عربي
Monday 6th of May 2024
0
نفر 0

الحركة الإختبارية ـ شهادة النفس الزكية:

تكون القوى الفاعلة في مكة عند ظهور المهدي عليه السلام كما تذكر الروايات، ويدل منطق الأمور، كما يلي:

الحكومة الحجازية، التي تجمع قواها رغم ضعفها لمواجهة احتمال ظهوره، الذي يتطلع إليه المسلمون من مكة، وتنشط له فعالياتهم في موسم الحج.

ومخابرات الدول الكبرى، التي تعمل في مساعدة حكومة الحجاز وقوات السفياني، أو بشكل مستقل، لرصد الوضع في الحجاز، وفي مكة خاصة.

ومخابرات السفياني،التي تتعقب الفارين من قبضتها من المدينة، وتستطلع الوضع لدخول جيش السفياني عندما يقتضي الأمر، لضرب أي حركة مهدية من مكة.

وفي المقابل: لابد أن يكون لليمانيين دور في الحجاز وفي مكة، خاصة وأن دولتهم الممهدة تكون قامت قبل بضعة شهور.

كما لا بد أن يكون لأنصاره الإيرانيين وجود في مكة أيضاً، بل لابد أن يكون له أنصار أيضاً من الحجازيين والمكيين ومن عباد الله الصالحين في قوات حكومة الحجاز.

في مثل هذا الجو المعادي والمؤيد، يضع الإمام المهدي أرواحنا فداه خطة إعلان حركته من الحرم الشريف وسيطرته على مكة.

ومن الطبيعي أن لا تذكر الروايات تفاصيل عن هذه الخطة، عدا تلك التي تنفع في إنجاح الثورة المقدسة، أو لا تضر بها.

وأبرز ما تذكره أنه عليه السلام  يرسل شاباً من أصحابه وأرحامه في الرابع والعشرين أو الثالث والعشرين من ذي الحجة، أي قبل ظهوره بخمسة عشر ليلة لكي يلقي بيانه على أهل مكة.

ولكنه ما أن يقف في الحرم بعد الصلاة، ويقرأ عليهم رسالة الإمام المهدي عليه السلام، أو فقرات منها، حتى يثبوا إليه ويقتلوه بوحشية، داخل المسجد الحرام بين الركن والمقام. ويكون لشهادته المفجعة أثر في الأرض وفي السماء!

تكون هذه الحادثة حركة اختبارية ذات فوائد متعددة، فهي تكشف للمسلمين وحشية سلطة الحجاز، ومن ورائها القوى الكافرة. وتمهد بظلامتها وتأثيرها لحركة المهدي عليه السلام، التي لا تتأخر عنها أكثر من أسبوعين، كما أنها تبعث الندم والتراخي في أجهزة السلطة، بسبب هذا الإقدام الوحشي السريع.

وأخبار شهادة هذا الشاب الزكي في مكة، متعددة في مصادر الفريقين، وكثيرة في مصادرنا الشيعية، وتسميه الغلام، والنفس الزكية، ويذكر بعضها أن اسمه محمد بن الحسن.

فعن أمير المؤمنين عليه السلام  قال: (ألا أخبركم بآخر ملك بني فلان؟ قلنا: بلى يا أمير المؤمنين. قال: قتل نفس حرام، في بلد حرام، عن قوم من قريش. والذي فلق الحبة وبرأ النسمة مالهم ملك بعده غير خمسة عشر ليلة. قلنا: هل قبل هذا من شيء أو بعده؟ فقال صيحة في شهر رمضان، تفزع اليقطان، وتوقظ النائم، وتخرج الفتاة من خدرها). (البحار:52/234)

والظاهر أن عبارة: (قوم من قريش)  مصحفة، حيث لا يستقيم لها معنى.

وفي رواية طويلة عن أبي بصير عن الإمام الباقر عليه السلام  قال: (يقول القائم لأصحابه: يا قوم إن أهل مكة لا يريدونني ولكني مرسل إليهم لأحتج عليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتج عليهم. فيدعو رجلاً من أصحابه فيقول له: إمض إلى أهل مكة فقل: يا أهل مكة أنا رسول فلان إليكم، وهو يقول لكم: إنا أهل بيت الرحمة، ومعدن الرسالة والخلافة، ونحن ذرية محمد صلى الله عليه وآله وسلم  وسلالة النبيين، وإنا قد ظلمنا واضطهدنا وقهرنا، وابتز منا حقنا منذ قبض نبينا إلى يومنا هذا، فنحن نستنصركم فانصرونا. فإذا تكلم الفتى بهذا الكلام، أتوا إليه فذبحوه بين الركن والمقام، وهي النفس الزكية. فإذا بلغ ذلك الإمام قال لأصحابه: أما أخبرتكم أن أهل مكة لا يريدوننا! فلا يدعونه حتى يخرج، فيهبط من عقبة طوى في ثلاث مئة وثلاثة عشر رجلاً، عدة أهل بدر، حتى يأتي المسجد الحرام فيصلي عند مقام إبراهيم أربع ركعات، ويسند ظهره إلى الحجر الأسود، ثم يحمد الله ويثني عليه، ويذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم  ويصلي عليه، ويتكلم بكلام لم يتكلم به أحد من الناس). (البحار:52/307).

وطُوى: أحد جبال مكة ومداخلها، وما ورد فيها عن النفس الزكية قوي في نفسه، لكن المرجح في كيفية ظهوره عليه السلام  أنه وأصحابه يدخلون المسجد فرادى، كما يأتي.

وقد أورد ابن حماد ص89 و91 و93 عداة أحاديث حول النفس الزكية الذي يقتل في المدينة، والنفس الزكية الذي يقتل في مكة منها ص93: (إن المهدي لايخرج حتى تقتل النفس الزكية، فإذا قتلت النفس الزكية غضب عليهم من في السماء ومن في الأرض، فأتى الناس المهدي فزفوه كما تزف العروس إلى زوجها ليلة عرسها، وهو يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، وتخرج الأرض نباتها وتمطر المساء مطرها، وتنعم أمتي في ولايته نعمة لم تنعمها قط). (وابن أبي شيبة:15/199)

وفي ص91 عن عمار بن ياسر قال:( إذا قتل النفس الزكية وأخوه، يقتل بمكة ضيْعةً نادى مناد من السماء: إن أميركم فلان، وذلك المهدي الذي يملأ الأرض حقاً وعدلاً). انتهى.

(وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً).

تتفاوت الروايات بعض الشيء في كيفية بداية حركة الظهور المبارك، وفي وقته. لكن المرجح أنه عليه السلام  يظهر أولا في أصحابه الخاصين الثلاث مئة وثلاثة عشر، ويدخلون المسجد فرادى مساء التاسع من محرم، ويبدأ حركته المقدسة بعد صلاة العشاء، بتوجيه بيانه إلى أهل مكة، ثم يسيطر أصحابه وبقية أنصاره في تلك الليلة على الحرم وعلى مكة.

وفي اليوم الثاني، أي العاشر من محرم يوجه بيانه إلى شعوب العالم بلغاتها! ثم يبقى في مكة إلى ما بعد آية الخسف بجيش السفياني، ثم يتوجه إلى المدينة المنورة بجيشه البالغ عشر آلاف، أو بضعة عشر ألفاً.

وينبغي الإلفات إلى أن الأحاديث الشريفة تسمي حركته عليه السلام  من أولها في مكة: (ظهوراً، وخروجاً، وقياماً)، ويبدو أنها تعابير مترادفة.

لكن بعض الروايات تفرق بين الظهور والخروج، فتسمي حركته عليه السلام  في مكة (ظهوراً)  وتحركه منها إلى المدينة (خروجاً) وتذكر أن ظهوره في مكة يكون بأصحابه الخاصين، وخروجه منها إلى المدينة يكون بعد أن يكمل له عشرة آلاف من أنصاره، بعد أن يخسف بجيش السفياني، فعن عبد العظيم الحسني(ره) قال: (قلت لمحمد بن علي بن موسى (الإمام الجواد عليه السلام)  إني لأرجو أن تكون أنت القائم من أهل بيت محمد الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً. فقال: يا أبا القاسم، ما منا إلا قائم بأمر الله، وهاد إلى دين الله، ولست القائم الذي يطهر الله به الأرض من أهل الكفر والجحود ويملؤها عدلاً وقسطاً وهو الذي يخفى على الناس ولادته، ويغيب عنهم شخصه، ويحرم عليهم تسميته، وهو سمي رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم  وكنيه، وهو الذي تطوى له الأرض، ويذل له كل صعب، يجتمع إليه من أصحابه عدد أهل بدر ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلاً من أقاصي الأرض، وذلك قول الله عز وجل: (أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). فإذا اجتمعت له هذه العدة من أهل الأرض أظهر أمره، فإذا كمل له العقد وهو عشرة آلاف خرج بإذن الله، فلا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله تبارك وتعالى. قال عبد العظيم، قلت له: يا سيدي، وكيف يعلم أن الله قد رضي؟ قال: يلقي الله في قلبه الرحمة). (البحار:51/157).

وعن الأعمش عن أبي وائل أن أمير المؤمنين عليه السلام نظر إلى ابنه الحسين عليه السلام فقال: (إن ابني هذا سيد، كما سماه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  سيداً. وسيخرج الله من صلبه رجلاً باسم نبيكم فيشبهه في الخلق والخلق، يخرج على حين غفلة من الناس، وإماتة من الحق، وإظهار من الجور، والله لو لم يخرج لضرب عنقه، يفرح لخروجه أهل السماء وسكانها، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً)  (البحار:51/120).

وقوله عليه السلام: (لو لم يخرج لضرب عنقه)  يدل على أن أجهزة الأعداء قبيل ظهوره تكشف أمره، وتكاد تكشف خطته، بحيث يكون مهدداً بالقتل لو لم يخرج!

وعن إبراهيم الجريري عن أبيه قال: (النفس الزكية غلام من آل محمد اسمه محمد بن الحسن، يقتل بلا جرم ولا ذنب، فإذا قتلوه لم يبق لهم في السماء عاذر ولا في الأرض، فعند ذلك يبعث الله قائم آل محمد في عصبة لهم أدق في أعين الناس من الكحل، فإذا خرجوا بكى لهم الناس، لايرون إلا أنهم يختطفون يفتح الله لهم مشارق الأرض ومغاربها. ألا وهم المؤمنون حقاً، ألا إن خير الجهاد في آخر الزمان). (البحار:52/217).

وهذا يدل على أن أول ظهوره عليه السلام  يكون في عدد قليل من أصحابه بحيث يشفق عليهم الناس، ويتصورون أنهم سيقبض عليهم ويقتلون!

وعن الإمام الباقر عليه السلام قال: (إن القائم يهبط من ثنية ذي طوى في عدة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، حتى يسند ظهره إلى الحجر الأسود ويهز الراية المغلبة. قال علي بن أبي حمزة: فذكرت ذلك لأبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام  فقال: وكتاب منشور). (البحار:52/306).

ولا يعني ذلك أنه يعلن ظهوره من ذي طوى مع أصحابه قبل دخوله المسجد، بل يعني أن مجيئهم إلى مكة يكون من ذي طوى، أو بداية حركتهم إلى المسجد من هناك.

والراية المغلبة هي راية النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي ذكرت الروايات أنها تكون معه عليه السلام  وأنها لم تنشر بعد حرب الجمل، حتى ينشرها المهدي عليه السلام.

ومعنى قول الإمام الكاظم عليه السلام  في تعليقه على الحديث: (وكتاب منشور)  أنه يخرج الناس كتاباً منشوراً أيضاً، ولعله العهد المعهود له بإملاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم   وخط أمير المؤمنين عليه السلام  كما تذكر الرواية في نفس المصدر.

وذكرت الروايات أن معه أيضاً مواريث النبي صلى الله عليه وآله وسلم  ومواريث الأنبياء عليه السلام. فعن الإمام زين العابدين عليه السلام  قال: (فيهبط من عقبة طوى في ثلاثماية وثلاثة عشر رجلاً، عدة أهل بدر، حتى يأتي المسجد الحرام، فيصلي فيه عند مقام إبراهيم أربع ركعات ويسند ظهره إلى الحجر الأسود، ثم يحمد الله ويثني عليه، ويذكر النبي ويصلي عليه، ثم يتكلم بكلام لم يتكلم به أحد من الناس، فيكون أول من يضرب على يده ويبايعه جبرئيل وميكائيل). (البحار:52/307).

وقد ذكرت الروايات فقرات من خطبته عليه السلام، أو بيانه الأول الذي يلقيه على أهل مكة، وبيانه الثاني الذي يوجهه إلى المسلمين والعالم.

من ذلك ما في مخطوطة ابن حماد ص95، عن أبي جعفر قال:

(ثم يظهر المهدي عند العشاء، ومعه راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  وقميصه وسيفه، وعلامات ونور وبيان. فإذا صلى العشاء نادى بأعلى صوته يقول:

أذكِّركم الله أيها الناس، ومقامكم بين يدي ربكم. فقد اتخذ الحجة وبعث الأنبياء وأنزل الكتاب، وأمركم أن لا تشركوا به شيئاً، وأن تحافظوا على طاعة الله وطاعة رسوله، وأن تحيوا ما أحيا القرآن وتميتوا ما أمات ن وتكونوا أعواناً على الهدى، ووزراً على التقوى، فإن الدنيا قد دنا فناؤها وزوالها وآذنت بوداع، فإني أدعوكم إلى الله وإلى رسوله، والعمل بكتابه، وإماتة الباطل، وإحياء سنته. فيظهر في ثلاثماية وثلاثة عشر رجلاً عدة أهل بدر، على غير ميعاد، قزعاً كقزع الخريف، رهبان بالليل، أسد بالنهار، فيفتح الله للمهدي أرض الحجاز، ويستخرج من كان في السجن من بني هاشم. وتنزل الرايات السود الكوفة، فتبعث بالبيعة إلى المهدي، ويبعث المهدي جنوده في الآفاق، ويميت الجور وأهله، وتستقيم له البلدان).

وقَزَع الخريف: غيومه التي تكون متفرقة في السماء ثم تجتمع. وأول من شبه تجمع أصحاب المهدي عليه السلام بذلك أمير المؤمنين عليه السلام كما في نهج البلاغة خطبة رقم166، ولعله أخذ ذلك من النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

ويحتمل أن يكون ظهور المهدي عليه السلام وتجمع أصحابه في مكة في فصل الخريف، أو آخر الصيف كما أشرنا.

وعن أبي خالد الكابلي قال: قال أبو جعفر( الإمام الباقر عليه السلام): (والله لكأني أنظر إلى القائم وقد أسند ظهره إلى الحجر، ثم ينشد الله حقه، ثم يقول: يا أيها الناس: من يحاجني في الله، فأنا أولى الناس بالله.

أيها الناس: من يحاجني في آدم، فأنا أولى الناس بآدم.

أيها الناس: من يحاجني في نوح، فأنا أولى الناس بنوح.

أيها الناس: من يحاجني في إبراهيم، فأنا أولى الناس بإبراهيم.

أيها الناس: من يحاجني في موسى، فأنا أولى الناس بموسى.

أيها الناس: من يحاجني في عيسى، فأنا أولى الناس بعيسى.

أيها الناس: من يحاجني في محمد، فأنا أولى الناس بمحمد.

أيها الناس: من يحاجني في كتاب الله، فأنا أولى الناس بكتاب الله.

ثم ينتهي إلى المقام فيصلي ركعتين). (البحار:52/315).

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

أصحاب الإمام الهادي (عليه السلام) ورواة حديثه
خالد بن ولید يقتل الصحابي مالك بن نويرة طمعاً في ...
حواریو عیسى (ع) هل هم أوصیاءه؟ و لماذا جاءوا فی ...
ارتداد الصحابة
الفصل الخامس عشر : أول من رثى الحسين (عليه السلام) ...
رافضي خبيث
الخطبة الفدكية للسيدة فاطمة الزهراء (ع)
عصيان قريش للحديث النبوي في حجة الوداع سنة
تأملات وعبر من حياة يوسف (ع) - ج 3
المغول يزمعون غزو بغداد.

 
user comment