من مواقف الإمام (عليه السلام) في عهد أبي بكر :
قال الإمام(عليه السلام): فوالله ما كان يلقى في روعي ولا يخطر ببالي أنّ العرب تزعج هذا الأمر من بعده (صلى الله عليه وآله) عن أهل بيته، ولا أنّهم مُنَحّوهُ عنّي من بعده، فما راعني إلاّ انثيال الناس إلى أبي بكر يبايعونه، فأمسكت بيدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام، يدعون إلى محق دين محمّد، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به أعظم من فوت ولايتكم التي هي متاع أيام قلائل يزول منها ما كان كما يزول السراب أو كما يتقشّع السحاب، فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق واطمأن الدين وتنهنه[12].
كلّ الأحداث التي جرت بعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله) وما سادها من أجواء المشاحنات وما حفّها من ابتعاد عن الحقّ وانجراف في غير الطريق الذي كان على المسلمين سلوكه لم تَنس عليّاً أنّه الوصيّ على هذه الاُمّة وعلى تطبيق الرسالة الإسلامية.
كانت بيعة أبي بكر قد استلبت حقّ الإمام في إدارة شؤون الاُمّة مباشرة واضطرّته إلى أن يعتزل الى حين فإنّ وصايا الرسول (صلى الله عليه وآله) له وعهده إليه بالتكليف الإلهي برعاية الاُمّة ثمّ حرصه العميق على الرسالة الإسلامية والمجتمع من التمزّق والضياع جعل من أمير المؤمنين القدوة المُثلى للمدافعين عن الكيان الإسلامي في كل الميادين .
من هنا وقف علي (عليه السلام) ليدلي بآرائه الصائبة، موضّحاً قواعد الدين الصحيحة في كلّ موقف يستعصي على الماسكين بزمام إدارة الدولة في زمن عصيب، وفي اُمّة لم تترسّخ العقيدة الإلهية في نفوس أبنائها، فكان عليّ (عليه السلام) ميزان القضاء والإفتاء في شؤون الحياة الإسلامية من قضاء واجتماع وإدارة في عهد أبي بكر وما تلاه من فترات حكم الخلفاء.
وقف علي (عليه السلام) ليدافع عن المدينة ويصدّ هجوم المرتدّين عن الإسلام ومعه الصفوة من الصحابة الذين ساندوه في محنته.
__________________________________
[12] نهج البلاغة: الكتاب 62.
source : www.sibtayn.com