الجهل بحكمة الغيبة لا ينافيها
ثم يقال للمخالف في الغيبة: (أتجوز أن يكون للغيبة)(54) وجهُ صحيح اقتضاها، ووجه من الحكمة استدعاها، أم لا تجوٌز ذلك؟
فإن قال: أنا لذلك مجٌوز.
قيل له: فإذا كنت له مجوّاً فكيف جعلت وجود الغيبة دليلاً على أنه
____________
(54) ما بين القوسين سقط من «ب».
(43)
لا إمام في الزمان، مع تجويزك أن يكون للغيبة سبب لا ينافي وجود الإمام؟!
وهل تجري في ذلك إلاّ مجرى من توصّل بإيلام الأطفال إلى نفي حكمة الصانع تعالى، وهو معترف بأنه يجوز أن يكون في إيلامهم وجه صحيح لاينافي الحكمة.
أو مجرى من توصّل بظواهر الآيات المتشابهات إلى أنّه تعالى مشبِه(55) للأجسام، وخالق لأفعال العباد، مع تجويزه أن يكون لهذه الآيات وجوه صحيحة لا تنافي العدل، والتوحيد، ونفي التشبيه.
وإن قال: لا أجوز أن يكون للغيبة سبب صحيح موافق للحكمة، وكيف أجوز ذلك وأنا أجعل الغيبة دليلاًعلى نفي الإمام الذي تدّعون غيبته؟!
قلنا: هذا تحجر منك شديد، فيما لا يحاط بعلمه ولا يقطع على مثله.
فمن أين قلت: إنه لا يجوز أن يكون للغيبة سبب صحيح يقتضيها؟!
ومن هذا الذي يحيط علماً بجميع الأسباب والأغراض حتى يقطع على انتفائها؟!
وما الفرق بينك وبين من قال: لايجوز أن يكون للآيات المتشابهات وجوه صحيحة تطابق أدلة العقل، ولا بد من أن تكون على ما اقتضته ظواهرها؟!
____________
(55) في «ب»: مشابه.
(44)
فإن قلت: الفرق بيني و بين من ذكرتم أنني أتمكن من أن أذكر وجوه هذه الآيات المتشابهات ومعانيها الصحيحة، وأنتم لا تتمكّنون من ذكر سبب صحيح للغيبة!
قلنا: هذه المعارضة إنّما وجهناها على من يقول: /(56) إنه غير محتاج إلى العلم على التفصيل بوجوه الآيات المتشابهات وأغراضها، وإن التعاطي لذكر هذه الوجوه فضل وتبرّع، وإن الكفاية واقعة بالعلم بحكمة القديم تعالى، وإنه لايجوز أن يخبر عن نفسه بخلاف ما هو عليه.
والمعارضة على هذا المذهب لازمة.
____________
(56) من هنا سقط من «ب».