عربي
Monday 25th of November 2024
0
نفر 0

مشاركة الجن للانس في شريعة الاسلام

قال سبحانه :
ا ـ في سورة الاحقاف :
(واذ صـرفـنـا اليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا انصتوا فلما قضي ولوا الى قـومـهم منذرين قالوا يا قومنا انا سمعنا كتابا انزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي الى الحق والى طريق مستقيم ياقومنا اجيبوا داعي اللّه وآمنوا به ) (الايات 29 ـ 31).
ب ـ في سورة الجن :
(قـل اوحـي الـي انه استمع نفر من الجن فقالوا انا سمعنا قرآنا عجبا يهدي الى الرشد فمنا به ولن نـشـرك بـربـنا احدا وانه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا وانه كان يقول سفيهنا على اللّه شططا وانا ظننا ان لن تقول الانس والجن على اللّه كذبا وانه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الـجن فزادوهم رهقا وانهم ظنوا كما ظننتم ان لن يبعث اللّه احدا وانا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حـرسـا شـديدا وشهبا وانا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الان يجد له شهابا رصدا وانا لا نـدري اشـر اريـد بـمـن في الارض ام اراد بهم ربهم رشدا وانا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طـرائق قددا وانا ظننا ان لن نعجز اللّه في الارض ولن نعجزه هربا وانا لما سمعنا الهدى آمنا به فـمـن يـؤمـن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا وانا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن اسلم فاولئك تـحروا رشدا واما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا والو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا) (الايات 1 ـ 16).
ج ـ في سورة الانعام :
(ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الانس وقال اولياؤهم من الانس ربنا استمتع بـعـضنا ببعض وبلغنا اجلنا الذي اجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها الا ما شاء اللّه ان ربك حكيم عـلـيـم يا معشر الجن والانس الم ياتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قـالـوا شـهدنا على انفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على انفسهم انهم كانوا كافرين ) (الايات 128 و130).
شرح الكلمات .
ا ـ جد:
الجد هنا: العظمة والجلال .
م ـ غدقا:
غدق الماء غدقا: كثر, وهم في غدق من العيش : في نعمة وخصب .
تفسير الايات :
وبـعـد بعثة خاتم الانبياء صرف اللّه نفرا من الجن للاستماع الى تلاوة رسول اللّه (ص ) القرآن , فـقـال بـعـضهم لبعض (انصتوا), فلما انتهى الرسول (ص ) من تلاوة القرآن انصرفوا الى قومهم ينذرونهم , وقالوا: (يا قومنا انا سمعنا كتابا ـ اي القرآن ـ انزل بعد موسى مصدقا للكتب التي نزلت قبله يهدي الى الحق , ويا قومنا اجيبوا داعي اللّه وآمنوا به فانا آمنا به ولن نشرك بربنا احدا, وان ربنا تعالى عن ان يتخذ صاحبة او ولدا, وان رجالا من الانس ظنوا كما ظننتم ان لن يبعث اللّه احدا, وان مـنـا ـ معاشر الجن ـ الصالحون ومنا دون ذلك , وكانت سيرتنا مختلفة , وان منا المسلمين ومنا الظالمين الجائرين عن الحق , وان المؤمنين بربهم لا يخافون بخسا في حقهم ولا جورا يغشاهم , اما الظالمون الجائرون عن الحق فانهم حطب جهنم يعذبون فيها, وذلك اليوم هو اليوم الذي يحشر اللّه فيه الجن والانس جميعا, وبعد اعتراف المذنبين منهم بذنوبهم يقول اللّه لهم : ان النار مثواكم خالدين فيها الا ما شاء اللّه واقتضت مشيئته ان يرحمه من المذنبين .
في ذلك اليوم يقول اللّه لهم : يا معشر الجن يومكم ؟ فيشهدون على انفسهم بالكفر).
يـسـتـنـبـط مـن قول الجن (انا سمعنا كتابا انزل من بعد موسى يا قوم اجيبوا داعي اللّه ) ان الجن يشاركون الانس في الهداية بكتب اصحاب الشرايع : اولوا العزم من الرسل ولعل هؤلاء المنذرين هم المقصودون بقوله تعالى : (الم ياتكم رسل منكم يقصون عليكم وينذرونكم لقاء يومكم ).
تفسير الايات من الروايات
في صحيح مسلم وغيره , واللفظ لمسلم عن ابن عباس قال :
انـطـلـق النبي (ص ) في طائفة من اصحابه عامدين الى سوق عكاظ, وقد حيل بين الشياطين وبين خـبـر السماء وارسلت عليهم الشهب , فرجعت الشياطين الى قومهم فقالوا: مالكم ؟ فقالوا: حيل بيننا وبـيـن خـبـر السماء وارسلت علينا الشهب فقالوا: ما حال بينكم وبين خبر السماء الا شي ء حدث , فـاضربوا مشارق الارض ومغاربها فانظروا ما الذي حال بينكم وبين خبر السماء, فانصرف اولئك الـذيـن ذهـبوا نحو تهامة الى النبي (ص ) وهو بنخلة عامدين الى سوق عكاظ وهو يصلي باصحابه صـلاة الفجر, فلما سمعوا القرآن استمعوا له فقالوا: هذا واللّه الذي حال بينكم وبين خبر السماء, فهنالك رجعوا الى قومهم فقالوا: يا قومنا انا سمعنا قرآنا عجبا يهدي الى الرشد فمنا به , ولن نشرك بـربـنـا احدا, فانزل اللّه على نبيه : (قل اوحي الي انه استمع نفر من الجن), وانما اوحي اليه قول الجن ((72)) .
وفي البحار عن تفسير علي بن ابراهيم القمي في تفسير (ياقومنا انا سمعنا) من سورة الاحقاف قال :
وكان سبب نزول هذه الاية , ان رسول اللّه (ص ) خرج من مكة الى سوق عكاظ ومعه زيد بن حارثة , يدعو الناس الى الاسلام , فلم يجبه احد ولم يجد من يقبله , ثم رجع الى مكة , فلما بلغ موضعا يقال له : وادي مـجـنـة تـهجد بالقرآن في جوف الليل , فمر به نفر من الجن , فلما سمعوا قراءة رسول اللّه استمعوا له , فلما سمعموا قراءته قال بعضهم لبعض : (انصتوا) يعني اسكتوا.
(فلما قضى ) اي فرغ رسول اللّه (ص ) من القراءة (ولوا الى قومهم منذرين قالوا ياقومنا انا سمعنا كـتـابـا انزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي الى الحق والى طريق مستقيم , ياقومنا اجيبوا داعـي اللّه وآمـنـوا به ) الى قوله : (اولئك في ضلال مبين ) فجاءوا الى رسول اللّه (ص ) يطلبون شرايع الاسلام فاسلموا وآمنوا, وعلمهم رسول اللّه (ص ) شرائع الاسلام .
فانزل اللّه على نبيه : (قل اوحي الي انه استمع نفر من الجن ) السورة كلها, فحكى اللّه قولهم وولى رسول اللّه (ص ) عليهم منهم , الحديث ((73)) .
نتيجة البحث .
ان الجن كالانس في وصول كتب اللّه اليهم مثل التوراة والقرآن , وان في الجن ـ كما في الانس ـ من بلغ درجة المنذرين لاقوامهم , وان هؤلاء المنذرين اخبروا قومهم عن القرآن انه مصدق لكتب اللّه الـسـابقة ـ بكل ما في كلمة المصدق من معنى يدل على صدق القرآن ـ وان في الجن مشركون باللّه الـرب كـمـا في الانس , ويفهم من سياق الايات ان الجن كانوا يعتقدون ان للّه ولدا كما يعتقد بعض الانـس ان المسيح هو ابن اللّه وان افرادا من الجن كرجال من الانس يظنون ان لن يبعث اللّه احدا, وليس بعد هذه الحياة حياة وحشر.
وخـلاصـة القول : ان الجن كالانس فيهم المسلمون المؤمنون بربهم , وفيهم الكافرون اما المؤمنون بـربـهـم وبـكل ما ذكرناه فانهم هم الفائزون يوم القيامة , واما الكافرون فانهم سيعذبون بنار جهنم ويكونون لها حطبا.
وهكذا نجد ان الجن والانس يشتركان في العقائد ومنهما المشرك القائل بان للّه ولدا, ومنهما اعداء الانبياء, ومنهما الموسوس لغيره لاغوائه , ومنهما المسلم المؤمن باللّه ورسله وكتبه , وانهما جميعا يحشران ويحاسبان ويعذبان ان الصنفين يشتركان في كل ذلك , اما.
كيفية عمل صنف الجن بالاحكام فلا بد ان يكون بالنسبة لهم بما يتناسب وفطرتهم التي فطرهم اللّه عليها.
اذا فـالاسلام هو دين اللّه وشريعته للانس والجن والذي بلغهما بواسطة الرسل اصحاب الشرايع ومن جاء بعدهم من اوصيائهم , كما سنبينه في البحث الاتي بحوله تعالى .
ـ 6 ـ.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الکلم الطیب والفحش والسب والقذف
ضرورة النبوّة
لُزُوم عِصمَةِ الاِمام
من هم آكلة لحم الخنزير وما هو مصيرهم في الكتاب ...
كرامة القرآن وكرامة الانسان
نظَراتٌ.. في التَقيّة 4
ما جاء في ذكر راية رسول الله صلى الله عليه وآله ...
تعريف الجوهر والعرض ـ عدد المقولات
الاسس الاسلامية في خطب الوداع
الحثّ على الجهاد

 
user comment