قال السيد نصر الله في كلمته بمراسم تخليد ذكرى رحيل الامام الخميني /قدس سره/ والتي اقيمت في العاصمة اللبنانية بيروت بحضور حشد كبير من الشخصيات اللبنانية الرسمية والسياسية والحزبية العسكرية والدبلوماسية والاجتماعية والدينية من مختلف الطوائف والمذاهب، قال : الامام الخميني قدس سره وكما قال سماحة القائد الخامنئي هو حقيقة حيّة باقية لأنها متصلة بمنبع الحق ومعدن الرحمة.
واعتبر أن من أهم الإنجازات الكبيرة والعظيمة التي حققها الامام الخميني هو إعادة إحياء منظومة القيم الإلهية والنبويّة والانسانية والأخلاقية في حياة الإنسان والشعوب والأمم، وخصوصاً في عقول وقلوب هذه الأمة، موضحاً أن تأثيرات هذا الاحياء تعدت الأمة العربية والإسلامية إلى أماكن كثيرة في هذا العالم، واستلهم الكثيرون ثورة هذا الإمام وحركته وقيمه في مواجهة تحدياتهم وطغاتهم وظروفهم الصعبة والقاسية.
ولفت إلى أن الإمام الخميني جاء في الزمن الذي شاء الله سبحانه وتعالى أن يبعث رحمته ويضيء هداه من جديد، في المرحلة التي بدأت تسود فيها لدى شعوبنا وأمتنا وفي هذا العالم مفاهيم وقيم مختلفة, لا صلة لها لا بقيمنا ولا بثقافتنا ولا حضارتنا ولا تاريخنا, كمثل فكرة وثقافة القعود عن نصرة الحق بأعذار وحجج متفاوتة وواهية، ثقافة الانسحاب من القضايا الكبرى، وثقافة الاستسلام لمنطق القوة المادية واليأس من تحقيق أي انتصار أو إنجاز.
وقال: جاء الامام الخميني ليقدّم ويحيي ويثبّت منظومة قيم مختلفة ومناقضة تماماً لكل ما هو سائد، فأحيا فينا وفي هذه الأمة ثقافة الجهاد والوقوف في وجه الطواغيت والظالمين. أحيا فينا ثقافة الحياة الكريمة والعزيزة التي يرفض فيها الإنسان الذل والهوان والاكتفاء ببعض عيش أو طعام أو رخاء. أحيا فينا قيم التضحية والعطاء والجود بالنفس والأهل والمال حتى الشهادة في سبيل قضايا أمتنا وفي سبيل قضايانا المقدسة، أحيا فينا ثقافة نصرة المظلومين والمستضعفين وعدم التخلي عنهم. أحيا في البشرية كل القيم المعنوية والإيمانية المتصلة بالعلاقة مع الله تعالى القادر الناصر المعين الهادي المرشد من ثقة وتوكل واستمداد، أحيا فينا ثقافة الثقة بأنفسنا بعد الثقة بالله سبحانه وتعالى، وثقافة الثقة بالناس، بالشعوب، بعقولها وعلمها وحضارتها وطاقاتها المتنوعة وقدراتها البشرية والمادية وقدرتها على التغيير وعلى صنع المصير وعلى تحقيق الاستقلال وعلى إزالة الظلم وعلى تحرير المقدسات.
ولفت إلى أن خطاب الإمام الراحل كان خطاباً إيمانياً إنسانياً، لم يتوجه فيه إلى المسلمين فقط بل كان مخاطب الإمام كل المستضعفين والمعذبين والمظلومين في هذا العالم موضحاً أن خطاب الإمام كان موجهاً إلى كل بني الإنسان، وكان في ضميره مئات الملايين الذين يموتون جوعاً في هذا العالم، والأميين الذين لا تتوفر لهم فرصة التعلم، وكان يحدّد الأسباب ويحمل الطغاة والمستكبرين وعلى رأسهم من كان يسميه بحق الشيطان الأكبر، الإدارة الاميركية، مسؤولية كل هذا الظلم والطغيان والحرمان.
وكان يخاطب الناس بالعقل والفطرة كما كان يخاطبهم بالكتاب والسنة وكان يبحث ويؤسس على المشترك بين الأديان وأتباع الأديان. وكان في كلماته وأدبياته الكثير من الإستشهاد بانبياء الله السابقين وإبراهيم الخليل (ع) وكليم الله موسى وروح الله عيسى إلى جانب رسول الله سيد الأنبياء والمرسلين محمد (ص).
معتبراً أن استشهاد الإمام الخميني بالنبي ابراهيم (ع) يرجع إلى الخلفية الوحدوية والتوحيدية الجامعة في عقله وفكره الشريف، لأن إبراهيم (ع) هو نقطة الإشتراك بين اليهود والمسيحيين والمسلمين.
وقال: هو الذي بدأ تحدي الطغاة وكان أعزل حتى من العصا وتحمّل الصعاب وقدم التضحيات وحقق الإنجازات الكبرى وكان انتصاره المدوي على أعتى الملوك والطغاة في هذا العصر, وتمكن بفعل هذا الحضور الميداني والجهادي من إقامة نظام إسلامي عصري وإستطاع هذا النظام بفعل أسسه المتينة ومبانيه المحكمة وقواعده الراسخة وحبله المتصل بالله عز وجل، استطاع هذا النظام الإسلامي الصمود بوجه كل المؤامرات الدولية والخارجية والداخلية.
وأكد نصر الله أن تصدير الثورة التي طرحها الإمام الخميني لم تكن تعني على الإطلاق لا تصدير الجيوش ولا الغزو ولا الفتوحات وإنما تصدير ونقل هذه القيم والثقافة والأفكار. موضحاً أن حزب الله استند في إطلاق المقاومة في لبنان إلى هذه القيم في الجهاد والتضحية والعطاء والشهادة والعزة وفي الكرامة... معتبراً أن القضية الفلسطينية هي من أهم القضايا الكبرى التي أعطاها الإمام الخميني (رض) دفعاً قوياً وتاريخياً بعدما بدا أنها تسلك طريق السقوط والحصار والتخلي.
وأكد السيد نصر الله أن الثورة الإسلامية وبعد هذه العقود من ثورة الإمام وبعد عقدين من رحيله، ما زالت تحافظ على قيمها ومفاهيمها وثقافتها وحضورها بقوة, بل هي اليوم أقوى حضوراً وتأثيراً من أي زمن مضى، معتبراً أن التطورات التي شهدتها المنطقة وخصوصاً في مسألة الصراع مع العدو الصهيوني تثبت صحة ومصداقية هذه الثقافة وما تطرحه من خيارات.
وختم السيد نصر الله كلمته بالقول :اننا نعاهد الامام الخميني أن نحفظ نهجه وخطه وأن نواصل دربه وأن نحقق أهدافه وأن نكون الأوفياء لخليفته المسدد والمؤيد وأن نصلي حيث كان يحب أن يصلي في القدس, في بيت المقدس.
source : http://www.ahl-ul-bayt.org