عربي
Wednesday 27th of November 2024
0
نفر 0

عالمیة التشیع

عالمیة التشیع

هذا موضوع من المواضیع التی کثر الحدیث حولها وهی فی واقعها تکون جزءا من محاصرة التشیع .
إن خصوم الشیعة ومن تبعهم من المستشرقین کل یضرب على وتر یستهدفه ، جعلوا هذه القضیة من الأمور المسلمة وضلع تلامذتهم فی رکابهم وحشدوا کل وسائلهم لترسیخها فی الأذهان فما ترکوا وسیلة لإثبات أن التشیع فارسی شکلا ومضمونا إلا وأخذوا بها من تفاهة هذا المدعى کما سنرى ومع أنه من قبیل رمتنی بدائها وانسلت والغریب أن هذه الفریة تعیش للآن مع وضوح الرؤیة وانتشار المعارف وانکشاف الحقائق .
إن التشیع فی معناه اللغوی : المناصرة والموالاة ، وبالمعنى الاصطلاحی هو الاعتقاد بأفکار معینة یشکل مجموعها مضمون التشیع ، فکیف والحالة هذه أن نتصور کون التشیع فارسیا ؟ وحتى نستوعب النقاط المتصورة فی هذا الموضوع لا بد من شرح أمور ننتهی معها إلى مقدار ما فی هذا الادعاء من نسبة علمیة أو تهریج فلا بد من ذکر أمور :
أولا : إن المضمون الفکری للتشیع هو نفس المضمون الإسلامی ، وأی مضمون یشذ عن المضمون الإسلامی فی العقیدة والأحکام فالشیعة منه براء بدلیل أن مصادر التشریع عند الشیعة هی أربعة أذکرها لک على التوالی :
أ - الکتاب الکریم : وهو ما أنزل بمضامینه وألفاظه وأسلوبه واعتبر قرآنا وهو هذا المجموع بین الدفتین المتداول بأیدی المسلمین المنزه عن النقص والتحریف والذی لا یأتیه الباطل من بین یدیه ولا من خلفه والمتواتر بکلماته وحروفه بالتواتر القطعی من عهد النبوة حتى یومنا هذا وقد جمع على عهد النبی بوضعه الحالی وکان جبرئیل یعرضه على النبی ( صلی الله علیه وآله وسلم ) کل عام ( 1 ) .
ب - السنة الشریفة : وهی قول المعصوم وفعله وتقریره الواصلة إلینا بالطریق الصحیح عن الثقات العدول ، والتی لا یتم لنا الوصول إلى ملابسات الأحکام بدونها والتی جاء دلیل حجیتها من القرآن الکریم بقوله تعالى : (وَمَا آتَاکُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاکُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِیدُ الْعِقَابِ) (2).
ج‍ - الإجماع : الذی یکشف ضمنا عن قول المعصوم سواء قل المجمعون أم کثروا وسواء کان دلیلا مستقلا مقابل الکتاب والسنة والعقل أم أنه طریق وحاک عن رأی المعصوم ، وأدلة حجیته مفصلة فی الکتاب والسنة والعقل .
د - دلیل العقل : ویرجع إلیه وإلى قواعده عند فقدان النصوص أو تعارض الأدلة فی تفصیل لا داعی لشرحه هنا : وملخصه : هو إدراک العقل بما هو عقل للحسن والقبح فی بعض الأفعال الملازم لإدراکه تطابق العقلاء علیه وذلک ناتج من تأدب العقل بذلک وبما أن الشارع سید العقلاء فقد حصل إدراک حکم الشارع قطعا ولیس وراء القطع حجة .
ونظرا لأهمیة التعرف على تفصیل هذه المصادر فإنی أحیل من یرید التوسع فی فهمها واستیعاب معانیها إلى مجموعة من المصادر هی التالیة (3) :
إن هذه المصادر التشریعیة هی المکونات العضویة لهیکل الشریعة الإسلامیة باتفاق جمهور المسلمین على اختلاف بسیط فی بعض تفاصیلها ولما کانت هی مصادر التشریع عند الإمامیة فما معنى وصف التشیع بالفارسیة .
إذا کان الباحثون فی التشیع یقصدون من الفارسیة مضمون التشیع الفکری .
وهذا ما أستبعده فإنه لا یمکن أن یقول به قائل ، إذ لا یتصور أن إنسانا یفترض لأحکام شرعیة نوعا من العرقیة ، وعلیه فلا بد من استبعاد هذا الفرض من فارسیة التشیع والرجوع إلى فروض أخرى فی هذا الموضوع یفترضها الباحثون .
هناک فرض آخر لتصور فارسیة التشیع : هو أن هناک مفاهیم معینة بالحضارة الفارسیة انتقلت إلى التشیع بمعناه الاصطلاحی عن طریق من اعتنق التشیع من الفرس ولم یستوعب التشیع کل أبعادهم فجاء من تصور هذه المعتقدات جزءا من ماهیة التشیع .
وبقیت هکذا یتداولها خلف عن سلف . وهذا الفرض قد صرح به أکثر من باحث.
وفیما یخص هذه الصورة وهذا الفرض لا بد من الإشارة لأمور :
أ - إن هذا الإشکال بناءا على فرض حدوث مضمونه ، فإنه یرد على المضمون الإسلامی نفسه حیث نص على ذلک معظم من کتب فی الحضارة الإسلامیة وخصوصا فی الفترة الأولى من العهود الإسلامیة والتی شکلت مضامین العقیدة فیها جدولا انصب فیه أکثر من رافد ورافد عن طریق الأمم التی اعتنقت الإسلام جماعات منها ودخلت وهی تحمل أفکارها وعقائدها التی لم تتخلص منها وظهرت فی الأفکار والسلوک کجماعات الروم والفرس والصینیین والعبریین ولعل الیهود أکثر الجماعات تأثیرا فی الحضارة الإسلامیة حیث تبدو روحهم واضحة فی هذه المیادین .
وذلک لأنهم استأثروا بالتفسیر وبالقصص الدینی لأنهم أهل کتاب وفیهم کثیر من الأحبار الذین یحفظون أحکام التوراة وقصص الأمم التی حفظتها الحضارة العبریة والأساطیر التی رافقت تلک القصص ، ولما کانت الجزیرة العربیة فقیرة إلى الأفکار الدینیة والمضامین الثقافیة لعب الفکر الیهودی دورا هاما فی ملء هذا الفراغ وخصوصا فی الفکر السنی الذی حاول أن یتخلص من هذا الرداء ویخلعه على الشیعة عن طریق الشخصیة الوهمیة عبد الله بن سبأ کما سنبرهن لک على وهمیة هذه الشخصیة قریبا .
ولکن حقائق الأمور والبحث الدقیق یثبت عکس ما ادعاه هؤلاء القوم وما نسبوه للشیعة .
أجل إن آراء الیهود انتقلت إلى الفکر الإسلامی عن طریق کعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام وغیرهم وأخذت مکانها فی کتب التفسیر والحدیث والتاریخ وترکت بصماتها على کثیر من بنود الشریعة .
إن بوسع أی باحث الوقوف على ذلک فی کتب کثیرة مثل تاریخ الطبری ، وتفسیره جامع البیان ، وفی کتاب البخاری وغیره من المؤلفات مما سنشیر إلى مصادره عند ذکره .
وستجد فصلا ممتعا فی تعلیل العداوة بین الإنسان والحیة یذکره الطبری فی تفسیر بسنده عن وهب بن منبه وذلک عند تفسیره للآیة السادسة والثلاثین من سورة البقرة وهی قوله تعالى : * ( وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُکُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ) * الخ ، یقول الطبری وأحسب أن الحرب التی بیننا - أی نحن والحیات - کان أصله ما ذکره علماؤنا الذین قدمنا الروایة عنهم فی إدخالهن - یعنی الحیات - إبلیس الجنة بعد أن أخرجه الله منها ، ویستمر فی سرد أفکار عجیبة یستحسن أن یقرأها من یرید الفائدة من تفسیره (4 ) ویقول الطبری فی تاریخه عند شرح الذبح العظیم الذی فدى به إبراهیم ولده إسماعیل بأمر الله تعالى : إن الکبش الذی ذبحه إبراهیم هو الکبش الذی قربه ابن آدم فتقبل منه ( 5 ) .
وینقل فی تاریخه قصصا تلمس علیها الروح الیهودی واضحا ومن ذلک ما ذکره فقال : تزوج إسحاق امرأة فحملت بغلامین فی بطن واحد فلما أرادت أن تضعهما اقتتل الغلامان فی بطنها فأراد یعقوب أن یخرج قبل عیص فقال عیص والله لئن خرجت قبلی لأعترضن فی بطن أمی ولأقتلنها فتأخر یعقوب وخرج عیص قبله وأخذ یعقوب بعقبه فسمی عیص عیصا لأنه عصى وسمی یعقوب یعقوبا لأنه خرج بعقب عیص ، وکبر الغلامان وکان عیص أحب إلى أبیه ویعقوب أحب إلى أمه وکان عیص صاحب صید فلما عمی إسحاق قال لعیص أطعمنی لحم صید واقترب منی حتى أدعو لک ، وکان عیص أشعر - أی کثیر الشعر - ویعقوب أجرد فخرج عیص یتصید وقالت أمه لإسحاق إذبح کبشا ثم اشوه والبس جلده وقدمه لأبیک کی یدعو لک فلما مسه قال من أنت ؟ قال :عیص ، فقال : المس مس عیص والریح ریح یعقوب فقالت أمه : هو ابنک عیص فادعو له الخ ( 6 ) .
ولست أدری کیف کان إسحاق لا یعرف أصوات أولاده وکیف تطلب الأم البرکة من دعوات إسحاق وهی تکذب وکیف یکذب أبناؤها وأی بیت نبی هذا البیت الذی یکون أعضاؤه من هذا النوع ، ثم أی اسم مشتق مثل یعقوب أو إسحاق أو عیص لا یصلح لأن یشتق منه أمثال هذه الخزعبلات وهذا الهراء والسخف .
وأما الإمام البخاری فإنک تلمس الروح الإسرائیلی فی کثیر من روایاته وإلیک نماذج من تلک الروایات التی یتضح فیها هذا الروح :
یقول البخاری : بسنده عن أبی هریرة : ما من بنی آدم مولود یولد إلا یمسه الشیطان حین یولد فیستهل صارخا من مس الشیطان غیر مریم وابنها (7 ) وما أدری إذا کان هذا فضیلة فلم حرم منها نبینا (صلی الله علیه وآله وسلم) وهو سید الأنبیاء وإذا لم یکن ذلک فضیلة فما قیمة ذکرها ، وما ذنب الأنبیاء الباقین یمسهم الشیطان .
ویقول البخاری بسنده عن عائشة أم المؤمنین : إن النبی (صلی الله علیه وآله وسلم ) سحر حتى کان یخیل إلیه أنه کان یفعل الشئ ولا یفعله (8 ) .
ویروی البخاری قصة موسى حین نزل إلیه ملک الموت لقبض روحه فصکه موسى على عینه حتى فقأها إلى أن قال : قال الله تعالى لملک الموت ارجع إلیه وقل له لیضع یده على جلد ثور فله بکل شعرة غطتها یده عمر سنة الخ (9 ) .
وفی الواقع إن هذه العملیة طریفة فإن الشعر الذی یغطیه الکف ربما یصل إلى خمسة آلاف شعرة ، وعمر نبی الله موسى معروف فإما أن نکذب الروایة أو نکذب التاریخ .
وذکر البخاری بسنده عن أم المؤمنین عائشة أن النبی (صلی الله علیه وآله وسلم ) مکث کذا وکذا یخیل إلیه أنه یأتی أهله ولا یأتی إلی أن قال لی : یا عائشة إن الله أفتانی فی أمر استفیته فیه أتانی رجلان فجلس أحدهما عند رأسی والآخر عند رجلی فقال الذی عند رجلی للآخر ما بال الرجل ؟ قال : مطبوب - أی مسحور - قال : ومن طبه ؟ قال : لبید بن أعصم الخ إلى أن ذهب عنه أثر السحر بعد مدة (10 ) .
ومعنى هذه الروایة أن النبی (صلی الله علیه وآله وسلم ) أصیب بفقدان الذاکرة أو بالفصام وما أدری ما هو حال الوحی خلال هذه المدة فإذا جاز أن یصاب النبی بمثل هذا المرض فما هو مقدار الثقة بالوحی وعلى کل تبقى مسؤولیة الروایة على عاتق أم المؤمنین والبخاری ، ولقد حفل کتاب البخاری بمثل هذا اللون من الفکر الیهودی وذلک من قبیل ما ذکره فی کتاب الاستئذان باب بدء السلام قال : بإسناده عن أبی هریرة عن النبی (صلی الله علیه وآله وسلم ) خلق الله آدم على صورته - الضمیر یعود لله تعالى إذ لا معنى لعوده لآدم قبل أن یخلق آدم وتعرف صورته - طوله ستون ذراعا فلما خلقه قال : إذهب فسلم على أولئک النفر من الملائکة جلوس فاستمع ما یحیونک فإنها تحیتک وتحیة ذریتک فقال : السلام علیکم فقالوا : السلام علیک ورحمة الله فزادوه ورحمة الله فکل من یدخل الجنة على صورة آدم فلم یزل الخلق ینقصون حتى الآن ( 11 ) .
إلى أمثال ذلک من هذه الروایات العبقریة ، ومع هذا اللون من الفکر الغریب عن روح الإسلام للزومه التجسیم والهرطقة فما وجدنا من ینبز حملة هذا الفکر بالخروج عن الإسلام أو بالیهودیة لنقلهم هذا الفکر الإسرائیلی إلى الإسلام أما إذا قدر أن شخصا تشیع وحمل معه شیئا من أفکاره للتشیع تحول التشیع فورا إلى یهودیة أو نصرانیة مع أن تبعة کل فکر تقع على حامله وقد أسلفنا أن کل ما ینافی الإسلام یأباه التشیع جملة وتفصیلا .
وعلى تقدیر أن هناک مجموعة من الأفکار نقلها الفرس الذین تشیعوا معهم للفکر الشیعی : کالقول بالحق الإلهی الذی یقول به الفرس بالنسبة لملوکهم ویقول به الشیعة بالنسبة لأئمتهم - مع وجود فوارق بین الأمرین - وحتى أی مفهوم یحصل به التقاء بین الفکرین کما یصوره البعض فإن ذلک لا یوجد قدحا فی العقیدة ما دامت الأصول التی یتحقق معها عنوان الإسلام محفوظة عند الشیعة بحیث إذا وجدت کان الإنسان مسلما باعتناقها ونحن نعلم أن الأصول التی تحدد إسلام المسلم هی ما حدده النبی نفسه کما فی صحیح البخاری عن أنس قال : قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم ) : من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأکل ذبیحتنا فذلک المسلم الذی له ذمة الله ورسوله فلا تخفروا الله فی ذمته ، کما أخرج البخاری عن علی ( علیه السلام ) ، أنه سأل النبی (صلی الله علیه وآله وسلم ) یوم خیبر على ماذا أقاتل الناس ؟ فقال (صلی الله علیه وآله وسلم ) : قاتلهم حتى یشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإذا فعلوا ذلک فقد منعوا منک دماءهم (12) .
وقال الإمام جعفر بن محمد الصادق (علیه السلام ) : الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله والتصدیق برسول الله به حقنت الدماء وعلیه جرت المناکح والمواریث وعلى ظاهره جماعة الناس (13) فصفة الإسلام ثابتة لمن قال بالشهادتین سواء اعتقد أن الإمامة نص من الله تعالى فهی حق إلهی ، أو بالشورى فهی حق للجماعة یضعونه حیث تتوفر المؤهلات ، وحتى لو لم یکن لمعتقد الإمامة بالنص شبهة من دلیل بل لو ذهب إلى أبعد من ذلک فابتدع وکان من أهل البدع فإن علماء المسلمین لا ینبزونه ولا یکفرونه .
فقد عقد ابن حزم فصلا مطولا فی کتابه الفصل فی باب من یکفر أو لا یکفر وقد قال فی ذلک الفصل : ذهبت طائفة إلى أنه لا یکفر ولا یفسق مسلم بقول قاله فی اعتقاد أو فعل ، وأن کل من اجتهد فی شئ من ذلک فدان بما رأى أنه الحق فإنه مأجور على کل حال إن أصاب فأجران وإن أخطأ فأجر واحد وهذا قول ابن أبی لیلى وأبی حنیفة والشافعی وسفیان الثوری وداوود بن علی وهو قول کل من عرفنا له قولا فی هذه المسألة من الصحابة لا نعلم خلافا فی ذلک أصلا ( 14 ) .
ویروی أحمد بن زاهر السرخسی وهو من أصحاب الإمام أبی الحسن الأشعری وقد توفی الأشعری بداره وقال : أمرنی الأشعری بجمع أصحابه فجمعتهم له فقال اشهدوا علی أنی لا أکفر أحدا من أهل القبلة بذنب لأنی رأیتهم کلهم یشیرون إلى معبود واحد والإسلام یشملهم ویعمهم (15 ) .
وبعد ذلک کله فما هو وجه ربط التشیع بالیهودیة لأن فیه أفکار فارسیة أو نعته بأنه أثر فارسی إذا کان هناک بضعة أفکار نقلها معه بعض من أسلم منهم ودان بها وهی لا تتعدى رأیا أخذ به بشبهه من دلیل أو حتى ببدعة کما مر علیک وقد عرفت آراء العلماء فی ذلک .
إن هذا التهور على المسلمین والتهریج علیهم من خطل الرأی وسنوقفک عن قریب على مصادر ما ذهب إلیه الشیعة من الکتاب والسنة وإن حسبه البعض أنه اقتباس من الفرس أما لقلة اطلاع أو لسوء قصد والله من وراء القصد .
ب - إن هذه الدعوى المقلوبة وهی فارسیة التشیع سنوقفک قریبا على إثبات عکسها وأقول على فرض صحتها فما هو البأس فی ذلک إذا کان الفارسی مسلما ونحن نتکلم بلغة الإسلام طبعا وشعارنا ( یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاکُم مِّن ذَکَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاکُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَکْرَمَکُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاکُمْ ) (16)
فلماذا هذا الموقف وکیف ینسجم مع روح الإسلام ولو کنا نتکلم من منطلق قومی فإن لغة أخرى ستکون لنا حینئذ ولا یکون لنا أی مناقشة مع المتکلم بها هذا مع أن العقل والمنطق القومی السلیم یحتم احترام القومیات الأخرى إذا أراد احترام قومیته وما أروع کلمة الإمام الصادق (علیه السلام ) فی هذا المقام إذ یقول : لیس من العصبیة أن تحب قومک ولکن من العصبیة أن تجعل شرار قومک خیرا من خیار غیرهم ، إن لغة الإسلام لا تفرق بین جنس وجنس فلا یعتبر مسلما من یتکلم بهذه اللغة ، أما إذا کان له دوافع وراء هذه اللغة غیر إسلامیة فلا تخفى على القارئ الفطن إن من یعتبر الناس مغفلین لهو المغفل الأکبر وسنرى عن قریب الدوافع من وراء هذه المزاعم .
هناک فرض آخر فی تصور فارسیة التشیع وهو أن کل أو غالبیة الشیعة فرس وقد طغت أفکارهم الفارسیة على التشیع حتى غطته وربما أدت إلى الاصطدام مع الشریعة الإسلامیة لمخالفة تلک العقائد للإسلام هذا الفرض صرح به بعضهم کما ستقرأه مع ما نعرضه من آراء فی هذا الموضوع - وسترى أن هذا الرأی باطل ویعلم بطلان ذلک کل من له إلمام بتاریخ المسلمین وعقائدهم وبطلانه للأسباب التالیة :
أ - إن عقائد الشیعة تحفل بها مئات الکتب والمراجع وهی میسورة تحت أیدی الباحثین والکتاب فی کل مکتبات العالم ، وإن عقائد الشیعة مصدرها الکتاب والسنة وفقه الشیعة مصدره الکتاب والسنة والإجماع والعقل کما مر علینا وأشرنا إلى الکتب التی تشرح ذلک مفصلا ونضیف إلیها کتاب أوائل المقالات للشیخ المفید وعقائد الصدوق والدرر والغرر للسید المرتضى وأعیان الشیعة للسید محسن الأمین ، ومن کتب الأخبار والأحادیث الکتب الأربعة وهی الأصول المعتمدة عند الشیعة بالجملة وهی من لا یحضره الفقیه للصدوق ، والکافی أصولا وفروعا لمحمد بن یعقوب الکلینی والتهذیب والإستبصار للشیخ الطوسی ، مع ملاحظة أن لیس کل ما فیها معتمدا عندنا ولکل روایة حساب ولذلک قلت إنها معتمدة بالجملة وقد تعرضت کتب التقریرات لنقد کثیر من مضامین الکتب المذکورة .
ب - إن الفرس لا یکونون إلا جزءا قلیلا من ناحیة الکم الشیعی فالتشیع منتشر عند العرب والهنود والترک والأفغان والکرد والصینیین والتبتیین والخ ویشکل الفرس جزءا من الشیعة لیس کما یصوره البعض عن سوء فهم أو سوء نیة .
ج‍ - إن بذرة التشیع نشأت فی مهد العرب فی الجزیرة العربیة وإن الرواد الأوائل للتشیع یشکلون مؤشرا واضحا فی ذلک ، وما کان من غیر العرب فی الرواد الأوائل من الشیعة عدى واحدا هو سلمان المحمدی کما سماه النبی (صلی الله علیه وآله وسلم ) وکان فارسیا وقد ذکرنا الطبقة الأولى من الشیعة الذین تتوزع وشائجهم على مختلف البطون والقبائل العربیة ، وأنت إذا تتبعت الطبقة الثانیة والثالثة من الشیعة فسوف تجدهم عربا فی الأعم الأغلب ولا أرید الإطالة فی هذا المورد فلذلک مکانه من کتب السیر والتراجم ، ومع ما أسلفناه من کلام فما هو وجه نسبة التشیع للفارسیة والذی أصبح یرسل عند بعضهم إرسال المسلمات کأنه من الأمور المفروغ منها .
المصادر : بتصرف من کتاب - هویة التشیع - الدکتور الشیخ أحمد الوائلی
1- الفصول المهمة لشرف الدین ص 163 ، والبیان للخوئی ص 197
2- الحشر/7
3- الأصول العامة للفقه المقارن ص 279 حتى ص 300 وانظر أصول الفقه للمظفر ج3 ص 338 فصاعدا وانظر البیان للسید الخوئی مبحث صیانة القرآن عن التحریف .
4- تفسیر الطبری ج1 ص 234 .
5- تاریخ الطبری ج1 ص 142 . وإذا کان یمکن لکبش أن یعیش هذه المدة الطویلة کما هو فی الفکر السنی فلماذا یستکثر علینا إذا قلنا أن شخصا عاش منذ ألف ومائة سنة تقریبا للآن ولا یستکثر على من یفرض أن کبشا عاش آلافا مؤلفة من السنین .
6- تاریخ الطبری ج 1 ص 164 .
7- البخاری ج4 ص 164 .
8- البخاری ج4 ص 122 .
9- البخاری ج4 ص 157 .
10- البخاری ج8 ص 18 .
11- البخاری ج8 ص 50 .
12- أنظر صحیح مسلم ج2 باب فضائل علی ، والبخاری ج3 باب غزوة خیبر .
13- الفصول المهمة لشرف الدین ص 18 .
14- الفصل لابن حزم ج 3 ص 247 .
15- الفصول المهمة لشرف الدین ص 32 .
16- الحجرات /13.


source : .www.rasekhoon.net
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

السفيانيون الجدد وتهديد الشيعة
المُناظرة العاشرة/مناظرة التيجاني مع أحد ...
الشفاعة في الإسلام
المهدي المنتظر (ع) في صحيحي البخاري ومسلم ق(1)
لا يحبني الا مؤمن ولا يبغضني الا منافق
هل تعلم ان علي بن أبي طالب (عليهما السلام) رابع ...
المُناظرة الثانية والثلاثون/مناظرة ابن أبي ...
خامساً: الجهاز العقلي وطريق الاستدلال
النبوة بين اللغة العربية واصطلاح علماء الإسلام
ثقافة (التسخيت)

 
user comment