نعرض بعضاً من حديث الإمام الخامنئي دام ظلّه حول صيانة مفهوم الشهادة ورسالة الشهادة:
من كلام السيد القائد الخامنئي (دام ظلّه) في ذكرى الشهداء
- صيانة مفهوم الشهادة:
يقول القائد دام حفظه: "يجب تخليد ذكر الشهداء، وإحياء وصيانة مفهوم الشهادة، هذا المفهوم العظيم والقيِّم والمؤثِّر الذي كانت دماء شهدائنا سبباً في إحيائه على الصعيد العالمي مرة أخرى".
"الاهتمام بشأن الشهداء أهم عمل يمكن أداؤه في هذا المجال بغية المحافظة على أجواء الشهادة في هذا البلد. كان بودي أن أوصيكم بقضية، ولكن وجدت من حسن الحظ أنها مدرجة في تقريركم، كنت أريد أن أوصيكم بعدم الاكتفاء بتوزيع صور الشهداء بل ينبغي أن تنقش صورهم على الجدران... اجعلوا من اسم وذكرى الشهداء صبغة ثابتة في صميم حياتنا اليومية".
"ما دام مفهوم الشهادة مفهوماً حياً في نظامنا الإسلامي فإنها ستبقى تمثل إحدى الدعائم الأساسية للروح الثورية في بلادنا".
- رسالة الشهيد:
يقول القائد دام حفظه: "ما هي الرسالة التي كان يحملها هؤلاء الشهداء ويفترض بنا استلهامها منهم؟
رسالتهم هي أن من يبتغي مرضاة اللَّه، ويطمح لأن يكون وجوده نافعاً في سبيل اللَّه على طريق تحقيق الغايات الإلهية السامية في عالم الوجود، فعليه أن ينكر ذاته في مقابل الأهداف ذات الطابع الإلهي، وليس هذا من نوع التكليف الذي لا يطاق.
حيثما تمسكت فئة مؤمنة بهذه السمة (الإيثار) انتصرت كلمة اللَّه، وحيثما ارتعدت فرائص المؤمنين، كانت الغلبة بلا جدال لكلمة الباطل.
... كل موضع انعدم فيه عنصر الإيثار، كما هو الحال في كل بقعة خلت منه، وكما هو الحال على امتداد التاريخ، وكذلك في عهد الإمام الحسين حين تنصّلت الأكثرية العظمى من المؤمنين والخواص عن واجبها، ونكلت وتراجعت، انتصرت حينها كلمة الباطل، وتسلط يزيد على الرقاب واستمر الحكم الأموي تسعين سنة، وجاء عهد بني العباس ودامت حكومتهم بين خمسة وستة قرون.
وكان السبب الأساسي لكل هذا هو انعدام الإيثار. وكانت النتيجة أن المجتمعات الإسلامية كابدت الكثير من العناء، وذاق المؤمنون أمرَّ أنواع الظلم. إن الساحة واضحة غاية الوضوح.
وعصرنا هذا يا أعزائي شبيه بمعركة أحد، فإن أحسنّا ستكون الهزيمة من نصيب العدو، ولكن إذا وقعت أبصارنا على الغنائم ولاحظنا بضعة أشخاص يتكالبون على جمع الغنائم، وغلبتنا مشاعر الطمع وتركنا مواضعنا وانهمكنا في الاستحواذ على الغنائم، تنعكس المعادلة حينذاك.
أنتم تعلمون كيف انعكست القضية في معركة أحد، ولقد تكررت معركة أحد على مدى التاريخ الإسلامي، القائد الرّباني الذي يرى بصفاء قلبه صفحة الحقيقة انتدب لذلك الموضع فئة من المسلمين وأوصاهم بعدم مغادرة أماكنهم، وأن يحرسوا هذه الجبهة، ولكن ما أن وقعت أبصارهم على الغنائم وشاهدوا أفراداً يحوزون الغنائم، زلزلت القلوب طمعاً.
ولو استنطق كل منهم لقالوا: نحن أيضاً بشر، وقلوبنا تهوى مستلزمات العيش الرغيد، هذا صحيح، ولكن لاحظتم النتائج التي أدى إليها هذا الخنوع أمام الأهواء البشرية التافهة، فقد كسر ضرس الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأصيب بجراح وغُلبت جبهة الحق، وانتصر العدو واستشهد الكثير من أكابر المسلمين.
نداء الشهداء يدعو إلى عدم الانصياع لهواجس الغنائم، هذا هو نداؤهم لي ولكم، ولجميع من يكرِّم هذه الدماء الطاهرة المسفوكة ظلماً.
لا تنظروا إلى من يعصي ويتجه إلى جمع الغنائم "لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم"، عليكم بأنفسكم ولا يشغلنكم من اختار طريق الغواية، هذا ما يأمر به الإسلام وما تدعوا إليه دماء الشهداء، يوم استشهد هؤلاء الأعزاء في الجبهة، كان بعض المخلّفين منهمكين في الكسب، وبعضهم الآخر غارق بجمع الأموال، وآخرون منكبين على انتهاز الفرص، وبعضهم الآخر كان منغمساً في الخيانة، أما الشهداء فقد ساروا صوب الجبهات بدون الالتفات إلى هؤلاء.
وكانت النتيجة هي أنهم استطاعوا حفظ النظام الإسلامي، وغدا كل واحد منهم اليوم كوكباً منيراً ونجماً ساطعاً.
وعلى هذا يكون النداء الأول، هو: نكران الذات أمام اللَّه تعالى، وأمام عباده، وأمام الإرادة الإلهية، ويجب علينا استيعاب هذا النداء، يا أعزائي، لا يمكن التغافل عن هذه الحقائق والمرور عليها مرور الكرام، إنها تستدعي من الإنسان العزم والإرادة".
"النداء الثاني في مقابل أعداء اللَّه، ومعناه الصمود والثبات المطلق بوجه العدو وعدم خشيته، وعدم التهيّب منه، أو الانفعال أمامه، ومن المهم جداً أن لا ينفعل المرء مقابل عدوّه".
source : www.sibtayn.com