يا تُرى أو تدري أنّ حبّ الدنيا وحبّ الله لا يجتمعان في قلب عبد ، فإنّ حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة ، وحبّ الله رأس كلّ طاعة ، ويستحيل اجتماعهما في جوف واحد في آن واحد ، فهما متضادّان ومتناقضان ، فالقلب إمّا أن يكون حرم الله وعرشه ، لا يدخل الحرم إلاّ من كان طاهراً متطهّراً تقيّاً نقيّاً كالملائكة ، وإمّا أن يكون عشّ الشيطان قد عشعش فيه وباض وفرّخ ـ كما ورد في نهج البلاغة عن أمير المۆمنين (عليه السلام) ـ فيكون القلب دار سلطنة الشيطان ـ والعياذ بالله ـ وإذا كان الشيطان سلطان القلب فإنّه يأمر بالفحشاء والمنكر ، وبداية دخوله القلب بالوسوسة ـ الذي يوسوس في صدور الناس ـ ونهايته السلطنة والحكومة وحينئذ يأمر عبيده ـ جوارح الإنسان وجوانحه ـ بالفحشاء والمنكر والفساد في الأرض ، وأمّا إذا كان الحاكم في القلب هو الله سبحانه فإنّه يأمر بالعدل والإحسان والخير ، وهذا يعني أنّ الإنسان لا بدّ أن يكون على حذر تامّ ، وإنّما يستجيب لدعوة ربّه الكريم الحكيم ، فإنّه بين دعوتين : دعوة ربّانية إلهية نورانيّة ، كالدعوة إلى الخير والصلح والوحدة والإيمان والعمل الصالح ، ودعوة شيطانيّة رذيلة ناريّة ، كالدعوة إلى الشرّ والفسق والفجور والظلم والكفر والفرقة والتخاصم . والله سبحانه قد خلق الإنسان مختاراً ليكون مظهراً لاختياره ، وهداه النجدين : نجد الخير ونجد الشرّ ، وعلامة نجد وطريق الخير حبّ الله ، وعلامة نجد وطريق الشرّ حبّ الدنيا ، فلا يجتمعان في قلب أبداً.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : حبّ الدنيا وحبّ الله لا يجتمعان في قلب أبداً.
وقال أمير المۆمنين علي (عليه السلام) : كيف يدّعي حبّ الله من سكن قلبه حبّ الدنيا.
وقال : كما إنّ الشمس والليل لا يجتمعان ، كذلك حبّ الله وحبّ الدنيا لا يجتمعان.
وقال : إن كنتم تحبّون الله فأخرجوا من قلوبكم حبّ الدنيا ، من أحبّ لقاء الله سلا عن الدنيا.
وقال الإمام الصادق (عليه السلام) : والله ما أحبّ الله من أحبّ الدنيا ووالى غيرنا.
source : www.tebyan.net