عربي
Saturday 20th of April 2024
0
نفر 0

عهد القضاة أو الخلفاء وسيطرة الدول المحلية عليهم:

انتقلت قيادة بني إسرائيل بعد يوشع عليه السلام  إلى القضاة من قبائل اليهود، وهم أشبه بالخلفاء من قبائل قريش، وحكم منهم خمسة عشر قاضياً.

وتميز عهدهم بأمرين سنراهما مرافقين لبني إسرائيل دائما هما: انحرافهم عن خط الأنبياء عليهم السلام، وتسليط الله تعالى عليهم من يسومهم سوء العذاب، كما ذكر سبحانه في القرآن.

يتحدث سفر القضاة في الإصحاح الثالث والخامس عن انحراف بني إسرائيل بعد يوشع عليه السلام  فيقول:(سكنوا في وسط الكنعانيين والحيثيين والأموريين والفرزيين والحيويين واليبوسيين، واتخذوا بناتهم لأنفسهم نساء وأعطوا لبنيهم، وعبدوا آلهتهم).

ويذكر في الإصحاح:3:8 أن أول من تسلط عليهم وأخضعهم كوشان رشتعايم ملك آرام النهرين، مدة ثمان سنين.

ثم هاجمهم بنو عمون والعمالقة واستولوا على مدينة أريحا. قضاة،إصحاح3-13.

ثم تسلط عليهم يابين ملك كنعان في حاصور عشر سنين.قضاة،اصحاح4:3.

ثم استعبدهم بنو عمون والفلسطينيون ثمان عشرة سنة. قضاة، اصحاح 1: 8.

ثم نكل بهم الفلسطينيون وتسلطوا عليهم مدة أربعين سنة.قضاة،اصحاح13: 1

وقد امتد حكم القضاة من بعد يوشع عليه السلام  إلى زمن النبي صموئيل عليه السلام، الذي ذكره الله تعالى في القرآن بقوله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلأِ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلا قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ). (سورة البقرة:246)

ويقدر المؤرخون هذه المدة بحوالي قرن، من سنة 1130 ق. م. إلى عهد طالوت وداود عليهما السلام  1025 ق. م بينما يفهم من سفر القضاة في التوراة أنها أكثر من ذلك.

عهد داود وسليمان عليهما السلام:

جعلنا عهد طالوت (شاول)  جزءً من عهد داود وسليمان عليهما السلام، لأنه كان ملكاً على خط الأنبياء عليهم السلام  ولم يكن نبياً. ويذكر المؤرخون أنه حكم خمس عشرة سنة 1025 إلى1010 قبل الميلاد، وحكم بعده داود وسليمان عليهما السلام  من 1010 ق. م. إلى 931 ق. م. سنة وفاة سليمان.

ويلاحظ أن مؤلفي التوراة الموجودة قد أكثروا من ظلمهم وافترائهم على أنبياء الله موسى وداود وسليمان عليهما السلام، ورموهم بعظائم التهم الأخلاقية والسياسية والعقائدية! وقد تبعهم في ذلك وزاد عليهم أكثر المؤرخين النصارى الغربيين، ثم تبعهم على ذلك المسلمون أصحاب الثقافة الغربية. صلوات الله على أنبيائه جميعاً، ونبرأ إلى الله ممن اتهمهم بسوء.

لقد أنقذ داود عليه السلام  بني إسرائيل من الوثنية التي تورطوا فيها، ومن تسلط الوثنيين، ومد نفوذ دولته الإلهية إلى المناطق المجاورة، وعامل الشعوب التي دخلت تحت حكمه بالحسنى، كما وصف الله تعالى في كتابه وعلى لسان نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

وأراد داود أن يبني مسجداً في مكان عبادة جده إبراهيم عليه السلام  في القدس على جبل(المَرِيَّا) وكان المكان بيدراً للحبوب لأحد سكان القدس من اليبوسيين اسمه أرونا، فاشتراه منه بخمسين شاقلاً فضة كما تذكر التوراة الموجودة (سفر صموئيل الثاني: إصحاح 24: 24، وسفر الأخبار الأول: إصحاح 21: 22، 28)  وبنى فيه مسجداً أقام فيه الصلاة، وفي جانب منه كانت تذبح الأضاحي لله تعالى. وورث سليمان ملك أبيه عليه السلام  وبلغ مكة ما ذكره الله تعالى في قرآنه وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وبنى مسجد أبيه داود وإبراهيم، بناء جديداً فخماً عرف باسم هيكل سليمان.

إن فترة حكم سليمان عليه السلام  هي فترة استثنائية في تاريخ الأنبياء عليهم السلام  جسَّد الله تعالى فيها للعالم نموذجاً للإمكانات الهائلة المتنوعة التي يمكن أن يسخرها لحياتهم إذا هم أقاموا كيانهم السياسي بقيادة الأنبياء وأوصيائهم عليهم السلام، ولم يستغلوها في البغي على بعضهم: (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَايَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ). (سورة الشورى:27).

وتوفي سليمان عليه السلام  وهو جالس على كرسيه كما وصف القرآن، ويحدد المؤرخون ذلك بسنة 931 ق. م. وبمجرد وفاته وقع الإنحراف في بني إسرائيل والإنقسام في الدولة، وسلط الله عليهم من يسومهم سوء العذاب.

تقول التوراة الموجودة في سفر الملوك الأول: إصحاح11: 1-13، بعد أن تفتري على سليمان عليه السلام  بأنه ترك عبادة الله تعالى وعبد الأصنام: (وقال لسليمان: من أجل أن ذلك عندك، ولم تحفظ عهدي وفرائضي التي أوصيتك بها، فإني أمزق المملكة عنك تمزيقاً).

عهد الانقسام والصراع الداخلي:

وقد اشتد صراعهم الداخي حتى استعانوا على بعضهم بالقوى الوثنية المتبقية حولهم، وبفراعنة مصر وآشور وبابل.

فقد اجتمع اليهود بعد موت سليمان عليه السلام  في شكيم (نابلس) وبايعت أكثريتهم يربعام بن نباط الذي كان عدواً لسليمان في حياته، وهرب منه إلى فرعون مصر، فلما توفي سليمان رجع ورحب به اليهود، وأقام في الضفة الغربية كياناً باسم دولة إسرائيل وجعل عاصمته شكيم أو السامرة، وبايعت قلة منهم رحبعام بن سليمان وجعل عاصمته القدس، وعرفت دولته باسم يهوذا.

أما وصي سليمان آصف بن برخيا الذي يصفه الله تعالى بأنه (عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ)  فلم يكن نصيبه من بني إسرائيل إلا التكذيب!

وتذكر التوراة أن الكفر وعبادة الأصنام كان علنياً في أتباع يربعام وأنه: (صنع عجلين من ذهب ووضع أحدهما في بيت إيل والثاني في دان وجعل عندهما مذابح وقال لهم: هذه آلهتكم التي أصعدتكم من مصر فاذبحوا عندها ولاتصعدوا إلى أورشليم، فاستجاب له الشعب)! (سفر الملوك إصحاح12: 26 - 33).

وإلى جانب العجلين أمر يربعام بعبادة آلهة أخرى منها عشتروت إلهة الصيدونيين وكموش إله الموآبيين، ومكلوم إله العمونيين! (سفر أخبار الملوك الأول، إصحاح 12: 31 وأخبار الملوك الثاني، إصحاح 11: 13 - 15 وإصحاح 13: 9).

وبعد ثلاث سنوات سارت مملكة يهوذا في ذات الطريق فعبدت الأصنام! (سفر أخبار الملوك الأول، إصحاح14: 21 - 24 والملوك الثاني، إصحاح11: 13 - 17 وإصحاح 12).

وقد اغتنم شيشق فرعون مصر هذه الفرصة وقام في سنة 926 ق. م. بحملة لمساعدة يربعام، والقضاء على دولة ابن سليمان وجماعته، فاحتل القدس: (وأخذ خزائن بيت الرب وبيت الملك، وأخذ كل شيء، وأخذ أتراس الذهب التي عملها سليمان). (سفر أخبار الملوك، إصحاح14: 25 - 26).

ويبدو أن ظروف فرعون مصر لم تساعده لفرض سيطرته المستمرة أو سيطرة حليفه يربعام. فبعد انسحاب شيشق استعادت المملكة الصغيرة شيئاً من كيانها، ولكن الحروب استمرت مع يربعام.

كما استغل الأراميون ضعف الدولتين فهاجموا مملكة يهوذا وساقوا رؤساءهم سبايا إلى عاصمتهم دمشق، وفرضوا عليهم الجزية وذلك في عصر الملك الأرامي بن هدد: 879 - 843 ق. م. (سفر الملوك الثاني إصحاح 13: 3 - 13).

ثم فرضوا الجزية والحماية على مملكة يربعام في زمن مملكة آخاب بن عومري 874 ق. م 853 ق. م.

وتذكر التوراة أيضاً غزو الفلسطينيين والعرب الذين بجانب الكوشسيين لمملكة يهوذا في زمن الملك يهورام، حيث احتلوا القدس واستولوا على الأموال في بيت الملك وسبوا أبناءه ونساءه! (الملوك الثاني ص21: 16 - 17).

وتذكر أن الجيش الأرامي غزا بيت المقدس وأهلك كل الرؤساء وأخذ جميع الخزائن وقدمها إلى حزائيل ملك الأراميين)! (سفر الملوك الثاني، إصحاح 24: 3 وإصحاح 12 - 17 - 18).

وكذلك هجم يوآش ملك إسرائيل على يهوذا وهدم سورها، وأخذ كل الذهب والفضة وجميع الآنية الموجودة في بيت الرب وفي خزائن بيت الملك). (سفر الملوك الثاني إصحاح 14: 11 - 14 وإصحاح 25: 21 - 24).

وقد استمرت هذه الحالة من الصراع فيما بينهم، وتسلط الممالك المجاورة عليهم إلى الاحتلال الآشوري!!

عهد السيطرة الآشورية:

بدأت السيطرة الآشورية على اليهود بحملة شلمنصر الثالث ملك الآشوريين859 ق.م.- 824 ق. م. على مملكة الأراميين ومملكة إسرائيل حيث أخضع المنطقة لحكمه وحكم من بعده من الآشوريين، ويبدو أن مملكة يهوذا كانت محافظة على طاعة الآشوريين بعكس مملكة إسرائيل، لأن التوراة تذكر طلب ملكها آحاز بن يوثام من تغلث فلاسر ملك آشور القيام بحملة على مملكة إسرائيل والأراميين فاستجاب له الأخير وقام بحملة في سنة 732 ق.م، وتابع مهمته خلفه شلمنصر الخامس ولكنه توفي أثناء حصاره لعاصمتها شكيم (السامرة)  فأكمل خلفه سرجون الثاني احتلال السامرة، وقضى على هذه المملكة نهائياً.

وقد استعمل الآشوريين في القضاء على مملكة إسرائيل خطة الإجلاء لليهود، فقد سباهم تغلث فلا سر إلى بلاده، وأسكن مكانهم آشوريين، كما وورد في سفر أخبار الملوك الثاني إصحاح15: 29. وقام بعده الملك فقح بإكمال الخطة فسبى سبط منسي وغيره، كما في أخبار الأيام، إصحاح 5: 29. وسرجون الثاني الذي أجلى منهم حوالي ثلاثين ألفاً إلى حران وضفة الخابور وميديا، وأسكن مكانهم الأراميين. الملوك الثاني إصحاح17: 5، 6 و 18.

ثم خرجت مملكة يهوذا عن طاعة الآشوريين في عهد ملكها حزقيا الذي قام على ما يبدو بالإتصال بالمصريين، فغضب عليه سنحاريب ملك آشور وقام بآخر حملة آشورية لإخضاع مملكة يهوذا حوالي سنة701 ق.م وأخضع المنطقة واحتل القدس ودفع له حزقيا (جميع الفضة الموجودة في بيت الرب وفي خزائن بيت الملك)! (سفر أخبار الملوك الثاني، إصحاح 18: 13 - 15).

وتذكر التوراة الموجودة غير من تقدم من ملوك آشور: أسرحدون، وآشور بانيبال آخر ملوكهم، وأنهما نقلا أقواماً من آشور وأسكنوهم في السامرة. سفر عزرا، إصحاح4: 10.

عهد السيطرة البابلية:

سقطت عاصمة الآشوريين نينوى سنة612 ق.م. على يد الماذيين والبابليين (الكلدانيين)  فتقاسموا ممتلكاتها، وكان العراق وبلاد الشام وفلسطين من حصة البابليين، وأشهر ملوكهم نبوخذ نصر الذي قام بحملتين لإخضاع بلاد الشام وفلسطين، الأولى سنة 597 ق. م والثانية سنة 586 ق.م.

في الحملة الأولى، حاصر القدس وفتحها وأخذ خزائن بيت الملك، وسبى عدداً كبيراً من اليهود من جملتهم الملك يهوياكين ورجاله، وعين صدقيا عم يهوياكين على من بقي من اليهود، وأسكن المسبيين في منطقة نيبور عند نهر الخابور ببابل)  (أخبار الملوك الثاني، إصحاح 24: 1 - 6).

وجاءت الحملة الثانية بسبب صراع النفوذ بين نبوخذ نصر وفرعون مصر خوفرا، حيث قام الأخير بتحريض ملوك بلاد الشام وفلسطين ومنهم صدقيا ملك القدس على التحالف معه ضد البابليين فاستجابوا له، فوجه حملته إلى المنطقة، ولكن نبوخذ نصر سارع بإرسال حملة تمكن بها من هزيمة المصريين واحتلال كافة المنطقة، ودخل الجيش البابلي القدس ودمر الهيكل وأحرقه ونهب خزائنه، وكذلك فعل ببيوت كبار اليهود، وسبى منهم حوالي خمسين ألف شخص، وذبح أولاد صدقيا أمامه، ثم فقأ عينيه وحمله مقيداً مع الأسرى، وقضى بذلك على مملكة يهوذا)! (سفر الملوك الثاني، إصحاح 24: 17 - 20 و 25 وسفر الأخبار الثاني إصحاح 36: 11 - 21 وسفر أرميا، إصحاح 39:1 - 4).

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

محاولة اغتيال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في ...
الموالي و اعدادهم من قبل الائمة ـ عليهم السلام .
المقال الذي سبب أزمة فى مصر
مناظرة الشيخ المفيد مع أبي القاسم الداركي في حكم ...
الليلة الوحيدة في التأريخ
الحكومة البويهية والتشيع .
تاريخٌ يلازم الناشئة العراقية
ما المقصود بليلة الهرير؟
عید الاضحی المبارك
المحاولات اليهودية لعرقلة انتشار الإسلام

 
user comment