إنّ التشيع حالة أصلية في الإسلام تجسّدت من خلال مراحل ثلاث ، هي :
الأُولى :
بدأت هذه المرحلة في عصر الرسالة ، كما أكدت ذلك مجموعة نصوص مدونة امتلأت بها كتب الحديث والتفسير .
الثانية :
بدأت بعد وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) مباشرة ، حيث اتجه بعض من الصحابة نحو الإمامة ، والالتزام بزعامة الإمام علي ( عليه السلام ) وأحقِّيته في قيادة المجتمع الإسلامي ، ومن هؤلاء : سلمان ، وأبو ذر ، وعمار ، والمقداد ، وغيرهم .
الثالثة :
بدأت هذه المرحلة في عصر الإمام الباقر وابنه الإمام الصادق ( عليهما السلام ) وأخذت بالنمو والازدهار بسبب توفر الظروف الموضوعية لنشر معالم مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
ولا يخفى أن الأئمة المعصومين ( عليهم السلام ) الذين هم قادة الشيعة والمحور الذي تدور عليه نظرية التشيع قد ضربوا للناس ومن خلال مواقفهم الشخصية أروع الأمثلة القدسية التي غطت على من سواهم ، ولم يستطع الحكام آنذاك من تغيير الواقع مع ما لهذه المواقف من مردود سلبي عليهم .
وفي هذه العُجالة سنتناول ثلاثة مواقف كنموذج وقفها الأئمة ( سلام الله عليهم ) قد جسَّدوا فيها مصلحة الأمة الإسلامية
وما يتطلبه الظرف الاجتماعي الذي يعايشونه :
الأول :
خروج الإمام الحسين ( عليه السلام ) من مكة إلى كربلاء ، واستشهاده في واقعة الطف ، وما ترتب على هذا الموقف الاستشهادي من تحرك في صفوف الأمة الإسلامية .
فحدوث واقعة الحرَّة ، وثورة المختار ، وحركة التوابين بعد مصرع الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، فكل تلك الأحداث وأمثالها ظلت تنخر في جسم الدولة الأموية حتى زالت في عام ( 132 هـ ) .
الثاني :
الموقف الآخر للإمام علي ( عليه السلام ) عندما رأى أن مصلحة الإسلام العليا تقتضي حفظ دماء المسلمين قال – عندما عهد أبو بكر لعمر – : ( والله لأسالمن ما سلمت أمور المسلمين .. ) .
الثالث :
وهذا الإمام السجاد ( عليه السلام ) يدعو لأهل الثغور ، وهم جنود النظام الأموي الذين ارتكبوا فاجعة كربلاء ، ولم يكن دعاءه لهم إلا لحفظ الكيان الإسلامي من الأعداء الذين ما انفكوا يكيدون للدولة الإسلامية ، وينتهزون الفرص للإطاحة بها .
هذه المواقف وأمثالها التي وقفها الأئمة المعصومون ( عليهم السلام ) عبر التاريخ الإسلامي ، والتي كانت ترى بأن الدفاع عن بيضة الإسلام ، والوحدة الإسلامية ، وحفظ دماء المسلمين من الأمور الواجبة ، وهذه المواقف برأينا هي التي كانت السر الكامن وراء بقاء مذهب التشيع .
ولم تقتصر تلك المواقف على الأئمة المعصومين ( عليهم السلام ) ، بل تبعهم في ذلك العلماء والفقهاء والمراجع ، باعتبارهم نُوَّاب الأئمة ( عليهم السلام ) ، والمتتبع المنصف اللتاريخ الشيعي يجد مواقفهم ثابتة ومشرف ، ونذكر هنا
بعضاً من تلك المواقف كأمثلة :
الأول :
مواقف الميرزا الشيرازي من الإنجليز .
الثاني :
مواقف علماء النجف الأشرف وجهادهم ضد الاحتلال البريطاني في العراق بعد الحرب العالمية الأولى .
الثالث :
موقف آية الله العظمى السيد البروجردي ، ودوره في تأسيس مجمَّع التقريب بين المذاهب الإسلامية .
الرابع : مواقف آية الله العظمى السيد محسن الحكيم وآية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي من علماء السنة ، وإرسال الممثلين عنهم في الاشتراك بمؤامراتهم ومجالسهم .
الخامس :
دعوة الإمام الخميني إلى الوحدة الإسلامية ، ومن مصاديق تلك الدعوة أُعلن في الجمهورية الإسلامية الإيرانية أسبوع الوحدة الإسلامية من 12-17 ربيع الأول من كل عام .
أقوال علماء السنة في المذهب الشيعي :
أولاً :
فتوى الشيخ محمود شلتوت شيخ الجامع الأزهر : ( إن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الإمامية الإثنا عشرية ، مذهب يجوز التعبد به شرعاً ، كسائر مذاهب أهل السنة ) .
ثانياً :
يقول الدكتور حامد حنفي داود : ( مضى ثلاثة عشر قرناً من حياة التاريخ الإسلامي كان أنصاف العلماء خلالها يصدرون أحكامهم على الشيعة مشبوبة بعواطفهم وأهوائهم ، وكان هذا النهج السقيم سبباً في إحداث هذه الفجوة بين الفرق الإسلامية ، ومن ثم خسر العلم الشيء الكثير من معارف أعلام هذه الفرقة ) .
ثالثاً :
يقول الأستاذ عبد الفتاح عبد المقصود : ( إنّ في عقيدتي أن الشيعة هم واجهة الإسلام الصحيحة ، ومرآته الصافية ، ومن أراد أن ينظر إلى الإسلام عليه أن ينظر إليه من خلال عقائد الشيعة ومن خلال أعمالهم ، والتاريخ خير شاهد على ما قدَّمه الشيعة من الخدمات الكبيرة في ميادين الدفاع عن العقيدة الإسلامية ) .
source : tebyan