أن إرضاء الغریزة الجنسیة ضروری ومفیدٌ بلحاظ القضایا النفسیة، وبنظر شرعة الإسلام الحقّة، مسألة تقدیم النسل الصالح إلى المجتمع، أن ذلک مرهونٌ بتشکیل الأسرة، وأن العدو اللئیم ومن أجل الحؤول دون بروز ظاهرة النسل الصالح فی المجتمع وجّه ضربات قاصمة للأسرة، أن عالم الیوم تنکّر ـ وبدون حیاء ـ لتشکیل الأسرة، وکان ذلک من خلال تشکیل الأحزاب الشیوعیة، والغوغائیة البمتذلة.
وعلیه یجب علینا، وخلافاً لما تقوم به تلک التشکیلات الوضعیة، بترتیب الوضع البیتی وتشکیل الأسرة حتى نتمکن من تقدیم نسل خیر صالح ومفید للمجتمع البشری، وهذا بحدّ ذاته یعتبر ضربة لتلک الأفواه الفاغرة الغربیة منها والشرقیة، والوحشیة والتافهة، الصهیونیة وغیر الصهیونیة.
الهدوء والسکینة
(وَمِنْ آیَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَکُم مِّنْ أَنفُسِکُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْکُنُوا إِلَیْهَا وَجَعَلَ بَیْنَکُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِی ذَٰلِکَ لَآیَاتٍ لِّقَوْمٍ یَتَفَکَّرُونَ) (1).
لو تحّرینا الطبیعة لعلمنا بأن الرجل بدون المرأة یضحى عضواً ناقصاً، وأن المرأة بدون رجل کذلک، وفی الحقیقة أن الرجل والمرأة هما وجود واحد کامل، یستند أحدهما إلى الآخر، ولا یمکن الفصل بینهما.
ویمکن أن نقول بأن عبارة الزوج تلیق بهما أکثر من غیرهما کونهما یکمّل حدهما الآخر، وهذه هی طبیعة الزوج.
إن الرجل لیستند إلى المرأة بنظر القرآن، بنظر الطبیعة، وبنظر الحالة النفسیة، وأن المرأة لترکن إلى الرجل.فی هذه الحیاة، وفی هذا العالم یحتاج کل شخص إلى شخص آخر یفرغ عنده ما فی قلبه ساعة الشدّة، وفی اللحظات الخاصة جداً، ولو دقتنا ملیًّا فی القرآن الکریم، وفی الطبیعة، لما راینا أحنّ من الزوجین بعضهما على بعض، لذا یقول القرلآن المجید بأنهما مخلوقان بسکن أحدهما للآخر ویهدأ، وأنهما لا یمکن أن یتخلى أحدهما عن الآخر، وعلیه فلا بُدّ لهما من العیش بعنوان زوج یکمل أحدهما الآخر:(وجعل بینکم مودة ورحمة)
أی جعل بینکما الألفة، وهذا الأمر ملاصق للرجل والمرأة منذ أن خلقها الله، حیث جعل المحبة والمودّة والرحمة بینهما، هذا إذا لم نوجّه أی ضربة قاصمة لهذا السکن المألوف ولتلک المحبة والودّ الذی حباه الباری لنا منًّا وعطاءً جمیلاً.
إن الدار التی لا یتمتع فیها الزوجان بهذه السکینة، ولا یستفیدان فیها من هذه الألفة لا تعدو أن تکون کالفرد الذی لا یغالبه النوم، وأقول قولی هذا باعتبار أن الذی لا یأتیه النوم تراه مضطرباً قلقاً لا یعمل فکره بالمرّة، ویبدو النحول والخمول على جسمه، ولکن قوته التخیلیة تضحى متفاقمة.
فالنوم على حدّ قول القرآن المجید یوجب الهدوء والسکینة، ویقول أیضاً إن الرجل والمرأة یوجبان الهدوء لبعضهما البعض، فالذی هو مجرّد لیس له زوجة، کالذی لیس له دار، والتی لیس لها زوج کالفرد الذی غاب النوم عن عینیه؛ لذا یجب علینا أن نحافظ على حالة الهدوء والسکینة هذه من خلال تخلّینا عن کلّ ما یمکن ان یسهم فی تفتیت هذه الحالة والتی تعدّ بمثابة سکن وسکینة.
المرأة والرجل یزیّن أحدهما الآخر
إن الرجل والمرأة بنظر القرآن المجید لیس فقط یسکن أحدهما للآخر، بل ویزیّن أحدهما الآخر أیضاً.
قال عزّ من قال فی محکم کتابه:
(هن لباس لکم، وأنتم لباس لهن) (2).إن اللباس فی هذه الآیة المبارکة ینضوی تحت ثلاث معان، المعنى الأول: أن الزوجین یزیّن أحدهما الآخر، باعتبار أن اللباس زینة والشاهد على ما نقول هو إطلاق القرآن المجید کلمة زینة على اللباس فی آیة أخرى:
(یا بنی آدم خذوا زینتکم عند کل مسجدٍ وکلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا یحب المسرفین) (3).
وبناءً على ذلک تضحى الآیة "هن لباس لکم وأنتم لباس لهن" هن زینة لکم وأنتم کذلک زینة لهن.
أما المعنى الثانی فهو: أن المرأة قد تضحى سبباً فی عدم انحراف الرجل، وقد یکون الرجل سبباً فی عدم خروج المرأة من جادّة الصواب، وهذا ما سنتعرض له لاحقاً بحول الله تعالى.
أما المعنى الثالث فهو: أن الرجل ستر للمرأة، وکذا المرأة سترٌ لزوجها، فالرجل غیر المتزوج مثل ذاک الذی لم یستر عورته، والمرأة التی لا زوج لها کتلک التی لا ترتدی حجاباً أو إزاراً یستر عورتها.
وعلیه تکون الآیة الشریفة التی ذکرناها: الرجل زینة أمرأته، وکذا المرأة زینة لزوجها، لذا یجب على الزوجین أن یعرفا کیف یحافظان على هذه الزینة.
قال الإمام الصادق جعفر بن محمّد(علیه السلام): "إنما المرأة قلادة فانظر ما تتقلّد، ولیس للمرأة خطر، لا لصالحتهن ولا لصالحتهن، فأما صالحتهن فلیس خطرها الذهب والفضة، هی خیر من الذهب والفضة، وأما طالحتهن فلیس خطرها التراب، التراب خیر منها"(4).
وقال الإمام زین العابدین وسید الساجدین علیّ بن الحسین(علیه السلام ):
"وأمّا حق الزوجة فأن تعلم أن الله عز وجل جعلها لک سکناً وأنساً، فتعلم أن ذلک نعمة من الله علیک فتکرمها وترفق بها، وإن کان حقکّ علیها أوجب، فإن لها علیک أن ترحمها"(5).
المرأة والرجل یسرّ أحدهما الآخر
علاوة على أن الرجل والمرأة یزیّن أحدهما الآخر، فهما سرور بعضهما البعض، وهذا ما یریده الإسلام لهما، فالمرأة الممتثلة لشرعة الإسلام، والرجل الملتزم بنهج الإسلام إذا أظلّهم سقف واحد عمّهم الفرح والسرور والبهجة، وقد یکون بیننا الیوم من شغله التفکیر بمنزله، فتراه ینتظر الخلوص من عمله المتعب کی یذهب إلى منزله، الذی یعتبره حدیقةً غنَّاء بالرغم من عدم وجود حدیقة فیه.
وقد یکون فی جمعنا هذا سیدة تنتظر قدوم زوجها بفارغ الصبر، لتظهر له الهیئة الحسنة، والبسمة العریضة لکی یرتفع عنه التعب والهمّ والغمّ، الذی قد یصیبه من جرّاء عمله خارج المنزل.
قال رسول الله صلى الله علیه وآله وسلّم:
"ما استفاد امرءٌ مسلمٌ فائدةً بعد الإسلام أفضل من زوجةٍ مسلمةٍ تسره إذا نظر إلیها"(6).
جاء أحدهم إلى الرسول الأکرم(صلی الله علیه وآله وسلم )لیقول: یا رسول الله إن لی زوجة تبتسم عندما تلقانی، وتدخل علیّ السرور حینما ترانی مغتماً.. فأخبره الرسول(صلی الله علیه وآله وسلم )بأنها من عمال الله تبارک وتعالى، إنها من الملائکة، وأن ثوابها سیکون مثل ثوابهم.
قال الصادق جعفر بن محمد علیه السلام:
"لا غنى بالزوجة فیما بینها وبین زوجها الموافق لها عن ثلاث خصال وهنّ: صیانة نفسها عن کلّ دنس حتى یطمئنّ قلبه إلى الثقة بها فی حال المحبوب والمکروه، وحیاطته لیکون ذلک عاطفاً علیها عند زلّة تکون منها، وإظهار العشق له بالخلابة، والهیئة الحسنة لها فی عینه"(7).
بناء على ما تقدم ینبغی للرجل أن یحتاط کثیراً فی التعامل مع زوجه کی لا تنفلت عرى العلاقة الزوجیة، وعندها لا یجد الرجل من یلتجئ إلیه مثلما کان یلتجیء إلى زوجه التی کانت تخفف علیه مصائب العمل، وتبتسم بوجهه صادقة مخلصة، وتسعى جاهدة لأن تجعل من مأواهما مکان فرحٍ وبهجةٍ وسرور.وإذا کان الرجل متهوراً ـ ولو بعض الشیء ـ فی تعامله مع أهله فستتلوث تلک العلاقة. وتخبو حرارة المحیط العائلیة، ویا لیت الأمر یقف عند هذا الحد بین الزوجن، بل سیتعدّاهما إلى الأبناء ویصبحون ضحیةً لذلک التلوث.
إن المحیط الأسری الملوّث ـ بالنسبة للأبناء ـ أفسد من کلّ الأماکن الفاسدة، ولعلکم رأیتم بعض الأولاد ممّن ضعفت حافظتهم، أو قلّ تقبلهم للمسائل الفکریة وهذه هی إحدى نتائج ذلک التلوث المشؤوم، الذی کان الزوجان سبباً أساسیاً فیه، فالبیت الذی یعمّه الهدوء والسکینة والألفة والمحبة لا یمکن ان یعدّ إلاّ أحد أمکان النزهة، أما ذلک الذی خلا من الودّ والاحترام والانسجام فسوف یسهم فی إضعاف أعصاب المرأة والرجل، والأبناء، بل وقد یحسبه أحدهم ـ وخاصة الزوجة ـ زنزانة سجنٍ رهیبة.
قد یجلس الرجل فی بعض الأحیان فی المقهى، أو عند دکّة دار أحد أصدقائه إلى منتصف اللیل، متناسیاً أن له امرأة تنتظره فی الدار على أحرّ من الجمر، مما یجرّ المرأة إلى الامتعاض من زوجها والامتناع عن التحدث إلیه، ولو حکّمنا ضمائرنا لقلنا إن السبب فی ذلک البرود الأسری هو الرجل الذی قد یتوقع من زوجته أکثر من طاقتها، بل وقد یسمعها کلاماً نابیاً ویرید منها أن ترکن إلى الهدوء والسکینة، وهذا کله تحمیل للمرأة فوق طاقتها، وهو یبعث على انفصام عرى المحبّة والألفة بینهما حتى ولو کانا مسنّین.
إن المحبة بین الزوجین لا تحتاج إلى جمال، ولا إلى تزیّن وتجمّل لحاله، بل إن الجمال الواقعی هو ما تعکسه المحبة من صور جمیلة فی عین المحبّ حتى ولو کان الحبیب قبیحاً فی الشکل، بالنسبة للآخرین المجرّدین عن العاطفة.ویشاهد فی قصة "قیس ولیلى" والتی قد تکون ضرباً من الخیال، وفی حکایة "شرین وفرهاد" علائق ما بعدها علائق بین الحبیبین، ویقال إن تغنی قیس بلیلى بلغ سمع أحد الملوک ذلک الزمان، فأراد أن یرى لیلى عن کثب، وعندما ذهب إلیها لم یر لیلى إلا بنتاً قرویة، سوداء الوجه، شفاهها متدلّیة کأنها طمرین، وبشکل عام قبیحة المنظر، فتعجب مما رأى! أهذه هی لیلى التی یتغنّى بها قیس، ویقول فیها أفضل الشعر؟.
وبعد أن فهم قیس ما یدور فی خلد ذلک الملک قال:
لو نظر الملک بعین قیس
لما رأى غیر جمال لیلى
قال: تعال وخذ عینیّ، لترى من خلالها وجه لیلى، إن هذه العین عشق صاحبها لیلى، فلا یمکن أن ترى لیلى إلا أجمل مَنْ خَلَقَ الله تبارک وتعالى، والطریف فی الأمر أنه کان یبرّر کل قبح فیها بعبارة جمیلة؛ فحینما یقال له إنها سوداء کالفحم فلم هذا الشغف والهیام؟ یجیب بأن المسک کلّما کان شدید السواد کان عبیره أعبق، ولهذا نعته القوم بالجنون!.
وکذا الأمر بالنسبة للزوجین، فعندما تکون المرأة محبة لزوجها لا یمکن لها أن ترى سیئاته، وقد یصل بها الأمر على أن تثور بوجه من یسدی لها النصح حتى لو کان أقرب الناس إلیها فی حال تعرضهم إلى ما یسیء إلى زوجها الخّطاء، دفاعاً عن زوجها الذی تحبّه.
وإذا ما أحب المرء زوجته رآها جمیلة حتى لو لم تکن کذلک، وعلیه لا ینبغی ذهاب النساء إلى المشعوذین والسحرة من أجل الحظوة بحبّ أزواجهن، لأن ذلک لا یؤدی إلى المحبة ابداً، بالإضافة إلى أنه عمل غیر صالح وفیه أثم کبیر:
"أقبلت امرأة إلى رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم )فقالت: یا رسول الله! إن لی زوجاً وله علیّ غلظة، وإنی صنعت به شیئاً لأعطفه علیّ؟ فقال رسول الله صلى الله علیه وآله: أفُ لک: کدّرت دینک! لعنتک الملائکة الأخیار "قالها ثلاث مرات" لعنتک ملائکة السماء، لعنتک ملائکة الأرض..."(8).فالتی ترید جلب رضایة زوجها، أو ترید أن تحظى بقلبه علیها أن تکون حسنة الأخلاق، تُدخل السرور على قلبه دائماً، تقف معه فی الشدائد والبلایا وکأنها هی المبتلیة، تحاول الابتعاد عن کلّ ما یثیره أو یزعجه؛ وکذا الأمر بالنسبة للرجل الذی یرید امتلاک قلب امرأته، ینبغی له أن یتودد إلیها ما استطاع إلى ذلک سبیلاً من خلال الکلام المهذّب والجمیل، بعیداً عن البذاءة، والرکاکة، والسباب، والعویل والزعیق، ویجب علیه أیضاً أن لا یعکس مشکلات عمله خارج المنزل على زوجته وأولاده فیصبّ نار غضبه على من فی المنزل، لأن ذلک سیؤدی بهذا المنزل إلى حیث لا تحمد عقباه، ناهیک عن ضغطة القبر التی ستصیبه آجلاً بسبب سوء خلقه، وعدم التزامه بما جاء عن الرسول(صلی الله علیه وآله وسلم )وأهل بیته الأطهار المیامین سلام الله علیهم بصدد هذه القضایا المهمة جداً، والتی بسبب الالتزام بها یعمر المجتمع ویصفو.
قال رسول الله(صلی الله علیه وآله وسلم):
"إنی لأتعجب ممّن یضرب امرأته، وهو بالضرب منها أولى..."(9).
وقال أیضاً:
"من کان له امرأة تؤذیه لم یقبل الله صلاتها، ولا حسنة من عملها حتّى تعینه وترضیه وإن صامت الدهر..، وعلى الرجل مثل ذلک الوزر إذا کان لها مؤذیاً ظالماً"(10).
جاء فی الخبر أن أحد أصحاب رسول الله الخاصین مات، فسار الرسول(صلی الله علیه وآله وسلم )فی تشییع جنازته، وأنزله بنفسه إلى القبر، وواراه التراب بیدیه المبارکتین، فقال الناس: هنیئاً له فقد أنزله الرسول محمّد(صلی الله علیه وآله وسلم )على قبره، فالتفت إلیهم الرسول(صلی الله علیه وآله وسلم )وأخبرهم بأنه قد کسرت أضلاعُه الساعة من شدة ضغط القبر علیه، فقالوا: إنه کان خیراً، فأجابهم الرسول(صلی الله علیه وآله وسلم )بأنه کان سیء الخلق فی داره، وکان یلوم امرأته ویصرخ فی وجهها کثیراً!.
فالمسلم بشکل عام لا ینبغی له أن یکون ظالماً ولا فاحشاً ولا بذیئاً، ولا ینبغی له أن یکون عاملاً بالشک والریبة والظنّ، وأن الذی فعل ذلک لن یحظى إلا بغضب الله ورسوله والأئمة من أهل بیته.فالضرب والشتم والسبّ الذی یستخدمه بعض الرجال مع نسائهم لیس من الرجولة فی شیء، لأن اللواتی یضربونهن لا حول لهنّ ولا قوة، ولو کُنَّ غیر ذلک لما تجرؤوا على ضربهنّ أو سبّهن، هذا بالنسبة للرجل، أما بالنسبة للمرأة اللعانة السبّابة هی الأخرى مغضوبٌ علیها، ولا یقبل لها عمل حسن عند الله أبداً، ولن یتأتى لها أن تشمّ ریح الجنة.
وإنَّ الرجال والسناء الذین یستخدمون العبارات السافلة والوضعیة تجاه بعضهم البعض سیحشرون ـ على حدّ ما جاء فی الأخبار ـ وألسنتهم متدلّیة على الأرض یسحقون علیها بأقدامهم، فیسأل من فی الحشر عنهم فیقال لهم: إنهم عدّة مجامیع: مجموعة منهم اللعانون السبّابون، ومجموعة ثانیة، النساء اللواتی کنّ یشتمن أزواجهن ویرددن علیهم الکیل صاعین، ومجموعة ثالثة، الرجال الذین کانوا یضربون نساءهم ویشتموهن، ویکیلوا لهن شتى التهم الباطلة...
فی بعض الأحیان نرى أن أحد الرجال یبدو علیه الوقار والفهم، ولکنه غیر ذلک کونه یسبّ ابنه ویقول له: "ابن الکلب" أو "ابن الحمار" وما إلى ذلک من السباب، ولکننا نقول: إن ذلک الرجل حقّاً ما یقول، لأن البذیء من الناس یحشر یوم القیامة کلباً أو حماراً أو ما على ذلک.
هذا بالإضافة إلى أن الفرد الذی یشتم ویسبّ یعتاد على هذه الحالة وتصبح عنده بعد مدّة "ملکة" أو بالأحرى "هویّة" له، وبناء على قانون تجسّم الأعمال یضحى کلباً، لکنه لا یتمکن أن یرى حاله ذاک بالعین بالمجرّدة، ولو تأتى له أن یرى بعین بصیرته لرأى نفسه کلباً مسعوراً.
یقال إن أحد الأشخاص رأى صدیقاً له فی منامه على هیئة کلب فسأله: لم تغیّر شکلک إلى ما أرى بالرغم من أنک کنت خیّراً على زمان الدنیا، فیأتیه الجواب: آه من سوء الخُلق فی الدار! آه من سوء خلقی مع أهلی وعیالی!.إن هذا البذیء لساناً، والذی لا یعرف أن ینادی زوجته إلاَّ بالسیء من العبارات یراه البعض ممن کشف الباری لهم الحجاب "کالعلامة المجلسی ـ أو صدر المتألهین" کلباً مسعوراً على حقیقته.
فیا أیتها السیدة! لا تستخدمی العبارات النابیة ولا البذیئة، لأنک قد تکونین جمیلة وشابة، ومحبوبة بین أهل زمانک، لکنک مبغوضة عند أهل السماء، ولا تعتبرین أکثر من کلبة!.
وکذلک بالنسبة للرجل الباذر فی الکلام والمسیء فی استخدام العبارات فقد یکون أحدهم ذا شخصیة ونفوذ اجتماعی مرموق، متمکن، مقتدر، لکنه وبسبب سبابه وشتائمه ولعنه لزوجه وابنائه ولبعض الناس لا یمکن أن یراه الملائکة إلاَّ کلباً.
قال أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب علیه السلام:
"تجنّب من کلّ خلق أسوأه، وجاهد نفسک على تجنّبه، فإن الشرّ لجاجة"(11).
وقال الإمام الصادق جعفر بن محمد علیه السلام:
"إن حسن الخُلق یذیب الخطیئة کما تذیب الشمس الجلید، وإن سوء الخُلق لیُفسد العمل کما یفسد الخلُ العسل"(12).
وجاء فی الخبر أن الأرواح تصعد إلى ساحة الربوبیة المقدسة فی بادئ الأمر بعد الموت، ومن ثم یُذهب بها على الجنة أو جهنم، ویقال إن الروح عندما تصعد إلى السماء الأولى والثانیة والثالثة.. وحتى تصل إلى السابقة ومنها اللوح والتعلم، وفی النهایة إلى العرش، یشیع الخبر بین الملائک بأن کلباً جاء إلینا! فما العمل؟ فهل ترض لنفسک أیها الإنسان أن تلتقی ربک على هیئة کلب؟!
ما إذا کانت الروح الصاعدة عی لأحد الخیّرین الملتزمین، من الذین کانوا یشیعیون الهدوء والسکینة فی الدار، ویترققون لأزواجهم وأبنائهم فإن الحال سیکون غیر ذلک الذی ذکرنا، وعندها ستقول الملائکة جاء السید، جاء المؤمن، جاء المسلم، وجاءت السیدة، جاءت المؤمنة، جاءت الخیّرة، کونهم رضوا عن الله ورضی عنهم فأرضاهم.اللهم نقسم علیک بأولاد الحسین(علیه السلام )ألاَّ جعلت بیوتنا، وأزواجنا، وأبناءنا مبعثاً للسرور والبهجة والحبور، اللهم اسبغ على بیوتنا الهدوء والسکینة.
اللهم نقسم علیک بعزتک وجلالک ان تمن علینا بأبناء صالحین مؤمنین ونساء خیّرات مؤمنات واحشرنا معهم فی الآخرة کما کنّا نعیش معهم فی الدنیا إنک أنت أرحم الراحمین وصلّ اللهم على محمّد وعلى أهل بیته الطیبین الطاهرین.
المصادر :
1- الروم/21
2- البقرة/187
3- الأعراف/31
4- وسائل الشیعة/ ج14، ص17.
5- بحار الأنوار/ ج74، ص5.
6- وسائل الشیعة/ ج14، ص23.
7- بحار الأنوار/ ج78، 237.
8- بحار الأنوار/ ج79، ص 214.
9- بحار الأنوار/ ج103، ص249.
10- وسائل الشیعة/ ج14، ص116.
11- بحار الأنوار/ ج77، ص213.
12- بحار الأنوار/ ج71، ص375.
source : .www.rasekhoon.net