عربي
Friday 27th of December 2024
0
نفر 0

الشيعة و محن أهل البيت ( عليهم السلام )

تحدث أصحاب التاريخ و السِّيَر عن محن أهل البيت ( عليهم السلام ) ،و أطالوا الحديث فيها ، و وضع الشيعة فيها كتباً مستقلّة ، سَمَّوُا الكثير منها بأسماء تدل عليها ، مثل : ( مُثِير الأحزان ) و ( نَفَسِ المَهمُوم ) و ( الدمعةُ السَّاكِبة ) و ( لَوَاعِجُ الأشجان ) و ( رِيَاض المَصائِب ) و ( اللَّهُوف ) و ( مَقَاتِلِ الطالِبِيِّين ) ، وما إلى ذلك من الكتب المشجية و الحزينة . و تكاد تتفق كلمة الباحثين القدامى و المتأخرين على أن الأمويين ، إنما نكلوا بأهل البيت ( عليهم السلام ) ، أخذاً بثارات بدر وأحد ،
الشيعة و محن أهل البيت ( عليهم السلام )

تحدث أصحاب التاريخ و السِّيَر عن محن أهل البيت ( عليهم السلام ) ،و أطالوا الحديث فيها ، و وضع الشيعة فيها كتباً مستقلّة ، سَمَّوُا الكثير منها بأسماء تدل عليها ، مثل : ( مُثِير الأحزان ) و ( نَفَسِ المَهمُوم ) و ( الدمعةُ السَّاكِبة ) و ( لَوَاعِجُ الأشجان ) و ( رِيَاض المَصائِب ) و ( اللَّهُوف ) و ( مَقَاتِلِ الطالِبِيِّين ) ، وما إلى ذلك من الكتب المشجية و الحزينة .

و تكاد تتفق كلمة الباحثين القدامى و المتأخرين على أن الأمويين ، إنما نكلوا بأهل البيت ( عليهم السلام ) ، أخذاً بثارات بدر وأحد ، لأن الرسول الأكرم محمد ( صلى الله عليه وآله ) و أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) ، قتلا في هاتين الحربين شيوخ الأمويين و ساداتهم .

و يستشهدون على ذلك بما تَمَثَّل به يزيد بن معاوية عندما قتل الحسين ( عليه السلام ) ،

و وضع رأسه الشريف بين يديه وقال :

ليتَ أشياخِي بِبَدرٍ شَهِدُوا
جَزَعَ الخَزْرَجِ من وَقْعِ الأَسَلْ
لأَهَلُّوا واسـتَهَلُّوا فَرَحاً
لأَهَلُّوا واسـتَهَلُّوا فَرَحاً

والبحث في محن أهل البيت ( عليهم السلام ) واسع المجال ،و متشعِّب الأطراف .

فقد ظهرت آثار هذه المحن في العقيدة ، و السياسة ، و الأدب ، و التقاليد ، و ما زالت تفعل فعلها إلى اليوم ، لأن محن أهل البيت ( عليهم السلام ) ،و محن الناس جميعاً ،ابتدأت منذ تغيَّر نظام الحكم عند المسلمين .
فكان الحكم في عهد الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) ، يقوم على مبدأ ، أن كل شيء لله ، فالمال مال الله ، و الجند جند الله ،

و معنى هذا ، أن الناس جميعاً متساوون في الحقوق ، لأن الله للجميع ، و بعده بأمد قصير تغير هذا النظام ، و أصبح كل شيء للحاكم ، فالمال مال الحاكم ، و الجند جند الحاكم ، و الناس كلهم عبيد الحاكم .

فقال معاوية بن أبي سفيان : الأرض لله ، و أنا خليفة الله ، فما أخذتُ فَلِي ، و ما تركتُهُ للناس فبالفضل مني .

ولا بد من التساؤل : لماذا ذُعِر الناس لمحن أهل البيت ( عليهم السلام ) ، و تحدثوا فيها ، و أطالوا الحديث أكثر من غيرها ؟ و يمكننا الجواب : بأن محنهم ( عليهم السلام ) ، كانت أقسى المحن جميعاً ، و بأنها في نظر المسلمين هي محن الإسلام نفسه .

فقد أوصى الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، و بالغ في الوصاية بأهل بيته ( عليهم السلام ) ، و واساهم بكتاب الله ، و شبَّهَهُم بسفينة نوح ، و اعتبر التعدي عليهم تعدياً عليه بالذات ، و هذا السبب يرجع إلى الدين ، و لا شيء يوازي احترام العقيدة الدينية و تقديسها عند المسلمين و بخاصة في ذاك العهد .

و قد رأى الناس في هذه المحن ، مورداً خصباً للتشهير بالحاكم و إثارة الجماهير ، و لا شيء كالخطوب و المآسي، تستدعي عطف الناس ، و تثير إشفاقهم و رحمتهم ، و كلنا يعرف كيف استغلَّ معاوية قميص عثمان ، لتأليب أهل الشام على الإمام علي ( عليهم السلام ) .

فالشيعة أذاعوا تلك المحن ، و بكوا ، و استبكوا الناس وفاء لأئمَّتِهِم ( عليهم السلام ) ، وَ لِبَثِّ الدعوة لهم ،و نشر مبادئهم ( عليهم السلام ) ، و أذاعها كل ناقم و معارض للأنظمة السياسية تبريراً لنقمته و معارضته ، و دعماً لأقواله وحجته ، تظلَّمَتِ الأمة لأهل البيت ( عليهم السلام ) ، و في الوقت نفسه عبر بمحنهم عن ثورته على الفساد .
إن محن أهل البيت ( عليهم السلام ) ، هي محن الشعب ، و محن الشعب هي محنهم ( عليهم السلام ) ،

وقد أعرب عن آلامه بما ألمَّ بهم لإثارة العواطف ، لأن من أساء إليهم فبالأحرى ، أن يسيء إلى غيرهم .

ولأنهم المجموعة الكريمة الطيبة ، التي يرى فيها الشعب مثاله الأعلى ، و يتمنى أن تقوده هي أو من يماثلها في الصفات و المؤهلات ، و إلا فإن الثورة على النظام الجائر محتمة لا محالة .
واقعة الطف :
واقعة الطف

وقد كانت الأسباب الأولى لِمِحَن أهل البيت ( عليهم السلام ) هي مِحَنٌ سياسية ، و بعد حدوثها تركت أثراً بارزاً في حياة طائفة كبيرة من المسلمين ، كانت و لا تزال تدين بالولاء لأهل البيت ( عليهم السلام ) .
فكارثة كربلاء ، و هي أفظع ما حل بأهل البيت ( عليهم السلام ) من كوارث ،

 فقُتل فيها الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، و سبعة عشر شاباً و طفلاً من أهله ، و أكثر من سبعين رجلاً من أصحابه فيهم الصحابي والتابعي .

هذه الحادثة ، جعلت كربلاء مزاراً مقدساً عند الشيعة ي، فد إليها في كل سنة مئات الألوف لزيارة الإمام الحسين ( عليه السلام ) من أنحاء البلاد ، و في كثير من الأحيان يوصي الشيعة في الهند ، و إيران ، و أطراف العراق ، أن ينقل رفاته من بلده ليدفن في كربلاء ، و ذلك رغبةً في ثواب الله وجزائه .
عاشوراء

و تُحيِي الشيعة في كل سنة ، و في كل مدينة ، و وفي كل قرية من بلادهم ذكرى مقتل الإمام الحسين ( عليه السلام ) في الثلث الأول من شهر محرم الحرام .

و في بعض أيام السنة ، يجتمعون للاحتفال بهذه الذكرى ، فيروي  الخطيب بعض أخبار كربلاء و مأساتها ، ويعدِّدُ المناقب و السوابق لشهدائها ( رضوان الله عليهم ) ، و ينوح عليهم شعراً ونثراً ، و يسمُّون هذه المحافل بمجالس التعزية ، و قد وضعوا لها كتباً خاصة .

و ما زال شعراء الشيعة ، منذ قتل الحسين ( عليه السلام ) إلى يومنا هذا ، يَنظُمُون القصائد الطوال ، و يصوِّرون فيها الحوادث الدامية التي جرت في كربلاء ، وهي من عيون الشعر العربي في الرثاء .
الخلاصة :

فالشيعة إنما يقدسون
أرض كربلاء ، و يُحيُون يوم عاشوراء ، لأنها في نظرهم رمز الجهاد المقدس في سبيل الحرية و الكرامة ، وعنوان التضحية ضد الظلم والطغيان ، فإحياؤها كذلك ثورة على الظلم والطغيان .


source : tebyan
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الطلاق المعلّق
الإمام الحسين (عليه السلام) في الكتاب المقدس
أقوال المعصومين في القرآن
التحولات الطوعية في حركة الظهور
الاِله في القرآن الكريم
المنهج البياني
المرأة والدنيا في نهج البلاغة (دراسة أدبية) – ...
عدم جواز الجمع بين النبوة والخلافة
واقعة الطف ؛ ملحمة الخلود الحسيني الجهادي
أهمية دراسة الشخصيات التاريخية

 
user comment