قصيدة للشاعر بدر شاكر السيّاب
إرم ِالـسـمـاء بـنـظرة ِ استهزاء و اجـعـل شـرابك َ من دم الاشلاء
واسـحق بظلّكَ كل عِرض ٍ ناصع ٍ و أبِـحْ لـنَـعلكَ اعظُمَ الضُعَفاء
و امْـلأ ْ سـراجك إنْ تَقَضّى زيتهُ مـمّـا تـدرّ ُ نـواضِبُ الاثداء ِ
واخـلـعْ عـلـيـهِ كـما تشاءُ ذبالةً هُـدُبَ الـرضيع ِ و حِلْمَة َ العذراء ِ
واسـدرْ بـغـيِّـكَ يا يزيدُ فقد ثوى عـنـك َ الحُسَينُ مُمَزّق َالاحشاء
والـلـيل ُ أظلَم َ و القطيع ُ كما ترى يَـرنـو إلـيـكَ بـأعْـيُن ٍ بلْهاء ِ
وإذا اشـتـكى فمَن المغيث ُ وإنْ غفا أيـن الـمُـهـيبُ به ِ الى العَلياء
مَـثّـلْـتُ غـدْرَكَ فـاقـشَعرّ لِهَوْلهِ قـلـبـي و ثارَ و زلزلتْ أعضائي
و اسـتقطرت عيني الدموع و رنّقتْ فـيـهـا بـقـايـا دمعة ٍ خرساء ِ
أبـصـرتُ ظِـلّـكَ يا يزيدُ يرجّهُ مـوجُ اللهيـب ِ و عاصفُ الانواء
رأسٌ تـكـللَ بالخنى، واعتاض عن ذاك الـنُـضـار بـحيّة ٍ رقطاء ِ
و يـدان ِ مُـوثَـقَـتان ِ بالسوط الذي قـد كـان يـعـبثُ امس ِ بالأحياء ِ
عـصَـفَـتْ بـيَ الذكرىفألقتْ ظلّها فـي نـاظريّ كواكبُ الصحراء ِ
مـبـهورة َ الاضواء يغشى وَمْضها اشـبـاحُ ركْـب ٍ لجّ في الاسراء ِ
أضـفـى عليه ِالليل سِتْرا ً حِيكَ من عُـرف الـجِنان ومن ظِلال حِراء ِ
أسـرى، و نـام َ فـلَيس َ إلا ّ همسة بـاسْم ِ الحُسَين ِ و جهشة ُ استبكاء ِ
تـلـك ابـنـة الزهراء ولهى راعَها حُـلُـمٌ الَـمّ بـهـا مـع الظلماء
تُـنْـبـي أخـاها و هي تُخفي وجهها ذعْـرا ً، و تلوي الجِيد َ في إعياء ِ
عـن ذلـك الـسهل الملبّد .. يرتمي فـي الافـق مـثل الغيمة ِ السوداء
يـكْـتَظ ّ بالاشباح ِ ظمأى حشرجتْ ثُـمّ اشـرأبّـتْ فـي انتظار الماء ِ
مـفـغـورة الافـواه ِ الا ّ جـثّـة مـن غـير رأس ٍ لُطّختْ بدماء
زحَـفَـتْ إلـى مـاء ٍ تراءى ثم لم تـبْـلُـغْـهُ فانكَفأتْ على الحصباء
غَـيـرُ الحُسَين ِ تصدّه عمّا انتوى رؤيـا فـكُـفّـي يا ابنة َ الزهراء
مـن لـلضِعاف إذا استغاثوا والتظَتْ عـيـنـا يـزيدَ سوى فتى الهيجاء ِ
بـأبـي عـطاشا ً لاغبينَ و رضّعا ً صُفْرَ الوجوه ِ خمائص َ الاحشاء ِ
أيـدٍ تُـمَـدّ ُ إلـى الـسماء ِ وأعينٌ تـرنـو الـى الـماء القريب النائي
عزّ الحُسينُ و جلّ عن أن يشتري ريّ الـقـلـيـل بـخطة ٍ نكراء