عندما تبدأ المرأة بالحديث عن مشاعرها ومايقلقها,فإن الرجل يقاوم هذا ولايرتاح له,فهو يفترض انها تحدثه عن مشكلاته لأنها تحمله مسؤولية هذه المشكلات,وكلما كثرت المشكلات التي تتحدث عنها كلما زاد شعوره باللوم,وهو لايدرك أنها إنما تتحدث من أجل التخفيف عن نفسها,ولذلك فهو لايعرف بأنها سوف تقدره جداً إذا أكتفى بمجرد الاستماع.
إن الرجل في الغالب لايتكلم عن المشكلات إلا لسببين:إما انه ليلوم احداً على هذه المشكلات,أو لأنه يطلب النصيحة,ولذلك إذا كانت المرأة شديدة الأنزعاج فإن الرجل يفسر كلامها على أنه لوم له،واذا كانت أقل انزعاجاً فيفسره على أنها تطلب النصيحة للحل،واذا ظن أنها تتكلم طلباً للنصيحة فإنه يبادر بطرح الاقتراحات والحلول،واذا شعر أنها تحمله مسؤولية مشكلاتها فإنه يبادر للدفاع عن نفسه من الهجوم،وفي كلا الحالتين يجد صعوبة كبيرة في الاستماع اليها،الأمر الذي تطلبه منه حقيقة.
ولأنه في عالم الرجال،يشعر الواحد منهم بالارتياح بعد التوصل الى حل لمشكلة ما.فإن الرجل يتوقع أنه إذا بادرر بطرح الحلول لمشكلات زوجته فإنها سترتاح وتكف عن الحديث عن الصعوبات بعد أن تسمع منه حلاً أو حلين،الا أنه يجد أنها تستمر في طرح مزيد من المشكلات،وعندما يراها غير مرتاحة لحلوله فإنه يفسر هذا على أنها ترفض اقتراحاته ولا تقيم لها وزناً،ولذلك يشعر بالرفض وعدم التقدير.
وبالمقابل عندما يشعر بهجومها عليه فإنه يبدأ بالدفاع عن نفسه، معتقداً أنه ان شرح لها هذا الأمر بنفسه فإنها ستشعر ببعض الراحة،الا أن الذي يحدث في الواقع،أنه كلما دافع عن نفسه أكثر كلما شعرت بأنه لم يفهمها،مما يزيد في المها وانزعاجها،وهو لا يدرك أن الذي تريده منه ليس تبريرات وتفسيرات،وانما تريد منه أن يفهم مشاعرها،ويجعلها تنطلق في الحديث عنها،ولو فهم المطلوب وأحسن التصرف بالاصغاء والاستماع،فبعد عدة دقائق من التشكي والعتاب فسوف تغير الموضوع وتتحدث عن
مشكلات أخرى.
ومما يزعج الرجل كثيراً أن يسمع المرأة تتشكى من مشكلات لا يمكنه فعل شيء آني لحلها،فقد تشتكي لمجرد التعبير عن مخاوفها وخيبات أملها واحباطاتها،وقد تدرك أنه لا يستطيع أحد أن يفعل شيئاً لحل هذه الأمور،الا أنها مع ذلك تتحدث عنها لتشعر ببعض الارتياح،فمثلاً قد يسمع المرأة تشتكي من الأمور التالية:
-"انهم لا يدفعون لي الراتب المناسب في عملي".
-"إن والدتي تزداد مرضاً سنة بعد أخرى".
-"أن منزلنا ليس بالحجم الكافي".
ْ-"يا له من طقس جاف،متى ستمطر ياترى؟".
-"لقد ازدادت نفقاتنا المالية في الأشهر الماضية.
ومما يفقد الرجل صبره,أن يسمع المرأة تتحدث عن المشكلات بتفصيلات جزئية دقيقة.فهو يفترض أنها ان تحدثت عن التفصيلات الجزئية فلانه يحتاج لمعرفتها من أجل أن يقترح الحل المناسب.
ولذلك فهو يحاول أن يفهم أهمية معرفة هذه التفصيلات الا أنه يشعر بنفاذ صبره,وهو لا يدرك من جديد أنها لا تذكر كل هذه التفاصيل للوصول إلى حلول،وأنما لترى منه اهتماماً بها وتفهم لها.
ومن الأمور التي تجعل الرجل يجد صعوبة في الاستنتاج،هو أن يظن أن هناك تسلسلاً منطقياً لترتيب المشكلات التي تتحدث عنها المرأة،بينما في الحقيقة تنتقل المرأة من موضوع لآخر بشكل عفوي وغير انتقائي.وبعد أن يستمع منها الى ثلاث أو أربع مشكلات،فإنه يشعر بالإحباط الشديد،وهو يحاول أن يجد علاقة منطقية بين كل هذه المشكلات.
وإذا عرف الرجل أن المرأة تحتاج لمجرد الحديث عن المشكلات فإنه يبدأ بالارتياح والاسترخاء،ويعرف أن التفصيلات الجزئية هامة لتحقيق راحة أكبر لها.فكما يحتاج هو للتفصيلات الدقيقة من أجل الوصول الى حل جيد،فكذلك المرأة تحتاج للحديث عن التفصيلات لإخراج ما يقلقها من ذهنها.
ومن الأمور التي ترتاح اليها المرأة عندما تتحدث مع امرأة أخرى أنها تحاول تذكر أحداث"القصة"أو المشكلة بالتدريج رويداً رويداً،قبل أن تصل الى العقدة أو لب الموضوع،الا أن مثل هذه الطريقة في الحديث عن المشكلة تزعج الرجل وتشعره بالإحباط.ولذلك مما يعين الرجل على الاستماع أن تبدأ المرأة فتخبر الرجل بلب الأمر أولاً،ثم تعود لتبني الأحداث بالتفصيل،لأن مما يربح الرجل أن يعرف منذ البداية ما هو الأمر الذي تريد المرأة أن تصل اليه.ومما يعين أيضاً أن تقوم المرأة بتذكير الرجل أنها انما تريد مجرد الحديث عن المشكلات،وأنه ليس عليه أن
يوجد الحلول لها،فهو سيسترخي ويستمع بهدوء.وتتناسب عادة شدة رفض الرجل لحديث المرأة مع شدة جهله لها ولصفاتها التي نتحدت عنها،وكلما تعلم الرجل كيف يشبع الحاجات العاطفية للمرأة بدعمها وتشجيعها، فإنه سيكتشف كم هو سهل عليه أن يستمع اليها.
التوفيق بين فروق الجنسين هذه:
يمكن للرجل والمرأة أن يعيشا في أمن وسلام من خلال احترام هذه الفروق بينهما.حيث يتعلم الرجل كيف يحترم حاجة المرأة للكلام من أجل أن تشعر بالراحة،فهو يمكن أن يكون في غاية الدعم والتشجيع لها وان لم يقل شيئاً،ويتعلم كذلك أنه عندما يبدو وكأنه يتعرض لهجوم المرأة أو انتقادها أو لومها له، فإن هذه مرحلة عابرة قصيرة سرعان ما تشعر المرأة-بالارتياح الفجائي،وتصبح أكثر تقديراً وقبولاً له.ويدرك الرجل عندها كيف أن المرأة تنمو وتتغذى على الكلام عن مشكلاتها،وأنها عندما تشعر بأنه يستمع اليها،
فإنها ستوقف عن الكلام.ويشعر الرجل بالراحة عند معرفته أن حديث المرأة عن مشكلاتها ليس بسبب أنه قصر معها.أو أخطأ التصرف ولذلك يتمكن بعد هذا من الاستماع اليها من دون أن يشعر أن عليه مسؤولية حل كل مشكلاتها.
ولعل كثيراً من الرجال لا يدركون كم هو مريح للمرأة مجرد الحديث عن مشكلاتها، لأنهم شاهدوا نساء أخريات (ربما أمهاتهم)لم يرتحن بعد الحديث، بسبب شعورهن بعدم استماع الرجال اليهن لزمن طويل.وبعد أن يتعلم الرجل كيف يستمع، فإنه يستكشف أمراً مثيراً، وهو أن استماعه لزوجته تتحدث عن مشكلاتها سيساعده هو أيضاً على الخروج من كهفه،
كما تساعده أعمال أخرى يقوم بها كمشاهدة التلفزيون أو قراءة الجريدة،وأن استماعه لها يساعده على نسيان مشكلات يومه بشكل مؤقت.
وكذلك تتعلم المرأة احترام حاجة الرجل للانسحاب والهدوء، من أجل التكيف مع الصعوبة التي تواجهه.وبذلك لا يعود كهف الرجل لغزاً كبيراً في ذهن المرأة، وتدرك أنه ليس مطلوباً منها الا أن تترك الرجل في كهفه حتى يخرج.
وتتعلم أيضاً أن دخول الرجل الى كهفه ليس دليلاً على نقصان حبه لها، دائما أن دخوله الى الكهف يكون بسبب توتره الناتج عن الصعوبات في حياته،ولذلك فهي أكثر قبولاً لسلوكه هذا،وهي لا تعود تتحسس وتنزعج كلما بدا وكأنه مشغول البال غير منتبه لمن حوله،وستعلم كذلك كيف تمتنع بلطف عن الكلام عندما تلاحظ أن زوجها غير قادر على الانتباه لما تقوله بسبب بقاءه في كهفه،وتنتظره حتى ينتبه اليها، وتكتشف أيضاَ أنها إن طلبت من الرجل أن يعطيها انتباهه الكامل، ولكن بلهجة لطيفة ومتقلبة لانشغاله،فإنه سيكون مسروراً من محاولة تركيز انتباهه لها، وان صعب عليه هذا أحياناً.
وتتعلم المرأة ألا تفسر دخول الرجل الى كهفه تفسيراً شخصياً، أي أنها المعنية في هذا الانسحاب,وأن هذه اْلأوقات غير مناسبة للحديث الودي مع الزوج،وأنه من الأفضل عندها أن تذهب للحديث والدردشة مع صديقاتها، أو أنه وقت مناسب للقيام ببعض الأعمال كالتسوق أو الرياضة أو اعمال المنزل.والأمر الهام الذي يمكن للمرأة أن تتعلمه هو أنها إن قدمت للرجل القبول والمحبة، فإن هذا سيسرع خروجه من الكهف.
source : البلاغ