عربي
Wednesday 15th of January 2025
0
نفر 0

السرّ الأوّل- مزار الإمام (عليه السلام) روضة من رياض الجنّة

السرّ الأوّل- مزار الإمام (عليه السلام) روضة من رياض الجنّة

السرّ الأوّل- مزار الإمام (عليه السلام) روضة من رياض الجنّة

 

الجنّة دار استراحة المؤمنين والمؤمنات بعد يوم القيامة ، فيها ما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين وما لم يخطر على قلب بشر ، لا يدخلها إلاّ من كان سعيداً :

(وَأمَّا الَّذِينَ سعدُوا فَفِي الجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا)[1].

فالسعيد في جنّات عرضها السماوات والأرض يدرك السعادة الأبدية ويحسّ بها.

والله سبحانه جعل في أرضه بلطفه وحكمته وكرمه بقاعاً فيها من الإحساس ما في الجنّة التي اُعدّت للمتّقين ، ولو فتح الله بصيرة الإنسان لرأى بوضوح أنّ هذه البقعة جنّة من جنّات الله سبحانه ، إلاّ أنّ الذنوب والمعاصي هي التي تحجب المرء عن أن يدرك ذلك فيتسائل عنها.

ومن تلك البقاع التي في عالم المعنى هي جنّة من جنان الله سبحانه ، ما بين قبر النبي الأكرم محمّد (صلى الله عليه وآله) ومنبره ، فقد ورد في الحديث النبوي الشريف المتّفق عليه عند الفريقين :

ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنّة.

الكافي بسنده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :

ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنّة ، ومنبري على ترعة من ترع الجنّة ، وقوائم منبري رتب في الجنّة ،

قال : قلت : هي روضة اليوم ؟

قال : نعم إنّه لو كشف الغطاء لرأيتم[2].

فمن كان من أهل كشف الغطاء ومن أهل الشهود والمعاينة ، فإنّه بلا شكّ يرى تلك الجنّة وما معناه ، وإنّه كيف يستريح فيها ، ويتلذّذ بنعيمها العلمي والسبحاني ، وفيها ما تشتهي الأنفس ، ولم يخطر على قلب بشر ـ والحرّ تكفيه الإشارة ـ فإنّ الغاية من الجنّة هي أن تكون دار استراحة أبديّة روحيّة وجسديّة للمؤمنين والمؤمنات ، ودار جزاء للإيمان والأعمال الصالحة التي تختصّ بالمؤمنين والمؤمنات ، وإنّها طبقات ودرجات ومقامات ، فمن المؤمنين من يسكن الطبقة الاُولى ، ومنهم من يكون بجوار رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحوله ، على منابر من نور مبيضّة وجوههم.

فمن الجنّات الفردوس ودار السلام وجنّة المأوى وغيرها ، وأعلاها جنّة الله ، وهي جنّة الأسماء والصفات ، وإنّها مختصّة بأولياء الله ، وإنّهم أصحاب النفوس المطمئنّة التي ترجع إلى ربّها راضيةً مرضيّة.

فمن يزور الكعبة المشرّفة وحرم النبيّ (صلى الله عليه وآله) بين بيته ومنبره ، وحرم الأئمة المعصومين (عليهم السلام) ، يشعر ويحسّ بالارتياح الروحي والقلبي ، وكأ نّه في جنّة الله وروضته بين الحور والولدان المقرّبين ، يطوف عليه الملائكة بأباريق من ذهب وفضّة ، وكؤوس من لؤلؤ ومرجان ، فلا حزن ولا آلام حتّى ينسى نفسه ، وينسى هموم الدنيا ومصائبها ومتاعبها ، وكأ نّه يعيش في عالم آخر ، مرتاح البال ومطمئنّ القلب ، ويدرك أوصاف الجنّة التي وردت في الآيات والروايات ، كلّ هذا ببركة النبيّ والعترة الطاهرة ، والزيارات المقبولة ، وحتّى من الزائرين من ينفتح بصره وسمعه ، فيسمع جواب سلامه على إمامه ، ويرى حقائق الأشياء كما هي ، والعاقل تكفيه الإشارة.

فمن تلك البقاع الجنانية الحرم الرضوي الشريف ، قد رفع الله شأنها وأكرم منزلتها وبارك حولها ، وعمّرها بالعلم النافع والإيمان الصالح ، يشعّ منها الأنوار الإلهية إلى كلّ ربوع الأرض ، وهو مهبط نزول الملائكة بالرحمة والبركة.

بحار الأنوار ، بسنده عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أ نّه قال :

إنّ بخراسان لبقعة يأتي عليها زمان تصير مختلف الملائكة ، فلا يزال فوج ينزل من السماء وفوج يصعد إلى أن ينفخ في الصور.

فقيل له : يا ابن رسول الله وأيّ بقعة هذه ؟

قال : هي بأرض طوس وهي والله روضة من رياض الجنّة ، من زارني في تلك البقعة كان كمن زار رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وكتب الله تبارك وتعالى له بذلك ثواب ألف حجّة مبرورة وألف عمرة مقبولة ، وكنت أنا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة[3].

مثل هذه الرواية الشريفة ممّـا يستدلّ بها على إمامة الإمام (عليه السلام) ، فإنّها من الأخبار الغيبيّة ، فإنّه (عليه السلام) قبل شهادته ، أخبر بمحلّ دفنه وأ نّه يكون مزاراً لعشّاق ولايته إلى يوم القيامة ، وأنّ الملائكة لا يزال فوج ينزل من السماء وفوج يصعد إلى أن يُنفخ في الصور ، فما أعظم ذلك ، كيف لا تكون زيارته الكريمة تعادل زيارة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ وكيف لا يثاب الزائر بألف حجّة مبرورة وألف عمرة مقبولة ، وكيف لا ينال شفاعة الأئمة الأطهار (عليهم السلام) يوم القيامة ؟ وكيف لا تكون تلك البقاع المقدّسة بحكم الحرم الإلهي الشريف الذي من دخلَه كان آمناً من الذنوب ومن فزع اليوم الأكبر ؟

عن أبي هاشم الجعفري ، قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول :

إنّ بين جبلي طوس قبضة قبضت من الجنّة ، من دخلها كان آمناً يوم القيامة من النار[4].

وكيف لا يرفع الله شأن تلك البقعة المطهّرة وذلك الحرم الشريف ؟

عن الإمام الصادق (عليه السلام) :

أربع بقاع ضجّت إلى الله أيّام الطوفان : البيت المعمور فرفعه الله ، والغري ـ النجف الأشرف ـ وكربلاء وطوس[5].

فقبوركم في القبور ، إلاّ أ نّه ما أعظم شأنكم وأرفع مقامكم وأجلّ منزلتكم ، وإنّ حرمكم هي الروضة الشريفة والجنّة الفردوس ، لا يلقّاها إلاّ ذو حظٍّ عظيم ، وأتى الله بقلب سليم.

 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

مقتل الحسين ( ع )
أفكار في سلاح الإمام المهدي عليه السلام عند ...
البكاء على أهل البيت‏
امر الله ابراهيم عليه السلام ببناء البيت
الغلاة وفرقهم
آداب الزيارة والزائر
ذكرى استشهاد السيدة أم البنين (عليها السلام)
هل كان للسيدة خديجة زوج قبل زواجها مع رسول الله ...
أفضلية شهر رمضان على سائر الشهور
في التنظيف

 
user comment