عربي
Friday 5th of July 2024
0
نفر 0

عاشوراء

عاشوراء

وهو یوم العاشر من محرم یوم استشهاد الامام الحسین وأبنائه وأصحابه علیهم السلام فی کربلاء. وقیل أن سبب تسمیته بعاشوراء یعود إلى أن الله کرّم فی هذا الیوم عشرة أنبیاء.
یعتبر هذا الیوم لدى الشیعة یوم حزن وعزاء على استشهاد الحسین علیه السلام الذی یعد أکبر مصیبة وقعت على آل الرسول، وفرح فیه أعداء الإسلام وأهل البیت، وصار یوم مأتم ومواساة لشیعة آل الرسول یبکون فیه قتلى هذا الیوم. قال الإمام جعفر بن محمد الصادق علیه السلام: "وأما یوم عاشوراء فیوم أُصیب فیه الحسین علیه السلام صریعاً بین أصحابه وأصحابه حوله صرعى عراة"(1).
وقال الإمام الرضا علیه السلام: "من کان عاشوراء یوم مصیبته وبکائه جعل الله عز وجل یوم القیامة یوم فرحه وسروره"(2). وجاء فی زیارة عاشوراء: "اللهم هذا یوم تبرّکت به بنو أمیة وابن آکلة الأکباد ... ".
دأب أئمّة الشیعة على إحیاء ذکرى هذا الیوم، حیث یقیمون فیه المآتم ویبکون على مصرع أبی عبدالله علیه السلام، ویزورونه فیه ویحثّون شیعتهم على زیارته، وکان یوم حزن لهم، ومن جملة الآداب المتعارفة فی مثل هذا الیوم اجتناب اللذّات، والکفّ عن العمل، والحزن والبکاء، وعدم الأکل والشرب حتى الظهر، وعدم ادخار شیء للدار، وإظهار الحزن والأسى وما إلى ذلک(3)
لم تکن الظروف فی العهدین الأموی والعبّاسی تسمح بإقامة شعائر العزاء بشکل علنی وواسع على الامام الحسین علیه السلام . ولکن حینما توفرت الظروف المناسبة کان الشیعة یقیمون شعائر العزاء بأبهى صورة ممکنة، وذکرت کتب التاریخ أن معزّ الدولة الدیلمی ألزم أهل بغداد النوح وإقامة المأتم على الحسین علیه السلام وأمر بغلق الأبواب وعلّقت علیها المسموح ومنع الطباخین من الأطعمة وأن تخرج النساء بثیاب سوداء ویندبن الحسین، واستمر هذا لعدّة سنوات ولم یستطع السنة منعه لأن الحکومة کانت بید الشیعة(4).
اعتبرت واقعة عاشوراء منذ عدّة قرون مضت رمزاً لیوم صراع الحق والباطل، ورمزاً لیوم الفداء والتضحیة فی سبیل الدین؛ ففی هذا الیوم واجه الإمام الحسین بن علی علیهما السلام بفئة قلیلة ولکن مؤمنة وصابرة وتتحلى بالعزّة والصلابة والعظمة جیش حکومة یزید على کثرة عدده وکمال عدته، ولکنه کان مجرداً من الدین والرأفة، وجعل من کربلاء ساحة لبطولة والحریة، ومع أن یوم عاشوراء کان یوماً واحداً من الصراع إلاّ أنّ نطاق تأثیره امتد إلى الأبد، ودخل فی أعماق الضمائر والقلوب حتّى صارت العشرة الأولى من محرم وخاصة الیوم العاشر منه فرصة تبرز فیها ذروة المحبة والولاء لعلم الحریة، وأسوة الجهاد والشهادة الحسین بن علی علیهما السلام، حتى أن غیر الشیعة یبجّلون سمو أرواح أولئک الرجال العظام.
عاشوراء یعکس معنى "حسین منی وأنا من حسین" إذ أن دین رسول الله سقته وأحیته دماء الامام الحسین علیه السلام. أو کما عبّر أحد العلماء عن هذه الحقیقة بقوله: "... کان یوم عاشوراء یوم ثورة عدد قلیل من دعاة العدالة المؤمنین ضد الجائرین من أصحاب القصور والمتسلّطین ..."(5)، وقوله: "لولا عاشوراء لساد منطق جاهلیة أبی سفیان ومن هو على شاکلته ممّن کانوا یستهدفون القضاء على أی وجود للوحی والقرآن، وکان یزید تذکار عصر عبادة الأصنام المقیت یظن أن قتل أبناء الوحی قد یعینه على هدم صرح الإسلام، وطی صفحة الحکومة الإسلامیة بصراحة وبإعلانه (لا خبر جاء ولا وحی نزل)، ولولا عاشوراء لکان من غیر الواضح ما الذی سیحل بالقرآن الکریم والإسلام العزیز".
سار الإمام الحسین علیه السلام من مکّة إلى الکوفة بدعوة من أهالیها لکی ینضم إلى الشیعة الثوریین فیها ویتسلّم زمام قیادتهم بیده، وقبل بلوغ الکوفة حاصره جیش ابن زیاد فی کربلاء ولکنه أبى أن یبایع حکومة یزید الظالمة الغاضبة، فقاتله جیش الکوفة، فقاتل هو وأصحابه فی یوم عاشوراء ببسالة منقطة النظیر حتّى قتلوا وهم عطاشى، واقتید الباقون (نساء واطفال )من قافلة النور أسرى بید قوى الظلم وأخذوا إلى الکوفة، وسطّر أصحابه الإثنان والسبعون أفخر ملحمة فی تاریخ البشریة وخلدوا ذکراهم فی قلب التاریخ والضمیر البشری. أو کما وصف أحد الکتاب المعاصرین عاشوراء بالقول: "عاشوراء مائدة روح الإنسان الفسیحة على مدى العصور، وتجسید لسمو الضمیر فی کمحکمة التاریخ، وانعکاس لصلابة وشجاعة الإنسان فی موضع تجلّی الإیمان، وطواف الدم فی إحرام الصیحة، وتجلی الکعبة فی میقات الدم .
عاشوراء إعادة لقراءة التوراة والإنجیل والزبور فی معبد الأقدام، وترتیل آیات القرآن فی ألواح الأبدیة، وهو دم الله الجاری فی أوردة التنزیل، والحنجرة الدامیة لجبل "حراء" فی ذروة الإبلاغ، وصراع جدید بین محمد صلى الله علیه وآله وجاهلیة بنی أمیّة وشرک قریش، وتجدید لمطلع رجز "بدر" و "حنین"، وانفجار الصلاة فی الشهادة وانفجار الشهادة فی الصلاة، وتبلور أبَّهة خلود الحق فی خندق حتف الباطل، وناشر صیحة المظلومین عبر التاریخ، وید الله الإنسانیة التی تمسح على رؤوس الجیاع، ورواق الحماسة القانی فی ظلمات اللیل والجور، والقلب النابض لعشاق العدالة فی محکمة الإنسانیة، ودوی الانتصار فی إذن الأمصار، وهو العطش الذی یصب البحار فی محیط الحیاة، ورسالة کبرى على عاتق "السبی" الحافل بالحریّة، عاشوراء کرامة المصلین وعزة المسلمین، وأخیرا فعاشوراء رکن الکعبة وعمود القبلة، وعماد الأمة وحیاة القرآن، وروح الصلاة، وبقاء الحج، وصفاء الصفا والمروة وروح المشعر ومنى. عاشوراء هدیة الإسلام للبشریة والتاریخ.

تحریف وقائع عاشوراء:
استهدفت نهضة الإمام الحسین علیه السلام الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر، وإنقاذ الإسلام ومحاربة الطغیان والتسلط ، ولا شک إن للتطلعات الکبرى أهداف سیاسة واجتماعیة ، وهذا التشجیع الذی یدعو إلى البکاء على سید الشهداء ، والعزاء على سید المظلومین إنما یرمی إلى الحفاظ على مدرسة الجهاد والشهادة وصیانة القیم ، ولکن مما یبعث على الأسف أن الکثیر من التحریف قد طرأ على هذه الواقعة سواء فیما یتعلق بأهدافها ودوافعها ، أم فیما یخص الشخصیات البارزة التی شارکت فی صنع تلک الملحمة ، أم فی منهجها وتوجهاتها .
بعض التحریف لواقعة عاشوراء استهدف محتواها ، والبعض الآخر تعرض لصورتها الظاهریة وشخصیاتها ؛ فبعض الکتب التی کتبت تحت عنوان المقتل ، والمجالس التی تعقد لإحیاء ذکرى عاشوراء والتی تبدو وکأنها قد وضعت لمجرد إبکاء المستمعین ، امتزجت بالأخبار الضعیفة وغیر المسندة ، حتى الکاذبة .
إن المحبوبیة التی حظیت بها شخصیات عاشوراء فی قلوب الناس دفعت إلى نقل أحداث تلک الملحمة بکثیر من الغلو والمبالغة غیر المعقولة ، والبعد عن الصدق . فأضیفت أرقام إلى عدد القتلى ، ونقلت بعض الحوادث المأسویة ظاهریا ، بمزید من التهویل والغلو .
وانحدر الدافع من وراء تلک الملحمة الدمویة حتى إلى درجة " القتل لغرض الشفاعة لذنوب الآمة " أحیانا . وبدت مواقف الإمام الحسین ، وزینب ، والإمام السجاد والأطفال ، أهل البیت بصورة العجز والذلة والحقارة والمهانة إمام بعض الفساق من أمثال یزید ، وعمر بن سعد ، وابن زیاد ، وشمر . وتبدّلت الإرادة الکبرى للإمام فی ساحة القتال هذه - والتی تلخصت برفض البیعة للحکومة الجائرة - تبدلت إلى طلب جرعة من الماء لشفاهه الذابلة ، أو لفم طفله الرضیع . وعرضت فی مجالس العزاء أشعار وقصائد تصوّر زینب والإمام السجاد ومسلم بن عقیل بصورة تتنافى مع الروح السامیة ، والنفس الأبیة لسلالة العزة والشرف .
وحتى الخصومة المتأصلة عند بنی أمیة ضد الدین والوحی والنبوة ، تحولت إلى عداء شخصی بین الحسین ویزید ، وتقلصت رسالة مناصرة الجبهة الحسینیة الواسعة على طول التاریخ إلى مجرد البکاء على عطش ومظلومیة أصحاب الکساء . وصار یُعرض جسم الحسین المبضّع قبل استعراض أفکاره واستقراء منهجه . وحتى المناوئین لأصل فکرة إقامة العزاء على الشهداء صاروا ممن یدعو لحریة تلک الشعائر ویُروّج لها ، ولکن إذا اقترنت بمسخ حقیقة عاشوراء وفلسفة ثورة کر بلاء ؛ بحیث لا یتعارض برنامجها مع حکومات الجور والفسق. وکان هذا أکبر تحریف لمحتوى الثورة ، فی حین إن ثورة التوابین إنما تبلورت بعد البکاء على مزار شهداء کر بلاء وذکر مظلومیة الإمام الحسین .
وثار الشیعة فی کر بلاء بقیادة سلیمان بن صرد الخزاعی مستلهمین مبادئ ثورتهم من ثورة الطف . وعاشوراء فی حقیقته کان یفرض تکلیفا على کل مسلم ، ولا یعنی أبدا إن الإمام أدى واجبا خاصا به وانتهى الأمر .
إن الاعتقاد بشفاعة سید الشهداء ، والإیمان بثواب البکاء علیه بالنتائج الحسنة المترتبة على محبة أهل البیت صحیحة کلها . إلا أن طرح هذه الأمور من جانب واحد جعل الکثیر من محبی آهل البیت لا یرون أی تعارض بین البکاء على الامام الحسین علیه السلام، وارتکاب المعاصی وهضم حق الناس وإهمال الفرائض الدینیة ، أملهم فی ذلک هوالامام الحسین علیه السلام حتى وان غرقوا فی الآثام .
کانت للإمام السجاد علیه السلام تلک الروح الحسینیة والشجاعة العلویة ذاتها ، وقضت المصلحة الربانیة أن یمرض فی عاشوراء ویفقد القدرة على القتال، إلا إن هذه الحقیقة حرّفت حتى سمّی فی الأخبار "بالإمام المریض " وصُوّر فی أذهان الناس وکأنه رجل نحیف ممتقع اللون أصفر الوجه نحیل ویتوکّأ على العصا ، بل واختلفت أمور لا أساس لها من الصحّة من قبیل حجرة زواج القاسم فی لیلة عاشوراء ، لأجل استدرار دموع الحاضرین فی مجالس العزاء ، وتسللت أمثال هذه التلفیقات إلى کتب المقاتل والمراثی، وفتح باب القضایا تحت عنوان الرؤیا (الصادقة أم الکاذبة) وتم تناقلها من فم إلى فم حتى أضحت تدریجیا وکأنها أمر صحیح وبدیهی لاغبارعلیه .
إن واجب الواعین والمتصدین لهذه القضایا هو التبیان الصحیح لماهیة الثورة الحسینیة ، وعرض المقاتل والمراثی والخطب الصحیحة التی تنقل من مصادر موثوقة، وکذلک الوقوف دون قراءة المراثی الکاذبة، ومنع قراء المراثی الجاهلین ، والمداحین المتکسّبین والوعاظ الأمیین من نقل أمثال هذه الأکاذیب والتحریفات .
تم فی العقدین الآخرین تألیف کتب قیمة فی تحلیل ماهیة وأهداف الثورة الحسینیة، ونظمت أشعار ذات مغزى ومتطابقة مع روح عاشوراء . وأشارت بعض الکتب إلى التحریفات التی وقعت فی نقل وقائعها وحقیقتها سواء فی اللفظ أم فی المضمون( نوصی فی هذا الصدد بمطالعة کتاب: "الملحمة الحسینیة" للشهید المطهری کما یمکن مراجعة کتاب "اللؤلؤ والمرجان" للمحدث النوری الذی نقل فیه أمثله کثیرة للأخبار الکاذبة ، والحوادث المختلفة التی جاءت على ألسنة قرّاء المراثی وفی الأشعار بشأن وقائع الطف ، التی أوردها فی باب ضرورة اجتناب الکذب ، والتزام الصدق فی الکلام ، ویمکن أیضا مراجعة کتاب "التنزیه لإعمال الشبیه" الذی أورد السید محسن الأمین خلاصة له فی کتاب "أعیان الشیعة 373:10" فما بعدها ، وکتاب "إکسیر السعادة فی أسرار الشهادة" للسید عبد الحسین اللاری، و"الآیات البینات فی قمع البدع والضلالات" لکاشف الغطاء) .

التعزیة:
وهو نوع من الاستعراض یجریه بعض الأشخاص فی ساحة أو منصّة أمام أنظار الناس ، ویؤدون فیه دور أبطال کربلاء بثیاب خاصة وبالمعدات الحربیة کالرمح والسیف والدرع والخنجر والقربة والحصان ، ترافقها أصوات الطبل والبوق ، والنای ، والسنج ، والدمام ، ویمثّلون مشاهد مستقاة من وقائع الطف حسبما ورد فی کتب المقاتل.
إن هذه التشابیه إذا أجریت بشکل صحیح یحفظ الموازین وصون حرمة المعصومین ، یکون له دور مؤثر ویعد واسطة لنقل ثقافة الشهادة الأجیال الآتیة .
( وأول معانی التعزیة عند الشیعة النواح على من استشهد من الأئمة عند قبورهم أو فی منازل النائحین ، وهم یندبون الحسین خاصة . والتعزیة فی لغة العامة التابوت المصنوع على غرار القبر القائم فی کر بلاء . على أنّ التعزیة تدلّ بوجه خاص على المشهد نفسه . فقیام المسرح فی الأماکن العامة والخانات والمساجد ، ویرتدون فیه ثیاب خاصة ویمثلون بعض مشاهد واقعة کر بلاء بشکل یثیر حزن الناس ، ویقرأون فیه المراثی ، ویحیط بالقارئ بعض الصبیة الذین یؤدون دور المنادی ، وأغلب النصوص التی تقرأ فیه تؤدى على صورة القصائد الشعریة )(6) .
عاشوراء
صباح یوم العاشر من محرم فی مدینة کربلاء المقدسة
وقد کتبوا بشأن هذا الاستعراض الدینی: أن "التشابیه" أو ما یطلق علیه العامة اسم التعزیة هی عبارة عن تمثیل حادثة استشهاد الحسین وأنصاره المؤلمة، أو إحدى الحوادث الأخرى ذات العلاقة بحادثة کر بلاء . ویبدو أن النائح "قارئ المراثی" قد أصبح متعارفا فی إیران منذ عهد ناصر الدین شاه . وإذا کان ثمة شیء من هذا القبیل فی العهود السابقة، فهو قد ازدهر فی عهد ناصر الدین شاه، وظهر فی تلک الفترة قرّاء مراثی بارعون. ویبدو أن مشاهدات الشاه ناصر الدین للمسارح حین سفره إلى أوربا قد أثّرت فی تطویر شعائر التعزیة .(7)
هناک آراء وبحوث حول قضیة التشابیه لدى علماء الشیعة من الوجهة الفقهیة والاعتقادیة ؛ فبعضهم حرّمها والبعض الآخر جوّزها . من جملة نقاط القوّة والجوانب الإیجابیة فی الاستعراض الدینی هو تأثیره العاطفی ، ودافع مقارعة الظلم التی تتولّد لدى المرء من بعد رؤیة تلک المشاهد .ولهذا السبب نرى هذه الشعائر اتسعت وازدهرت فی إیران من بعد انتصار الثورة الإسلامیة . وقد رافق هذه الازدهار تحول فی نمط أدائها ، ومحتوى أشعارها واتجاهها السیاسی والاجتماعی . فالثورة الإسلامیة قد منحت التعزیة روحا جدیدة . وقد اعترف المختصّون بهذا الفن بمدى تأثیره على معنویات الجنود والضباط طوال سنوات الدفاع المقدّس .
لا یختص هذا النمط من التعزیة بإیران فحسب ، بل أنّ هذه السنّة شائعة أیضا فی البلدان الإسلامیة الأخرى ، وتجری بأسالیب وأنماط واعتقادات وتقالید ووسائل متفاوتة، وهی أکثر شیوعا فی الهند وباکستان .

التطبیر:
من جملة التقالید الشائعة فی بعض المدن والبلدان الشیعیة ، ویمارسه بعض الأشخاص حزنا على مصیبة أبی عبد الله علیه السلام وتأسیا بجرح واستشهاد الحسین علیه السلام وشهداء کربلاء ، وإعلانا للاستعداد لبذل الدماء والتضحیة على طریق الإمام الحسین علیه السلام .
ففی الصباح المبکر من یوم العاشر من المحرم یرتدی بعض الأشخاص رداءً أبیضاً طویلا أشبه ما یکون بالکفن ویخرجون جماعة ویضربون على رؤوسهم بسیوف قصیرة فتسیل الدماء من الرؤوس على الوجوه وعلى الثیاب البیضاء، والبعض من الناس ینذر انه إذا تحققت رغبته أن "یطبّر" ، وبعض الناس ینذر عن الأطفال الصغار فیضربون على رؤوسهم بالمدی حتى تسیل الدماء من رؤوسهم .
والتطبیر ، شأنه شأن الضرب بالسلاسل ، والتشابیه و ... الخ کان منذ القدیم موضع اختلاف بین العلماء والأتباع والمقلّدین ، وکثر الاستفتاء والإفتاء فی جوازه أو عدمه ، وهذه الشعائر لیس لها أساس دینی من الوجهة الشرعیة ، وإنما تجری وفقا لما یکنّه الشیعة من محبة لأبی عبدالله الحسین علیه السلام، والعلماء یجیزونها فی حالة عدم ضررها ، بینما لا یجیزها عدد آخر من الفقهاء بسبب تأثیراتها السلبیة على أفکار الآخرین ، وما توجبه من وهن المذهب ، والظروف الزمانیة لها دورها أیضا فی هذا المجال ، أجاب أحد الفقهاء على السؤال الذی وجه إلیه بهذا الخصوص قائلا : "فی الظروف الحالیة لا ینبغی التطبیر ..." .
وقال فقیه آخر لدى لقائه بعلماء الدین على أعتاب أیام محرم عام 1994م ضمن حدیث مسهب بخصوص إزالة الخرافات من شعائر العزاء على سید الشهداء علیه السلام وقال " إن التطبیر من الممارسات السلبیة ، ... ومن الخطأ أن یمسک جماعة بالسیوف ویضربون على رؤوسهم حتى تسیل الدماء .
وأی جانب من هذه الممارسة یرتبط بالعزاء ؟ هذا تزویر ، وهذا من جملة الأمور التی لا تمتُّ إلى الدین بصلة ..." واعتبره بدعة وخرافة . وأجاب على سؤال إمام جمعة اردبیل : أن هذا العمل ینطوی الیوم على ضرر فادح . ولهذا فإنّ التطبیر العلنی المشفوع بالتظاهر بهذا العمل حرام وممنوع . وتأییداً لهذا الموقف اعتبره العلماء الآخرون أیضاً غیر مشروع، وسبباً فی وهن المذهب.
من الطبیعی إن أمثال هذه المشاعر الدینیة التی تؤدی فیها محبّة الحسین علیه السلام إلى ممارسة هذه الأعمال یجب أن توجه فی المسار الصحیح وتستثمر بشکل إیجابی لتکون سببا فی زیادة أسباب الحماس وخلق حوافز الجهاد والشهادة ، إضافة إلى ذلک فان الأشخاص المستعدین لتقدیم الدماء فی سبیل الحسین علیه السلام ما أجمل بهم أن یقدّموها إلى المستشفیات ومصارف الدم . أو تستحدث مصارف لأخذ الدم من المتبرعین والمحسنین فی یوم عاشوراء وتحفظ ویُستفاد منها فی إنقاذ أرواح الکثیر من الناس الذین یحتاجون إلى الدم .إن هذه العمل وإن کان لا یشبع المشاعر العاطفیة لدى الفرد - کما یحصل فی التطبیر - ولکن من المؤکد أنّ فیها رضىً من الله أکثر وقبولا أوفر من الشهداء علیه السلام ویا لیت التصدّق بالدم یصبح یوماً ما متعارفا وشائعا مثل التصدق بالمال وبالثیاب وبالطعام ، وأن یؤدی بقصد القربة إلى الله تعالى .

ثقافة عاشوراء:
المراد منها مجموعة القیم والمفاهیم ، والأحادیث والأهداف ، والدوافع وأسالیب العمل ، والمعنویات والخلق الرفیع الذی قیل أو فعل فی ثورة کربلاء ، أو الذی تجسد فی أحداث تلک النهضة . وهذه القیم والمعتقدات تجلت فی کلمات سید الشهداء وأصحابه وولده ، وفی سلوکهم أیضا . وینبغی أن تُستقى ثقافة عاشوراء ممن کانت لهم صلة عملیة وفکریة وقلبیة بعاشوراء . وقبل ان یحاول الآخرون والأجیال اللاحقة والمحللون المتأخرون عن الواقعة نشر ثقافة عاشوراء علیهم أولاً أن یتمثلوا فی أقوالهم وتطلعاتهم دور صانعی ملحمة عاشوراء ، وان یعرضوا هذه الثقافة مباشرة وبلا واسطة .
هذه الثقافة یمکن استخراجها من کتب الزیارات ، والمقاتل ، والرجز ، والخطب ، ومن خلاله دراسة أحداث ووقائع عاشوراء . وإذا ما وجدت هذه الثقافة لدى أی شعب وفی أی موضع کان فهی کفیلة بخلق حادثة کحادثة کربلاء ، وتربیة الناس على مقارعة الظلم والدفاع عن الحق .
ثقافة عاشوراء هی أساس البناء العقائدی والفکری الذی کان یتحلى به الإمام الحسین علیه السلام وشهداء کربلاء ، وسبایا أهل البیت علیه السلام ، والیها یعزى انبثاق تلک الملحمة ودیمومة ذکراها . ویمکن تلخیص مجموع تلک القیم والمفاهیم تحت العناوین التالیة :
التصدی لتحریف وقارعة ظلم الطواغیت وجور الحکومات ، وعزة الإنسان وکرامته ، وترجیح الموت الأحمر على الحیاة الذلیلة ، وانتصار الدم على السیف ، والشهادة على الفاجعة ، وحب الشهادة واستقبال الموت ، وإحیاء فریضة الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر وغیر من السنن الإسلامیة ، والرجولة والمروءة حتى فی التعامل مع العدو ، ورفض المساومة مع الجور والرضوخ للظلم ، وقصد إصلاح المجتمع ، والعمل بالتکلیف لنیل رضى الله ، والعمل بالتکلیف سواء أدى الى النصر أم الى الشهادة ، والجهاد والفداء الشامل ، والتضحیة بالنفس فی سبیل إحیاء الدین ، ومزج العرفان بالحماسة ، والجهاد بالبکاء ، والقیام المخلص لله ، والصلاة فی أول وقتها ، والشجاعة والثبات فی مقابل العدو ، والصبر والمقاومة فی سبیل الهدف حتى الموت ، والإیثار ، والوفاء ، وغلبة الفئة القلیلة المحقة على الفئة الکثیرة من أهل الباطل ، ومناصرة إمام الحق ، والبراءة من حکام الجور ، وصیانة کرامة الأمة الإسلامیة ، وتلبیة نداء استجابة المظلومین ، وتضحیة الناس فی سبیل القیم وما الى ذلک .
ویمکن الاتیان لکل واحد من المحاور المذکورة بوثیقة وسند من کلام الإمام الحسین علیه السلام وأصحابه أو أسلوب سلوکهم ومواقفهم وجهادهم وشهادتهم لنجعل من هذا المسرد الثقافی ومسندا بشکل أدق وأوثق ، وهذه الثقافة السامیة والغنیة التی تجسدت فی صنّاع ملحمة عاشوراء یجب أن تتواصل أیضا لدى السائرین على خط الإمام الحسین علیه السلام، ولدى من یدّعون السیر على خطاه . وعلى ورثة هذه الثقافة أن یناصروا الحرکات المستمدة من ثورة کربلاء ، ویناهضوا السائرین على طریق أعداء سید الشهداء علیه السلام ، لأن الراضین بتلک الجریمة ملعونون ، وقد جاء فی زیارة عاشوراء :( فلعن الله أمة سمعت بذلک فرضیت به)

دفن أجساد الشهداء:
بنو أسد اسم قبیلة کانت تسکن قرب کربلاء. وفی الیوم التالی لواقعة الطف وبعد مغادرة جیش عمر بن سعد جاء جماعة منهم إلى کربلاء، لدفن أجساد الشهداء. وبما أنهم لم یکونوا یعرفوا الأجساد فقد بقوا متحیرین فی الأمر، وفی تلک الأثناء جاء الإمام السجاد علیه السلام وعرفهم بأجساد أهل البیت والأنصار فردا فردا، وساعدوه فی دفن أجساد الشهداء، فکان فی ذلک منقبة لهم. (8)
و فی واقعة الطف عام61انقسمت قبیلة بنی اسد إلى ثلاث فصائل: فصیل ناصر الحسین، وآخر ناوءه وفصیل ثالث وقف على الحیاد. وکان من جملة زعمائهم الذین ناصروه: حبیب بن مظاهر، وأنس بن الحرث، ومسلم بن عوسجة، وقیس بن مسهر، وموقع بن ثمامة، وعمرو بن خالد الصیداوی. أما المناوئین له فکان من جملة زعمائهم حرملة بن کاهل الاسدی قاتل الطفل الرضیع.
أما الطائفة الثالثة (المحایدة) فقد مرّت نساؤهم بأرض المعرکة وشاهدن أجساد القتلى فذهبن إلى دیارهم وطلبن من الرجال الذهاب لدفن تلک الأجساد. فی بدایة الأمر حملت الناس المعاول والفؤوس وتوجهن إلى کربلاء. وبعد فترة صحت ضمائر الرجال وعادوا إلى رشدهم فساروا فی أعقاب النساء ودفنوا جسد الإمام وأجساد أصحابه. فکانت هذه التضحیة سببا لشهرتهم، وصار الشیعة من بعد ذلک ینظرون إلیهم بعین الاحترام والمحبة. (9)

روضة الحسین علیه السلام:
یقال لحرم سید الشهداء علیه السلام فی کربلاء روضة الحسین، وذلک لأن حرم کل واحد من الأئمة وکذلک الحرم النبوی ، إنما هو روضة من ریاض الجنة . قال الإمام الصادق علیه السلام عن موضع دفن الحسین علیه السلام : " موضع قبر الحسین منذ یوم دفن فیه روضة من ریاض الجنة " (10) .

عاشوراء فی نظر الآخرین:
ترکت واقعة کربلاء تأثیرا بلیغا على أفکار بنی الإنسان حتى غیر المسلمین منهم. فعظمة الثورة وذروة التضحیة، والصفات الأخرى التی یتحلى بها الامام الحسین علیه السلام وأنصاره أدّت إلى عرض الکثیر من الآراء حول هذه الثورة الملحمیة، ویستلزم نقل جمیع أقوالهم تألیف مؤلف ضخم عنهم، لا سیما وأن بعض الکتاب غیر المسلمین دوّنوا کتباً عن هذه الواقعة.

نورد فی ما یلی آراء عدد من الشخصیات المسلمة وغیر المسلمة:
غاندی، زعیم الهند: لقد طالعت حیاة الإمام الحسین، شهید الإسلام الکبیر، ودققت النظر فی صفحات کربلاء واتضح لی أن الهند إذا أرادت إحراز النصر، فلا بد لها من اقتفاء سیرة الإمام الحسین.
محمد علی جناح، مؤسس دولة باکستان: لا تجد فی العالم مثالاً للشجاعة کتضحیة الإمام الحسین بنفسه واعتقد أن على جمیع المسلمین أن یحذو حذو هذا الرجل القدوة الذی ضحّى بنفسه فی أرض العراق.
شارلز دیکنز، الکاتب الإنجلیزی المعروف: کان الإمام الحسین قد حارب من أجل أهداف دنیویة، فإننی لا أدرک لماذا اصطحب معه النساء والصبیة والأطفال؟ إذن فالعقل یحکم أنه ضحى فقط لأجل الإسلام.
توماس کارلیل، الفیلسوف والمؤرخ الإنجلیزی: أسمى درس نتعلمه من مأساة کربلاء هو أن الحسین وأنصاره کان لهم إیمان راسخ بالله، وقد أثبتوا بعملهم ذاک أن التفوق العددی لا أهمیة له حین المواجهة بین الحقّ والباطل والذی أثار دهشتی هو انتصار الحسین رغم قلّة الفئة التی کانت معه.
إدوارد براون، المستشرق الإنجلیزی: وهل ثمة قلب لا یغشاه الحزن والألم حین یسمع حدیثاً عن کربلاء؟ وحتّى غیر المسلمین لا یسعهم إنکار طهارة الروح التی وقعت هذه المعرکة فی ظلّها.
فردریک جیمس: نداء الإمام الحسین وأی بطل شهید آخر هو أن فی هذا العالم مبادئ ثابتة فی العدالة والرحمة والمودّة لا تغییر لها، ویؤکد لنا أنه کلّما ظهر شخص للدفاع عن هذه الصفات ودعا الناس إلى التمسّک بها، کتب لهذه القیم والمبادئ الثبات والدیمومة.
ل . م . بوید: من طبیعة الإنسان أنه یحب الجرأة والشجاعة والإقدام وعلو الروح والهمّة والشهامة. وهذا ما یدفع الحریة والعدالة الاستسلام أمام قوى الظلم والفساد. وهنا تکمن مروءة وعظمة الإمام الحسین. وأنه لمن دواعی سروری أن أکون ممـ ن یثنی من کل أعماقه على هذه التضحیة الکبرى، على الرغم من مرور 1300 سنة على وقوعها.
واشنطن ایروینغ، المؤرخ الأمریکی الشهیر: کان بمیسور الإمام الحسین النجاة بنفسه عبر الاستسلام لإرادة یزید، إلاّ أنّ رسالة القائد الذی کان سبباً لانبثاق الثورات فی الإسلام لم تکن تسمح له الاعتراف بیزید خلیفة، بل وطّن نفسه لتحمّل کل الضغوط والمآسی لأجل إنقاذ الإسلام من مخالب بنی أُمیّة. وبقیت روح الحسین خالدة، بینما سقط جسمه على رمضاء الحجاز اللاهبة(استشهد الحسین على رمال کربلاء، ولیس على رمضاء الحجاز!)، أیها البطل، ویا أسوة الشجاعة، ویا أیها الفارس یا حسین!
توماس ماساریک: على الرغم من أن القساوسة لدینا یؤثرون على مشاعر الناس عبر ذکر مصائب المسیح. إلاّ أنک لا تجد لدى أتباع المسیح ذلک الحماس والانفعال الذی تجده لدى اتباع الحسین علیه السلام. ویبدو أن سبب ذلک یعود إلى أن مصائب المسیح إزاء مصائب الحسین علیه السلام لا تمثل إلاّ قشّة أمام طود عظیم.
موریس دوکابری: یقال فی مجالس العزاء أن الحسین ضحى بنفسه لصیانة شرف وأعراض الناس، ولحفظ حرمة الإسلام، ولم یرضخ لتسلط ونزوات یزید. إذن تعالوا نتخذه لنا قدوة، لنتخلص من نیر الاستعمار، وأن نفضل الموت الکریم على الحیاة الذلیلة.
المستشرق الألمانی ماربین: قدّم الحسین للعالم درساً فی التضحیة والفداء من خلال التضحیة بأعز الناس لدیه ومن خلال إثبات مظلومیته وأحقیّته، وأدخل الإسلام والمسلمین إلى سجل التاریخ ورفع صیتهما. لقد أثبت هذا الجندی الباسل فی العالم الإسلامی لجمیع البشر أن الظلم والجور لا دوام له. وأنّ صرح الظلم مهما بدا راسخاً وهائلاً فی الظاهر إلاّ أنّه لا یعدو أن یکون أمام الحقّ والحقیقة إلاّ کریشة فی مهب الریح.
بنت الشاطئ: أفسدت زینب أخت الحسین علیه السلام على ابن زیاد والأمویین نشوة النصر وأفرغت قطرات من السم فی کأس انتصارهم. وکان لزینب بطلة کربلاء دور المحفّز فی جمیع الأحداث السیاسیة التی أعقبت عاشوراء مثل قیام المختار، وعبدالله بن الزبیر وسقوط الدولة الأمویة وتأسیس الدولة العباسیة وانتشار المذهب الشیعی.
لیاقة علی خان، أول رئیس وزراء باکستانی: لهذا الیوم من محرم مغزىً عمیقاً لدى المسلمین فی جمیع أرجاء العالم؛ ففی مثل هذا الیوم وقعت واحدة أکثر الحوادث أُسىً وحزنا فی تاریخ الإسلام. وکانت شهادة الإمام الحسین علیه السلام مع ما فیها من الحزن مؤشر ظفر نهائی للروح الإسلامیة الحقیقیة، لأنها کانت بمثابة التسلیم الکامل للإرادة الإلهیة. ونتعلم منها وجوب عدم الخوف والانحراف عن طریق الحقّ والعدالة مهما کان حجم المشاکل والأخطار.
جورج جرداق، العالم والأدیب المسیحی: حینما جنّد یزید الناس لقتل الحسین وإراقة الدماء، کانوا یقولون: کم تدفع لنا من المال؟ أما أنصار الحسین فکانوا یقولون لو أننا نقتل سبعین مرّة، فإننا على استعداد لأن نقاتل بین یدیک ونقتل مرة أُخرى أیضاً .
عباس محمود العقاد، الکاتب والأدیب المصری: ثورة الحسین، واحدة من الثورات الفریدة فی التاریخ لم یظهر نظیر لها حتى الآن فی مجال الدعوات الدینیة أو الثورات السیاسیة. فلم تدم الدولة الأمویة بعدها حتى بقدر عمر الإنسان الطبیعی، ولم یمضِ من تاریخ ثورة الحسین حتّى سقوطها أکثر من ستین سنة ونیّف.
أحمد محمود صبحی: وإن کان الحسین بن علی علیه السلام قد هزم على الصعید السیاسی أو العسکری، إلاّ أن التاریخ لم یشهد قط هزیمة انتهت لصالح المهزومین مثل دم الحسین. فدم الحسین تبعته ثورة ابن الزبیر، وخروج المختار، وغیر ذلک من الثورات الأخرى إلى أن سقطت الدولة الأمویة، وتحول صوت المطالبة بدم الحسین إلى نداء هزّ تلک العروش والحکومات.
انطوان بارا، مسیحی: لو کان الحسین منا لنشرنا له فی کل أرض رایة، ولأقمنا له فی کل أرض منبر، ولدعونا الناس إلى المسیحیة باسم الحسین.
کیبون، المؤرخ الإنجلیزی: على الرغم من مرور مدّة مدیدة على واقعة کربلاء، ومع أننا لا یجمعنا مع صاحب الواقعة وطن واحد، ومع ذلک فإن المشاق والمآسی التی وقعت على الحسین علیه السلام تثیر مشاعر القارئ وإن کان من أقسى الناس قلباً، ویستشعر فی ذاته نوعاً من التعاطف والانجذاب إلى هذه الشخصیة.
نیکلسون، المستشرق المعروف: کان بنوا أُمیّة طغاة مستبدین، تجاهلوا أحکام الإسلام واستهانوا بالمسلمین، ولو درسنا التاریخ لوجدنا أن الدین قام ضد الطغیان والتسلّط، وأن الدولة الدینیة قد واجهت النظم الإمبراطوریة. وعلى هذا فالتاریخ یقضی بالإنصاف فی أن دم الحسین علیه السلام فی رقبة بنی أُمیة.
السیر برسی سایکوس، المستشرق الإنجلیزی: حقاً أن الشجاعة والبطولة التی أبدتها هذه الفئة القلیلة، کانت على درجة بحیث دفعت کل من سمعها إلى إطرائها والثناء علیها لا إرادیاً. هذه الفئة الشجاعة الشریفة جعلت لنفسها صیتاً عالیاً وخالداً لا زوال له إلى الأبد.
تاملاس توندون، الهندوسی، والرئیس السابق للمؤتمر الوطنی الهندی: هذه التضحیات الکبرى من قبیل شهادة الإمام الحسین علیه السلام رفعت مستوى الفکر البشری، وخلیق بهذه الذکرى أن تبقى إلى الأبد، وتذکر على الدوام.
محمد زغلول باشا، قال فی تکیة الإیرانیین فی مصر: لقد أدى الحسین علیه السلام بعمله هذا، واجبه الدینی والسیاسی، وأمثال مجالس العزاء تربّی لدى الناس روح المروءة، وتبعث فی أنفسهم قوّة الإرادة فی سبیل الحقّ والحقیقة.
عبدالرحمن الشرقاوی،الکاتب المصری: الحسین شهید طریق الدین والحریّة، ولا یجب أن یفتخر الشیعة وحدهم باسم الحسین علیه السلام، بل أن یفتخر جمیع أحرار العالم بهذا الاسم الشریف.
طه حسین، العالم والأدیب المصری: کان الحسین علیه السلام یتحرق شوقاً لاغتنام الفرصة واستئناف الجهاد والانطلاق من الموضع الذی کان أبوه یسیر علیه؛ فقد أطلق الحریة بشأن معاویة وولاته، إلى حد جعل معاویة یتهدده. إلا أن الحسین ألزم أنصاره بالتمسک بالحق.
عبد الحمید جودة السحّار، الکاتب المصری: لم یکن بوسع الحسین أن یبایع لیزید ویرضخ لحکمه؛ لأن مثل هذا العمل یعنی تسویغ الفسق والفجور وتعزیز أرکان الظلم والطغیان وإعانة الحکومة الباطلة. لم یکن الحسین راضیاً على هذه الأعمال حتى وأن سبی أهله وعیاله وقتل هو وأنصاره.
العلامة الطنطاوی، العالم والفیلسوف المصری: الملحمة الحسینیة تبعث فی الأحرار شوقاً للتضحیة فی سبیل الله، وتجعل استقبال الموت أفضل الأمانی، حتى تجعلهم یتسابقون إلى منحر الشهادة.
العبیدی، مفتی الموصل: فاجعة کربلاء فی تاریخ البشریة نادرة کما أن صانعوها ندرة، فقد رأى الحسین بن علی علیه السلام من واجبه التمسک بسنّة الدفاع عن حق المظلوم ومصالح العامة استناداً إلى حکم الله فی القرآن، وما جاء على لسان الرسول الکریم، ولم یتوان عن الإقدام علیه؛ فضحى بنفسه فی ذلک المسلخ العظیم، وصار عند ربّه "سید الشهداء"، وصار فی تاریخ الأیام "قائداً للمصلحین"، ونال ما کان یتطلّع إلیه، بل وحتى أکثر من ذلک.

الخلاصة :
نستخلص من مجموع الأقوال المنقولة أعلاه، النقاط التالیة :
1- أن الإمام الحسین علیه السلام ثار للأسباب التالیة: لأجل بقاء وعظمة الإسلام وحکومة القرآن، وما علیه من مسؤولیة الإمامة، وللحفاظ على أعراض الناس وشرفهم، وللإصلاح فی الأمة، وفی سبیل الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر، ولغرض الدفاع عن المظلومین والمصلحة العامة .
2- وُصفت ثورة الإمام الحسین علیه السلام بأنها قامت على أساس الأخلاق والمروءة، وغایتها المصلحة العامة، وکانت جهاداً للقضاء على الرذیلة ونشر الفضیلة .
3- تأثیر الثورة: أدّت الثورة إلى إیقاظ الناس، وحولت التدین القشری والظاهری إلى إیمان حقیقی وعمیق .
4- ماذا تعلّم الناس من هذه المدرسة؟ أن الدرس الذی تقدمه هذه المدرسة جذری وأبدی؛ وینمّ عن توجهاتها فی الحریة والعدالة والمحبّة، وانتهاج الأسلوب الشریف عند مواجهة الخصم. وتعلم الناس کیفیة الإباء عن الرضوخ للظلم ومجابهة المستعمر، وتحثّهم على التحلّی بالغیرة والشجاعة والتضحیة، والصبر عند الشدائد والثبات على طریق الحق. وتثیر فی النفوس الحمیة ضد الباطل وتعلّمهم حرمة الصمت إزاءه. وأثبتت أن الحقّ والفضیلة والعدل والإیمان قادر على دحر الظلم والکفر والمکر والطغیان، کما أن أصحاب الإمام المخلصین علّموا الناس أفضل دروس الإیمان بالله، ومهدوا الطریق أمام انتصار الشعوب، وأثبتوا أن النصر للمؤمنین رغم قلّة العدد والعدّة.
المصادر :
1- بحار الأنوار 45-95
2- بحار الأنوار 284:44، وسائل الشیعة 394:10
3- وسائل الشیعة 394:10، سفینة البحار196:2
4- سفینة البحار 2: 196
5- صحیفة النور 75:9
6- دائرة المعارف الإسلامیة 313:5 بتصرف
7- کتاب "از صبا تا نیما"، یحیى آرین بور 323:1
8- مروج الذهب63:3
9- دائرة المعارف تشیّع340:3
10- من لا یحضره الفقیه، الصدوق 600:2. والمزار، الشیخ المفید :141

 

 


source : .www.rasekhoon.net
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

وَصية النّبي صَلّى الله عَليه وَآله وَسَلّم لأبي ...
الرجعة وأُصول الاِسلام
السر في دفن السيدة الزهراء(عليها السلام) ليلاً ...
صفات أنصار الإمام الحسين عليه السلام
من خصائصها فاطمة الزهراء (عليها السلام)
الذین اجترحوا السیئات
التفسير المأثور عن الامام الرضا عليه السلام
وصية الإمام الكاظم ( عليه السلام ) لهشام بن الحكم ...
مرقد الإمام عليّ بن موسى الرضا (ع)
إمامت الامام الحسين ( عليه السلام ) هي امتداد ...

 
user comment