عربي
Saturday 6th of July 2024
0
نفر 0

الآباء الضالون ومسؤولية الابناء

الآباء الضالون ومسؤولية الابناء

ربما يتوفّر في عائلةٍ ما أبٌ يأنف عن قبول التربية الدينية، ويتقاعس عن تنفيذ التعاليم الالهية، ولا يُبدي اي رغبةً ازاء الحقائق، ويفتقد لقابلية الاذعان للحقائق الالهية، حينها يترتب على أولاده ممن بلغ منهم شأواً من الفطنة دعوته نحو الحقيقة وذلك من خلال سلوك الرفق والطيب من الأخلاق وانقاذه من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، اما إذا أبى فعليهم العيش إلى جانبه والمحافظة على الحياة من ان تتلوث بسببه.

وعليهم ان يتخذوا من مصعب بن عمير ذلك الشاب المؤمن المجاهد الذي نال وسام الشهادة في معركة احد وهو في عز شبابه.

لقد كان أبواه مشركين وكان مصعب يكنّ لهما شديد المحبّة وقد آمن بالرسول (صلى الله عليه و آله) استجابة لفطرته وقبل ان يفرض اللَّه على رسوله الهجرة فقد هاجر مصعب إلى المدينة للتبليغ بناء على طلب اهلها، فمهّد السبيل لهداية الكثير من الناس إلى الاسلام وبجهوده اصبحت المدينة على استعداد لقبول رسول اللَّه (صلى الله عليه و آله) فهاجر (صلى الله عليه و آله) الى المدينة ولما أقبل مصعب على رسول اللَّه (صلى الله عليه و آله) وعليه إهاب‌

الاسرة و نظامها فی الاسلام، ص: 376

كبش قال (صلى الله عليه و آله) انظروا يا ايّها الشباب، يا من يحيا آباؤكم بعيداً عن الحياة المعنوية، ولا يريدون لكم ان تصبحوا من اصحاب المعنويات وان تتخلقوا بالطيب من الأخلاق، وكل همهم ينصب على ان تتسلقوا سلَّم العلوم المادية أو تتشبثون من أجل جمع الاموال، عليكم التعامل معهم بلطف وعدم التشاجر معهم، اذ التنازع معهم خلاف للَّه‌ولرسوله، وما عليكم الّا عدم التشبّه بهم ولا تتخلوا عن اللَّه سبحانه ورسوله والأئمة الطاهرين والمعاد ازاء دعواتهم الباطلة المنحرفة، وعليكم على هذا الصعيد ان تتخذوا من محمد بن أبي بكر ذلك الشاب المؤمن المجاهد قدوةً لكم، وان تحيوا مثله حيث عاش محباً لعلي (عليه السلام) عاملًا بالقرآن وسنّة نبي اللَّه فكانت عاقبته الشهادة في سبيل اللَّه وثباته على دينه، وان تجعلوا من افعالكم وتصرفاتكم منسجمة مع التعاليم الالهية.

والدٌ فاضل‌

 

اثناء زيارتي لمدينة مهرجرد لغرض التبليغ والتي استمرت ليلتين او ثلاث حكى لي ابن خالة آية اللَّه العظمى الحاج الشيخ عبدالكريم الحائري مؤسس الحوزة العلمية في مدينة قم المقدسة.

ان والد الشيخ بقي بلا طفل لمدة خمسة عشر عاماً، فكان يتألم كثيراً، وكان يعمل قصاباً، وهذا العمل لم يكن يريحه نوعاً ما، وذات مرة قالت له زوجته لعل العلة في عدم الانجاب تكمن فيَّ، ولا طاقة لي على تحمل ما تعانيه من آلام، كما لا قدرة لي على الاجابة فيما لو سُئلت يوم القيامة عن أسباب شقائك، فلا مانع من ناحيتي في أن تتزوج كي تصبح اباً، بل أنا التي سأبحث لك عن زوجة تلائمك.

وبعد مدة عن الزمن عثرت على ارملةٍ تقطن في منطقة تبعد بضعة فراسخ عن محل سكناه، واقترحت على زوجها الزواج من هذه الارملة.

الاسرة و نظامها فی الاسلام، ص: 377

وقع الزواج، وفي ليلة الزفاف وضع العريسان يداً بيد- كما هو المألوف سابقاً، وكانت للعروس من زوجها السابق طفلة في الثالثة من العمر ابت الافتراق عن امها فتناولتها خالتها كي تأخذها معها، الّا ان صراخ الطفلة أخذ يتصاعد، فهزَّ المنظر هذا الرجل الكريم فقال للمرأة: لا طاقة لي على تحمّل بكاء اليتيم، بالاضافة إلى ان حياتي معك واحتمال انجابك لطفلٍ مني قد يؤذي هذه اليتيمة فإنّي انصرف عن هذا الزواج، فبذل لها صداقها وقفل عائدا إلى مهرجرد ليلًا، وفي تلك واقع زوجته الاولى فانعقدت نطفة الشيخ عبدالكريم الحائري كرامة له على كرمه وايثاره، فولد لهما مؤسس الحوزة العلمية في قم، ذلك الاستاذ الذي تخرّج على يديه ما يناهز الالف عالم ممن جمع شروط الاجتهاد، وتولى تربية من خلفه من المراجع، وكان من بين الذين ربّاهم الامام الخميني (رحمه الله) الذي تبلورت على يديه الثورة الاسلامية في ايران وامتدت آثارها شرقاً وغرباً، وحفظ الاسلام من ان يخبو نجمه، وانطلق في حركته لبسط حكومة الاسلام على العالم.

لقد كان الامام الخميني (رحمه الله) ثمرة من ثمار الشيخ الحائري والشيخ ثمرة وجود القصاب الفاضل، الرجل الالهي‌النوراني المخلص، فايُّ نعمةٍ سينعم بها هذا الاب الفاضل يوم القيامة حين يقف إلى جانب ولده وتلاميذه؟ اللَّه وحده يعلم بذلك.

للاستاذ حسین انصاريان اطال الله بقاءه

 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

ممّا يتعلّق بشهر المحرم و ما فيه من حال معظم‏
التشيّع في العراق وقم
مدی تآثیر تفکیر عبدالله عزام الجهادي علی إحتداد ...
ابو جعفر الثاني الامام الجواد (عليه السلام)‏
المقرئ الشيخ محمد صديق المنشاوي
الحرية محكومة بالمسؤولية وحفظ حقوق الآخرين
الآباء الضالون ومسؤولية الابناء
الزواج الفريد
الخراجِ و الجزية
الامام الباقر عليه السلام و الحث علي التعلم

 
user comment