متى ولدت السيدة المعصومة (عليها السلام)
إن السيدة فاطمة بنت الإمام الكاظم ( عليه السلام ) هي أختُ الإمام الرضا لأمّه ، فأمّهما واحدة ، وهي من قد عرفت فضلها وعقلها ودينها .
وأبوها مثله كمثل الشمس في وسط ا لسماء ، فهو « مَعدن التنزيل ، وصاحب التأويل ، وحامل التوارة والإنجيل » (1) ، « وصي الأبرار ، وإمام الأخيار ، وعيبة (2) الأنوار ، ووارث السكينة والوقار ، والحكم والآثار ، الذي كان يحيي الليل بالسّهر إلى السٌحر بمواصلة الإستغفار ، حليف السجدة الطويلة ، والدموع الغزيرة ، والمناجاة الكثيرة ، والضرّاعات المتصلة . ومقر النهي والعدل ، والخير والفضل ، والندى والبذل ، ومألف البلوى والصبر . . . » (3) .
فالسيدة المعصومة ( عليها السلام ) قد وُلدت في بيت لا يتنفس فيه إلا عبير التقى ، ولا يُرتضعُ فيه إلا بلبان الإيمان ، ولا يتربى فيه إلا بتربية القرآن ، ولا ينهل فيه إلا من رواء العلم ، ولا يُطعم فيه إلا من رياض الخلق والأدب والطهر والعفة .
وأمّا تاريخ ولادتها : ذكروا أنّها ( سلام الله عليها ) قد ولدت في المدينة المنورة في غرة ذي القعدة من سنة 173 هـ (4) .
وعلى هذا التاريخ يكون عمرها الشريف حين وفاتها ثمان وعشرين سنة حيث توفيت في عام 201 هـ .
وعلى كل تقدير لا يمكن أن يتصور عمرها الشريف أقل من إثنين وعشرين عاماً ، أي ولادتها لا تتصور بعد عام 179 هـ .
لماذا ؟ وكيف ؟
الجواب : في أصول الكافي : « . . . قبض ( عليه السلام ) (5) ببغداد في حبس السندي بن شاهك ، وكان هارون حمله من المدينة لعشر ليال بقين من شوال سنة تسع وسبعين ومائة ، وقد قدم هارون المدينة منصرفة من عمرة شهر رمضان ، ثم شخص هارون إلى الحج وحمَله معه ، ثم انصرف على طريق البصرة فحبسه عند عيسى بن جعفر (6) ، ثم أشخصه إلى بغداد ، فحسبه عند السندي بن شاهك ، فتوفي ( عليه السلام ) في حبسه . . . » (7) .
فالإمام الكاظم ( عليه السلام ) قد فارق بيته ومدينة جدّه ( صلّى الله عليه وآله وسلّم) في شوال سنة 179 هـ . وعليه فولادة السيدة المعصومة ( عليها السلام ) كان قبل هذا التاريخ (8) ، فيكون عمرها الشريف ـ على أقل التقادير ـ حين وفاتها إثنتين وعشرين سنة ، ولكن الأقرب أن عمرها كان اكثر من ذلك ، وخاصة إذا عرفنا أنها كبرى الفاطمتين أو الفواطم (9) ، فالظاهر أن عمرها الشريف ثمان وعشرون سنة .
____________
(1) هذا شطر من زيارة للإمام الكاظم ( عليه السلام ) .
(2) عيبة الشيء خاصته وموضع سره .
(3) شطر من زيارة أخرى للإمام الكاظم ( عليه السلام ) .
(4) مستدرك سفينة البحار : ج8 ص 257 مادة « فَطَم » .
(5) أي الإمام الكاظم ( عليه السلام ) .
(6) أي عيسى بن جعفر المنصور الدوانيقي والي هارون على البصرة ، وهو الذي حبس الإمام ( عليه السلام ) لمدة سنة . راجع الإرشاد : ج2 ص 239 .
(7) أصول الكافي : ج1 ص 476 .
(8) وعلى هذا فلا يصح ما ذكر من أن ولادتها ( عليها السلام ) كانت في المدينة المنورة سنة 183 هـ ـ أي سنة وفاة أبيها ( عليه السلام ) الذي كان رهين السجون ـ .
(9) ذكر سبط بن الجوزي في تذكرة الخواص : ص 351 أن للإمام ( عليه السلام ) اربعاً كل منهن تسمى فاطمة .
source : www.sibtayn.com