ان التربية على نوعين
أحدهما على نحو يصدق عليها اسم "الصنع أو الخلق" وفي الواقع "الصناعة" وهي التربية التي يفترض فيها الإنسان شيئاً، ويصنع لهدف أو أهداف متعددة. والشيء غير المقصود في هذا الصنع هو نفس تلك المادة. إن للصانع والمبدع هدفاً خاصاً، ويستفيد من المادة التي يريد صنعها بعنوان شيء معين. فيجري عليه أي عمل يوافق قصده وهدفه، ولعل ما يقوم به يعتبر نقصاً وتخريباً بالنسبة لتلك المادة وذلك الشيء، أما بالنسبة للإنسان الذي يريد أن يستفيد من ذلك الشيء فيعتبر عمله "صناعة"، مثلاً إن الإنسان ينظر إلى الغنم بعنوان شيء يستفيد منه. فقيمة الغنم عند الإنسان هي كيف يمكنه الاستفادة منها. نتصور الآن فحل الغنم، فالإنسان الذي يريد الاستفادة من هذا الغنم عليه أن يسمنه ليبيعه بثمن جيد أو يستفيد من لحمه. ولأجل ذلك فإنه يخصى ليبقى هادئاً مشغولاً دائماً بأكل العلف لا همّ له غير ذلك، فمن وجهة نظر الإنسان يكون إخصاء الفحل هو كماله، ولكن ما هي نظرة الفحل نفسه؟ هل يرى أنهم اكلوه أم أحدثوا فيه نقصاً؟ من المسلَّم به أنه يرى الثاني.
وقد يكون المذهب في خدمة الإنسان أي ليس له هدف غير الإنسان وإسعاده وإيصاله إلى الكمال.
وهكذا هي الحال بالنسبة إلى الغلمان والخدم. فالغلمان الذين كانوا يخصون في السابق انهم يرون ما حدث لهم نقصاً. ولكن من وجهة نظر المستفيدين منه يعتبر عملهم هذا كمالاً. لأنه يسهل عليهم استخدامه كآلة في قسم الحريم والنساء وغيره.
بشكل عام يوجد مفهوم كهذا في تربية الإنسان الروحية. فتارة يهيئ أحد المذاهب هدفاً ويضيع الإنسان بنحو يحقق له ذلك الهدف المقصود، ولو باحداث نقص واضرار في الإنسان. يسلب منه بعض الأحاسيس الطبيعية ويوجد فيه نقصاً روحياً أو جسمياً.
المذهب التربوي الإنساني
وقد يكون المذهب في خدمة الإنسان أي ليس له هدف غير الإنسان وإسعاده وإيصاله إلى الكمال، فليس له مقصود آخر يريد صياغة الإنسان لأجله، ويكون المذهب تربوياً وإنسانياً إذا لم يكن هدفه خارجاً عن نفس الإنسان. أي يقوم على أساس إيصال الإنسان إلى الكمال. فيجب أن يقوم المذهب على أساس تربية الاستعداد والقوى الإنسانية وتنظيمها، يمكن لهذا المذهب أن يقوم بعملين لا أكثر: أحدهما أن يسعى لمعرفة الاستعداد الإنساني في الإنسان وتربيته لا تضعيفه، والثاني أن يسعى لإيجاد نظام يلائم بين الاستعدادات الإنسانية، لأن الإنسان يتمتع بنوع خاص من الحرية الطبيعية فبسبب هذا النظام والتنظيم لا يحدث إفراط ولا تفريط، أي أن كل قوة وكل استعداد ينال حظه ولا يتجاوز على بقية الاستعدادات.
استعدادات الإنسان نوعان: أحدهما هو الاستعدادات التي يشترك فيها مع الموجودات الحية الأخرى، والثاني هو الاستعدادات المختصة به. والاستعدادات المشتركة هي الأمور الجسمية أو الجسمانية.
التربية والتعليم في الاسلام،الشيخ مرتضى مطهري
source : tebyan