عربي
Saturday 7th of December 2024
0
نفر 0

أسباب اعتناق الفرس للإسلام و لمذهب التشيّع

أسباب اعتناق الفرس للإسلام و لمذهب التشيّع

*1 ـ ما هو السبب الحقيقي لدخول الفرس في الإسلام؟

إنّ الفرس دخلوا في الإسلام كدخول سائر الشعوب ، والعلّة في الجميع واحدة أو متقاربة ، وحاصلها : أنّهم وقفوا على أنّ في هذه الشريعة الغرّاء من سمات العدل والمساواة ، ورفض التمييز العنصري ، والنظام الطبقي ، وأنّ الناس فيه كأسنان المشط لا فضل لأعجمي على عربي ولا لعربي على أعجمي إلاّ بالتقوى ، وكانت الثورة الإسلامية تحمل يوم تفجّرها رايات العدل العظيمة ، فكان ذلك هو الدافع المهمّ للشعوب للدخول في الإسلام ، والانضواء تحت رايته ، من غير فرق بين قوم دون قوم وشعب دون شعب .
إنّ السبب الحقيقي لولائهم وجنوحهم إلى أهل البيت هو أنّهم شاهدوا أنّ علياً وأهل بيته ـ خلافاً للخلفاء عامّتهم ـ يكافحون فكرة القومية ويطبّقون المساواة ، فأخذوا يتحنّنون إليهم حيناً بعد حين
2 ـ ما هو السبب الحقيقي لولائهم آل البيت ـ عليهم السلام ؟

إنّ السبب الحقيقي لولائهم وجنوحهم إلى أهل البيت هو أنّهم شاهدوا أنّ علياً وأهل بيته ـ خلافاً للخلفاء عامّتهم ـ يكافحون فكرة القومية ويطبّقون المساواة ، فأخذوا يتحنّنون إليهم حيناً بعد حين ، وشبراً بعد شبر ، فكان ذلك نواة لبذر الولاء في قلوب بعضهم ، يرثه الأبناء من الآباء ، وإن لم يكن الحبّ ـ يوم ذاك ـ ملازماً للقـول بخلافتهم عن الرسول _ صلى الله عليه وآله وسلم _وإمامتهم بعده ، بل كان حبّاً وودّاً خالصاً لأسباب نفسية لا قيادية ، وتدلّ على ذلك عشرات من القضايا نذكر بعضها :

1 ـ روى الفضل بن أبي قرة عن الإمام الصادق _ عليه السلام _ قال : «أتت الموالي أمير المۆمنين _ عليه السلام _ فقالوا : نشكو إليك هۆلاء العرب ، إنّ رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _كان يعطينا معهم العطايا بالسويّة ، وزوّج سلمان ، وبلالا ، وصهيباً ، وأبوا علينا هۆلاء ، فقالوا : لا نفعل ، فذهب إليهم أمير المۆمنين _ عليه السلام _ فكلّمهم فيهم ، فصاح الأعاريب : أبينا ذلك يا أبا الحسن ، أبينا ذلك ، فخرج وهو مغضب يجرّ رداءه وهو يقول : يا معشر الموالي إنّ هۆلاء قد صيّـروكم بمنزلة اليهود والنصارى ، يتزوّجون إليكم ولا يزوّجونكم ، ولا يعطونكم مثل ما يأخذون ، فاتَّـجروا بــارك الله لكم ; فانّي قد سمعـت رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يقول : الرزق عشرة أجزاء ، تسعة أجزاء في التجارة وواحد في غيرها»(1) .

2 ـ وروى أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد بن سعيد الثقفي في غاراته : عن عبّاد ابن عبد الله الأسدي ، قال : كنت جالساً يوم الجمعة ، وعليّ _ عليه السلام _ يخطب على منبر من آجر ، وابن صوحان جالس ، فجاء الأشعث ، فجعل يتخطى الناس فقال : يا أمير المۆمنين غلبتنا هذه الحمراء على وجهك ، فغضب ، فقال ابن صوحان : ليبين اليوم من أمر العرب ما كان يخفى ، فقال عليّ _ عليه السلام _ : «من يعذرني من هۆلاء الضياطرة ، يقبل أحدهم يتقلّب على حشاياه ، ويهجّد قوم لذكر الله ، فيأمرني أن أطردهم فأكون من الظالمين ، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد سمعت محمّداً ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يقول : ليضربنّكم والله على الدين عَوداً كما ضربتموهم عليه بدءاً» .

قال المغيرة : كان عليّ _ عليه السلام _ أميل إلى الموالي وألطف بهم ، وكان عمر أشدّ تباعداً منهم(2) .

3 ـ روى ابن شهر آشوب : لما ورد بِسبي الفرس إلى المدينة أراد عمر بيع النساء ، وأن يجعل الرجال عبيد العرب ، وعزم على أن يحملوا العليل والضعيف ، والشيخ الكبير في الطواف وحول البيت على ظهورهم ، فقال أمير المۆمنين _ عليه السلام _ : «إنّ النبيّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال : أكرموا كريم قوم وإن خالفوكم ، وهۆلاء الفرس حكماء كرماء ، فقد ألقوا إلينا بالسلام ، ورغبوا في الإسلام ، وقد أعتقت منهم لوجه الله حقّي وحقّ بني هاشم» فقالت المهاجرون والأنصار : قد وهبنا حقّنا لك يا أخا رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _فقال : «اللّهمّ فاشهد أنّهم قد وهبوا ، وقبلت وأعتقت» ، فقال عمر : سبق إليها عليّ ابن أبي طالب _ عليه السلام _ ونقض عزمي في الأعاجم(3) .

4 ـ روى الصدوق عن الإمام الصادق _ عليه السلام _ : قال : قال رجل له : إنّ الناس يقولون : من لم يكن عربياً صلباً ، أو مولى صريحاً ، فهو سفلي ، فقال : «وأيّ شيء المولى الصريح»؟! فقال له الرجل : من ملك أبواه ، فقال : «ولِـمَ قالوا هذا» ؟! قال : يقول رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ : مولى القوم من أنفسهم ، فقال : «سبحان الله ، أما بلغك أنّ رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال : أنا مولى من لا مولى له ، أنا مولى كلّ مسلم ،عربيّها وعجميّها ، فمن والى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أليس يكون من نفس رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ثمّ قال : «أيّهما أشرف ، من كان من نفس رسول الله> ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أو من كان من نفس أعرابي جلف بائل على عقبيه؟ ثمّ قال : من دخل في الإسلام رغبة ، خير ممّن دخل رهبة ، ودخل المنافقون رهبة ، والموالي دخلوا رغبة»(4) .

5 ـ روى الفضل بن شاذان (ت 260هـ ) : أنّ عمـر بن الخطاب نهى عن أن يتزوّج العجم في العرب وقال : لأمنعنّ فروجهنّ إلاّ من الأكفاء(5) .

6 ـ روى المفيد : أنّ سلمان الفارسي ـ رضي الله عنه ـ دخل مجلس رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ذات يوم فعظّموه وقدّموه وصدّروه إجلالا لحقّه ، وإعظاماً لشيبته ، واختصاصه بالمصطفى _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وآله فدخل عمر فنظر إليه ، فقال : من هذا العجمي المتصدّر فيما بين العرب؟ فصعد رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _المنبر فخطب ، فقال : «إنّ الناس من عهد آدم إلى يومنا هذا مثل أسنان المشط ، لا فضل للعربي على العجمى ، ولا للأحمر على الأسود إلاّ بالتقوى ، سلمان بحر لا ينزف ، وكنز لا ينفد ، سلمان منّا أهل البيت ، سلسل يمنح الحكمة ويۆتي البرهان»(6) .

7 ـ روى الثقفي في الغارات : أنّ امرأتين أتتا علياً _ عليه السلام _ عند القسمة ، إحداهما من العرب ، والأُخرى من الموالي ، فأعطى كلّ واحدة خمسة وعشرين درهماً ، وكرّاً من الطعام ، فقالت العربية : يا أمير المۆمنين ، إنّي امرأة من العرب ، وهذه امرأة من العجم ، فقال عليّ _ عليه السلام _ : «إنّي لا أجد لبني إسماعيل في هذا الفيء فضلا على بني إسحاق»(7) .

8 ـ روى المفيد عن ربيعة وعمارة وغيرهما : أنّ طائفة من أصحاب أمير المۆمنين عليّ بن أبي طالب مشوا إليه عند تفرّق الناس عنه وفرار كثير منهم إلى معاوية ، طلباً لما في يديه من الدنيا ، فقالوا له : يا أمير المۆمنين ، أعط هذه الأموال ، وفضّل هۆلاء الأشراف من العرب وقريشاً على الموالي والعجم ، ومن يخاف خلافه عليك من الناس وفراره إلى معاوية .

فقال لهم أمير المۆمنين _ عليه السلام _ : «أتأمروني أن أطلب النصر بالجور؟! لا والله لا أفعل ما طلعت شمس ولاح في السماء نجم ، ولو كانت أموالهم لي لواسيت بينهم ، فكيف وإنّما هي أموالهم»(8) .

9 ـ روى المبّرد : قال الأشعث بن قيس لعليّ بن أبي طالب _ عليه السلام _ وأتاه يتخطّى رقاب الناس وعليّ على المنبر ، فقال : يا أمير المۆمنين غلبتنا هذه الحمراء على قربك ، قال : فركض على المنبر برجله ، فقال صعصعة بن صوحان العبدي : ما لنا ولهذا؟ ـ يعني الأشعث ـ ليقولنّ أمير المۆمنين اليوم في العرب قولا لا يزال يذكر ، فقال عليّ : «من يعذرني من هذه الضياطرة ، يتمرّغ أحدهم على فراشه تمرّغ الحمار ، ويهجر قوم للذكر ، فيأمرني أن أطردهم ، ما كنت لأطردهم فأكون من الجاهلين ، والذي فلق الحبة ، وبرأ النسمة ليضربنّكم على الدين عَوداً كما ضربتموهم عليه بدءاً»(9) .

هذه الشواهد الكثيرة توقفنا على السبب الحقيقي لتوجّه الفرس والموالي إلى آل البيت ، وأنّه لم يكن إلاّ لصمودهم في طريق تحقيق العدل والمساواة ، والمكافحة ضد العنصرية والتعصّب .

*الشيخ جعفر السبحاني

المصادر:

(1) الكليني ، الكافي 5 : 318 .

(2) الثقفي ، الغارات : 340 ط بيروت ، الحمراء : الموالي ، الضياطرة جمع الضياطر : الضخام الذين لا عناد عندهم .

(3) ابن شهر آشوب ، مناقب آل أبي طالب 4 : 48 .

(4) الصدوق ، معاني الأخبار : 405 .

(5) الفضل بن شاذان ، الإيضاح : 280 .

(6) المفيد ، الاختصاص : 341 .

(7) الغارات : 341 .

(8) المفيد ، المجالس : 57 طبعة النجف .

(9) الكامل 2 : 53 ، ط مصر سنة 1339هـ .

 


source : www.tebyan.net
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

البدعة 5
مظاهر قدرة الله في الطبيعة
دور اهل البيت (ع ) في مواجهة .
أنّه تعالى مريدٌ ومن صفات كماله إرادته
شرح قول الإمام وفيك انطوى العالم الأكبر
بعض اقوال علماء اهل السنة والجماعة في يزيد ابن ...
العدل أساس الملك
السنة والبدعة
نظام العبادات في مدرسه أَهل البيت عليه السلام
ما معنى الحديث القائل "الحسود لا يسود"؟ هل هو ...

 
user comment