عربي
Tuesday 8th of October 2024
0
نفر 0

كيف ما قبلته كأخيه الحسن ؟

كيف ما قبلته كأخيه الحسن ؟

المولى القزويني : حكى صاحب ذخاير الأفهام ، عن عبد الله بن داود ، عن الثقات ، عن ابن عباس ، قال : صلينا مع رسول الله صلي الله عليه واله وسلم ذات يوم ، صلاة الصبح في مسجده الآن ، فلما فرغنا من التعقيب التفت إلينا بوجهه الكريم ، كأنه البدر في ليلة تمامه ، واستند على محرابه وجعل يعظنا بالحديث الغريب ، ويشوقنا إلى الجنة ويحذرنا من النيران ، نحن به مسرورون مغبوطون ، وإذا به قد رفع رأسه وتهلل وجهه ، فنظرنا و إذا بالحسنين مقبلين عليه وكف يمين الحسن بيسار الحسين وهما يقولان : من مثلنا وقد جعل الله جدنا أشرف أهل السموات والأرض ، وأبانا خير أهل المشرق والمغرب ، وأمنا سيدة على جميع نساء العالمين ، وجدتنا أم المؤمنين ، ونحن سيدا شباب أهل الجنة .

وزاد سرورنا واستبشرنا بعد ذلك وكل منا يهني صاحبه على الولاية لهم ، والبراءة من أعدائهم ، فنظرنا نحو رسول الله وإذا بدموعه تجري على خديه .

فقلنا : سبحان الله ! هذا وقت فرح وسرور ، فكيف هذا البكاء من رسول الله ؟ ! فأردنا أن نسأله وإذا به قد ابتدأنا يقول : يعزيني الله على ما تلقيان من بعدي يا ولدي من الإهانة والأذى وزاد بكائه ، وإذا به قد دعاهما وحطهما في حجره وأجلس الحسن على فخذه الأيمن والحسين على فخذه الأيسر ،

فقال : بأبي أبوكما وبأمي أمكما ، وقبل الحسن في فمه الشريف وأطال الشم بعدها ، وقبل الحسين في نحره بعد أن شمه طويلا ، فتساقطت دموعه وبكى وبكينا لبكائه ولا علم لنا بذلك ،

فما كان إلا ساعة وإذا بالحسين قد قام ومضى إلى أمه باكيا مغموما ، فلما دخل عليها ورأته باكيا قامت إليه تمسح دمعه بكمها وأسكته وهي تبكي لبكائه ، وتقول : قرة عيني وثمرة فؤادي ! ما الذي يبكيك ، لا أبكى الله لك عينا ، ما بالك يا حشاشة قلبي ؟ ! قال : خيرا يا أماه ! قالت : بحقي عليك وبحق جدك وأبيك إلا ما أخبرتني .

فقال لها : يا أماه ! كأن جدي ملني من كثرة ترددي إليه . قالت : فداك نفسي ، لماذا ؟ .

قال : يا أماه ! جئت أنا وأخي إلى جدنا لنزوره ، فأتيناه وهو في المسجد ، وأبي وأصحابه من حوله مجتمعون ، فدعى الحسن وأجلسه على فخذه الأيمن ، وأجلسني على فخذه الأيسر ، ثم لم يرض بذلك حتى قبل الحسن في فمه بعد أن شمه طويلا ، وأما أنا فأعرض عن فمي وقبلني في نحري ، فلو أحبني ولم يبغضني لقبلني مثل أخي ، هل في فمي شيء يكرهه ؟ ! يا أماه ! شميه أنت ! ! .

قالت الزهراء : هيهات يا ولدي ! والله العظيم ! ما في قلبه مقدار حبة خردل من بغضك .

فقال : يا أماه ! كيف لا يكون ذلك وقد عمل هذا ! ؟ .

قالت : والله ! يا ولدي ! إني سمعته كثيرا يقول : حسين مني وأنا منه ، ألا ومن آذى حسينا فقد آذاني ، أما تذكر يا ولدي ! لما تصارعتما بين يديه جعل يقول : إيها يا حسن ! فقلت له : كيف يا أبتاه ! تنهض الكبير على الصغير ! ؟ فقال : يا ابنتاه ! هذا جبرئيل ينهض الحسين وأنا أنهض الحسن ، وإنه يا ولدي ! مر يوما جدك على منزلي وأنت تبكي في المهد فدخل أبي وقال لي : سكتيه يا فاطمة ! ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني ، وكذلك الملائكة بكاؤه يؤذيهم . وقال مرارا : أللهم إني أحبه وأحب من يحبه .

فكيف يا ولدي ! تلك ؟ لكن سر بنا إلى جدك ، فأخذت بيد الحسين هي وتجر أذيالها حتى أتت إلى باب المسجد ، فما رأت غير الإمام والنبي ، فلما رآها النبي تنفس الصعداء وبكى كمدا ، فجرت دموعه على خديه حتى بلت كميه .

فقالت : السلام عليك ، يا أبتاه ! فقال : وعليك السلام يا فاطمة ! ورحمة الله وبركاته . قالت له : يا سيدي ! كيف تكسر خاطر الحسين ، أما قلت : إنه ريحانتي التي أرتاح إليها ؟ أما قلت : هو زين السماوات والأرض ؟ قال : نعم ، يا ابنتاه ! هكذا قلت .

فقالت : أجل كيف ما قبلته كأخيه الحسن ؟ وقد أتاني باكيا ، فلم أزل أسكته فلم يتسكت وأسليه فلم يتسل ، وأعزيه فلم يتعز .

قال : يا بنتاه ! هذا سر أخاف عليك إذا سمعته ينكدر عيشك ، وينكسر قلبك .

قالت : بحقك ، يا أبتاه ! ألا تخفيه علي ، فبكى وقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، يا بنتاه ! يا فاطمة هذا ! أخي جبرئيل أخبرني عن الملك الجليل أن لابد للحسن أن يموت مسموما تسمه زوجته بنت الأشعث - لعنها الله - فشممته بموضع سمه ، ولابد للحسين أن يموت منحورا بسيف الشمر - لعنه الله - فشممته بموضع نحره . .

 


source : www.tebyan.net
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الاحاديث عن الصلاة و الصلاة في المسجد
أهل بيت النبوة وسنة الرسول
مصير الاسلام بعد الرسول
نصائح مهمة للمرأة في فن التعامل مع الزوج
تاريخ أربعينية الإمام الحسين عليه السلام
كيف ما قبلته كأخيه الحسن ؟
الخليفة قبل الخليقة:
ذکری استشهاد الشهيد المطهري
قدمت وعفوك عن مقدمي
ولادة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)

 
user comment