عربي
Saturday 18th of May 2024
0
نفر 0

أثر مجالس التعزية في استدامة مدرسة عاشوراء

 أثر مجالس التعزية في استدامة مدرسة عاشوراء

بسم الله الرّحمن الرّحيم
سرّ بقاء مذهب التشيع

إنه لخطأ فاحش، بل هو خيانة كبرى أن يدعو المسلم الله تعالى أن يحفظ رئيساً مرتبطاً بالأجنبي الذي لا تعلم ديانته أو مدى التزامه بدينه مع أنه يعادي شعبنا، وفي شعبنا طبقة تخالف عموم الشعب وتوافق ذلك الرئيس الخارجي، لكن هؤلاء قليلون جداً. لذلك يجب في هذا الوقت أن يكون اتحاد الشعب أقوى، وإذا كان التذمر موجوداً في السابق، فالمفروض أن لا يكون الآن. وعلينا أن نكمل المسيرة معاً، واطمئنوا أنكم بعد ذلك ستنتصرون، فالحق منتصر، الحق منتصر. غاية الأمر أنه يجب علينا أن نجد سرّ الانتصار، فما هو سر انتصارنا؟

أثر مجالس التعزية في استدامة مدرسة عاشوراء

ابنا :إنّ المذهب الشيعي بقي على مرّ الزمن حياً فاعلًا، وذلك منذ عهد أمير المؤمنين علي (عليه السلام) إلى الآن. ومعلوم أنّ عدد الشيعة كان في البداية قليلًا لا يحسب له حساب، لكنهم الآن كثيرون والحمد لله. فعلينا أن نجد سرّ بقاء هذا المذهب، وسرّ بقاء الإسلام عموماً، ونحافظ عليه. إنّ احد الأسرار الكبيرة وأهمها ما قام به سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام) فإنه (سلام الله عليه) قد حفظ الإسلام وضمنه، وحافظ عليه من الانحراف بما قدّمه من تضحيات عظيمة، فهزم بنهضته ومقتله الأمويين وغيرهم، وأعاد الإسلام إلى نهجه الصحيح، فتجب المحافظة على تلك النهضة الحسينية.
أهمية إقامة مراسم العزاء

إذا أردنا أن يكون وطننا حراً ومستقلًا، فيجب أن نحافظ على سرّ بقاء الإسلام والمذهب الشيعي أيّ يجب أن نحافظ على الاحتفاء بذكرى عاشوراء، فإن مجالس التأبين هذه أقيمت منذ البداية بأمر الأئمة (عليهم السلام) ثم استمرت على طول التاريخ. ولا يظنن بعض شبّاننا أنّ هذه المجالس الحسينية هي مجالس بكاء مجردة من كلّ فعل نضالي وسياسي واجتماعي، فلا يصح في هذا العصر أن نبكي ما دامت كذلك.

إنّ هذا الكلام غير صحيح، لأنكم تعلمون أنّ الإمام الباقر (سلام الله عليه) قد أوصى عند وفاته: أن تقام مجالس العزاء بوفاته في منى عشر سنوات وذلك باستئجار النوائح فما هذا النضال؟ وهل أن الإمام الباقر (عليه السلام) كان بحاجة إلى البكاء؟ وماذا أراد (عليه السلام) من البكاء وإقامة العزاء ومراسم الرثاء في أيام الحجّ خاصة وفي منى بالأخص؟ فهذه نقطة أساسية وهي أنه أراد أن يفضح الحكام الظلمة سياسياً ونفسياً وإنسانياً لأنّ الحجّاج حينما يرون منظر العزاء والنياحة يحاولون استطلاع الخبر بالسؤال. فتقصّ عليهم قصة ظلم الحكام لأهل بيت الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) وهذا من شأنه أن يوجّه أنظارهم نحو مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، ويحطم الظالم، ويقوّي شعبية المظلوم.
أثر البكاء وإقامة المآتم الحسينية في المذهب الشيعي

لقد ضحّينا بشبّاننا كما ضحّى الحسين (عليه السلام) بشبّانه، فتجب المحافظة على هذا النهج الجهادي. إنكم تظنون أنّ البكاء على الحسين (عليه السلام) بكاء مجرد كلا؛ إنه أمر سياسي ونفسي واجتماعي، لأنه إذا كان هذا البكاء مجرداً من هذه الأمور النضالية، فما معنى الأمر بالتباكي؟ فإنّ القضية تحتاج إلى التباكي. ولقد أصبح التباكي أمراً مهماً. فما الداعي إلى حاجة سبط الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وسيد الشهداء (عليه السلام) إلى البكاء؟

إنّ الأئمة كانوا يصرون ويؤكدون على عقد الاجتماعات والمجالس الحسينية، والبكاء على ظلامة الحسين (عليه السلام) وأهل البيت (عليهم السلام)، لأنّ ذلك يحفظ كيان المذهب الشيعي. ولا تظنوا أننا نحول هذه المواكب الحسينية التي تنطلق يوم عاشوراء، وتجوب الشوارع والأزقة لا تظنوا أننا نريد أن نحولها إلى مسيرات، إنها في الحقيقة، مسيرات تحمل بعداً سياسياً. لذلك يجب الاهتمام بها أكثر من السابق، فسرّ انتصارنا إنما هو هذه المواكب الحسينية، وهذا البكاء واللطم والعزاء. فيجب أن تقام مجالس العزاء في جميع أنحاء البلاد، وعلينا جميعاً أن نعزي الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، وأن نبكي على ظلامة أهل بيته (عليهم السلام) ولاسيما الحسين سيد الشهداء (عليه السلام).

فهل تعرفون شيئاً في العالم يستطيع أن يوجد الاتحاد والتنسيق أكثر من هذه المجالس؟ وهل تعرفون شعباً يمتلك مثل هذا الوجه المشترك الجامع، ومثل هذا العامل الموجد للاتحاد؟ ومن الذي أوجد عامل الاتحاد والتنسيق؟ إنه سيد الشهداء (عليه السلام) سبط الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله).

إنّ المواكب والمآتم الحسينية، تخرج يوم تاسوعاء ويوم عاشوراء في مسيرات عظيمة في جميع الدول الإسلامية، كالهند وباكستان وأندونيسيا والعراق وأفغانستان وغيرها. فمن يستطيع أن ينسق لإقامة هذه الاجتماعات؟ علماً بأنه يجب أن تحافظ هذه المواكب على وجهتها الشرعية.

والمهم أنه عليكم أن تحافظوا على هذا التنسيق وهذا الاتحاد، وأن تعلموا أنّ شبّاننا الأعزاء الصافين قد يُعرَّضون لِخداع المغرضين واحتيالهم، ولا ينتبهون إلى السموم التي يحقن بها عقولهم أناس قد حقن عقولهم بها أناس آخرون.
الأيدي الأجنبية تمارس التفرقة

لقد فرقت الأيدي الأجنبية القذرة بين علماء الدين والشبّان، وخططوا لهذا العمل، ولم يكن أمراً عثبياً دون تخطيط، إذ كانوا دائماً يخدعون علماء الدين بتقبيح الشبّان في نظرهم بأن يقولوا لهم: هؤلاء الشبّان يلبسون الأربطة ويحلقون لحاهم، فيجب إبعادهم والابتعاد عنهم، وفي المقابل كانوا يقبحون العلماء في نظر الشبّان، ويقولون لهم: إن الإنجليز هم الذين جاءوا بالملالي، وبذلك فرّقونا، فمن المنتفعون من وراء ذلك؟ إنهم أولئك الذين يريدون أن يسرقوا نفطنا، إنهم يؤلّبون بعضنا على بعض، لنتفرّق، فيبطل التنسيق الذي يجب أن يكون بيننا، ومتى انتفى ذلك التنسيق والاتحاد فعلوا بنا ما يشاؤون، ونحن مكتوفو الأيدي لا نفعل شيئاً، ولا نعمل لاستعادة التنسيق والاتحاد بالمجالس الحسينية. ونحن الآن نقترب من المحرم ونسمع ـ آملين أن لا يكون ذلك صحيحاً ـ من يقول: إنّ هؤلاء الشبّان الطيبين، الذين يشاركون في المواكب الحسينية إنخدعوا، وإذا أراد أحد أن يقيم مجلس عزاء الحسين (عليه السلام) فإنّ جماعة يقولون: لا نحتاج إلى ذلك.
أثر مجالس التعزية في استدامة مدرسة عاشوراء

هؤلاء غافلون أولئك الذين يخالفون مجالس التعزية هم أنفسهم الذين خالفوا علماء الدين والجامعيين والعمال والفلاحين. وهم الذين يريدون امتصاص دمائنا ونهب ثرواتنا، ليبقونا أذلة، فهذا التنسيق القائم بين جميع أبناء الشعب الذي أوجدته قصة كربلاء هو اكبر عامل سياسي ونفسي في العالم تتحد عليه القلوب، بشرط أن لا يخرج عن خطه الصحيح. والمهم أننا إنما انتصرنا بهذا التنسيق وهذا الاتحاد. وعلينا أن نعرف له قيمته وعلى شبّاننا أن ينتبهوا إلى ذلك وأن يعلموا أن بعض الأيدي تتحرك الآن للقضاء أولا: على وجهائنا واحداً واحداً، وثانياً: على المجالس الحسينية، وثالثاً: على معنوية المساجد ودورها النضالي.

إنّ هذه المساجد وهذه المجالس الحسينية السنوية والأسبوعية هي التي توقظ الناس، وتنسق بين طبقاتهم بحيث لو أرادت الدول أن تقوم بهذا التنسيق لما تيسر لها ذلك حتى مع بذل مئات المليارات من التومانات. هكذا نسق سيد الشهداء (عليه السلام) بين طبقاتنا المختلفة. ثم إنهم يريدون منا أن لا نظهر أسفنا وحزننا وبكاءنا على ظلامته. إنّ هذا البكاء هو الذي صاننا وحافظ علينا. فعلى شبّاننا أن ينتبهوا، ولا يكونوا ضحية خِداع هؤلاء الشياطين، فيفقدوا هذا السلاح الذي صاننا وصان بلادنا.
وجوب إقامة المجالس والمآتم الحسينية

إنّ وظيفة السادة إقامة المجالس الحسينية، ووظيفة الناس إقامة المواكب العظيمة كمواكب اللطم المجللة طبعاً يجب الامتناع عما يخالف الشرع. وأن يفعلوا من أنواع العزاء ما كانوا يفعلونه من قبل، فيجب أن يحافظوا على اتحادهم وعلى اجتماعهم وتنسيقهم، لأنّ ذلك هو سبب بقائنا. إنّ المغرضين يخدعون شبّاننا الطيبين ويزينون لهم الكلام بقولهم: حسناً، ماذا نصنع بالبكاء على الحسين؟ ما معنى هذا القول؟

نحن لو بكينا الدهر كله على سيد الشهداء (عليه السلام) فإن ذلك لا ينفعه شيئاً. لكنه ينفعنا في الدنيا والآخرة، فإذا أخذنا نفع الدنيا بنظر الاعتبار وجدنا الاتحاد ووصل القلوب بعضها ببعض من آثاره. وأما النفع الأخروي فمكانه محفوظ، فيجب علينا أن لا نضيع هذا الحصن الحصين. وأولئك الذين يحاولون أخذ هذه القلعة منا هم رجال منا صالحون لكنهم مخدوعون، وتقف وراءهم أيدي مشبوهة فاسدة ومفسدة، تريد جر الشعب إلى الهلاك، فيجب علينا وعلى الشعب أن نكون يقظين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 


source : www.sistani.org
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

كرامات الإمام الحسين ( عليه السلام )
كربلاء الحسين أسمٌ ميّزه الله في كل شيء
الحضور الاجتماعي عند الإمام الحسين (ع)
أثر مجالس التعزية في استدامة مدرسة عاشوراء
الحبيب والمخلص لأبي عبد الله الحسين(ع)
من تراث الامام الحسین
اصحاب الامام الحسين عليه السلام يوم الطف
شعر الإمام الحسين ( عليه السلام )
جذور التشيع في تركيا من أين يمتد ؟!
قصيدة تلقى قبل اذان الصبح في حضرة الامام الحسين ...

 
user comment