وصول جيش عمر بن سعد إلى كربلاء (1)
عدد الجيش :
أرسل عبيد الله بن زياد ـ والي الكوفة ـ ثلاثين ألف مقاتل ، وقيل : أربعة آلاف مقاتل ، بقيادة عمر بن سعد إلى كربلاء ، لمقاتلة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، ووعده إن هو قتل الإمام الحسين ( عليه السلام ) يُعطيهِ مُلك الري ، فوصل الجيش في اليوم الثالث من المحرّم 61 هـ إلى أرض كربلاء .
اجتماع عمر بن سعد مع الإمام الحسين ( عليه السلام ) :
اجتمع عمر بن سعد مع الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وسأله عن سبب مجيئه إلى الكوفة ؟ فأجابه الإمام الحسين ( عليه السلام ) : ( كتب إلي أهل مصركم هذا أن أقدم ، فأمّا إذا كرهتموني فإنّي انصرف عنكم ) .
كتاب عمر بن سعد إلى ابن زياد :
أرسل عمر بن سعد كتاباً إلى ابن زياد ، يقترحُ عليه فكرةً توصَّل إليها مع الإمام ( عليه السلام ) ، وهي أن يفتح المجال للإمام الحسين ( عليه السلام ) بالعودة ، وعدم مقاتلته ، وهذا نص الكتاب :
( أمّا بعد : فقد أطفأ الله النائرة ، وجمع الكلمة ، وأصلح أمر الأُمّة ، وهذا حسين قد أعطاني أنّه يرجع إلى المكان الذي منه أتى ، وأن يسير إلى ثغر من ثغور المسلمين ، فيكون رجلاً من المسلمين ، له ما لهم وعليه ما عليهم ، أو أن يأتي أمير المؤمنين يزيد ويضع يده في يده ، فيرى فيما بينه وبينه رأيه ، وفي هذا رضاء الله تعالى وللأُمّة صلاح ) .
كتاب ابن زياد إلى عمر بن سعد :
أرسل ابن زياد كتاباً جوابياً إلى عمر بن سعد بيد شمر بن ذي الجوشن ، وقال لشمر : فليعرض على الحسين وأصحابه النزول على حكمي ، فإن فعلوا فليبعث بهم إليّ سلماً ، وأن أبوا فليقاتلهم ، فان فعل عمر فاسمع له وأطع ، وأن أبى أن يقاتلهم فأنت أمير الجيش ، فاضرب عنقه ، وابعث إليّ برأسه ، وكان في الكتاب : ( إنِّي لم أبعَثْكَ إلى الحسين لِتكفَّ عنه ، ولا لتطاوله ، ولا لِتُمنيه السلامة والبقاء ، ولا لتعتذرَ عنه عندي ، ولا لتكون له شافعاً .
انظرْ فإن نزلَ الحسين وأصحابه على حكمي واستسلموا ، فابعث بهم إليَّ سلماً ، وأن أبوا فأرجف عليهم حتّى تقتلهم وتمثِّل بهم ، فإنّهم لذلك مستحقُّون ، فإن قُتِل الحسين فأوطئ الخيل صدره وظهره ، فإنّه عَاقٌ ظَلوم ، فأن أنت مضيت لأمرنا فيه جزيناك جزاء السامع المطيع .
فإنْ أبَيْتَ فاعتزل عملنا وجندنا ، وخَلِّ بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر ، فإنَّا أمرناه بأمرنا ، والسلام ) .
موقف عمر بن سعد :
استلم ابن سعد الكتاب وقرأ ما فيه ، وأخذ يصارع نفسَهُ بين مواجهة الإمام الحسين ( عليه السلام ) وقتله ، التي يحلُم عن طريقه الحصول على السلطة والسياسة والمكانة المرموقة عند رؤسائه وقادته ، وبين تحمُّل أوزار الجريمة ، فسوَّلت له نفسه أن يُرجِّح السلطة والمال ، وقرَّر أن يقود المعركة ، بِمعونة شمر بن ذي الجوشن ، لقتل الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، أهل بيته وأصحابه .
فو الله ما أدري وأنّي لواقف ** أفكر في أمري على خطرين
أأترك ملك الري والري منيتي ** أم أرجع مأثوماً بقتل حسين
ففي مثله النار التي ليس دونها ** حجاب وملك الري قرّة عيني
فعمد ابن سعد لإجبار الحسين ( عليه السلام ) للاستسلام أن قطع عليه طريق الماء ، ولكن إباء الإمام وإصراره على عدم الرضوخ رغم الحشود التي تواجهه وقلّة الناصر .
ـــــــــ
1ـ روضة الواعظين 182 .