عربي
Sunday 28th of April 2024
0
نفر 0

آكل الحرام لا يربّي علي الأكبر

آكل الحرام لا يربّي علي الأكبر

خلال أيام صباي كان في محلتنا رجلٌ طاعنٌ في السن جليل تقي منظم وكان يعمل دلالًا ونظراً لتدينه وادبه وصلاحه فقد كان التجار يثقون كثيراً بتجارته.

كان يحصر صلاة الجماعة في جميع أوقاتها، ويتمتع باسلوب عجيب في جذب الصبيان إلى المسجد، كنتُ من بين الذين يحبونه حتى انني كنت اؤدي صلاة الصبح جماعةً، وكان يحكي لنا قصصاً مدهشة مما جرى على مدى ثمانين سنةٍ من عمره حيث كانت مليئة بالعبر وبالدروس.

وكان مما قاله لنا: ان شاباً كان يعيش مع امه وابيه في منطقة ناصر خسرو، وكان أبوه مهملًا للجوانب الشرعية، في حين انه كان ممّن يجالس العلماء ويحضر المجالس الدينية فكان يتألم لما يلمسه من ابيه، وكانت نصائحه التي تنمّ عن الحرص لا تؤثّر في أبيه، فتوجه غاضباً إلى الري ليجاور مرقد عبداالعظيم‌

الاسرة و نظامها فی الاسلام، ص: 380

الحسني، فعمل هناك بائعاً لمدة سنة كانت يوضح المسائل الشرعية للبائعين في السوق، وفي احدى ليالي عاشوراء جاء إلى طهران لزيارة والديه، وكانا قد ذهبا لحضور مراسيم التعزية في منطقة دولت فتوجه إلى هناك فصادف انّ الذي يؤدي دور شمر بن ذي الجوشن قد مرض فلم يحضر مراسم التمثيل، فلما راى المسؤول عن المراسيم ذلك الشاب- وحيث ان له معرفة سابقة به- طلب منه اداء الدور، فقبل الشاب، وارتدى الملابس ودخل ساحة العرض وادى الدور بمهارة، وقد عرفه أبوه من بين حشود الحاضرين فاستاء لانه ادى دور الشمر، وبعد نهاية المراسيم عادوا سويةً إلى البيت فسال الاب ابنه، هل تناولت العشاء؟ فأجابه:

كلا، فقال: في المطبخ جرّه حليب واناء فيه لبن فاجلبهما وكُل منهما، فلما جاء إلى جرّه الحليب وجد فيها فاراً ميتاً فأكل لبناً لوحده، واثناء تناوله اللبن سأله الأب لِمْ لا تأتِ بالحليب؟ قال: وجدتُ فيه فأراً ميتاً وقد تنجّس وبالتالي فإنّ أكله حرام، قال له أبوه باسلوب عنيفٍ: الا تقلع عن هذه الاوهام؟

وبعد دقائق من الصمت قال الاب: الآن وبعد عام عدت الينا وقمت باداء دور الشمر، لِمْ لا تؤدي دور علي الاكبر؟ فأجابه الابن باسلوب لطيف وظريف: يا أبه! لا تتوقع ممن يأكل الحليب الذي وقع فيه الفأر ان تتبدل نطفته ليصبح علياً الاكبر، فنتيجة لقمة الحرام هو الشمر!!

فيا ايّها الشباب حاولوا ان تصبحوا آباءً يتوفرون على شروط الابوة، كي يصبح ابناؤكم صالحين سالمين، وإذا ما حدث لديكم نقصٌ من شأنه تدمير بنائكم الباطني فبادروا إلى اصلاحه، إذ ان القيامة يوم مذهلٌ بالنسبة لجميع الخلائق.

الاسرة و نظامها فی الاسلام، ص: 381

قال على (عليه السلام): «حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه،

و يحسن أدبه، و يعلامه القرآن»

نهج البلاغة: الحكمة 399

25

 

 


source : من اثار الاستاذ انصاریان حفظه الله
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

ادعية مستجابة
أخلاق وصفات الإمام علي بن الحسين السجاد عليه ...
الجمالیة فی أدعیة الامام السجاد(ع)[القسم الثاني]/ ...
دعوة إبراهيم و إسماعيل عند رفع القواعد من البيت
المنهج التثقيفي عند الإمام محمد الباقر عليه ...
نقش خاتم الامام الرضا عليه السلام
ما هي ليلة الجهني، و لماذا سُمِّيت بالجهني؟
النبي (صلى الله عليه وآله ) سيد الأحياء عند ربه ...
الثقافات المعاصرة وثقافة القرآن الكريم
استحالة الدور والتسلسل في العلل

 
user comment