لما أكثر مسلم ـ عليه السلام ـ من الطعن على ابن زياد في حسبه ونسبه أمر رجلا شاميا (1) أن يصعده الى أعلا القصر ، ويشرف به على موضع الجزّارين (2) ، ويضرب عنقه ، ويرمي بجسده ورأسه الى الأرض. فأصعده الشامي ، ومسلم يسبّح الله ويكبّره ويستغفره ويقول : « اللهم أحكم بيننا وبين قوم كذبونا وغرونا وخذلونا وقتلونا (3) » بداعية الحسين ـ عليه السلام ـ ، ولعل الأمر ينتكث عليه لأن النفوس متكهربة بولائهم ولهم العقيدة الراسخة بفضلهم الكثار.
وهنا نقل آخر في قتله أنه دفعه الى الأرض على أمّ رأسه فتكسّر وكانت فيها شهادته ، (4) ولأنفراد ناقله ونص المورخين على الأول مما يبعّده.
ثم أمر ابن زياد بهاني بن عروة فأخرج مكتوفا الى مكان من السوق يباع فيه الغنم فنادى : « وامذحجاه ولا مذحج لي اليوم ، وامذحجاه ولامذحج لي اليوم. »
فلما رأى أن أحدا لا ينصره انتزع يده من الكتاف ونادى : « ألا عصا أو سكّين أو عظم أو حجر يذبّ به رجل عن نفسه. »
فوثبوا عليه وأوثقوه كتافا فقيل له : مدّ عنقك قال : « ما أنا بسخيّ بها ولا معينكم على نفسي ! »
فضربه رشيد مولى لابن زياد تركي فلم تعمل فيه فقال هاني : « الى الله المعاد ، اللهم الى رحمتك ورضوانك. »
ثم ضربه أخرى فقتله.
وهذا العبد رآه عبدالرحمن بن حصين المرادي مع ابن زياد في وقعة « الخازر » فثأر بهاني وحمل عليه بالرمح فقتله (5).
ثم صلى ركعتين (6) وتوجه نحو المدينة وسلم على الحسين (7) فضرب الرجل عنقه ورمى بجسده الى الأرض كما أمره ابن زياد (8) ونزل مذعورا فسأله ابن زياد عما دهاه قال : رأيت ساعة قتله رجلا أسود سيّء الوجه حذائي عاضّا على اصبعه ، فقال له : لعلك دهشت ! (9) قصدا لتعمية الأمر على الجالسين حوله لئلا يفشوا الخبر فتزداد عقيدة الناس .
_________
1) مقتل الخوارزمي . ومنه يعرف الإضطراب في نقل ابن جرير فإنه نص على أن بكير الأحمري هو الذي أصعده الى أعلا القصر ، وقبل هذا ذكر أن مسلما ضربه على عاتقه حتى كاذت أن تطلع الى جوفه ، ومثل هذا الجريح هل يستطيع القيام بقتله.
2) في ارشاد الشيخ المفيد موضع الحذائين.
3) الطبري ج6 ص213.
4) رياض المصائب ص68.
5) أسرار الشهادة ص258.
6) ابن الأثير ج4 ص15.
7) اللهوف لابن طاووس ص31
source : www.sibtayn.com