عربي
Tuesday 23rd of July 2024
0
نفر 0

القضاء والقدر

ا ـ معاني القضاء والقدر.
ب ـ روايات من ائمة اهل البيت (ع ) في القضاء والقدر.
ج ـ اسئلة واجوبة .
ـ 1 ـ.
معاني القضاء والقدر
تستعمل مادتا القضاء والقدر لعدة معان منها: في ما يخص البحث من مادة القضاء.
ا ـ قضى او يقضي بين المتخاصمين كقوله تعالى :
(ان ربك يقضي بينهم يوم القيامة في ما كانوا فيه يختلفون ) (يونس 93) و(الجاثية 17).
ب ـ قضى اللّه الامر: انباه به كقوله تعالى في ما اخبر به لوطا عن مصير قومه في سورة الحجر / 66: (وقضينا اليه ذلك الامر ان دابر هؤلاء مقطوع مصبحين ) اي انباناه .
ج ـ قضى اللّه الشي ء, وبه : اوجبه , امر به كقوله تعالى في سورة الاسراء / 23: (وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه ).
اي امر ربك واوجب عليكم الا تعبدوا الا اياه .
د ـ قـضى اللّه الامر او الشي ء: تعلقت ارادته به , قدره كقوله تعالى في سورة البقرة / 117: (واذا قضى امرا فانما يقول له كن فيكون ).
اي اذا اراد امرا.
وقوله تعالى في سورة الانعام / 2: (هو الذي خلقكم من طين ثم قضى اجلا).
اي قدر لكل انسان مدة يحيا فيها.
ومن مادة القدر:
ا ـ قـدر عـلـى الشي ء او العمل : استطاع ان يفعله , يتغلب عليه فهو قادر, والقدير: ذو القوة كقوله تعالى :
1 ـ في سورة يس :
(اوليس الذي خلق السموات والارض بقادر على ان يخلق مثلهم ) (الاية 81).
2 ـ في سورة البقرة :
(ولو شاء اللّه لذهب بسمعهم وابصارهم ان اللّه على كل شي ء قدير) (الاية 20).
اي ذو القدرة على فعل كل شي ء على قدر ما تقتضي الحكمة .
ب ـ قدر:
1 ـ قدر الرزق عليه ويقدر: ضيقه كقوله تعالى في سورة سبا:
(قل ان ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر) (الاية 36).
2 ـ قدر اللّه الامر بقدره : دبره او اراد وقوعه , كقوله تعالى في سورة المرسلات :
(فقدرنا فنعم القادرون ) (الاية 23).
ج ـ قدر:
1 ـ قدر اللّه الامر: قضى به او حكم بان يكون , كقوله تعالى في شان زوجة لوط, في سورة النمل / 57: (فانجيناه واهله الا امراته قدرناها من الغابرين ).
اي حكمنا, او قضينا عليها بان تكون من الهالكين .
2 ـ قـدر فـي الامر: تمهل وتروى في انجازه كقوله تعالى في سورة سبا / 11 مخاطبا داود (ع ): (وقدر في السرد).
اي تمهل وترو في صنعه كي تحكم عمله .
د ـ القدر:
1 ـ الـقـدر: المقدار والكمية , كقوله تعالى في سورة الحجر / 21 (وان من شي ء الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم ).
اي الى زمان محدد معلوم .
اي بمقدار وكمية معلومة .
2 ـ قددر الشي ء زمانه او مكانه , كقوله تعالى في سورة المرسلات / 20 ـ 22: (الم نخلقكم من ماء مهين فجعلناه في قرار مكين , الى قدر معلوم ) (في الكتاب ص 454).
3 ـ قدر اللّه : قضاؤه المحكم , او حكمه المبرم على خلقه , كقوله تعالى في سورة الاحزاب / 38: (سنة اللّه في الذين خلوا من قبل وكان امر اللّه قدرا مقدورا) اي قضاء محكما, وحكما مبرما.
لـعـلـ تـعدد معاني ما ينسب الى اللّه من مادتي القضاء والقدر, قد ادى الى لبس معنى ما ورد منهما في الـقـرآن والحديث واعتقاد بعض المسلمين بان الانسان يسير في حياته , في كل ما يعمل من خير او شـر وفـق مـا قـضـى اللّه عليه وقدر قبل ان يخلق ويطلق في الاخبار لفظ القدري على الجبري والـتفويضي كليهما ((229)) وعليه فان القدر اسم للشي ء وضده كالقر, اسم للحيض والطهر معا ولا نـطـيل البحث بايراد اقوال المعتقدين بذلك , والاجابة عليها, وانما نكتفي بايراد الاحاديث التي نجد فيها جوابا لتلكم الاقوال توضيحا وبيانا للامر بحوله تعالى .
ـ 2 ـ.
روايات من ائمة اهل البيت (ع ) في القضاء والقدر
اولا: عـن اول ائمـة اهـل البيت علي بن ابي طالب (ع ) روي في توحيد الصدوق بسنده الى الامام الحسن (ع ), وفي تاريخ ابن عساكر بسنده الى ابن عباس واللفظ للاول قال :
دخل رجل من اهل العراق على امير المؤمنين (ع ), فقال : اخبرنا عن خروجنا الى اهل الشام ابقضاء من اللّه وقدر؟ فقال له امير المؤمنين (ع ): اجل يا شيخ , فواللّه ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن واد الا بقضاء من اللّه وقدر فقال الشيخ : عند اللّه احتسب عنائي ((230)) يا امير المؤمنين , فقال : مهلا يـا شـيـخ , لعلك تظن قضاء حتما وقدرا لازما ((231)) لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والامر والـنـهـي والزجر, ولسقط معنى الوعيد والوعد, ولم يكن على مسي ء لائمة ولا لمحسن محمدة , ولـكان المحسن اولى باللائمة من المذنب والمذنب اولى بالاحسان من المحسن ((232)) تلك مقالة عبدة الاوثان وخصماء الرحمن وقدرية هذه الامة ومجوسيها يا شيخ ان اللّه عز وجل كلف تخييرا, ونـهى تحذيرا, واعطى على القليل كثيرا, ولم يعص مغلوبا, ولم يطع مكرها, ولم يخلق السموات والارض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار ((233)) .
قال : فنهض الشيخ وهو يقول :
(انت الامام الذي نرجوا بطاعته يوم النجاة من الرحمن غفرانا).
(اوضحت من ديننا ما كان ملتبساجزاك ربك عنا فيه احسانا).
(فليس معذرة في فعل فاحشة قد كنت راكبها فسقا وعصيانا) ((234)) .
ثانيا: عن السادس من ائمة اهل البيت (ع ), الامام ابي عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق (ع ): ان الناس فـي الـقدر على ثلاثة اوجه : رجل يزعم ان اللّه عز وجل اجبر الناس على المعاصي فهذا قد ظلم اللّه في حكمه فهو كافر.
ورجل يزعم ان الامر مفوض اليهم فهذا قد اوهن اللّه في سلطانه فهو كافر.
ورجـل يزعم ان اللّه كلف العباد ما يطيقون ولم يكلفهم مالا يطيقون واذا احسن حمد اللّه واذا اساء استغفر اللّه فهذا مسلم بالغ ((235)) .
ثالثا: وعن الثامن من ائمة اهل البيت الامام ابي الحسن الرضا (ع ) قال :
ا ـ انـ اللّه عز وجل لم يطع باكراه , ولم يعص بغلبة , ولم يهمل العباد في ملكه , هو المالك لما ملكهم والـقـادر عـلـى مااقدرهم عليه فان ائتمر العباد بطاعته لم يكن اللّه منها صادا, ولا منها مانعا وان ائتـمـروا بمعصيته فشاء ان يحول بينهم وبين ذلك فعل وان لم يحل وفعلوه فليس هو الذي ادخلهم فيه ((236)) .
يـعـني ان الانسان الذي اطاع اللّه لم يكن مجبرا على الطاعة , والانسان الذي عصاه لم يغلب مشيئة اللّه بل اللّه شاء ان يكون العبد مختارا في فعله .
ب ـ قال :
قال اللّه تبارك وتعالى :
يـا ابـن آدم بمشيئتي كنت انت الذي تشاء لنفسك ما تشاء, وبقوتي اديت الي فرائضي , وبنعمتي قويت عـلـى مـعصيتي , جعلتك سميعا بصيرا قويا, ما اصابك من حسنة فمن اللّه وما اصابك من سيئة فمن نفسك ((237)) .
وفي رواية عملت بالمعاصي بقوتي التي جعلتها فيك ((238)) .
وعن الامام ابي عبد اللّه الصادق (ع ) قال :
ا ـ لا جـبـر ولا تـفـويض ولكن امر بين امرين قال : قلت : وما امر بين امرين ؟ قال : مثل ذلك رجل رايته على معصية فنهيته فلم ينته فتركته ففعل تلك المعصية , فليس حيث لم يقبل منك فتركته كنت انت الذي امرته بالمعصية ((239)) .
ب ـ ما استطعت ان تلوم العبد عليه فهو منه ومالم تستطع ان تلوم العبد عليه فهو من فعل اللّه .
يـقول اللّه للعبد لم عصيت ؟ لم فسقت ؟ لم شربت الخمر؟ لم زنيت ؟ فهذا فعل العبد, ولا يقول له لم مرضت ؟, لم قصرت ؟ لم ابيضضت ؟ لم اسوددت ؟ لانه من فعل اللّه تعالى ((240)) .
شرح الروايات .
ان للجبر والتفويض جانبين :
ا ـ ما كان منهما من صفات اللّه .
ب ـ ما كان منهما من صفات الانسان .
فما كان منهما من صفات اللّه فينبغي اخذه منه بوساطة الانبياء, واوصياء الانبياء عن الانبياء, وما كان مـن صـفات الانسان فان قولنا: افعل هذا اولا افعله دليل على انا نفعل ما نفعله باختيارنا, وقد عرفنا مما سبق ان سير الانسان في حياته لا يشابه سير الذرة .
والكواكب والمجرات المسخرات بامر اللّه في كل حركاتها وما يصدر منها من آثار.
ولم يفوض اللّه اليه امر نفسه وكل ما سخر له ليفعل ما يشاء كما يحب, وكما تهوى نفسه , بل ان اللّه ارشـده بـوسـاطـة انبيائه كيف يؤمن بقلبه بالحق , وهداه الى الصالح النافع في ما يفعله بجوارحه , والضار منه , فاذا اتبع هدى اللّه , وسار على الطريق المستقيم خطوة اخذ اللّه بيده وسار به عشر خـطوات ثم جزاه بثار عمله في الدنيا والاخرة سبعمائة مرة اضعاف عمله واللّه يضاعف لمن يشاء بحكمته ووفق سنته .
وقـلـنا في المثل الذي ضربناه في ما سبق , بان اللّه ادخل الانسان المؤمن والكافر في هذا العالم في مـطـعـم لـه من نوع (سلف سرويس ) كما قال سبحانه في سورة الاسراء / 20: (كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا).
فـلولا امداد اللّه عبيده بكل ما يملكون من طاقات فكرية وجسدية , وما سخر لهم في هذا العالم لما اسـتـطـاع المؤمن ان يعمل عملا صالحا, ولا الضال الكافر ان يعمل عملا ضارا فاسدا, ولو سلبهم لحظة واحدة اي جزء مما منحهم من الرؤية والعقل والصحة و و لما استطاعوا ان يفعلوا شيئا, اذا فان الانسان يفعل ما يفعل بما منحه اللّه بمحض اختياره , وبناء على ما بيناه , ان الانسان لم يفوض اليه الامـر في هذا العالم , ولم يجبر على فعل بل هو امر بين الامرين , وهذه هي مشيئة اللّه وسنته في امر افعال العباد, ولن تجد لسنة اللّه تبديلا.
ـ 3 ـ.
اسئلة واجوبة
وفي هذا المقام ترد الاسئلة الاربعة الاتية :
الـسؤال الاول والثاني : كيف يكون الانسان مختارا في ما يصدر منه من فعل , مع تسلط الشيطان عليه من حيث لا يراه , واغوائه بما.
يوسوس الى قلبه ويدعوه الى فعل الشر وكذلك شان الانسان الذي يعيش في المحيط الفاسد الذي لا يرى فيه غير الشر والفساد امرا السؤال الثالث : ماذا يستطيع ان يفعل الانسان الذي لم تبلغه دعوة الانبياء في بعض الغابات ؟.
السؤال الرابع : ما ذنب ولد الزنا, وما جبل عليه من حب فعل الشر بسبب فعل والديه ونـجـد الـجواب عن السؤالين الاول , والثاني في ما اوردناه في بحث الميثاق باول الكتاب , بان اللّه تـبـارك وتـعالى اتم الحجة على الانسان بما اودع فيه من غريزة البحث عن سبب وجود كل ما رآه والتي توصله الى معرفة مسبب الاسباب , ولذلك قال سبحانه وتعالى في سورة الاعراف / 172: (ان تـقـولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين ) فكما ان الانسان لن يغفل عن غريزة الجوع في حال من الاحـوال حـتـى يـمـلا جـوفه بالطعام كذلك لن يغفل عن غريزة طلب المعرفة حتى يعرف مسبب الاسـبـاب وفـي الجواب عن السؤال الثالث نقول : قال اللّه سبحانه : (لا يكلف اللّه نفسا الا وسعها) (البقرة 286).
اما السؤال الرابع , فجوابه : ان ولد الزنا ـ ايضا ـ ليس مجبورا على فعل الشر, وكل ما في الامر ان الـحـالـة الـنـفسية للوالدين في حال ارتكابها الزنا وما يريان من نفسهما بانهما باشرا بفعلهما خيانة الـمـجـتـمع وان المجتمع يتقذر من فعلهما ويحتقرهما ويعاديهما لو اطلع على فعلهما وانهما عند ارتـكـابـهما الرذيلة في حالة معاداة للنزيهين من تلك الفعلة في المجتمع والذين هم ابرار المجتمع واخـياره والمتمسكون بفضائل الاخلاق والمعروفون بكل ذلك في المجتمع , وعليه فان تلك الحالة الـنـفـسـية العدائية منهما للمجتمع وابراره تؤثر على النطفة حين انعقادها وتنتقل بالوراثة الى ما يـتـكـون مـن تـلـك النطفة , فانه يجبل على حب الشر والعداء للخيرين والمعروفين بالفضيلة في الـمـجـتـمـع , ومـن الامثلة على ذلك زياد بن ابيه وولده ابن زياد في ما ارتكباه زمان امارتهما في الـعـراق ((241)) , وخاصة ما فعله ابن زياد بعد استشهاد الامام الحسين (ع ), مع جسده الشريف واجساد المستشهدين معه من آل الرسول (ص ) وانصارهم من التمثيل بهم وحمله رؤوسهم من بلد الـى بـلد وسوقه بنات الرسول (ص ) سبايا الى الكوفة وسائر ما عاملهم بها في حين انه لم يبق بعد اسـتـشهاد الامام الحسين (ع ) اي مقاوم لحكمهم ولم يكن اي مبرر له عندئذ في كل ما فعل من ظلم واسـتهانة بمقامهم في المجتمع عدا حبه في كسر شوكة اشرف بيت في العرب وافضله وتوهينهم وحبه للشر وعدائه الجبلي الفطري للاكرمين في المجتمع .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

حق الصاحب
التفسّح في المجالس
أحكام الدماء الثلاثة
مراتب العقلانية في الدين الاسلامي
باب استحباب التفكر فيما يوجب الاعتبار والعمل
العقل وعصمة الاَنبياء
الأخوة في القرآن الكريم
عصر ذهبي للاكتشاف
الكذب والصدق
ما معنى الحديث القائل "الحسود لا يسود"؟ هل هو ...

 
user comment