قرابته بالمعصوم:
عم رسول الله(ص)، وأبو الإمام علي(ع)، وجدّ الإمامينِ الحسن والحسين(ع).
اسمه وكنيته ونسبه:
أبو طالب، عبد مناف بن عبد المطّلب بن هاشم.
ولادته:
ولد حوالي عام 88 قبل الهجرة، أي قبل ولادة النبي(ص) بـ 35 عاماً.
أُمّه:
فاطمة بنت عمرو بن عابد بن عمران.
من زوجاته:
ابنة عمّه، فاطمة بنت أسد بن هاشم.
من أولاده:
طالب، وعقيل، وجعفر، والإمام علي(ع)، وأُمّ هاني واسمها فاخته، وجمانة.
إيمانه:
لمّا بعث النبي محمّد(ص) إلى البشرية مبشّراً ومنذراً، صدّقه أبو طالب وآمن بما جاء به من عند الله، ولكنّه لم يظهر إيمانه تمام الإظهار، بل كتمه ليتمكّن من القيام بنصرة رسول الله(ص) ومَن أسلم معه.
قال الشيخ المفيد(قدس سره): «اتّفقت الإمامية على أن آباء رسول الله(ص) من لدن آدم إلى عبد الله بن عبد المطّلب مؤمنون بالله عزّ وجل موحّدون له... .
وأجمعوا على أنّ عمّه أبا طالب رحمه الله مات مؤمناً، وأنّ آمنة بنت وهب كانت على التوحيد، وأنّها تُحشر في جملة المؤمنين»(1).
وقال الشيخ الصدوق(قدس سره): «اعتقادنا في آباء النبي أنّهم مسلمون من آدم إلى أبيه عبد الله، وأنّ أبا طالب كان مسلماً، وأُمّه آمنة بنت وهب كانت مسلمة»(2).
من الأدلّة على إيمانه
أ ـ روايات أهل البيت(عليهم السلام)، نذكر منها:
1ـ قال العباس بن عبد المطّلب: «قلت لرسول الله(ص): يا بن أخي، ما ترجو لأبي طالب عمّك؟ قال: أرجو له رحمة من ربّي وكلّ خير»(3).
2ـ قال الإمام علي(ع): «ما مات أبو طالب حتّى أعطى رسول الله(ص) من نفسه الرضا»(4).
وواضح أنّ رسول الله(ص) لا يرضى إلّا عن المؤمنين.
3ـ قال الإمام علي(ع): «والله ما عبد أبي ولا جدّي عبد المطّلب ولا هاشم ولا عبد مناف صنماً قطّ»، قيل له: فما كانوا يعبدون؟ قال: «كانوا يصلّون إلى البيت على دين إبراهيم متمسّكين به»(5).
4ـ قال الإمام علي(ع): «كان والله أبو طالب عبد مناف بن عبد المطّلب مؤمناً مسلماً، يكتم إيمانه مخافةً على بني هاشم أن تنابذها قريش»(6).
5ـ قال أبو بصير ليث المرادي: «قلت لأبي جعفر(ع): سيّدي، إنّ الناس يقولون: إنّ أبا طالب في ضحضاحٍ من نار يغلي منه دماغه!
فقال(ع): كذبوا والله، إنّ إيمان أبي طالب لو وضع في كفّة ميزان وإيمان هذا الخلق في كفّة لرجح إيمان أبي طالب على إيمانهم.
ثمّ قال: كان والله أمير المؤمنين يأمر أن يحجّ عن أب النبي وأُمّه(ص) وعن أبي طالب في حياته، ولقد أوصى في وصيّته بالحجّ عنهم بعد مماته»(7).
6ـ عن محمّد بن يونس، عن أبيه، عن أبي عبد الله(ع) أنّه قال: «يا يونس، ما تقول الناس في أبي طالب؟ قلت: جُعلت فداك يقولون: هو في ضحضاحٍ من نار، وفي رجليه نعلان من نار تغلي منهما أُمّ رأسه!
فقال: كذب أعداء الله! إنّ أبا طالب من رفقاء النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أُولئك رفيقا»(8).
7ـ قال الإمام الصادق(ع): «إنّ مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف أسرّوا الإيمان وأظهروا الشرك، فآتاهم الله أجرهم مرّتين»(9).
ب ـ إجماع علماء مذهب الشيعة على إسلامه بل إيمانه، وإجماعهم هذا حجّة، وقد وافقهم على إسلامه(رضي الله عنه) من علماء السنّة جماعة ، لكن عاقّهم على خلاف ذلك.
وقد وافق أكثر الزيدية الشيعة على إسلامه(رضي الله عنه)، وبعض من شيوخ المعتزلة، وجماعة من الصوفية، وغيرهم.
ج ـ أشعاره(رضي الله عنه) التي تنبئ عن إسلامه، وهي:
1ـ ألم تعلموا أنّا وجدنا محمّداً ** نبيّاً كموسى خطّ في أوّل الكتبِ
2ـ نبيّ أتاه الوحي من عند ربّه ** ومن قال لا يقرع بها سنّ نادمِ
3ـ يا شاهد الله عليّ فاشهدِ ** إنّي على دين النبيّ أحمدِ
4ـ يا شاهد الوحي من عند ربّه ** إنّي على دين النبيّ أحمد
5ـ أنت الرسول رسول الله نعلمه ** عليك نزل من ذي العزّة الكتب
6ـ بظلم نبيّ جاء يدعو إلى الهدى ** وأمر أتى من عند ذي العرش قيم
7ـ لقد أكرم الله النبيّ محمّداً ** فأكرم خلق الله في الناس أحمد
8ـ وخير بني هاشم أحمد ** رسول الإله على فترة
9ـ والله لا أخذل النبيّ ولا ** يخذله من بني ذو حسب
10ـ قال مخاطباً ملك الحبشة ويدعوه إلى الإسلام:
«ليعلم خير الناس أنّ محمّداً ** رسول كموسى والمسيح بن مريم
أتى بالهدى مثل الذي أتيا به ** فكلّ بحمد الله يهدى ويعصم
وإنّكم تتلونه في كتابكم ** بصدق حديث لا حديث المجمجم
فلا تجعلوا لله ندّاً وأسلموا ** فإنّ طريق الحقّ ليس بمظلم»(10).
11ـ قال مخاطباً أخاه حمزة(رضي الله عنهما):
«فصبراً أبا يعلى على دين أحمد ** وكن مظهراً للدين وفّقت صابرا
نبيّ أتى بالحقّ من عند ربّه ** بصدقٍ وعزم لا تكن حمزة كافرا
فقد سرّني أذ قلت لبيك مؤمنا ** فكن لرسول الله في الله ناصرا
وناد قريشاً بالذي قد أتيته ** جهاراً وقل ما كان أحمد ساحرا»(11).
12ـ وأيضاً من شعره مخاطباً ولديه الإمام علي(ع) وجعفر الطيار(ع):
إنّ عليّاً وجعفراً ثقتي **عنـد ملمّ الـزمـانِ والنـوبِ
لا تخذلا وانصرا ابن عمّكمـا ** أخي لاُمّي من بينـهم وأبـي
والله لا أخـذل النبـيّ ولا** يخـذلـه مـن بنيّ ذو حسب
كفالته للنبي(ص):
تُوفّي أخوه عبد الله ـ والد النبي(ص) ـ والنبي حمل في بطن أُمّه، وحينما ولد(ص) تكفّله جدّه عبد المطّلب، ولمّا حضرت الوفاة لعبد المطّلب أوصى ولده أبا طالب بحفظ رسول الله(ص) وحياطته وكفالته، وكان عمره(ص) ثمانية سنين، فكفله أبو طالب وقام برعايته أحسن قيام.
حبّه للنبي(ص):
كان(رضي الله عنه) يحبّ النبي(ص) حبّاً شديداً، وفي بعض الأحيان إذا رآه كان يبكي ويقول: «إذا رأيته ذكرت أخي»(12)، وكان عبد الله أخاه لأبويه.
حنوّه على النبي(ص):
لمّا أدخلت قريش بني هاشم الشعب إلّا أبا لهب وأبا سفيان بن الحرث، فبقي القوم بالشعب ثلاثة سنين، وكان رسول الله(ص) إذا أخذ مضجعه وعرف مكانه، جاءه أبو طالب فأنهضه عن فراشه وأضجع ابنه أمير المؤمنين(ع) مكانه.
فقال له أمير المؤمنين(ع) ذات ليلة: «يا أبتاه إنّي مقتول»، فقال:
«إصبرن يا بني فالصبر أحجى ** كلّ حيّ مصيره لشعوب
قد بذلناك والبلاء شديد ** لفداء الحبيب وابن الحبيب
لفداء الأغرّ ذي الحسب الثاقب ** والباع والكريم النجيب
إن تصبك المنون فالنبل يُرمى ** فمصيب منها وغير مصيب
كلّ حيّ وإن تملي بعيش ** آخذ من خصالها بنصيب
فأجابه أمير المؤمنين(ع):
أتأمرني بالصبر في نصر أحمد ** ووالله ما قلت الذي قلت جازعا
ولكنّني أحببت أن ترى نصرتي ** وتعلم إنّي لم أزل لك طائعا
وسعيي لوجه الله في نصر أحمد ** نبيّ الهدى المحمود طفلاً ويافعا»(13).
تناله شفاعة النبي(ص):
قال الإمام الصادق(ع): «هبط جبرئيل على رسول الله(ص) فقال: يا محمّد، إنّ الله عزّ وجل قد شفّعك في خمسة: في بطن حملك وهي آمنة بنت وهب بن عبد مناف، وفي صلب أنزلك وهو عبد الله بن عبد المطّلب، وفي حجر كفلك، وهو عبد المطّلب بن هاشم، وفي بيت آواك وهو عبد مناف بن عبد المطّلب أبو طالب، وفي أخ كان لك في الجاهلية»(14).
حرّم على النار:
قال الإمام الصادق(ع): «نزل جبرئيل(ع) على النبي(ص) فقال: يا محمّد، إنّ ربّك يقرئك السلام ويقول: إنّي قد حرّمت النار على صلب أنزلك، وبطن حملك، وحجر كفلك، فالصلب صلب أبيك عبد الله بن عبد المطّلب، والبطن الذي حملك فآمنة بنت وهب، وأمّا حجر كفلك فحجر أبي طالب»(15).
وفاته:
تُوفّي(رضي الله عنه) في 7 شهر رمضان 10 للبعثة النبوية الشريفة في شعب أبي طالب بمكّة المكرّمة، وقيل: تُوفّي في 26 رجب 10 للبعثة النبوية الشريفة، ودُفن فيها.
تجهيزه:
«لمّا قبض(رضوان الله تعالى عليه)، آتى أمير المؤمنين(ع) رسول الله(ص)، فآذنه بموته، فتوجّع لذلك النبي(ص) وقال: امضِ يا علي، فتولّ غسله وتكفينه وتحنيطه، فإذا رفعته على سريره فأعلمني.
ففعل ذلك أمير المؤمنين(ع)، فلمّا رفعه على السرير اعترضه النبي(ص) فرق له وقال: وصلتك رحم، وجزيت خيراً، فلقد ربّيتَ وكفلتَ صغيراً، وآزرتَ ونصرتَ كبيراً.
ثمّ أقبل على الناس فقال: أما والله، لأشفعنّ لعمّي شفاعة يعجب منها أهل الثقلين»(16).
ــــــــــــــــــــــــــــ
1. أوائل المقالات: 45.
2. الاعتقادات: 110، باب40.
3. الدرجات الرفيعة: 49.
4. شرح نهج البلاغة 14/71.
5. كمال الدين وتمام النعمة: 174 ح32.
6. الحجّة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب: 122.
7. المصدر السابق: 85.
8. المصدر السابق: 82.
9. الكافي 1/448 ح28.
10. روضة الواعظين: 141.
11. إيمان أبي طالب للمفيد: 34.
12. شرح نهج البلاغة 14/64.
13. الفصول المختارة: 59.
14. الخصال: 293 ح59.
15. الكافي 1/446 ح21.
16. إيمان أبي طالب للمفيد: 25
source : abna