ان ميل الذكر نحو الانثى وميل الانثى نحو الذكر عند الحيوانات وعلاقة المحبة التي تجمعها من اجل التلذذ بالحياة والتكاثر والتناسل والمحافظة على النسل تعتبر من العجائب التي يعجز عنها الوصف .
فارادة الحيوانات وشعورها واهتمامها بهذه القضية الحساسة ، والتنظيم والانضباط السائد في عملية التزاوج والتعايش فيما بينها مما يذهل المتأمل فيها ويبهره .
ان حالة التعاون بين الذكر والانثى في بناء الاوكار والبيوت والمحافظة على الاسرار واختيار المكان والزمان والأهم من ذلك اجراء عملية التلقيح والاهتمام بالفراخ وتوفير الغذاء لها وتلقينها الاُمور الضرورية والمحافظة عليها من الحوادث والاخطار وسائر الاحوال التي تسود عالم الحيوان ، انما هي في الحقيقة تجسيد لارادة الحق تعالى ويتعين اعتبارها في عداد عجائب عالم الوجود .
ان عالم اللبائن والزواحف الملىء بالاسرار وطريقتها في التلقيح والولادة والمحافظة على البيوض أو الاجنّة والفراخ كل ذلك مما يحير المرء ويثير لديه الدهشة ، وظروف التزاوج والتكاثر والتناسل لدى الحيوانات هي ظروف متجانسة ومنبثقة من القوانين الالهية ، يقول تعالى :
( مَا مِن دَابَّة إِلاَّ هُوَ آخِذُ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاط مُسْتَقِيم )(1) .
فليس هنالك حيوان ينزو على انثى من غير جنسه رغم امتلائه بالشهوة الجنسية ، فالذكر لا يلوث شهوته بعمل خبيث وقبيح ولا ينحرف عن الصراط المستقيم ، وليس هنالك انحرافٌ لدى الحيوانات في مجال الغريزة الجنسية ، فنطفة الذكر من الحيوانات تختص بانثاه وهو لا يلتفت إلى غيرها ، ولا وجود بينها لنظرة السوء والاعتداء على الآخرين ، والتجاوز على انثى تخضع لذكر آخر ، ولا فرق في هذا المجال بين الزواحف واللبائن .
ان قصة النظام والانضباط الذي يتحكم في كافة مفاصل الحياة لا سيما التوالد والتكاثر عند الطيور والزواحف والوحوش والحيوانات البحرية انما هي قصة عجيبة تثير الدهشة لدى أهل التأمل والتفكير ، وطريقة حياة الحيوانات المقترنة بالقوانين التي تحكمها تعد درساً بليغاً لمن نأوا بأنفسهم عن اجواء الهداية الربانية ، وانعزلوا عن مصدر النفحات المعنوية والنورانية ، فالحيوانات شأنها شأن الجمادات وسائر عناصر الكون كالشمس والقمر والسماء والارض ، ومثلها مثل النباتات في التنظيم والانضباط .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ هود : 56 .