عربي
Friday 15th of November 2024
0
نفر 0

ضرورية الحكم الإسلامي زمن الغيبة الكبرى

في الوقت الذي يعتبر وجوب قيام حكم إسلامي زمن الغيبة من ضروريات الدين ، التي لاتحتاج إلى محاولة إثبات أو تحشم استدلال. يقول الفيض الكاشاني : ( فوجوب الجهاد ، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، و التعاون على البر و التقوى ، و الإفتاء ، و الحكم بين الناس بالحق ، و إقامة الحدود و التعزيرات ، و سائر السياسات الدينية ، من ضروريات الدين ، و هو القطب الأعظم في الدين ، و المهم الذي ابتعث الله له النبيين ، ولو تركت لعطلت النبوة ، و اضمحلت الديانة ، و عمت الفتنة ، و فشت الضلالة ، و شا
ضرورية الحكم الإسلامي زمن الغيبة الكبرى

في الوقت الذي يعتبر وجوب قيام حكم إسلامي زمن الغيبة من ضروريات الدين ، التي لاتحتاج إلى محاولة إثبات أو تحشم استدلال.

يقول الفيض الكاشاني : ( فوجوب الجهاد ، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، و التعاون على البر و التقوى ، و الإفتاء ، و الحكم بين الناس بالحق ، و إقامة الحدود و التعزيرات ، و سائر السياسات الدينية ، من ضروريات الدين ، و هو القطب الأعظم في الدين ، و المهم الذي ابتعث الله له النبيين ، ولو تركت لعطلت النبوة ، و اضمحلت الديانة ، و عمت الفتنة ، و فشت الضلالة ، و شاعت الجهالة ، و خربت البلاد ، و هلك العباد ، نعوذ بالله من ذلك ) ، (1) .

و يقول الشيخ صاحب الجوهر: ( و بالجملة .. ، فالمسألة من الواضحات ، التي لاتحتاج إلى أدلة ) ، (2).

و يقول السيد البروجردي : ( اتفق الخاصة و العامة على أن يلزم في محيط الإسلام وجود سائس ، و زعيم يدير أمور المسلمين ، بل هو من ضروريات الإسلام ) ، (3) .  ولعل ما يترتب على ترك امتثال هذا الوجوب من محاذير شرعية ، يكفي في لفت النظر إلى ضروريته الدينية . و ربما كان أهمها ما يلي:

1- تعطيل التشريع الإسلامي في أهم جوانبه ، و هو جانب السياسي .. ، و حرمته من الوضوح بمكان ؛ نظراً إلى أنه تشريع عطل ؛ والى ما ينجم عن تعطيله من ارتكاب المحارم ، و انتشار الجرائم ، و شيوع الموبقات و أمثالها .. ؛ يقول العلامة ، في تعطيل الحدود  – و هي فرع من فروع التشريع السياسي  - :  (إن تعطيل الحدود ، يفضي إلى ارتكاب المحارم ، و انتشار المفاسد ؛ و ذلك مطلوب الترك في نظر الشرع ) ، (4) . و يقول الشهيد الثاني : ( فان إقامة الحدود ضرب من الحكم ، و فيه مصلحة كلية ، و لطف في ترك المحارم ، و حسم لانتشار المفاسد ) ، (5).

2- الخضوع للحكم الكافر .. ، و هو مما ينجم عن تعطيل التشريع السياسي الإسلامي أيضاً ، و أفردته بالذكر هنا نظراً لأهميته و لوضوحه  – ؛ لأنه ليس وراء عدم الخضوع للحكم الإسلامي ممن يعيش في بقعة جغرافية سياسية ، إلا الخضوع للحكم الكافر ، لأنه لاثالث للإسلام و الكفر ؛ إذ الحكم حكمان : حكم الله و حكم الجاهلية . و الذي يبدو لي ، أن اتخاذ القدامى من فقهائنا هذا المنهج من الاستدلال ، إنما هو لما حكي عما يستظهر من السيد ابن زهرة الحلبي ، و الشيخ ابن إدريس الحلي ، من ذهابهما إلى عدم وجوب إقامة الحدود زمن الغيبة . و التحقيق في الوقوف على وجهة نظر هذين العلمين حول المسألة  – حسبما حرره الفقيه صاحب الجواهر – هو خلاف ما حكي عن ظاهرهما.

يقول –  قدس سره  - : ( لاأجد فيه خلافاً إلا ما يحكى عن ظاهر ابني زهرة و إدريس ، ولم نتحققه ، بل لعل المتحقق خلافه ، إذ قد سمعت سابقاً معقد إجماع الثاني منهما ( يعني به ابن إدريس ) ، الذي يمكن اندراج الفقيه في الحكام عنهم ( يعني الأئمة المعصومين عليهم السلام ) ، فيكون حينئذ إجماعه عليه ، لاعلى خلافه ) ، (6).

و الذي يشير إليه – هنا – بقوله ( إذ قد سمعت سابقاً ) ، هو ما يحكيه عن كتاب ( الغنية)  للسيد ابن زهرة ، و كتاب ( السرائر ) للشيخ ابن إدريس ، في موضوع عدم جواز إقامة الحدود إلا من قبل الإمام ، أو من نصبه ، قال – قدس سره - : ( و على كل حال ، فلاخلاف أجده في الحكم – هنا – بل عن الغنية و السرائر : ( الإجماع عليه ، بل في المحكي عن الثاني  (يعني السرائر ): دعواه من المسلمين ، قال ( يعني ابن إدريس ) : و الإجماع حاصل منعقد من أصحابنا ، و من المسلمين جميعاً : إنه لايجوز إقامة الحدود ، و لاالمخاطب بها إلا الأئمة ، و الحكام القائمون بإذنهم في ذلك ) ، (7).

توجيه:

و الذي أخاله  – في ضوء ما تقدم - : ( إن من يتوهم ذهابه من الفقهاء إلى إنكار الوجوب ، إنما هو نتيجة سوء فهم لما يريده ، إذ ربما كان ذلك الفقيه يقصد سقوط امتثال الوجوب لا إنكار الوجوب ، و ذلك لعدم القدرة على القيام بامتثاله بسبب وجود موانع سياسية أو غيرها . على أنه لايحتمل ذهاب فقيه إلى القول بإنكار الوجوب ؛ لأنه قول بما يخالف الضرورة من الدين ، و لاستلزامه جواز الخضوع للحكم الكافر ، و هو محرم بالضرورة أيضاً . و سيقف القارئ الكريم – فيما بعد – على محاولة عرض معالجة أمثال هذه الموانع – متى تثبت – كمشكلة من مشاكل تطبيق النظام ) .

-----------------------------------------------------------------------------------

 

 الهوامش:

1 - مفاتيح الشرائع ، باب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

2 - جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام ، كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، ص 617.

3 - البدر الزاهر في صلاة الجمعة و المسافر ، ص 52.

4 - مختلف الشيعة في أحكام الشريعة ، كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

5 - مسالك الافهام إلى شرح شرائع الإسلام ، كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

6 - ص 616.

7 - ص 615.


source : tebyan
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

أفضلیة الامام علی(ع) علی الصحابة(القسم الأول)
حجّ الإمام زين العابدين(عليه السلام)
صفة المحشر
أهمية دور المؤسّسات الحقوقية والسياسية في ...
أهمية دور الأمهات في تربية الأبناء تربية صالحة
الأسس المنطقية للاستقراء . . وإشكالية الحداثة
منهاج الإمام السجّاد (عليه السّلام) في التربية ...
الايه التي ذكرت فيها مصيبة الحسين عليه السلام
بين هجرة الرسول وهجرة الحسين
الریاضه فی الاسلام

 
user comment