کل من لايستطيع تحمل بريق علم وفقه ومنزلة اهل البيت يعترض علی اوضح الامور وابرزها عندما يکون البحث عن اهل البيت عليهم السلام ، وهنا نتطرق للايات البينات الواردة بحق اهل البيت عليهم السلام ومن مصادر اهل السنة فقط .
سورة الواقعة
وفيها تسع عشرة آية:
(وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيِم) الواقعة: 10 - 12.
روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن أحمد بن عبد الله بن إبراهيم الصوفي (بإسناده المذكور) عن الضحاك، عن ابن عباس قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن قول الله: (والسابقون السابقون أولئك المقربون)، قال (صلى الله عليه وآله):
(حدثني جبرئيل بتفسيرها قال: ذاك علي وشيعته إلى الجنة)(1).
(أقول): حيث إن أهل البيت فاطمة والحسن والحسين وأبناء الحسين هم في طليعة شيعة علي كانوا هم في طليعة من تشملهم هذه الآية الكريمة.
وروى العلامة البحراني عن العالم الشافعي إبراهيم بن محمد (الحمويني) - في حديث المناشدة الطويل - أن علي بن أبي طالب ناشد كثيرين من الأصحاب والتابعين فقال لهم:
أنشدكم الله أتعلمون حيث نزلت: (والسابقون السابقون أولئك المقربون) سئل عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال (صلى الله عليه وآله): (أنزلها الله تعالى ذكره في الأنبياء وأوصيائهم، فأنا أفضل أنبياء الله، ورسله، وعلي بن أبي طالب أفضل الأوصياء)؟
قالوا: اللهم نعم(2).
(أقول): معنى ذلك شمول الآية لعامة الأوصياء، والأئمة الأحد عشر (عليهم السلام) من أولاد علي كلهم أوصياء رسول الله، فالآية نازلة فيهم أيضاً.
وأخرج الخطيب البغدادي أبو بكر أحمد بن علي في كتابه (المناقب) عن ابن عباس قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن قوله تعالى: (والسابقون السابقون..)؟
فقال (صلى الله عليه وآله): (قال لي جبرئيل: ذاك علي وشيعته السابقون إلى الجنة المقربون من الله بكرامته لهم)(3).
(أقول): حيث إن أهل البيت هم طليعة شيعة علي أمير المؤمنين وخيرهم لذلك ذكرنا هذا الحديث هنا أيضاً.
(وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ * وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ * وَمَاءٍ مَّسْكُوبٍ * وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لاَّ مَقْطُوعَةٍ ولا مَمْنُوعَةٍ * وَفُرُُشٍ مَّرْفُوعَةٍ * إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً * عُرُباً أتْرَاباً * لأَصْحَابِ الْيَمِينِ) الواقعة: 27 - 38 روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن الحافظ (بإسناده المذكور) عن جابر، عن أبي جعفر (الباقر)، قال:
(نحن وشيعتنا أصحاب اليمين)(4).
(فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ) الواقعة: 88 و89.
روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدثنا الحاكم الوالد (بإسناده المذكور) عن جابر بن عبد الله (الأنصاري) عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال:
(.. آل محمد، وهم المقربون السابقون)
ثم قال: (رسول الله، وعلي بن أبي طالب، وخديجة، وذريتهم الذين اتبعوهم بإيمان)(5).
(وَأَمَّا إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلاَمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ) الواقعة: 90 و91.
روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدثني القاضي أبو بكر الحبري (بإسناده المذكور) عن جابر، عن أبي جعفر (الباقر) قال في أصحاب اليمين في القرآن: (هم شيعتنا أهل البيت)(6).
(أقول): هنا ملاحظتان:
(الأولى) إذا كان شيعة أهل البيت أصحاب اليمين فكون أهل البيت أنفسهم خير من تنطبق عليهم هذه الآية واضح جلي، فتكون الآية من الآيات في فضلهم.
(الثانية) ذكر الحافظ الحسكاني هذا الحديث في ذيل آية أخرى لكن حيث كان تفسيراً لكلمة أصحاب اليمين نقلناه هنا.
سورة الحديد
وفيها آيتان:
(اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) الحديد: 17.
روى الحافظ القندوزي (الحنفي) قال: روي عن سلام بن المستنير عن الباقر (رضي الله عنه) في قوله تعالى: (اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها).
قال: (يحييها الله بالقائم فيعدل فيها، فيحيي الأرض بالعدل بعد موتها بالظلم)(7).
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُوِلِه يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) الحديد: 28.
روى الحافظ عبيد الله الحسكاني (الحنفي) قال: فرات بن إبراهيم الكوفي (بسنده المذكور) عن ابن عباس في قول الله تعالى:
(يؤتكم كفلين من رحمته) قال: الحسن والحسين.
(ويجعل لكم نوراً تمشون به) قال: علي بن أبي طالب(8).
(أقول): لعل المراد بـ (يؤتكم) و(يجعل لكم) في هذا الحديث هو الإيتاء والجعل المعنوي، وهداية علي والحسن والحسين، الذين من اهتدى بهم لزم الصراط المستقيم.
سورة المجادلة
وفيها آية واحدة:
(لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) المجادلة: 22.
روى الحافظ القندوزي (الحنفي) عن جابر بن عبد الله الأنصاري - في حديث (جندل بن جنادة بن جبير) اليهودي، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجواب النبي (صلى الله عليه وآله) إياه عن أسئلته، وذكر النبي (صلى الله عليه وآله) له أسماء أوصيائه الاثني عشر، وإسلام جندل على يد النبي (صلى الله عليه وآله) - قال جابر: ثم قال النبي (صلى الله عليه وآله):
(طوبى للمتقين على محبتهم (يعني الأئمة الاثني عشر) أولئك الذين وصفهم الله في كتابه فقال: (هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب). ثم قال تعالى: (أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون ).
فقال جندل: الحمد لله الذي وفقني بمعرفتهم(9).
(أقول): استدلال النبي (صلى الله عليه وآله) بذيل الآية الكريمة (أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون) على أن شيعة أهل البيت، والمقيمين على محبتهم هم أصحاب هذه الآية، دليل على أن الأوصاف المذكورة في هذه الآية كلها هي أوصاف لشيعة أهل البيت، لأن (أولئك) في ذيل الآية إشارة إلى من ذكرت لهم الأوصاف السابقة.
فشيعة أهل البيت هم المؤمنون بالله واليوم الآخر.
وشيعة أهل البيت هم الذين لا يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم، أو أبناءهم، أو إخوانهم، أو عشيرتهم.
وشيعة أهل البيت هم الذين كتب الله في قلوبهم الإيمان الثابت الراسخ.
وشيعة أهل البيت هم الذين أيدهم الله بروح منه.
وشيعة أهل البيت هم الذين يدخلهم الله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها.
وشيعة أهل البيت هم الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه.
(أولئك) أصحاب هذه الأوصاف هم حزب الله، وهم المفلحون.
فإذا قال النبي (صلى الله عليه وآله): إن (أولئك) إشارة إلى المقيمين على محبة أهل البيت، كان معنى ذلك أن الأوصاف المذكورة كلها أوصاف لهم.
سورة الحشر
وفيها آيتان:
(مَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلهَ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى) الحشر: 7.
روى العلامة البحراني (قدس سره) عن الثعلبي في تفسيره، في تفسير هذه الآية، قال: قال ابن عباس (رضي الله عنه):
هي قريضة والنضير وهي بالمدينة على ثلاثة أميال، وفدك وهي في المدينة، وخيبر وقرى عرسة وينبع جعلها الله تعالى لرسوله يحكم فيها ما أراد، واختلفوا فيها فقال ناس هلا قسمها، فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآية: (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى) قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله)(10).
وروى أبو جعفر بن جرير (الطبري) في تفسيره، قال: قوله: (ولذي القربى) يقول: ولذي قرابة رسول الله(11).
وقال السمهودي في (وفاء الوفا): قال المجد، قال الواقدي كان (مخيريق) أحد بني النضير حبراً عالماً فآمن بالنبي (صلى الله عليه وآله) وجعل ماله - وهو سبع حوائط - لرسول الله (صلى الله عليه وآله).
وقال: روى ابن زبالة عن محمد بن كعب أن صدقات رسول الله (صلى الله عليه وآله) كانت أموالاً لمخيريق اليهودي، فلما كان يوم أحد قال لليهود: ألا تنصرون محمداً فوالله إنكم لتعلمون أن نصرته حق. (قالوا): اليوم السبت، قال: فلا سبت لكم، وأخذ سيفه فمضى مع النبي (صلى الله عليه وآله) فقاتل حتى أثخنته الجراح، فلما حضرته الوفاة قال: (أموالي إلى محمد يضعها حيث يشاء) وكان ذا مال، فهي عامة صدقات النبي (صلى الله عليه وآله).
وأمواله هذه التي أوصى بها هي بساتينه السبع (وهي): الدلال، وبرقة، والصافية، والمثيب، ومشربة أم إبراهيم، والأعواف، وحسنى، وأوقفها النبي (صلى الله عليه وآله) على خصوص فاطمة، وكان يأخذ منها لأضيافه وحوائجه، وعند وفاتها أوصت بهذه البساتين وكل ما كان لها من مال إلى أمير المؤمنين(12).
(وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الحشر: 9.
روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي (بسنده المذكور) عن أبي هريرة قال: إن رجلاً جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فشكا إليه الجوع، فبعث إلى بيوت أزواجه، فقلن: ما عندنا إلا الماء.
فقال (صلى الله عليه وآله): من لهذا الليلة؟
فقال علي: أنا يا رسول الله.
فأتى فاطمة فأعلمها، فقالت: ما عندنا إلا قوت الصبية ولكنا نؤثر به ضيفنا.
فقال علي: نوّمي الصبية، و(أنا) أطفئ للضيف السراج، ففعلت وعشّى الضيف، فلما أصبح أنزل الله عليهم هذه الآية: (ويؤثرون على أنفسهم..)(13).
وروى هو أيضاً قال: أخبرنا عقيل (بسنده المذكور) عن مجاهد، عن ابن عباس في قول الله: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة).
قال: نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)(14).
سورة الصف
وفيها آيتان:
(يُرِيُدونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِم وَاللهُ مُتِمُّ نُوِرِه وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) الصف: 8.
روى الحافظ القندوزي (الحنفي) قال: عن علي بن الحسين (رضي الله عنهما) في تفسير قوله تعالى: (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره)، أنه قال:
(إن الله متمّم الإمامة وهي النور، وذلك قوله تعالى: (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا..).
ثم قال: (النور هو الإمام)(15).
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّيِنِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) الصف: 9.
روى الحافظ سليمان القندوزي (الحنفي) قال: عن جعفر الصادق (رضي الله عنه) في قوله تعالى: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)، قال:
(والله ما يجيء تأويلها حتى يخرج القائم المهدي (عليه السلام) فإذا خرج القائم لم يبق مشرك إلا كره خروجه، ولا يبقى كافر إلا قتل، حتى لو كان كافر في بطن صخرة قالت: يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله)(16).
(أقول): هذه الآية بنصها مكررة في سورتي التوبة والصف، ونحن تبعاً للقرآن كررنا ذكرها في الموردين، ليجدها الطالب أينما بحث عنها، ولكونها آيتين من القرآن لا آية واحدة.
وقد ذكرنا في سورة التوبة رفعاً للاستغراب عن تكلّم الصخرة في عهد الإمام المهدي (عليه السلام)، بأمر الله تعالى، فليراجع هناك.
سورة الجمعة
وفيها آية واحدة:
(وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِندَ اللهِ خَيْرٌ مِّنَ الَّلْهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) الجمعة: 11.
روى العلامة البحراني (قدس سره) عن تفسير مجاهد وأبي يوسف يعقوب ابن سفيان، قال ابن عباس في قوله تعالى: (وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً).
قال: إن دحية الكلبي جاء يوم الجمعة من الشام بالميرة، فنزل عند أحجار الزيت، ثم ضرب بالطبول ليؤذن الناس بقدومه فنفر الناس إليه إلا علياً، والحسن، والحسين، وفاطمة، وسلمان، وأبا ذر، والمقداد، وصهيب، وتركوا النبي (صلى الله عليه وآله) قائماً يخطب على المنبر، فقال النبي (صلى الله عليه وآله):
(لقد نظر الله إلى مسجدي يوم الجمعة فلولا هؤلاء الثمانية الذين جلسوا في مسجد لأضرمت المدينة على أهلها ناراً، وحصبوا بالحجارة كقوم لوط)(17).
(أقول): القطعة الأولى من الآية إشارة إلى النافرين، والقطعة الثانية منها إشارة إلى الجالسين الثمانية، فهم الذين يرزقهم الله تعالى بجلوسهم هناك.
سورة التغابن
وفيها آية واحدة:
نقل العلامة القبيسي، قال: وروى الإمام الحافظ الطبري أبو جعفر محمد بن جرير في كتابه (الولاية) بسنده عن زيد بن أرقم، قال: لما نزل النبي (صلى الله عليه وآله) بغدير خم في رجوعه من حجة الوداع وكان في وقت الضحى وحر شديد أمر بالدوحات فقمت ونادى الصلاة جامعة، فاجتمعنا، فخطب خطبة بالغة - وسرد الخطبة إلى أن قال - قال (صلى الله عليه وآله): (معاشر الناس! آمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا).
ثم قال (صلى الله عليه وآله): (النور من الله فيّ، ثم في علي، ثم في النسل منه إلى القائم المهدي)(18).
(فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) التغابن: 8.
روى الحافظ القندوزي (الحنفي) قال: عن علي بن الحسين (رضي الله عنهما) في تفسير (النور) من قوله تعالى: (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا).
قال: (النور هو الإمام)(19).
(أقول): فيكون تفسير الآية الكريمة هكذا: فآمنوا بالله، ورسوله، والإمام.
والتعبير بـ (أنزلنا) إنما هو باعتبار كونه من قبل الله، والله أعلى من كل شيء فكل شيء من قبله إلى الناس يجب أن ينزل حتى يصل إليهم، ولذلك نظائر في القرآن، كقوله تعالى: (وأنزلنا الحديد)(20) وقوله تعالى: (وقل رب أنزلني)(21) وقوله تعالى: (ونزل الملائكة تنزيلاً)(22) إلى غير ذلك.
سورة التحريم
وفيها آيتان:
(وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكُة بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ) التحريم: 4.
روى الحافظ القندوزي (الحنفي) قال: عن أسماء بنت عميس، قالت: لما نزل قوله تعالى: (وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير)، قال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي: (ألا أبشرك؟ أنت قرنت بجبرئيل).
ثم قرأ هذه الآية، فقال (صلى الله عليه وآله): (فأنت والمؤمنون من أهل بيتك الصالحون)(23).
(يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيِهمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتَممْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) التحريم: 8.
روى العلامة البحراني (قدس سره) عن ابن شهر آشوب من تفسير مقاتل عن عطاء، عن ابن عباس في قوله تعالى:
(يوم لا يخزي الله النبي) لا يعذب الله محمداً (والذين آمنوا معه) لا يعذب علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين وحمزة وجعفر.
(نورهم يسعى) يضيء على الصراط بعلي وفاطمة مثل الدنيا سبعين مرة فيسعى نورهم (بين أيديهم) ويسعى (عن أيمانهم) وهم يتبعونه، فيمضي أهل بيت محمد أول الزمرة على الصراط مثل البرق الخاطف، ثم يمضي قوم مثل عدو الفرس، ثم قوم مثل شد الرجل، ثم قوم مثل الحبو، ثم قوم مثل الزحف، ويجعله الله على المؤمنين عريضاً، وعلى المذنبين دقيقاً.
قال الله تعالى: (يقولون ربنا أتمم لنا نورنا) حتى نجتاز به على الصراط.
قال: فيجوز أمير المؤمنين في هودج من الزمرد الأخضر، ومعه فاطمة على نجيب من الياقوت الأحمر، وحولها سبعون ألف حوراء كالبرق اللامع(24).
سورة الجن
وفيها آية واحدة:
(حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً) الجن: 24.
روى الحافظ سليمان القندوزي (الحنفي) قال: روي عن محمد بن الفضيل، عن علي بن الحسين (رضي الله عنهما) في قوله تعالى: (حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصراً وأقل عدداً).
قال: (ما يوعدون في هذه الآية: القائم المهدي وأصحابه وأنصاره، وأعداؤه يكونون أضعف ناصراً وأقل عدداً إذا ظهر القائم)(25).
سورة المزمل
وفيها آية واحدة:
(إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً) المزمل: 19.
روى الحافظ الفقيه (الشافعي) ابن حجر الهيثمي بسنده قال: عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال:
(أنا وأهل بيتي شجرة في الجنة وأغصانها في الدنيا، فمن تمسك بنا (اتخذ إلى ربه سبيلاً) )(26).
سورة المدثر
وفيها ست آيات:
(فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) المدثر: 8 - 10.
روى الحافظ القندوزي (الحنفي) قال: روي عن المفضل بن عمر، عن الصادق (رضي الله عنه) في قوله تعالى: (فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذٍ يوم عسير على الكافرين غير يسير).
قال: (إذا نودي في إذن القائم بالإذن في قيامه فيقوم، فذلك اليوم عسير على الكافرين).
قال (الصادق عليه السلام): (والقرآن ضرب فيه الأمثال، ونحن نعلمه فلا يعلمه غيرنا)(27).
(أقول): إنما يعلمونها ولا يعلمها غيرهم، لأنهم أهل البيت، وليس غيرهم أهل البيت، وأهل البيت يعلمون الذي جرى في البيت، وغير أهل البيت لا علم لهم بذلك.
(كُلُّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ) المدثر: 38 - 40.
روى الحافظ عبيد الله بن عبد الله الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن الحافظ (بسنده المذكور) عن أبي جعفر الباقر (رضي الله عنه) في قوله تعالى: (إلا أصحاب اليمين).
قال: (نحن وشيعتنا أصحاب اليمين)(28).
(أقول): من ذكر هذا الحديث سابقاً أيضاً. وفي حديث آخر نقله هو أيضاً عن أبي جعفر قال: (هم شيعتنا أهل البيت)(29).
سورة الدهر (الإنسان)
وفيها إحدى وثلاثون آية:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً * إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً * إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاَسِلَ وَأَغْلاَلاً وَسَعِيراً * إِنَّ الأبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُوراً * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأرَائِكِ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً * وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً * وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ * قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً * وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلاً * عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً * وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً * عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً * إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً * إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً * فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً * وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً * إِنَّ هَؤُلاَءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً * نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً * إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً * وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً * يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً) الدهر: 1 - 31.
روى العلامة البحراني (قدس سره) عن العالم الحنفي موفق بن أحمد الخوارزمي (بإسناده المذكور) عن ابن عباس قال - في شأن نزول سورة الدهر -: مرض الحسن والحسين (رضي الله عنهما)، فعادهما جدهما رسول الله ومعه أبو بكر وعمر، وعادهما عامة العرب، فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك نذراً - وكل نذر لا يكون له وفاء فليس بشيء - فقال علي: إن برئ ولداي مما بهما صمت ثلاثة أيام شكراً، وقالت فاطمة مثل ذلك، قالت جارية يقال لها فضة: إن برئ سيداي مما بهما صمت لله ثلاثة أيام شكراً، فألبس الله الغلامين العافية وليس عند آل محمد قليل ولا كثير، فانطلق علي إلى شمعون الخيبري وكان يهودياً فاستقرض منه ثلاثة أصواع من الشعير فجاء بالشعير، ثم قامت فاطمة إلى صاع فطحنته واختبزت منه خمسة أقراص لكل واحد منهم قرص، وصلى علي مع النبي (صلى الله عليه وآله) المغرب، ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه إذ أتاهم مسكين فوقف بالباب فقال: (السلام عليكم يا أهل بيت محمد، مسكين من مساكين المسلمين أطعموني شيئاً أطعمكم الله من موائد الجنة).
قال: فأعطوه الطعام ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا شيئاً إلا الماء القراح.
فلما كان في اليوم الثاني، قامت فاطمة إلى صاع فطحنته واختبزته وصلى علي مع النبي (صلى الله عليه وآله) المغرب، ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه، فأتاهم سائل يتيم فوقف بالباب وقال: (السلام عليكم يا أهل بيت محمد أنا يتيم من أولاد المهاجرين استشهد والدي يوم العقبة، أطعموني أطعمكم الله على موائد الجنة) (قال): فأعطوه الطعام ومكثوا يومين وليلتين لم يذوقوا شيئاً إلا الماء القراح.
فلما كان في اليوم الثالث قامت فاطمة إلى الصاع الباقي فطحنته واختبزته وصلى علي مع النبي (صلى الله عليه وآله) المغرب، ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه، فأتاهم أسير فوقف بالباب وقال: (السلام عليكم يا أهل بيت محمد، تأسرونا وتسددونا ولا تطعمونا؟ أطعموني فإني أسير محمد أطعمكم الله على موائد الجنة) (قال): فأعطوه ومكثوا ثلاثة أيام بلياليها لم يذوقوا شيئاً إلا الماء القراح.
فلما أن كان في اليوم الرابع وقد قضوا نذرهم أخذ علي بيده اليمنى الحسن وبيده اليسرى الحسين وأقبل نحو رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع فلما بصر به النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يا أبا الحسن ما أشد ما يسوؤني ما أدى بكم. ننطلق إلى بنتي فاطمة. فانطلقوا إليها وهي في محرابها تصلي، وقد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عيناها فلما رآها رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: واغوثاه، يا الله، أهل بيت محمد يموتون جوعاً، فهبط جبرائيل فأقرأه: (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً) إلى قوله تعالى (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً..)(30).
وأخرج (القرطبي) في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن) ما يشبه هذا الحديث، بل أكثر تفصيلاً عن النقاش، والثعلبي، والقشيري، وغير واحد من المفسرين بإسنادهم عن ليث، عن مجاهد عن ابن عباس(31).
وقال (نظام الدين) النيسابوري، في تفسيره (غرائب القرآن، ورغائب الفرقان): (إن سورة الدهر نزلت في أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله) ثم سرد الرواية في ذلك إلى أن قال: ويروى أن السائل في الليالي جبرائيل أراد بذلك ابتلاءهم بإذن الله سبحانه(32).
(الخازن) في تفسيره (لباب التأويل في معاني التنزيل) في تفسير هذه الآيات قال:
روى عن ابن عباس أنها نزلت في علي بن أبي طالب (رضي الله تعالى عنه) وذلك أنه عمل ليهودي بشيء من شعير فقبض ذلك الشعير، فطحن منه ثلثه، وأصلحوا منه شيئاً يأكلونه فلما فرغ أتى مسكين، فسأل فأعطوه ذلك، ثم عمل الثلث الثاني، فلما فرغ أتى يتيم فسأل فأعطوه ذلك، ثم عمل الثلث الباقي فلما تم نضجه أتى أسير من المشركين فسأل فأعطوه ذلك، وطووا يومهم وليلتهم فنزلت هذه الآية(33).
وفي تفسير (البغوي) الشافعي المسمى (معالم التنزيل) تأليف أبي محمد الحسين الفراء البغوي، روى عن مجاهد وعطاء عن ابن عباس، (أن سورة الدهر) نزلت في علي بن أبي طالب، وذلك أنه عمل ليهودي بشيء من شعير، فقبض الشعير، فطحن ثلثه، فجعلوا منه شيئاً ليأكلوه، فلما تم إنضاجه أتى مسكين فسأل فأخرجوا إليه الطعام ثم عمل الثلث الثاني، فلما تم إنضاجه أتى يتيم فسأل فأطعموه ثم عمل الثلث الباقي فلما تم إنضاجه أتى أسير من المشركين فسأل فأطعموه، وطووا يومهم ذلك.. إلخ(34).
وأخرج عالم الأحناف الحافظ القندوزي، عن البيضاوي والآلوسي في تفسيريهما وعن غيرهما أيضاً عن مرض الحسنين، ونذر علي وفاطمة الصوم (إلى أن قال):
فلما أن كان في اليوم الرابع وقد قضوا نذرهم أخذ علي بيده اليمنى الحسن، وبيده اليسرى الحسين (رضي الله عنهم) وأقبل نحو رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهما يرتعشان كالفراخ من شدة الجوع، فلما بصرهم النبي (صلى الله عليه وآله) انطلق إلى ابنته فاطمة (رضي الله عنها) فانطلقوا إليها وهي في محرابها تصلي، وقد لصق بطنها بظهوها من شدة الجوع، وغارت عيناها، فلما رآها رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (واغوثاه، يا الله، أهل بيت محمد يموتون جوعاً).
فهبط جبرئيل (عليه السلام) فأقرأه: (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً..)(35).
وقال الإمام الحافظ أبو القاسم محمد بن أحمد بن جزي الكلبي الغرناطي في تفسيره المعروف بـ(التسهيل لعلوم التنزيل) عند قوله تعالى: (ويطعمون الطعام): نزلت هذه الآية وما بعدها في علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين (رضي الله عنهم)(36)
سورة المرسلات
وفيها أربع آيات:
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلاَلٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) المرسلات: 41 - 44.
روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا عقيل بن الحسين (بسنده المذكور) عن مجاهد، عن ابن عباس - في تنزيل هذه الآية الكريمة -:
(إن المتقين) الذين اتقوا الشرك والذنوب والكبائر، علي والحسن والحسين.
(في ظلال) يعني: ظلال الشجر والخيام من اللؤلؤ.
(وعيون) يعني: ماءً طاهراً يجري.
(وفواكه) يعني: ألوان الفواكه.
(مما يشتهون) يقول: مما يتمنون.
(كلوا واشربوا هنيئاً) لا موت عليكم في الجنة ولا حساب.
(بما كنتم تعملون) يعني: تطيعون الله في الدنيا.
(إنا كذلك نجزي المحسنين) أهل بيت محمد في الجنة(37).
سورة التكوير
وفيها آية واحدة:
(فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ) التكوير: 15.
روى الحافظ القندوزي (الحنفي) قال: روي عن هاني عن الباقر (رضي الله عنه) في قوله تعالى: (فلا أقسم بالخنس).
قال: (الخنس إمام يخنس، أي: يرجع من الظهور إلى الغيبة سنة ستين ومائتين، ثم يبدو كالشهاب الثاقب)(38).
(أقول): المقصود بهذا الإمام هو الإمام المهدي (عليه السلام)، وقد غاب عن الأنظار في نفس سنة ستين ومائتين سنة وفاة والده الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).
سورة المطففين
وفيها آيتان:
(وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ) المطففين: 27 و28.
روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدثنا الحاكم الوالد، (بسنده المذكور) عن جابر بن عبد الله (الأنصاري) عن النبي (صلى الله عليه وآله) في قوله تعالى: (ومزاجه من تسنيم).
قال (صلى الله عليه وآله): (هو أشرف شراب الجنة يشربه آل محمد وهم المقربون)(39).
سورة البروج
(وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ) البروج: 1.
روى الحافظ القندوزي (الحنفي) قال: روي عن الأصبغ بن نباتة عن ابن عباس (رضي الله عنهما) في قوله تعالى: (والسماء ذات البروج) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
(أنا السماء، وأما البروج فالأئمة من أهل بيتي وعترتي أولهم علي، وآخرهم المهدي، وهم اثنا عشر)(40).
سورة البلد
وفيها ثلاث آيات:
(وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ) البلد: 3.
روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدثنا إسحاق بن محمد البصري (بسنده المذكور) عن جابر قال: سألت أبا جعفر من قول الله: (ووالد وما ولد).
قال: (علي وما ولد)(41).
(فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ) البلد: 11 و12.
روى العلامة البحراني (قدس سره) عن محمد بن الصباح الزعفراني، عن المزنى، عن الشافعي، عن مالك بن حميد، عن أنس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قوله تعالى: (فلا اقتحم العقبة).
(إن فوق الصراط عقبة كؤوداً طولها ثلاثة آلاف عام، ألف عام هبوط، وألف عام شوك وحسك وعقارب وحيّات، وألف عام صعود، أنا أول من يقطع تلك العقبة، وثاني من يقطع تلك العقبة علي بن أبي طالب - إلى أن قال ـ: لا يقطعها في غير مشقة إلا محمد وأهل بيته)(42).
سورة الشمس
وفيها أربع آيات:
(وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا * وَالَّلَيْلِ إِذَا يَغْشَهَا) الشمس: 1 - 4.
روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: فرات بن إبراهيم (بسنده المذكور) عن ابن عباس في قول الله تعالى: (والشمس وضحاها) قال: رسول الله (صلى الله عليه وآله).
(والقمر إذا تلاها) قال: علي بن أبي طالب.
(والنهار إذا جلاها) قال: الحسن والحسين.
(والليل إذا يغشاها) قال: بنو أمية(43).
سورة الضحى
وفيها آية واحدة:
(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) الضحى: 5.
روى محمد بن جرير الطبري في تفسيره (بسنده المذكور) عن ابن عباس قال في قوله تعالى: (ولسوف يعطيك ربك فترضى).
قال: من رضا محمد (صلى الله عليه وآله) أن لا يدخل أحد من أهل بيته النار(44).
وروى الفقيه الشافعي جلال الدين السيوطي في تفسيره قال: وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
(إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، ثم تلا قوله تعالى: (ولسوف يعطيك ربك فترضى) ).
سورة الانشراح
وفيها آية واحدة:
(وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) الانشراح: 4.
قال العلامة الشيخ إسماعيل حقي (البروسوي) في تفسيره (روح البيان) في قوله تعالى: (ورفعنا لك ذكرك).
قال: وذلك أنه تعالى أعطاه (صلى الله عليه وآله) نسلاً يبقون على مرّ الزمان، فانظر كم قتل من أهل البيت ثم العالم ممتلئ منهم(45).
سورة التين
وفيها ثماني آيات:
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ * لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنَسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ * فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ * أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ) التين: 1 - 8.
روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: فرات (بسنده المذكور) عن محمد بن الفضيل الصيرفي، قال: سألت موسى بن جعفر عن قول الله:
(والتين والزيتون) قال: أما التين فالحسين، وأما الزيتون فالحسن.
(وطور سينين): أمير المؤمنين.
(وهذا البلد الأمين): رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو سبيل آمن الله به الخلق في سبلهم، ومن النار إذا أطاعوه.
(إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات): ذاك أمير المؤمنين علي وشيعته (فلهم أجر غير ممنون)(46).
وروى الخطيب البغدادي في (تاريخه) (بسنده المذكور) عن أنس بن مالك، قال: لما نزلت سورة (والتين) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرح لها فرحاً شديداً حتى بان لنا شدة فرحه، فسألنا ابن عباس بعد ذلك عن تفسيرها فقال (وسرد الحديث طويلاً، إلى أن قال):
(فما يكذبك بعد بالدين) يعني: علي بن أبي طالب(47).
سورة البيَّنة
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلوا الصَّالِحَاتِ أُوْلئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةَ * جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبُّهُ) البينة: 7 و8.
روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدثني ابن فنجويه (بسنده المذكور) عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوماً في مسجد المدينة وذكر بعض أصحابه الجنة فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
(إن لله لواء من نور، وعموداً من زبرجد خلقهما قبل أن يخلق السماوات بألفي سنة، مكتوب على رداء ذلك اللواء: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله، آل محمد خير البرية) صاحب اللواء إمام القوم).
فقال علي: الحمد لله الذي هدانا بك وكرمنا بك وشرفنا.
فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): (يا علي أما علمت أن من أحبنا، وانتحل محبتنا أسكنه الله معنا). وتلا (صلى الله عليه وآله) هذه الآية (في مقعد صدق عند مليك مقتدر)(48).
وروى هو أيضاً عن سعيد بن أبي سعيد البلخى (بإسناده المذكور) عن الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى: (أولئك هم خير البرية).
قال: نزلت في علي وأهل بيته(49).
وروى الآلوسي في تفسيره، بسنده عن ابن عباس: أن هذه الآية نزلت في علي وأهل بيته(50).
(أقول): الروايات في هذا الباب كثيرة تعد بالعشرات، مثبوتة في مختلف كتب الحديث، والتفسير، والسير، من أرادها فليرجع إلى مظانها إلا أنا - كعادتنا في الاقتباس لا الاستيعاب - ذكرنا هذه الأحاديث الثلاثة.
(وإنما) ذكرنا الآية التالية أيضاً، لكونها مع الآية الأولى كالصنوين لا يفترقان، والجملة الواحدة لا تتبعض.
سورة التكاثر
وفيها آية واحدة:
(ثُمَّ لَتُسْألُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيِم) التكاثر: 8.
أخرج عالم الحنفية الحافظ القندوزي، عن الحاكم البيهقي (الشافعي) (بسنده المذكور) عن إبراهيم بن العباس الصولي الكاتب قال: كنا يوماً بين يدي علي بن موسى الرضا (رضي الله عنهما) فقال له بعض الفقهاء: إن النعيم في هذه الآية هو الماء البارد.
فقال له - بارتفاع صوته -: (كذا فسرتموه أنتم وجعلتموه على ضروب، فقالت طائفة: هو الماء البارد، وقال آخرون: هو النوم، وقال غيرهم: هو الطعام الطيب، ولقد حدثني أبي، عن أبيه جعفر بن محمد أن أقوالكم هذه ذكرت عنده فغضب وقال: إن الله عز وجل لا يسأل عباده عما تفضّل عليهم به، ولا يمنّ بذلك عليهم وهو مستقبح من المخلوقين كيف يضاف إلى الخالق جلت عظمته ما لا يرضى للمخلوقين. ولكن النعيم حبنا أهل البيت وموالاتنا يسأل الله عنه بعد التوحيد لله، ونبوة رسوله (صلى الله عليه وآله) لأن العبد إذا وافى بذلك أدّاه إلى نعيم الجنة الذي لا يزول)(51).
سورة العصر
وفيها آية واحدة:
(إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوِا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوا بِالصَّبْرِ) العصر: 3.
روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدثنا أبو نعيم، (بسنده المذكور) عن ابن عباس قال: جمع الله هذه الخصال كلها في علي حيث قال تعالى: (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات)، وكان أول من صلى وعبد الله من أهل الأرض مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) (وتواصوا) وأوصاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقضاء دينه وبغسله بعد موته.
إلى أن قال: وأوصاه بحفظ الحسن والحسين فذلك قوله تعالى: (وتواصوا بالصبر)(52).
سورة الكوثر
وفيها آية واحدة:
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) الكوثر: 1.
روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: حدثنا حصين (بإسناده المذكور) عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده (علي بن أبي طالب) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
(أرأيت الكوثر في الجنة)؟
قلت: (ما هو)؟
قال: (منازلي ومنازل أهل بيتي)(53).
قال فخر الدين الرازي، في تفسيره الكبير: الكوثر أولاده (صلى الله عليه وآله) لأن هذه السورة إنما نزلت رداً على من عابه (صلّى الله عليه وآله) بعدم الأولاد، فالمعنى: أنه يعطيه نسلاً يبقون على مر الزمان، فانظر كم قتل من أهل البيت ثم العالم ممتلئ منهم، ولم يبق من بني أمية في الدنيا أحد يعبأ به(54).
المصادر :
1- شواهد التنزيل: ج2 ص216.
2- غاية المرام: ص386.
3- مناقب الخطيب البغدادي: ص187.
4- شواهد التنزيل: ج2 ص293.
5- شواهد التنزيل: ج2 ص326.
6- شواهد التنزيل: ج2 ص294.
7- ينابيع المودة: ص514.
8- شواهد التنزيل: ج2 ص227.
9- ينابيع المودة: ص443.
10- غاية المرام: ص324.
11- جامع البيان في تفسير القرآن، عند تفسير سورة الحشر.
12- وفاء الوفا: ج2 ص153.
13- شواهد التنزيل: ج2 ص246.
14- شواهد التنزيل: ج2 ص247.
15- ينابيع المودة.
16- ينابيع المودة: ص508.
17- غاية المرام: ص412.
18- كتاب (ماذا في التاريخ) ج3 ص145 - 147.
19- ينابيع المودة.
20- سورة الحديد: 25.
21- سورة المؤمنون: 29.
22- سورة الفرقان: 25.
23- ينابيع المودة: ص93.
24- غاية المرام: ص436.
25- ينابيع المودة: ص515.
26- الصواعق المحرقة: ص90.
27- ينابيع المودة: ص151.
28- شواهد التنزيل: ج2: ص293.
29- المصدر نفسه.
30- غاية المرام: ص368.
31- تفسير القرطبي، تفسير سورة الدهر.
32- تفسير النيسابوري - بهامش تفسير الطبري - تفسير سورة الدهر.
33- تفسير الخازن، تفسير سورة الدهر.
34- تفسير البغوي، عند تفسير سورة الدهر.
35- ينابيع المودة: ص94.
36- تفسير الكلبي: ج4 ص318.
37- شواهد التنزيل: ج2 ص316.
38- ينابيع المودة: ص515.
39- شواهد التنزيل: ج2 ص326.
40- ينابيع المودة: ص515.
41- شواهد التنزيل: ج2 ص331.
42- غاية المرام: ص326.
43- شواهد التنزيل: ج2 ص333.
44- جامع البيان في تفسير القرآن، عند تفسير سورة الضحى.
45- تفسير روح البيان، عند تفسير سورة الكوثر.
46- شواهد التنزيل.
47- تاريخ بغداد: ج2 ص97.
48- شواهد التنزيل: ج2 ص364.
49- شواهد التنزيل: ج2 ص366.
50- تفسير (روح المعاني): ج30، عند تفسير سورة البيّنة.
51- ينابيع المودة: ص111 - 112
52- شواهد التنزيل: ج2 ص374.
53- شواهد التنزيل: ج2: ص376.
54- التفسير الكبير: ج30، عند تفسير سورة الكوثر.
source : rasekhoon