الطفل يحاول التشبه بالأشخاص الأكثر حيوية والأشد فاعلية في المجتمع، ويطلق علماء النفس مفهوم المحاكاة للتعبير عن التشبه الفجائي السريع الذي ينتهي بانتهاء المؤثر، فهو تشبه آني ويطلقون عبارة الاقتباس على التشبه البطئ (1) الذي يستحكم في العقل والعاطفة ومن مصاديقه التقليد والاقتداء، والنماذج العالية من الشخصية هي المؤثرة في التشبه، فأهل الكرامة وأهل القدوة يكرمهم الشعب ويبجلهم وهم الذين (يقتدي بهم عامة الشعب) (2).
والطفل غالبا ما يتشبه بمن لهم سلطان روحي ونفسي على الناس ومنهم الملوك والحكام، والفائزون الناجحون في الحياة، وكل من له تأثير على الناس كالمعلم وعالم الدين.
ويرى بعض علماء النفس الحاجة إلى تصور المثل الاعلى لدى كل انسان (3) وهي حاجة ضرورية، والمثل الاعلى في رأي هؤلاء العلماء يختلف باختلاف الناس، ويتبدل بتبدل ظروفهم المادية والنفسية والاجتماعية، ويعتبرون المثل الاعلى متجسدا في القيم المعنوية والأهداف المتوخاة في الحياة.
والمثل الاعلى بهذا المفهوم ضروري جدا لكل انسان وخصوصا الطفل في الأعوام المتأخرة من هذه المرحلة، ولكن المثل الاعلى ان لم يتحول من المفهوم إلى المصداق وإلى من تتجسد فيه قيم هذا المثل الاعلى يبقى محدودا في حدود التصورات، فالطفل بحاجة إلى التشبه والاقتداء بما هو ملموس في الواقع الموضوعي، وخير من يتجسد به المثل الاعلى هو النموذج الاعلى للشخصية الانسانية.
والاقتداء بالاسلاف (أكثر من الاقتداء بالطبقة العليا) (4).
ومن هنا فالضرورة الحاكمة في الاقتداء هي الاقتداء بالسلف الصالح وهم الأنبياء والأئمة من أهل البيت، والصالحين من الصحابة والتابعين، والماضين من علماء الدين، فهم قمم في الفضائل والمكارم والمواقف النبيلة، ومما يساعد على التشبه والاقتداء بهم تأثيرهم الروحي على مختلف طبقات الناس الذين يكنون لهم التبجيل والتقديس.
وحياة الصالحين مليئة بجميع القيم والمكارم التي يريد الانسان التمسك بها. والاقتداء هو الذي يجعل الطفل انسانا عظيما تبعا لمن يقتدي بهم، وإذا فقد الاقتداء جمدت جذوة الحياة وضعف الطموح وانحرف عن مساره للتعلق والاقتداء بالهامشيين من الأشخاص العاديين.
فالواجب على الوالدين توجيه انظار الطفل وأفكاره وعواطفه ومواقفه نحو الشخصيات النموذجية ابتداء من آدم وانتهاء بالعظماء المعاصرين، ولكل نبي أو امام من أئمة الهدى تاريخ حافل بجميع المكارم والقيم والمواقف السائدة في الحياة.
والقدوة الصالحة لها تأثير ومواقف مشرفة في كل زاوية من زوايا الحياة، والاقتداء بها تنعكس آثاره على جميع جوانب شخصية الطفل العاطفية والعقلية والسلوكية، فتندفع الشخصية للوصول إلى المقامات العالية التي وصلها الصالحون المقتدى بهم.
المصادر:
(1) علم الاجتماع نقولا الحداد: 86.
(2) علم الاجتماع: 14ظ .
(3) علم النفس جميل صليبا: 728
(4) علم الاجتماع: 146.
source : www.tebyan.net