عربي
Wednesday 24th of April 2024
0
نفر 0

انتشار التشيّع في الريّ(2)

اعتبر ياقوت الحمويّ أنّ بداية التشيّع في الريّ ترتبط بعصر حكومة أبي الحسن المادرانيّ ( المادرائيّ ) في الريّ، بَيْد أنّنا نعتقد ـ تبعاً لما أوردناه سلفاً ـ أنّ ذلك العصر كان عصرَ انتشارِ التشيّع في الريّ، وليس عصر بداية التشيّع فيه.

يقول ياقوت: وكان أهلُ الري أهلَ سُنّةٍ وجماعة إلى أن تغلّب أحمد بن الحسن المادرانيّ عليها فأظهرَ التشيَّع وأكرم أهلَه وقرّبهم، فتقرّب إليه الناسُ بتصنيفِ الكتب في ذلك، فصنّف له عبدُ الرحمن بن أبي حاتم كتاباً في فضائل أهل البيت وغيره. وكان ذلك في أيّام المعتمد وتغلّبه عليها في سنة 572 هـ، وكان قبل ذلك في خدمة كوتكين بن ساتكين التركيّ، وتغلّب على الري وأظهر التشيّعَ بها واستمرّ إلى الآن (1).

وقد جمع المحدّثُ الأرمويّ الأخبارَ المتعلّقة بـ « كوتكين » و « المادرانيّ »، وهي أخبار ترتبط بـ « ساتكين » وابنه « كوتكين » وارتباط المادراني به في حوادث سنوات 255 هـ ـ 276 هـ (2).

وبناءً على ما ورد في بعض الأخبار وأشار إليه ياقوت الحمويّ، فإنّ المادرانيّ انفصل عن كوتكين سنة 275 هـ وسيطر على منطقة الريّ.

وكان كوتكين ظالماً مشهوراً بالقسوة، فقد هاجم قم وقزوين والريّ وأوقع فيها مقتلة عظيمة. وقد طلب المادرانيّ ـ بعد انفصاله عن كوتكين ـ من الخليفة العبّاسيّ في بغداد أنّ يُقدِم إلى منطقة الجبال، ثمّ إنّه تحرّك بنفسه في سنة 276 هـ إلى الجبال.

ومن المآخذ التي يوردها البعض على المادرانيّ أنه كان مع كوتكين في هجومه على قم، وفي حربه من محمّد بن زيد العلويّ سنة 72 هـ الذي قَدِم من جُرجان لمهاجمة الريّ. وقد أشار المحدّث الأرمويّ إلى أن اختلاف المادرانيّ في المذهب مع كوتكين وظُلم الأخير كانا السبب الأساس في انفصال المادرانيّ عن كوتكين (3).

يُضاف إلى ذلك أن كلام ياقوت ـ الذي يُحتمل أن يكون أخَذَه من تاريخ الريّ لأبي سعيد الآبي أو منتجب الدين ـ صريح في تشيّع المادرانيّ، ولذلك فإنّ تعاون المادراني مع كوتكين يُحمَل إمّا على التقيّة، أو على حصول تغيير في عقيدة المادرانيّ دَفَعه إلى الانفصال عن كوتكين.

وهناك شواهد أخرى على تشيّع المادرانيّ تبيّن ارتباطه بالشيعة في منطقة الجبال وحمايته لهم:

روى الشيخ الكُلَينيّ عن بَدرٍ غلامِ أحمدَ بن الحسن ( المادرانيّ )، قال: وَرَدتُ الجبلَ وأنا لا أقول بالإمامة، أُحبّهم جُملةً، إلى أن مات يزيد بن عبدالله فأوصى في علّته أن يُدفع الشهري السمند (4) وسيفه ومنطقته إلى مولاه (5)، فخِفتُ إن أنا لم أدفع الشهري إلى كوكتين نالني منه استخفاف، فقوّمتُ الدابّة والسيف والمنطقة بسبعمائة دينار في نفسي، ولم أُطلِع عليه أحداً، فإذا بالكتاب قد ورد عليّ من العراق: وجِّه السبعمائة دينار التي لنا قِبلك من ثمن الشهري والسيف والمنطقة (6).


ويُشير سندُ الرواية إلى أنّ هذا الأمر قد وقع لبدرٍ غلامِ المادرانيّ، بَيْد أنّ السيّد ابن طاووس يروي رواية مشابهة يشير سندها إلى أن بدراً يروي هذه الواقعة عن المادرانيّ، وأنّ الواقعة قد اتّفقت للمادرانيّ نفسه.

وقد ورد في رواية ابن طاووس ما يُشير إلى أن روايته أصحّ من رواية الكلينيّ، فقد جاء فيها حديث عن إرسال مال من المادرانيّ إلى أحد وكلاء الإمام المهديّ عليه السّلام، ثمّ ذكرت أنّ المادرانيّ بعد حرب كوتكين مع يزيد بن عبدالله في مدينة « شهْرَزور » ومقتل يزيد بن عبدالله، أوصى أن يُدفع فَرَس يزيد وسيفه ومنطقته لمولاه الإمام الحجة عليه السّلام، لكنّه أُجبر ـ بسبب مطالبة كوتكين ـ على إعطائها إلى كوتيك مع باقي خزائن يزيد بن عبدالله، ثمّ إنه قَوَّمها وعزم على إرسال ثمنها إلى الإمام عليه السّلام. ثمّ إنّ أبا الحسن الأسديّ وكيل الإمام عليه السّلام في الريّ استدعى المادرانيّ وسلّمه رسالة من الإمام عليه السّلام يُطالبه فيها بدفع مبلغ الألف دينار ( قيمة الأشياء التي قوّمها ) إلى الأسدي، ولذلك شكر المادرانيّ الله تعالى، لأنّه لم يكن لأحد غير الله تعالى عِلم بما عزم عليه وأضمره (7).

وتبعاً لهذه الرواية وما بعدها فإنّ تشيّع المادرانيّ يعود إلى زمن كَونه مع كوتكين.

والشاهد الآخر على تشيّع المادرانيّ هو أنّ أحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ ( ت 274 أو 280 هـ ) ـ وهو عالم شيعيّ جليل من علماء القرن الثالث الهجريّ ـ التقى بالمادرانيّ وتحدّث عن تشيّعه لأهل البيت عليهم السّلام. وكان البرقيُّ قد التقى بالمادرانيّ ليشفع عنده في شيخٍ اتّهمه الخليفة بالسعاية عند كوتكين، فشفّع المادرانيُّ البرقيّ في الرجل. ثمّ إنّ البرقيّ طلب من المادرانيّ أن يردّ له مُلكاً كان له بكاشان صادَرَه منه كوتكين، فردّه المادرانيّ عليه. وقد ورد في الرواية المذكورة التأكيد على كون المادرانيّ والبرقيّ والشيخ العجوز من الموالين لأهل البيت عليهم السّلام.

وقد نقل ياقوت الحَمويّ أنّ العلماء والمحدّثين كانوا يتقرّبون إلى المادرانيّ بتأليف كتب في فضائل أهل البيت عليهم السّلام، وأشار ياقوت إلى ابن أبي حاتم الرازي ( 240 ـ 327 هـ ) وهو عالم من أهل السنّة، ذكر أنّه ألّف كتاباً في فضائل أهل البيت عليهم السّلام (8).

. ولابن أبي حاتم كتاب الجرح والتعديل الذي يُشبه إلى حدّ كبير التاريخ الكبير للبخاريّ.

------------------------------------------------------------

الهوامش:

1- مجمع البللدان لياقوت الحموي

2- 3- مقدمة کتاب المحاسن،تصحيح المحدث الارموي

4- الشهري:ضرب من الخيل،الترکيةوالسمند:فرس له لون معروف

5- اشارة الي صاحب الامر ،عليه السلام اي الامام المهدي

6- الکافي للکليني

7- بحار الانوار

8- مجلة "تراثنا" العدد17-معجم البلدان-التدوين في اخبار قزوين

المصدر:شبکة الامام الرضاعليه السلام


source : تبیان
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الإمام الخميني من الولادة حتى الهجرة إلى مدينة ...
واقعة الحَرّة
ما المراد بکلمة یتیهون فی الآیة المبارکة؟ و هل ...
الإمامة عند أهل السنة
الأدلّة على إسلام أبي طالب؟
خطبة الإمام الحسين ( عليه السلام ) الأولى يوم ...
ميثم التمار
نظرية عدالة الصحابة (7)
في رحاب نهج البلاغة (لماذا نهى أمير المؤمنين عن ...
مناظرة الشيخ المفيد ( ره ) مع بعض مشايخ العباسيين ...

 
user comment