فقال : لا يا ربّ !.. فأوحى الله إليه : أنّي اطّلعت إلى الأرض فلم أجد عليها أشدَّ تواضعاً لي منك ، فخرَّ موسى (ع) ساجداً و عفّر خدّيه في التراب تذلاً منه لربّه عزَّ وجلَّ ، فأوحى الله إليه : ارفع رأسك يا موسى !.. وأمرر يدك في موضع سجودك ، وامسح بها وجهك وما نالته من بدنك ، فإنّه أمانٌ من كلّ سقمٍ وداءٍ وآفةٍ وعاهةٍ .
ذي سجد لك سواد الليل ، ونور النهار ، وضوء القمر ، وشعاع الشمس ، ودوي الماء وحفيف الشجر
source : السيد هاشم الموسوي