عربي
Friday 29th of March 2024
0
نفر 0

أمير المؤمنين شهيد المحراب

 قاتل علي(عليه السلام) ابن بغي:

 

 

قال الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) : (( يا علي لك سبع خصال لا يحاجك فيها أحد يوم القيامة : أنت أول المؤمنين بالله إيمانا وأوفاهم بعد الله وأقواهم بأمر الله وأرأفهم بالرعية وأقسمهم بالسوية وأعلمهم بالقضية وأعظمهم مزية يوم القيامة )) .

وعن ابن عباس قال : قال (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام) : (( أما إنك ستلقى بعدي جهدا !))  قال :(( في سلامة من ديني ؟ )) قال :

 (( نعم )) .

وعن علي (عليه السلام) : قال (صلى الله عليه وآله وسلم): (( إن الأمة ستغدر بك من بعدي ، وأنت تعيش على ملتي وتقتل على سنتي ، من أحبك أحبني ومن أبغضك أبغضني ، وإن هذا سيخضب من هذا ـ يعني لحيته من رأسه ـ ))  .

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : (( لا تموت حتى تضرب ضربة على هذا فتخضب هذه ، ويقتلك أشقاها كما عقر ناقة الله أشقى بني فلان ))(1).

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وفي (البحار) عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: (( إن عاقر ناقة صالح أزرق ابن بغي ، وان قاتل علي ابن بغي ، وكانت مراد تقول ما نعرف له فينا أبا ولا نسبا ! وان قاتل الحسين (عليه السلام) ابن بغي ، وانه لم يقتل الأنبياء ولا أولاد الأنبياء إلا أولاد البغايا )) .

وروي عن حنان بن سدير عن رجل من مزينة قال : كنت جالسا عند علي (عليه السلام) فأقبل إليه قوم من مراد ومعهم ابن ملجم (لعنه الله) ، قالوا :

 يا أمير المؤمنين إن هذا طرأ علينا ، ولا والله ما جاءنا زائرا ولا منتجعا ! وإنا لنخافه عليك فأشدد يديه ، فقال له علي (عليه السلام) : (( اجلس ))، فنظر في وجهه طويلا ، ثم قال : (( أرأيتك إن سألتك عن شئ وعندك منه علم ، هل أنت مخبري عنه ؟ )) , قال: نعم ، وحلفه عليه ، فقال :(( كنت تصارع الغلمان وتقوم عليهم فكنت إذا جئت فرأوك من بعيد ، قالوا جاءنا ابن راعية الكلاب ؟ )) , قال : اللهم نعم ! فقال له : (( مررت برجل وقد أبقعت ، فقال وقد أحد النظر إليك : أشقى من عاقر ناقة ثمود ؟ )) قال نعم ، قال : (( قد أخبرتك أمك إنها حملت بك في بعض حيضها ؟ )) فتمتع هنيئة ! ثم قال نعم ، حدثتني بذلك ولو كنت كاتما شيئا لكتمتك هذه المنزلة ، فقال له علي  (عليه السلام) : (( قم ؟)) فقام (2).

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الإخبار بشهادته (عليه السلام):

روى محمد بن طلحة ، في كتاب مطالب السؤول ص135 : أنه (عليه السلام) لما فرغ من قتل الخوارج وعاد إلى الكوفة ، قام في المسجد فصلى ركعتين ، ثم صعد المنبر فخطب خطبة حسناء ، ثم التفت إلى ابنه الحسن (عليه السلام) ، فقال :(( يا أبا محمد ، كم مضى من شهرنا هذا ؟ )) قال : (( ثلاث عشرة يا أمير المؤمنين )) , ثم التفت إلى الحسين (عليه السلام) ، فقال :(( يا أبا عبد الله ، كم بقي من شهرنا هذا ـ يعني رمضان الذي هم فيه ـ ؟ )) فقال الحسين (عليه السلام) : (( سبع عشرة يا أمير المؤمنين )) , فضرب (عليه السلام) بيده إلى لحيته ، وهي يومئذ بيضاء ، فقال : (( الله أكبر ، والله ليخضبنها بدمها إذا انبعث أشقاها )) ، ثم جعل يقول :

أريد حياته ويريد قتلى  * * *  خيلي من عذيري من مراد

 

وعبد الرحمن بن ملجم المرادي يسمع ، فوقع في قلبه من ذلك شئ ، فجاء حتى وقف بين يدي علي (عليه السلام) وقال : أعيذك بالله يا أمير المؤمنين ، هذه يميني وشمالي بين يديك فاقطعهما أو فقتلني . قال (عليه السلام) : (( وكيف أقتلك ولا ذنب عليك ؟ ألا ولو اعلم انك قاتلي لم أقتلك ، ولكن هل كانت لك حاضنة يهودية فقالت لك يوما من الأيام : يا شقيق عاقر ناقة ثمود ؟ )) , قال : قد كان ذلك يا أمير المؤمنين ، فسكت (عليه السلام) وركب (3) .

عن عثمان بن المغيرة قال : لما دخل شهر رمضان كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يتعشى ليلة عند الحسن (عليه السلام) ، وليلة عند الحسين (عليه السلام) ، وليلة عند عبد الله بن العباس ، وكان لا يزيد على ثلاث لقم ، فقيل له ليلة من تلك الليالي في ذلك ، فقال : (( يأتيني أمر الله وأنا خميص ، إنما هي ليلة أو ليلتان )) ، فأصيب (عليه السلام) في آخر الليل(4) .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اللقاء المشؤوم:

قال ابن شهر آشوب في المناقب : روى أبو مخنف الأزدي ، وابن راشد ، والرفاعي ، والثقفي جميعا : انه اجتمع نفر من الخوارج بمكة ، فقالوا : إنّا شرينا أنفسنا لله ، فلو أتينا أئمة الضلال ، وطلبنا غرتهم فأرحنا منهم البلاد والعباد .

 فقال عبد الرحمن بن ملجم : أنا أكفيكم عليا .

 وقال الحجاج بن عبد الله السعدي الملقب بالبرك : أنا أكفيكم معاوية .

وقال عمرو ابن بكر التميمي : أنا أكفيكم عمرو بن عاص .

 وتوعدا التاسع عشر من شهر رمضان ، ثم تفرقوا ، فدخل ابن ملجم الكوفة ، فرأى رجلا من تيم الرباب وعنده قطام التيمية ، وكان أمير المؤمنين  (عليه السلام) قتل أباها الأخضر ، وأخاها الأصبغ في النهروان ، فشغف بها ابن ملجم ، فخطبها فأجابته بمهر ذكره العبدي في كلمة له فقال :

 

 

 

 

فلم أر مهرا ًساقه ذو سماحة  * * *  كمهر قطام من فصحيح وأعجم

ثلاثة آلاف وعبد وقينة  * * *  وضرب علي بالحسام المسمم

فلا مهر أغلى من علي وان غلا  * * *  ولا قتل إلا دون قتل ابن ملجم

 

 

فقال ابن ملجم : ويحك من يقدر على قتل علي ، وهو فارس الفرسان ، والسباق إلى الطعان ، ومغالب الأقران ؟ ! وأما المالية فلا بأس عليّ منها .

 قالت : انتظر غفلته ، فافتك به . فقبل ابن ملجم .

 

فبعثت إلى وردان بن مجالد وسألته معونة ابن ملجم ، واستعان ابن ملجم بشبيب بن بجرة فأعانه ، وأعانه رجل من وكلاء عمرو بن العاص بخط فيه مأة ألف درهم فجعله مهرها ، فأطعمتهما الموزينج والجوزينق وسقتهما الخمر العكبري ، فنام شبيب وتمتع ابن ملجم معها ، ثم قامت فأيقظتهما ، وعصبت صدورهم بحرير ، فتقلدوا أسيافهم وخرجوا(5).

 

 

 

شهادته (عليه السلام):

 

كانت وفاة أمير المؤمنين (عليه السلام) قبيل الفجر من ليلة الجمعة ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة قتيلا بالسيف ، قتله ابن ملجم المرادي (لعنه الله) في مسجد الكوفة وقد خرج (عليه السلام) يوقظ الناس لصلاة الصبح ليلة تسع عشرة من شهر رمضان ، وقد كان ارتصده من أول الليل لذلك ، فلما مر به في المسجد وهو مستخف بأمره , مماكر بإظهار النوم في جملة النيام ، ثار إليه فضربه على أم رأسه بالسيف ـ وكان مسموما ـ فمكث يوم تسعة عشر وليلة عشرين ويومها وليلة إحدى وعشرين إلى نحو الثلث الأول من الليل ، ثم قضى نحبه (عليه السلام) شهيدا ولقي ربه ـ تعالى ـ مظلوما .

وقد كان (عليه السلام) يعلم ذلك قبل أوانه ويخبر به الناس قبل زمانه ، وتولى غسله وتكفينه ابناه الحسن والحسين (عليهما السلام) بأمره ، وحملاه إلى الغري من نجف الكوفة ، فدفناه هناك وعفيا موضع قبره ، بوصية كانت منه إليهما في ذلك ، لما كان يعلمه (عليه السلام) من دولة بني أمية من بعده ، واعتقادهم في عداوته ، وما ينتهون إليه بسوء النيات فيه من قبيح الفعال والمقال بما تمكنوا من ذلك ، فلم يزل قبره (عليه السلام) مخفي حتى دل عليه الإمام الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) في أيام الدولة العباسية (6).

 

 

 

ما بعد الشهادة:

 

عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : (( لما قبض أمير المؤمنين (عليه السلام) قام الحسن ابن علي (عليه السلام) في مسجد الكوفة فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم قال : أيها الناس إنه قد قبض في هذه الليلة رجل ما سبقه الأولون ولا يدركه الآخرون ، إنه كان صاحب راية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، عن يمينه جبرئيل وعن يساره ميكائيل ، لا ينثني حتى يفتح الله له , والله ما ترك بيضاء ولا حمراء إلا سبعمائة درهم فضلت عن عطائه ، أراد أن يشترى بها خادما لأهله , والله لقد قبض في الليلة التي فيها قبض وصى موسى يوشع بن نون والليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم ، والليلة التي نزل فيها القرآن )).

 

 

السماء والأرض تبكي على المؤمن:

عن ابن عباس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (( إن السماء والأرض لتبكي على المؤمن إذا مات أربعين صباحا وإنها لتبكى على العالم إذا مات أربعين شهرا وإن السماء والأرض ليبكيان على الرسول أربعين سنة وإن السماء والأرض ليبكيان عليك يا علي إذا قتلت أربعين سنة )) .

عن الصادق (عليه السلام) : (( إنه لما قبض أمير المؤمنين لم يرفع من وجه الأرض حجر إلا وجد تحته دم عبيط )) .

عن السري بن يحيى : عن ابن شهاب قال : قدمت دمشق وأنا أريد الغزو ، فأتيت عبد الملك لأسلم عليه ، فوجدته في قبة على فرش يفوق النائم والناس تحته سماطان فسلمت عليه وجلست ، فقال : يا ابن شهاب أتعلم ما كان في بيت المقدس صباح قتل علي بن أبي طالب (عليه السلام) ؟ قلت : نعم . قال : هلم . فقمت من وراء الناس حتى أتيت خلف القبة ، وحول وجهه فأحنى على وقال : ما كان ؟ فقلت : لم يرفع حجر في بيت المقدس إلا وجد تحته دم ! ! ! قال : فقال : لم يبق أحد يعلم هذا غيري وغيرك فلا يسمعن منك . قال : فما تحدثت به حتى توفى عبد الملك(7).

 


مصاب رمى ركن الهدى فتصدعا  * * *  ونادى به ناعي السماء فأسمعا
وضجت له الأملاك في ملكوتها  * * *  وأوشك عرش الله أن يتضعضعا
ومن يك أعلى الناس شأنا ومفخرا  * * *  يكن رزئه في الناس أدهى وأفضعا
فيا ناشد الإسلام قوض رحله  * * *  وصاح به داعي النفير فجعجعا
وأصبح كالذود الظماء بقفرة  * * *  من الدهر لم تعهد بها الدهر مربعا
فأعظم بها من طخية قد تغلقت  * * *  وغبت على الإسلام سوداء زعزعا
أطلت على الآفاق تدوي كأنها  * * *  عباب طغى أذيمه متدفعا
وان قتيلا شيد الدين سيفه  * * *  جدير عليه الدين أن يتصدعا
(8)

سيف ذو الفقار

بسم الله الرحمن الرحيم

للسيف منزلة عظيمة لدى العرب والمسلمين ، فهو وسام شرف لحامله ، ووشاح فخر لمتقلّدِهِ ، وبالسيف يُدْحَرْ الأعداءُ ، ويُنْحَرْ الباغون ، فهو الوسيلة المثلى لصدِّ جحافل الكفر، ودَحْرِ فلول الضلال ، والدفاع عن الأرض والعِرْض والمُثُل العُلْيا ، يوم كانَ هو السلاحُ الأول في سُوْح الوغى ومُعتَرَكِ الميادين, وفي المأثور أنّ الجنّة تحت ظلال السيوف , وأحاطه المسلمون بالاهتمام من حيث صناعته وأحكامه , واعتبر أفضل الهدايا التي تقدّم للحكّام والأمراء والفرسان , ومدح السيف في الأدب العربي في شعره ونثره ، وكان له القدح الأعلى, وقد تناول أسماء السيوف وصفاتها , فإذا كان السيف عريضاً فيسمى صفيحة , وإذا كان لطيفاً فهو فقيب , وإذا كان صقيلاً فهو حشيب , وإذا كان فيه حزوز على متنه فهو مفقر , وإذا كان قطاعاً فهو حسام ومفصل وهذام, و إذا كان يمرّ في العظام فهو مصمم , وإذا كان يصيب المفاصل فهو مطبق , وإذا كان ماضياً في الضربة فهو رسوب , و إذا كان صارماً لا ينثني فهو صمصامة.

 والملحوظ أنّ العرب لاحظت أسماء السيوف حسب صورها وأشكالها وأماكن صناعتها واستعمالها , فمثلاً إذا امتهن السيف في قطع الشجر فيسمى المعضد ، والمصنوع في قرى من أرض العرب تدنو من الريف يسمى المشرفي , والمصنوع في بلاد الهند المهند ،  ثمّ إنّ سيف ذي الفقار أشهر مصاديق السيف , وهو عنوان اشتهار المسلمين وإنْ كانت معرفتنا به تتعلق من حيث نزوله من السماء وإهدائه إلى الإمام علي (عليه السّلام) من قبل الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلّم). وفي مقالتنا هذه جمع كلّ معلومة وردت في سيف ذي الفقار من دون تمحيص.

وإنّ سبب التسمية سيف ذي الفقار لأنّه فيه حزوز مطمئنة على متنه , قال ابن منظور في لسان العرب:وذو الفقار بالفتح والكسر وهو سيف مفقّر, إذا كان فيه حز أُثّر فيه فقد فُقَّر.

وقال أبو العباس: سمّي سيف النَّبيّ (صلى الله عليه وآله وسلّم) ذا الفقار لأنّه كانت فيه حفر صغار حسان ، وقد سئل الإمام الصادق (عليه السّلام) لِمَ سمي ذو الفقار؟ فقال (عليه السّلام) : (سمّي ذو الفقار لأنّه ما ضرب به أمير المؤمنين أحداً إلاّ افتقر في الدنيا من الحياة وفي الآخرة من الجنّة).

واختلفت الآثار المرويّة في مصدره وأسباب نزوله من السماء وتاريخ نزوله ، ففي بعض الروايات أنّ جبريل أنزله يوم معركة بدر أو معركة أحد , وفي بعضها الآخر أنّ الله أنزله مع أبينا آدم (عليه السّلام) من الجنّة وكان آدم يحارب أعداءه من الجنّ والشياطين , وكان مكتوباً عليه (لا يزال أنبيائي يحاربون به نبيّ بعد نبيّ وصدّيق بعد صدّيق حتى يرثه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام) فيحارب به عن النَّبيّ الأمّيّ) ، فقد ورد في تفسير السدّي عن ابن عباس في قوله تعالى: ( وأنزلنا الحديد ) قال:( أنزل الله آدم من الجنّة ومعه سيف ذي الفقار ). وقيل: غنمه أمير المؤمنين (عليه السّلام) بعد قتل العاص بن منبه السهمي وأخذه منه , وقيل: غنمه من منبه بن الحجاج السهمي في غزوة بني المصطلق بعد أن قتله, وقيل: كان من هدايا بلقيس ملكة سبأ إلى نبينا سليمان بن داود (عليه السّلام) ، وقيل: إنّ الحجاج بن علاط أهدى لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) سيفه ذا الفقار ثمّ صار إلى أمير المؤمنين علي (عليه السّلام) كما ذكر الزبيدي في تاج العروس , وقيل:أنّه مصنوع من صنم حديد في اليمن بعد كسره واتخاذه لسيف ذي الفقار بأمر جبرائيل إلى نبينا محمّد (صلى الله عليه وآله وسلّم) .

أمّا ما ورد عن أهل بيت النبوّة فإنّ مصدر سيف ذي الفقار هو نزوله من السماء كما روي عن الإمام أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) قال : سألته عن ذي الفقار سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) من أين هو؟ قال: (هبط به جبرئيل (عليه السّلام) من السماء وكانت حليته من فضّة وهو عندي).

وأمّا كيفية نزوله من السماء فهو كما ورد في رواية الإمام الصادق (عليه السّلام) : (إنّ الله تبارك وتعالى أنزل على محمّد سيفاً من السماء في غير غمد , وقال له: فقاتل في سبيل الله). ونزوله بلا غمد تحريض على الجهاد , وإشارة إلى أنّ سيفه ينبغي أن لا يغمد.

وأمّا وصفه فقد روي عن الإمام الصادق (عليه السّلام) أنّه قال: (سمّي سيف أمير المؤمنين (عليه السّلام) ذا الفقار لأنّه كان في وسطه خطّ في طوله ، فشبّه بفقار الظهر, إلى أن قال وكانت حلقته فضّة).

وفي بحار الأنوار (كان سيف ذي الفقار ذا شعبتين).

وفي رواية عبد الله بن عباس قال: (كان لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) سيف محلّى قائمه من فضّة ونعله من فضّة وفيه حلق من فضّة وكان يسمى ذو الفقار, وكانت له قوس نبع تسمى السداد , وكانت له كنانة تسمى جمع , وكانت له درع وشجة بالنحاس يسمّى ذات الفضول , وكانت له حربة تسمى البيضاء , وكانت له مجن يسمى الوافر, وكان له فرس أدهم يسمى السكب , وكانت له بغلة شهباء تسمى دلدل , وكانت له ناقة تسمى العضباء ، وكان له حمار يعفور , وكان له فسطاط يسمى التركي , وكان له عنز يسمى اليمن ، وكانت له ركوة تسمى الصادر, وكانت له مرآة تسمى المدلة , وكانت له مقراض تسمى الجامع , وكانت له قضيب شوحط يسمى الممشوق) . وكان الفرسان عادة ما تكتب على سيوفهم فقد وجد مكتوباً على ذؤابة سيف ذي الفقار: (إنّ أعتى الناس على الله من ضرب غير ضاربه ، وقتل غير قاتله).

وقد ورد في الأثر عن الإمام الصادق (عليه السّلام) :إنّ الناس انهزموا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يوم أحد , فغضب الرسول غضباً شديداً ، وكان إذا غضب انحدر عن جبينه مثل اللؤلؤ من العرق , فنظر فإذا علي (عليه السّلام) إلى جنبه , فقال: (الحق ببني أبيك مع من انهزم , فقال علي (عليه السّلام) : يا رسول الله لي بك أسوة , فقال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) : فاكفني هؤلاء ، وكان علي قد انكسر سيفه ، فقال: يا رسول الله  إنّ الرجل يقاتل بالسلاح وقد انقطع سيفي , فدفع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) سيفه ذا الفقار إلى الإمام علي (عليه السّلام) فقال: قاتل بهذا) , ولم يكن يحمل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) أحد إلاّ استقبله أمير المؤمنين (عليه السّلام) فإذا رأوه رجعوا ، فانحاز رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى ناحية أحد فوقف وكان القتال من وجه واحد , فلم يزل أمير المؤمنين (عليه السّلام) يقاتل الكفار حتى أصابه في وجهه ورأسه وصدره وبطنه ويديه ورجليه تسعون جراحة، فتحاموه وسمعوا منادياً من السماء:

 لا سيف إلاّ ذو الفقار

ولا فتى إلاّ علي

فنزل جبرائيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال: (يا محمّد هذه والله المواساة) .

وفي رواية ابن مسعود أنّ ملائكة السماء تعجّبت من ثبات الإمام علي (عليه السّلام) في معركة أحد , وسمع جبرائيل حين يعرج إلى السماء يقول:

 لا سيف إلاّ ذو الفقار

لا فتى إلاّ علي

 وروي عن عكرمة عن علي (عليه السّلام) قال النَّبيّ (صلى الله عليه وآله وسلّم) : (إنّ ملكاً اسمه رضوان كان ينادي في السماء بذلك).

وقد نظم الشعراء هذه المنقبة للإمام علي (عليه السّلام) فمن ذلك:

 ولـه بـلاء يوم أحد iiصالح      والـمشرفية  تـأخذ iiالأدبارا
إذ  جـاء جبريل فنادى iiمعلنا      في المسلمين وأسمع iiالأبرارا
لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتى      إلاّ  عـلي إن عـددت iiفخارا

 وقول الشاعر:

 ومـن  يـنادي جـبرئيل iiمـعلناً      والحرب قد قامت على ساق الورى
لا  سـيف إلاّ ذو الـفقار 
iiفاعلموا      ولا  فـتى الا عـلي فـي iiالوغى

 وقتل الإمام علي (عليه السّلام) عدو الله مرحباً في واقعة خيبر بذي الفقار كما ذكر في نظم الشاعر بقوله:

 خـذ الـراية الـصفراء أنت iiأميرها      وأنت  لكشف الكرب في الحرب iiتذخر
وأنـت  غداً في الحشر لا شكّ 
iiحامل      لـوائي وكـلّ الـخلق نـحوك iiتنظر
فـجدّله فـي ضـربة مـع 
iiجـواده      وأهوى ذباب السيف في الأرض يحفر
ومـرّ  أمـين الله فـي الـجوّ 
iiقائلاً      وقـد أظـهر الـتسبيح وهـو iiمكبّر
لا سـيـف إلاّ ذو الـفقار ولا 
iiفـتى      لـمـعركة  إلاّ عـلـي iiالـغـضنفر

 وقد ورد في شرح نهج البلاغة إنّ ذا الفقار كان بيد أمير المؤمنين (عليه السّلام) اليمنى فغاص في عسكر الجمل في وقعة الجمل ، ودخل وسطهم وضربهم بالسيف قدماً قدماً , والرجال تفرّ بين يديه وتنحاز عنه يمنة ويسرة حتى خضّب الأرض بدماء القتلى ، كما إنّ علياً (عليه السّلام) كان متقلداً ذا الفقار في يوم واقعة صفين كما جاء في كتاب التوحيد . وتقلده الإمام علي (عليه السّلام) يوم خلافته ومبايعة الناس له ، وجلس على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وكان متعمماً بعمامة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ومتنعلاً نعله.

وأمّا فضيلة سيف ذي الفقار فقد روى الصدوق عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) :(إنّ سيف (ذو الفقار) من علامات الإمام بعدما عدّد علامات الإمام وصفاته فقال (عليه السّلام) : ويكون عنده سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وسيفه ذو الفقار) , وذكرت الأخبار أنّ الرّسول الأكرم ألبس أمير المؤمنين (عليه السّلام) درعه ذات الفضول وأعطاه سيفه ذا الفقار وعمّمه عمامته السحاب).

كما ورد في المأثور بأنّ منزلة ذي الفقار لنبينا (صلى الله عليه وآله وسلّم) كمنزلة العصا لنبينا موسى (عليه السّلام) ، وأنّ الإمام علي بن أبي طالب (عليه السّلام) إذا خرج إلى أعدائه بسيف ذي الفقار أحسّوا بالخطر فيتراجعون ، وقد وصفت ضربات علي (عليه السّلام) بذي الفقار أنّه إذا اعتلى فيه قدّ , وإذا اعترض قَطّ , والقدّ قطع الشيء طولاً , والقط قطعه عرضاً , وأنّ صناعته كانت من السماء , وما كانت صناعته من السماء ما يبغى به على أحد , وظاهر بعض الأخبار الواردة عن نبينا المختار (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن طريق حبر الأمّة عبد الله بن عباس أنّ الإمام علي (عليه السّلام) يقف على الصراط مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وبيده سيف ذي الفقار فمن لم ينجُ من المرور على الصراط ضرب عنقه فيهوي إلى النار , وذكر ابن شهر آشوب في مناقبه أنّ الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) تقلّده أيام ولايته , وأشارت النصوص أنّ ذا الفقار وصل إلى الإمام المهدي الحجّة بن الحسن عجّل الله فرجه , وأنّ من علامات الفرج وخروج الإمام أرواحنا له الفداء هو نطق سيف ذي الفقار وخروجه من غمده , وكلامه بلسان عربي مبين (قم يا وليّ الله على اسم الله فاقتل بي أعداء الله) فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.

 

 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات


 
user comment