عربي
Thursday 29th of August 2024
0
نفر 0

في صفات الواجب الوجود تعالى معنى اتصافه بها


ان صفات الواجب تنقسم بالقسمة الأولية الى قسمين اساسيين : صفات ذات , وصفات فعل .
الصفات الذاتية :
وهي الصفة المنتزعة من مقام الذات الواجبة , بقطع النظر عما عداها , يعني من دون حاجة الى افتراض اي امر اخر سوى الذات , فتكون هذه الصفة ثابتة للذات المتعالية المتنزهة عن العيوب , اذ ان مجرد ثبوت الذات يكفي لثبوت هذه الصفة , وهي من قبيل كونه تعالى حياً , فان حياته تعالى لا تتوقف على شئ اخر .
الصفات الفعلية :
وهي تلك الصفات غير المنتزعة من مقام الذات وانما هي الصفات المنتزعة من مقام الفعل والمضافة الى غيره , يعني ان للواجب بالذات صفات فعلية مضافة الى غيره , مثلا تقول : (خالق) فلابد ان يوجد خلق حتى نقول خالق , , و(رازق) فلابد ان يكون هناك رزق ومرزوق حتى يكون رازقاً , ونقول : (غفور رحيم ) الى اخرع من الصفات , ويجمع هذه الصفات صفة القيوم , اي ان الصفات الاضافية , الزائدة على الذات , والمنتزعة من مقام الفعل , ترجع جميعا من القيومية , والقيومية هي كونه بحيث يقوم به غيره , من وجود او حيثية وجودية , فان الخلق والرزق وغيرها , حيثيات وجودية في موضوعاتها من الوجودات الامكانية ,وهي جميعا قائمة به تعالى مضافة من عنده . كما قال صاحب الاسفار .
فصفات الفعل مضافة الى غيره تعالى , اي انها متوقفة في تحققها على تحقق غيره المضاف اليه , بمعنى ان يكون هذا الغير معلولاً له , لان كل ما في هذا الكون من وجود وكمال وجودي هو معلول له , فاذا كان معلولاً له فيكون متأخراً عنه , فاذا كان متأخراً عنه تكون صفة الفعل متأخرة , لانها منتزعة من فعله تعالى , منتزعة من تلك الاشياء التي خلقها وأوجدها هو .
اذاً الصفة المتوقفة على وجود الافعال متأخرة عن الذات , لأنها اي الافعال توجدها ذات الباري تعالى , وهذه الصفات منتزعة من هذه الافعال .
وعلى هذا الاساس تكون صفات الفعل زائدة عن الذات , لانها منتزعة من مقام الفعل , وهي منسوبة الى الذات المتعالية .
ان صفات الفعل كثيرة جداً , لانها منتزعة من افعاله , فلو فرضنا ان لم تكن هناك مخلوقات له , ولم تكن هناك موجودات اخرى صدرت عنه , فمثل هذه الصفات لا تكون , يعني لو لم تكن هناك مخلوقات فلا نقول انه خالق , وهكذا .
والبحث هنا في صفات الذات لا في صفات الفعل .
اتصافه تعالى بصفات الكمال :
انه سبحانه وتعالى يتصف بصفات الكمال , يعني ان كل ما يمكن له من صفة كمال يكون ثابتاً له , لانه تعالى هو المصدر والمنبع والمبدأ الذي يتدفق ويفيض منه كل وجود وكل كمال وجودي , فان كل وجود , اي مفاد كان التامة , وكل كمال وجودي , اي مفاد كان الناقصة , فانها بتمامها مفاضة منه تعالى .
ان العلة أشرف من المعلول والعلة أقدم من المعلول , والعلة تشمل على كمال المعلول وزيادة , فاذا كان كل كمال وجودي في هذا الوجود مفاضاً منه , فلابد ان يكون المبدأ والعلة المفيضة لهذه الكمالات تشتمل على هذه الكمالات بدرجة اقوى واشد وأعلى وأشرف , بناء على ان كل من يعطي شيئاً لابد ان يكون متوافراً على ذلك الشئ , لأن فاقد الشئ لا يعطيه ومعطي الشئ غير فاقد له . وعلى هذا الاساس يتصف الباري تعالى بكل صفة من صفات الكمال .
الصفات الثبوتية :
ان الصفات الذاتية تنقسم الى قسمين :
1- صفات ثبوتية .
2- صفات سلبية .
والمقصود بالثبويتة هي الصفات الثابتة له , اي صفات ايجابية , صفات جمال وصفات كمال له , فالصفات الثبويتة , كالحياة والعلم والقدرة , فنقول مثلا انه : حي , عالم , قادر .... الخ .
الصفات السلبية :
هي صفات منفية عنه , اي صفات جلال , يعني يجل وينزه عن هذه الصفات , كما نقول : ليس بجاهل , ليس بجسم . والصفات السلبية تعود الى الصفات الايجابية , اذ عرفنا فيما سبق انه لا يجوز ان تنفى عنه اي صفة من صفات الكمال , يعني كل صفة تمكن له بالامكان العام ولا تكون ممتنعة بالنسبة اليه , فيكفي امكانها في ثبوتها , اي ان امكانها يساوق وجودها وثبوتها , فكل كال ثابت له , وهذا يعني ان ثبوت كل كمال له نفي عدم الكمال عنه , بمعنى اذا كان الكمال ثابتاً له فلا يجوز نفيه عنه , وكل نقص يكون منفياً عنه . اذا الصفات السلبية تعني نفي النقص وهو كمال , ونفي الفقر والاحتياج وهو الغنى , وعلى هذا الاساس تعود الصفات السلبية الى الصفات الايجابية الثبوتية , لأنها سلب الكمال , اي ثبوت وايجاب الكمال , مثلا نقول : الله تعالى ليس بعاجز , والعجز عدم القدرة , فالله سبحانه ليس بعاجز , يعني ليس ليس بقادر , تصبح النتيجة , الله سبحانه وتعالى قادر و لأن نفي النفي اثبات .
أقسام الصفات الثبوتية:
ان الصفات الثبويتة تنقسم الى قسمين :
1- صفات حقيقة .
2- وصفات اضافية .
الصفات الحقيقية مثل: العالم , الحي , القادر , اما الصفات الاضافية فمثل , القادرية , العالمية .
ثم ان الصفات الحقيقية تنقسم الى قسمين :
1- حقيقية محضة , كالحي .
2- حقيقية ذات اضافية مثل : العالم بالغير لا يلزم منه وجود الغير بالخارج , وانما وجود الغير في مقام التعقل والتصور , يعني لابد من فرض الغير وان لم يكن الغير موجوداً , حتى يكون هناك علم بالغير .
في كيفية اتصافه بهذه الصفات :
مما لا اشكال فيه ان الصفات الاضافية زائدة على الذات المتعالية , لان الصفات الاضافية , كالقادرية والعالمية , امور اعتبارية وليست حقيقية , والامر الاعتباري امر افتراضي وليس بحقيقي , والذات المقدسة منزهة , ولا يمكن ان تكون محلا للامور الاعتبارية الافتراضية .
ان الصفات السلبية تؤول الى الصفات الثبوتية كما قلنا , وحينئذ تكون الصفات السلبية صفات ثبوتية حقيقية , فحكم الصفات السلبية حكم الصفات الثبوتية الحقيقية , لانها في حقيقتها هي صفات ثبوتية .
توجد عدة نظريات في كيفية اتصافه تعالى بالصفات الثبوتية الثابتة له , والتي هي أعم من الحقيقة المحضة والحقيقية ذات الاضافة وهي :
1- نظرية الحكماء :
الحق من هذه الاقوال هو الرأي المنسوب الى الحكماء , اي ان له تعالى صفات , وهذه الصفات عين الذات , وكل صفة هي عين الاخرى , يعني انها مختلفة في المفهوم ولكن مصداقها مصداق واحد .
والدليل على هذا القول يتألف من مقدمات هي :
1- ان الواجب تعالى علة تامة لكل موجود ممكن , اما ان يكون بلا واسطة او بواسطة واحدة او بعدة وسائط , بمعنى ان الواجب هو العلة بذاتها .
2- ان كل كمال وجودي في المعلول ناشئ من العلة , يعني العلم الموجود في المعلول , القدرة الموجودة في المعلول , كل ما نراه من وجودات كمالية في المعلول , ناشئ من العلة . ولذلك لابد ان تكون العلة في مقام عليتها واجدة لهذا الكمال الوجودي بنحو أعلى واشرف , فالعلم الموجود لديك لابد ان يكون عند الواجب بنحو أعلى وأشرف .
اذا للواجب بالذات كل كمال وجودي مفترض .
3- ان ووجود الواجب وجود صرف بسيط , وهو واحد بالحقة الحقيقية , وليس واحداً بالوحدة العددية , فان ذات الواجب ليس فيها تعدد ولا تركيب ولا جهة من الجهات , لأن اولحدة الحقة هي التي تكون فيها ذات الواحد عين الوحدة , أذ لو كانوحدته زائدة على ذاته لأن اولحدة تسوق الوجود .
4- فالنتيجة نا كل كمال مفروض له يكون عين ذاته وعين الكمال الاخر المفروض له . وعلى هذا الاساس تكون الصفات الذاتية الثابتة للواجب بالذات , وان كانت مختلفة مفهوماً ,ولكنها متحدة مصداقاً .
الارادة :
قال بعض ان علة الايجاد هي المشيئة والارادة دون الذات . لكن يقول هذا الكلام لا محصل له , وذلك لما يلي :
1- ان الارادة ان كانت صفة ذاتية فهي عين الذات , يعني تكون نسبة ايجاد الاشياء للارادة عين نسبة ايجاد الاشياء للذات , لانه لا توجد عندنا اثنينية , وانما الارادة هي الذات والذات هي الارادة مصداقاً , فهما امر واحد .
2- واذا كان يقصد ان الارادة من صفات الفاعل , فصفات الفعل منتزعة من مقام الفعل , يعني لابد ان يكون هناك فعل موجود ثم ننتزع منه صفة الفعل , فيكون الفعل متقدماً على الارادة , يعني الذات اولاً والفعل ثانياً والارادة ثالثاً , لان صفة الفعل منتزعة من الفعل فكيف يكون الفعل مستنداً اليها في وجوده؟ لأن اسناد الفعل اليها في وجوده يعني تقدم المعلول على العلة . وهو محال .
3- انه يلزم من القول الذي يقول : ان علة الايجاد هو المشيئة والارادة دون الذات , كون نسبة الايجاد والخلق الى الواجب نسبة مجازية لا حقيقية , لان الخالق ليس هو وانما الخالق حقيقته هو مشيئته وارادته , بينما نسبة الخلق والايجاد الى الواجب تعالى ليست نسبة مجازية وانما هي نسبة حقيقية .
نظرية الاشاعرة :
ينسب الى المدرسة الاشعرية انها تقول : بأن ذات الحق تتصف بمجموعة من الصفات , وبحكم كون الصفة مغايرة للموصوف فان الصفات مغايرة للذات .
وبكلمة اخرة ان الصفات زائدة على الذات , وبما ان االموصوف , الذات قديمة الوجود , اذا يلزم ان تكون الصفات ايضاً قديمة , وبما ان الذات واجبة الوجود فيلزم ان تكون الصفات ايضاً واجبة الوجود كالموصوف .
فصفات واجب الوجود تكون كذات الواجب , فكما ان ذات الواجب واجبة فالصفات واجبة ايضاً , وكما ان ذات الواجب قديمة فالصفات قديمة كذلك .
وذكروا من هذه الصفات : الحياة والقدرة والعلم والسمع والبصر والارادة والكلام فهذه الصفات تكون كلها قديمة .
مناقشة الأشاعرة :
وقد رد الطباطبائي عليهم بقوله : بأن هذه الصفات اما ان تكون معلولة او لا تكون معلولة , يعني ان هذا الصفات الزائدة على الذات واللازمة لها والقديمة بقدمها , ان كانت في وجودها مستغنية عن العلة قائمة بنفسها , فيلزم من ذلك تعدد القديم , اي يكون هناك ثمانية قدماء , سبعة منها الصفات , والذات هي الثامنة . كما ان براهين وحدانية الواجب تثبت ان الواجب القديم واحد أحد , وليس سواه واجب قديم اخر . هذا اذا قلنا ان الصفات في وجودها مستغنية عن العلة , وان قلنا انها في وجودها مفتقرة الى العلة , فلا يخلو أمرها , اما ان تكون علتها هي الذات , فعلى هذا تكون الذات هي علة متقدمة على هذه الصفات ومفيضة لها , بينما كانت الذات فاقدة لهذه الصفات , لانها هي التي توجدها ,ومن المحال ان يكون الشئ موجداً لما هو فاقد له , لان فاقد الشئ لا يعطيه , فهذا محال .
مضافاً الى انه يلزم من ذلك حاجة الواجب باتصافه بصفات الكمال الى غيره , والحاجة بأي صورة من الصور فرضت تنافي الوجوب الذاتي , لأن الوجودب الذاتي مناط الغنى .
كما يلزم من ذلك فقدان الواجب في ذاته صفات الكمال , كام ان الواجب هو صرف الوجود الذي لا يشذ منه كمال ولا يفقد شيئاً من الكمال الوجودي .
فعلى هذا الاساس يكون القول الذي ذهب اليه الاشاعرة في الصفات ليس بتام .
نظرية الكرامية :
يذهبون الى ان الصفات زائدة على الذات وحادثة .
وهذا القول ايضاً باطل , لانه يلزم منه امكان الصفات واحتياجها الى العلة , يعني ان هذه الصفات تكون ممكنة وليست بواجبة وهي محتاجة الى العلة , لأن كل ممكن محتاج الى العلة .
ثم ان العلة للصفات اما الذات او غير الذات فاذا كانت العلة الذات فيلزم من ذلك ان تفيض الذات هذه الصفات التي هي فاقدة لها , وقد تبين ان فاقد الشئ لا يعطيه , واذا افترضنا ان المفيض لهذه الصفات وعلة هذه الصفات هي غير الذات فيلزم من ذلك تحقق جهة امكانية في الذات وسلب الكمالات الوجودية عن الذات . وقد تحقق ان الذات ليس فيها جهة امكانية \' لأن واجب الوجود بالذات واجب الوجود من جميع الجهات , وان واجب الوجود يشتمل على كل كمال وجودي .
نظرية المعتزلة :
النظرية المنسوبة الى المعتزلة هو القول الذي يرى ان الذات نائبة عن الصفات , فيلزم من ذلك ان الذات تكون فاقدة للكمال , بينما الذات المقدسة مفيضة للكمال . ومن الواضح ان الفاقد للكمال لا يكون مفيضاً ومعطياً له , ففاقد القدرة والعلم لا يمكن ان يعطيهما , لأن فاقد الشئ لا يعطيه .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

لباس النساء بين القرآن والكتاب المقدس
في صفات الواجب الوجود تعالى معنى اتصافه بها
عقيدة الشيعة الإمامية
العفو
اقسام البدعة
مساءلة منكر ونكير
مفتاح التقرّب الى الله
قضاء وقدر ام جبر وتفويض
التوحيد القرآني في مدرسة التشيع
السُنّة والشيعة و الاِمامـة

 
user comment