عربي
Tuesday 24th of December 2024
0
نفر 0

مقدمات الإحرام

مقدمات الإحرام

في مقدمات الإحرام
تستحب قبل الشروع في الإحرام أُمور:
أحدها: توفير شعر الرأس ـ بل واللحية ـ لإحرام الحجّ مطلقاً، لا خصوص التمتّع، كما يظهر من بعضهم لإطلاق الأخبار من أوّل ذي القعدة، بمعنى عدم إزالة شعرهما .لجملة من الأخبار، وهي وإن كانت ظاهرة في الوجوب، إلاّ أنّها محمولة على الاستحباب، لجملة أُخرى من الأخبار ظاهرة فيه، فالقول بالوجوب ـ كما هو ظاهر جماعة ـ ضعيف، وإن كان لا ينبغي ترك الاحتياط، كما لا ينبغي ترك الاحتياط بإهراق دم لو أزال شعر رأسه بالحلق، حيث يظهر من بعضهم وجوبه أيضاً، لخبر محمول على الاستحباب، أو على ما إذا كان في حال الإحرام، ويستحبّ التوفير للعمرة شهراً.
الثاني: قصّ الأظفار، والأخذ من الشارب، وإزالة شعر الإبط والعانة بالطلي، أو الحلق، أو النتف. والأفضل الأوّل، ثمّ الثاني، ولو كان مطليّاً قبله يستحبّ له الإعادة وإن لم يمض خمسة عشر يوماً، ويستحبّ أيضاً إزالة الأوساخ من الجسد، لفحوى ما دلّ على المذكورات، وكذا يستحبّ الاستياك.
الثالث: الغسل للإحرام في الميقات، من مقدّمات الإحرام المستحبة الغسلُ للإحرام في الميقات، فهل هو واجب كما نقله العلاّمة عن العمّاني(523)، وابن الجنيد(524)، أو هو مستحب.
المشهور هو الثاني، قال الشيخ: ويستحبّ له أن يغتسل عند الإحرام.(525)
وقال في «الخلاف»: يستحب الغسل عند الإحرام، وعند دخول مكة.(526)
وقد ادّعى العلاّمة الإجماع على عدم الوجوب في كتبه الثلاثة: قال في «المنتهى»: يستحب الغسل إذا أراد الإحرام من الميقات ولا نعـرف فيه خلافاً.(527)
وقال في «التذكرة»: يستحبّ له إذا وصل إلى الميقات وأراد الإحرام أن يغتسل إجماعاً ـ إلى أن قال: ـ وهذا الغسل ليس واجباً في قول أكثر أهل العلم. قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أنّ الإحرام جائز بغير اغتسال، وأنّه غير واجب.(528)
وقال في «التحرير»: يستحبّ له الغسل إذا أراد الإحرام من الميقات وليس بواجب إجماعاً، ولا فرق بين الذكر والأُنثى، والحر والعبد، والبالغ وغيره.(529)
وقال في «المختلف»: المشهور أنّ غسل الإحرام مستحب، اختاره الشيخان حتّى أنّ المفيد (رحمه الله) قال: غسل الإحرام للحجّ سنّة أيضاً بلا خلاف، وكذا غسل إحرام العمرة، وهو اختيار ابن الجنيد، والسيد المرتضى، وسلاّر، وابن إدريس، وابن البرّاج، وأبي الصلاح.
وقال ابن أبي عقيل: إنّه واجب.
وقال السيد المرتضى (رحمه الله): الصحيح عندي أنّ غسل الإحرام سنّة ولكنّها مؤكّدة غاية التأكيد، فلهذا اشتبه الأمر على أكثر أصحابنا، واعتقدوا أنّ غسل الإحرام واجب لقوة ما ورد في تأكيده. والحقّ الاستحباب.
لنا :الأصل براءة الذمة، وما تقدّم في حديث سعد عن الصادق(عليه السلام)حين قال: الغسل في أربعة عشر موطناً، واحد فريضة والباقي سنّة.(530)
وظاهر كلام السيد أنّ أكثر الأصحاب قائلون بالوجوب وهو مع ما نقلناه عن الشيخ وما نقله العلاّمة عن المفيد، على طرف النقيض ولم ينقل الوجوب إلاّ عن ابن أبي عقيل، نعم نسب صاحب الجواهر الوجوب إلى ابن الجنيد(531) وهو خلاف ما صرّح به العلاّمة في كلامه، ولعلّ مراد السيد من الأكثر الصدوق وكلّ من ذكر التعبير عنه أو عن إعادته بلفظ الأمر و «عليك» ونحوهما.(532)
هذه كلمات أصحابنا، وأمّا الآخرون فقال ابن رشد: اتّفق جمهور العلماء على أنّ الغسل للإهلال سُنّة وأنّه من أفعال المُحْرِم حتّى قال ابن خويز منداد: إنّ هذا الغسل للإهلال عند مالك أوكد من غسل الجمعة.
وقال أهل الظاهر: هو واجب.
وقال أبو حنيفة والثوري: يُجزئ منه الوضوء.
وحجة أهل الظاهر مرسل مالك من حديث أسماء بنت عميس: أنّها ولدت محمد بن أبي بكر بالبيداء. فذكر ذلك أبو بكر لرسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)فقال: «مرها فلتغتسل، ثمّ لتهلّ» والأمر عندهم على الوجوب. وعمدة الجمهور: أنّ الأصل هو براء الذمة حتّى يثبت الوجوب بأمر لا مدفع فيه.
وكان عبد اللّه بن عمر يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم، ولدخول «مكّة»، ولوقوفه عشية يوم عرفة، ومالك يرى هذه الاغتسالات الثلاثة من أفعال المحرم.(533)
وقال الخرقي في متن «المغني»: والمرأة يستحبّ لها أن تغتسل عند الإحرام وإن كانت حائضاً أو نفساء، لأنّ النبي أمر أسماء بنت عميس وهي نفساء أن تغتسل.
وقال ابن قدامة في «المغني» في شرح العبارة: وجملة ذلك أنّ الاغتسال مشروع للنساء عند الإحرام كما يشرع للرجال، لأنّه نُسك وهو في حقّ الحائض والنفساء آكد،ثمّ ذكر الخبر.(534)
والظاهر ما عليه المشهور ويدلّ عليه وجوه:
1. اتّفاق فقهاء الإسلام على الاستحباب كما عرفت،ولم يُنقل الوجوب من أصحابنا إلاّ من القديمين أو من أحدهما فقط كما تقدّم، كما لم ينقل من السنة إلاّ عن الظاهريين الذين يأخذون بظاهر الدليل مع قطع النظر عن القرائن.
2. أنّ المسألة لكثرة الابتلاء بها تقتضي لنفسها أن تكون واضحة الحكم، فلو كان الاغتسال واجباً لما خفي على جمهور الفقهاء.
قال في «الجواهر»: فقد نقل استحبابه عن كثير من الأصحاب، إذ لو كان واجباً لاشترط في صحّة الإحرام، لاستبعاد الوجوب النفسي، ومن المستبعد بل الممتنع أن يكون ذلك، كذلك، ويكون المحفوظ عند العلماء خلافه، مع توفر الدواعي وتكرر الحجّ في كلّ عام.(535)
3. القول بوجوبه لا يخلو إمّا أن يكون نفسياً أو شرطياً لصحّة الإحرام.
أمّا الأوّل فبعيد جدّاً، ولذا قال في «الجواهر» : لاستبعاد الوجوب النفسي(536)، بل لم يثبت كون الغسل واجباً نفسياً، حتّى الجنابة والحيض، فكيف الإحرام للحجّ ؟
وأمّا الثاني فمعناه أنّ إنشاء الإحرام وتحقّقه مشروط به، مع أنّ المحقّق أنّه لو اغتسل ونام، لا يجب عليه إعادة الغسل ففي صحيح العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه(عليه السلام)عن الرجل يغتسل للإحرام بالمدينة، ويلبس ثوبين ثمّ ينام قبل أن يحرم، قال: «ليس عليه غسل».(537) ولا ينافيه صحيح النضر بن سويد عن أبي الحسن (عليه السلام)قال: سألته عن الرجل يغتسل للإحرام ثمّ ينام قبل أن يحرم؟ قال: «عليه إعادة الغسل».(538) لأنّه محمول على الاستحباب جمعاً بين الصحيحين.
4. ورود الاغتسال ضمن المستحبات في بعض الروايات.
روى الصدوق في «عيون الأخبار» عن الفضل بن شاذان عن الرضا (عليه السلام)في كتاب كتبه إلى المأمون: «وغسل يوم الجمعة سُنّة، وغسل العيدين، وغسل دخول مكّة والمدينة، وغسل الزيارة، وغسل الإحرام، وأوّل ليلة من شهر رمضان، وليلة سبع عشرة وليلة تسع عشرة وليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، هذه الأغسال سنّة، وغسل الجنابة فريضة، وغسل الحيض مثله».(539)
أدلّة القول بالوجوب
يمكن الاستدلال على الوجوب بوجوه:
1. ورود الأمر به في غير واحد من الروايات:
أ. صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه(عليه السلام)قال:«... ثم استك واغتسل والبس ثوبيك...».(540)
ب. صحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه (عليه السلام):«أطلِ بالمدينة وتجهّز بكلّ ما تريد واغتسل».(541)
ج. صحيح هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه(عليه السلام)وفيه:«...فإنّي أخاف أن يعزّ الماء عليكم بذي الحليفة فاغتسلوا بالمدينة».(542)
2. الأمر بإعادة الغسل إذا نام أو لبس قميصاً
أ. صحيحة النضر بن سويد عن أبي الحسن(عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يغتسل للإحرام ثمّ ينام قبل أن يحرم؟ قال: «عليه إعادة الغسل».(543)
ب. خبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام)قال: «إذا اغتسل الرجل وهو يريد أن يحرم فلبس قميصاً قبل أن يلبّي فعليه الغسل».(544)
ج. عن علي بن أبي حمزة قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام)عن رجل اغتسل للإحرام ثمّ لبس قميصاً قبل أن يحرم؟ قال: «قد انتقض غسله».(545)
3. وصفه بالوجوب والفرض
أ. موثّقة سماعة عن أبي عبد اللّه(عليه السلام):«وغسل المحرم واجب».(546)
ب. مرسلة يونس، عن بعض رجاله، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)قال:«الغسل في سبعة عشر موطناً، منها الفرض ثلاثة» فقلت : جعلت فداك ما الفرض منها؟ قال: «غسل الجنابة، وغسل من غسل ميتاً، والغسل للإحرام».(547) رواه الشيخ عن المفيد، عن أحمد بن محمد(المتوفّـى343هـ)، و المراد به هو أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، الذي أبوه أُستاذ الصدوق، فالمفيد يروي عن الولد و الصدوق يروي عن الوالد، وهو يروي عن أحمد بن إدريس المعروف وابن علي الأشعري (المتوفّى سنة 306 هـ)، فلاحظ.
4. الأمر بإعادة الإحرام بلا غسل
روى الشيخ بسند صحيح عن الحسين بن سعيد الأهوازي، عن أخيه الحسن قال: كتبت إلى العبد الصالح أبي الحسن (عليه السلام): رجل أحرم بغير صلاة أو بغير غسل جاهلاً أو عالماً، ما عليه في ذلك؟ وكيف ينبغي له أن يصنع؟ فكتب: «يعيده».(548)
هذه جملة ما يمكن أن يحتج به على وجوب الاغتسال للإحرام، والجميع لا يخلو من تأمّل.
أمّا الأوّل، أعني: ورود الأمر بالاغتسال فلو لم يكن ما دلّ على عدم الوجوب بوضوح، لصحّ الاحتجاج به، وهذا يوجب حمله على الاستحباب المؤكد جمعاً بين الأدلّة.
وما ورد من التعبير بـ«عليك» ناظر إلى بيان الوظيفة واجباً كان أو مستحباً، كما إذا قيل: عليك بالدعاء لأربعين مؤمناً في صلاة الليل.
وأمّا الثاني، أعني: ما ورد من الأمر بالإعادة إذا نام أو لبس قميصاً، فإنّما هي بصدد بيان حكم الغسل عند النوم واللبس، واجباً كان أو مستحباً، لا أنّه واجب، كما إذا قيل التكلم أثناء صلاة الليل مبطل، فلا يدلّ على وجوبها، بل يدلّ على حكمها، سواء أكانت واجبة أم مستحبة.
وأمّا الثالث: أعني: وصفه بالوجوب فاقترانه بالمستحبة من الأغسال قرينة على أنّ المراد به، هو الاستحباب المؤكّد، فقد جاء في الموثّقة: وغسل المولود واجب، وغسل يوم عرفة واجب، وغسل الزيارة واجب، وغسل دخول البيت واجب، مع ذهاب المشهور إلى عدم الوجوب.
وأمّا مرسلة يونس ـ فمع ضعف سندها ـ : أنّ حصر الفرض في ثلاثة غير ظاهر بوجوب غسل الحيض والاستحاضة، ولذلك حمله الشيخ على الاستحباب، قال في «التهذيب» وأمّا قوله:«والغسل للإحرام» ـ و إن كان عندنا أنّه ليس بفرض ـ فمعناه أنّ ثوابه ثواب غسل الفريضة.(549)
وأمّا الرابع: أعني: الأمر بإعادة الإحرام بلا غسل محمول على الاستحباب، نظير إعادة المكتوبة إذا دخلها بلا أذان ولا إقامة حيث ورد الأمر بإعادتها.
فإن قلت: فرق واضح بين المقامين، فإنّ المكتوبة تبطل بإدخال فصول الأذان والإقامة فيها، لأنّ بعض فصولها ليس بذكر، فيصحّ الأمر بالإعادة، أي تجديدها بعد إبطالها.
وأمّا الإحرام فلو صحّ ـ كما هو المفروض ـ فلا يبطل، بالاغتسال حتّى تصحّ إعادته، بل هو باق على صحّته ولا ينتهي أمده إلاّ بالتقصير فلا محيص من القول بأنّ الإعادة فيه إرشاد إلى البطلان.
قلت: ما ذكرته مبني على دقة عقلية، غير مطروحة للعرف المخاطب، والمراد منها هو تكرار صورة العمل من دون إبطال وله نظائر في الفقه، كالصلاة المعادة جماعة فقد ورد فيها الأمر بالإعادة.
وأمّا استحبابه في الميقات فلما دلّ من جواز التقديم في بعض الأحيان; ففي صحيحة الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه(عليه السلام)عن الرجل يغتسل بالمدينة للإحرام، أيجزيه عن الغسل في ذي الحليفة؟ قال: «نعم».(550) وهذا يدلّ على أنّ محلّه هو الميقات .
***
إذا لم يجد ماءً في الميقات فهل يجوز التيمم أو لا؟
ظاهر جماعة ذلك.
قال الشيخ: ويستحبّ له أن يغتسل عند الإحرام فإن لم يجد ماءً تيمم ويلبس ثوبي إحرامه.(551)
وقال ابن البراج في «المهذب»: وإن عدم الماء تيمّم .(552)
وقال المحقّق: وقيل إن لم يجد ماءً تيمم له.(553)
وقال العلاّمة في «المنتهى»: لو لم يجد الماء للاغتسال، قال الشيخ (رحمه الله): يتيمّم وهو اختيار الشافعي، وقال أحمد: لا يستحبّ التيمم.(554)
وقال في «المسالك»: جواز التيمم للشيخ وجماعة وتوقف صاحب العروة، من عدم النص، وأنّ الغرض من الغسل المندوب التنظيف، لأنّه لا يرفع الحدث، وهو مفقود مع التيمّم، ومن شرعيته بدلاً لما هو أقوى، وعموم قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «الصعيد طهور المؤمن».(555)
وما ذكره من أنّ الغرض من الغسل المندوب التنظيف ليس بسديد، لأنّه من قبيل الحكمة، بل الغسل بنفسه أمر قربي مع قطع النظر عن كونه منظِّفاً.
ومع ذلك ففي مشروعية التيمّم في المقام إشكال.
ويمكن أن يقال: إنّ القدر المتيقّن من بدلية التيمّم عن الوضوء أو الغسل، هو ما إذا كانت الغاية منهما رفع الحدث أو استباحة الفعل المشروط
بالطهارة، قال سبحانه: (يا أَيُّها الّذينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلى الصَّلوةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأيْدِيكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرضى أَوْ عَلى سَفَر أَوْ جاءَ أَحدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعيداً طَيّباً فامسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ
وَأَيْديكُمْ مِنْهُ ما يُريدُ اللّهُ ليَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَج وَلكِنْ يُريدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نَعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).(556)
قوله :(فتَيَمَّمُوا صَعيداً)أي لإقامة الصلاة التي صرّح بها في قوله :(إِذا قُمْتُمْ إِلى الصَّلاة).
هذا هو واقع التيمم والظرف الذي شرّع فيه، لكن: كلتا الغايتين غير متحقّقة في المقام، وليس لغسل الإحرام ذلك الشأن، بشهادة أنّه يصحّ من الحائض والنفساء.
في جواز تقديم الغسل على الميقات
هنا فروع:
1. جواز تقديم الغسل على الميقات عند خوف إعواز الماء فيه.
2. جواز تقديمه مطلقاً مع عدم الخوف أيضاً.
3. الأحوط الإعادة في الميقات إذا تمكّن.
أمّا الأوّل: فقد تضافرت النصوص عليه وأفتى به الأصحاب.
1. قال الشيخ: ولا بأس أن يغتسل قبل بلوغه إلى الميقات إذا خاف عوز الماء.(557)
2. وقال المحقّق: ويجوز له تقديمه على الميقات إذا خاف عوز الماء فيه.(558)
ولكن المحقّق نسبه في «النافع» وفي بعض نسخ «الشرائع» إلى (قيل)، وقال: وقيل: يجوز تقديم الغسل على الميقات لمن خاف عوز الماء.(559)
مع أنّ صاحب الرياض ادّعى فيه عدم الخلاف وقال: وعليه عامة المتأخرين بل لا خلاف فيه أجده، وبه صرح في الذخيرة مشعراً بدعوى الإجماع.(560)
وقال صاحب المدارك: أمّا جواز التقديم مع خوف عوز الماء فمجمع عليه بين الأصحاب.(561)
ويدلّ على جواز التقديم ما رواه الشيخ في الصحيح عن هشام بن سالم قال: أرسلنا إلى أبي عبد اللّه (عليه السلام)ونحن جماعة ونحن بالمدينة: إنّا نريد أن نودّعك، فأرسل إلينا أن «اغتسلوا بالمدينة، فإني أخاف أن يعزّ عليكم الماء بذي الحليفة فاغتسلوا بالمدينة، والبسوا ثيابكم الّتي تحرمون فيها ثمّ تعالوا فرادى أو مثاني». وهذا ما رواه الكليني.
ورواه الصدوق باسناده عن ابن أبي عمير وزاد فيه: فلمّا أردنا أن نخرج قال:«لا عليكم أن تغتسلوا إن وجدتم ماءً إذا بلغتم ذا الحليفة».(562)
ورواه الشيخ في «التهذيب» مع الزيادة (563)والظاهر عدم الاختلاف بين «الفقيه»(564) و«التهذيب» في نقل الذيل.
فالرواية دالّة على جواز الاغتسال في المدينة وعدم وجوب إعادته بالميقات وإن وجد الماء فيه.
أمّا الفرع الثاني: فهو تقديم الاغتسال مطلقاً بلا عذر أيضاً، فقد قوّاه جماعة من متأخّري أصحابنا.
قال في «الرياض»: بل ظاهر جملة منها جواز التقديم مطلقاً ولو لم يخف عوز الماء، وقوّاه جماعة من متأخّري أصحابنا.(565)
ويدلّ عليه صحيح الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام)عن الرجل يغتسل بالمدينة للإحرام أيجيزه عن غسل ذي الحليفة؟ قال: «نعم».(566)
وإطلاق الرواية يعمّ صورة خوف إعواز الماء وعدمه.
كما يدلّ عليه أيضاً صحيحة معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام)ونحن بالمدينة عن التهيّؤ للإحرام؟ فقال: «أطلِ بالمدينة وتجهّز بكلّ ما تريد، واغتسل، وإن شئت استمتعت بقميصك حتّى تأتي مسجد الشجرة».(567)
والاستدلال صحيح وفق ما رواه الشيخ والصدوق عن معاوية بن وهب، ولكن رواه الشيخ بسند آخر عنه.(568) وليس فيه قوله: واغتسل،ولكن الجملة الأخيرة، أعني قوله: «وإن شئت استمتعت بقميصك حتّى تأتي مسجد الشجرة» تدلّ على سقوط قوله:«واغتسل» وإلاّ فأيّ مناسبة لذكر الاستمتاع بالقميص بعد التهيّؤ للإحرام ولم يأت شيئاً من مقدّماته. وقد ثبت في محلّه أنّ الأمر إذا دار بين النقيصة والزيادة فالأُولى هي المتعيّنة .
أمّا الفرع الثالث: فقد احتاط صاحب العروة بالإعادة في الميقات إذا تمكّن.
قال في المستند: وهل تستحب الإعادة لو وجد الماء في الميقات أو لا؟
فيه قولان: الأقرب هو الثاني للأصل.(569)
ومنشأ الوجهين هو ذيل صحيحة هشام، أعني قوله: «لا عليكم أن تغتسلوا إن وجدتم ماءً إذا بلغتم ذا الحليفة»، لأنّ فيه احتمالين:
1. أن تكون «لا» لنفي الجنس والمنفي هو «البأس»، أي «لا بأس عليكم أن تغتسلوا» فيكون دليلاً على الوجه الأوّل.
2. أن تكون «لا» في قوله: «لا عليكم أن تغتسلوا» هي «لا» المشبهة بـ«ليس» فيكون المعنى «أي ليس لكم أن تغتسلوا إن وجدتم ماءً» فيكون دليلاً على القول الثاني، وهذا هو الأظهر.
وهنا احتمال ثالث يؤيد الوجه الثاني، أي عدم الحاجة إلى الإعادة وعدم انتقاض الغسل بالنوم وهو أن تكون «لا» لنفي المستقبل، سواء أكان المنفي هو اللزوم، أو الجواز أي لا يلزم ولا يجوز الاغتسال بعد العثور على الماء.
واعلم أنّ مرجع البحث في لزوم الإعادة في المقام، إلى ناقضية النوم للغسل السابق وعدمها، فيعيد على الأوّل دون الثاني. ولا منافاة بين أن يكون الغسل بالذات مستحباً وتكون الإعادة لازمة عند توسط النوم، وذلك لأنّ المراد هو أنّ إدراك الفضيلة المترتبة على الإحرام بعد الغسل رهن الإعادة وإلاّ فلا تدرك، ومنه يظهر معنى وجوب الإعادة إذا توسط بين الغسل والإحرام، أحد الأُمور الآتية: أكل ولبس ما لا يجوز أكله أو لبسه أو التطيب والتقنّع، فلاحظ.
في كفاية الغسل من أوّل النهار إلى الليل وبالعكس
هنا أُمور:
الأوّل: كفاية غسل أوّل النهار إلى الليل فيحرم بلا إعادته، وأوّل الليل إلى أوّل النهار كذلك.
الثاني: كفاية غسل اليوم إلى آخر الليل وبالعكس .
الثالث: حكم الإعادة إذا نام بين الغسل والإحرام. وإليك دراستها.
الأمر الأوّل: كفاية غسل أوّل النهار إلى الليل وبالعكس
قال الشيخ في «النهاية» :وإذا اغتسل بالغداة كان غسله كافياً لذلك اليوم. أيّ وقت أراد أن يُحرم فيه، فعل; وكذلك إذا اغتسل في أوّل الليل، كان جائزاً له إلى آخره ما لم ينم.(570)
وقال المحقّق: ويجزي الغسل في أوّل النهار ليومه، وفي أوّل الليل لليلته ما لم ينم.(571)
وقال في «المختصر النافع»: ويجزي غسل النهار ليومه وكذا غسل الليل ما لم ينم.(572)
ووصفه في «رياض المسائل» بقوله: بلا خلاف أجده للنصوص المستفيضة وفيها الصحيح والموثق وغيرهما ...وبه أفتى جماعة من متأخري المتأخرين، تبعاً للمحكي عن «المقنع».(573)
ويدل عليه صحيحتان:
1. صحيحة عمر بن يزيد، عن أبي عبد اللّه(عليه السلام)قال: «غسل يومك ليومك، وغسل ليلتك لليلتك».(574)
2. صحيحة عمر بن يزيد، عن أبي عبد اللّه(عليه السلام)قال: «من اغتسل بعد طلوع الفجر كفاه غسله إلى الليل في كلّ موضع يجب فيه الغسل، ومن اغتسل ليلاً، كفاه غسله إلى طلوع الفجر».(575) ووصف الحديث بالصحّة على فرض كون الوارد في نسخة «التهذيب» هو عمر بن يزيد لا عثمان بن يزيد، وأمّا على النسخة الأُخرى فهو خبر إذ لم يوثّق عثمان بن يزيد وإن كان له رواية في «التهذيب» و«الكافي»، ولكن الظاهر هو الأوّل، بشهادة الصحيحة الأُولى.
الأمر الثاني: كفاية غسل اليوم إلى آخر الليل وبالعكس
وأمّا الاجتزاء بغسل النهار لليلته، وغسل الليل لنهاره فيدلّ عليه حديثان:
1. صحيح جميل، عن أبي عبد اللّه(عليه السلام) أنّه قال: «غسل يومك يجزيك لليلتك، وغسل ليلتك يجزيك ليومك».(576)
2. موثّق سماعة بن مهران ، عن أبي عبد اللّه(عليه السلام)قال: «من اغتسل قبل طلوع الفجر وقد استحم قبل ذلك ثمّ أحرم من يومه أجزأه غسله».(577)
لكن في خبر أبي بصير ـ انّه إذا اغتسل نهاراً ولم يحرم حتّى الليل، فإنّه يعيد ـ قال: أتاه رجل وأنا عنده، فقال: اغتسل بعض أصحابنا فعرضت له حاجة حتى أمسى، فقال: «يعيد الغسل، يغتسل نهاراً ليومه ذلك، وليلاً لليلته».(578)، ولكنّه مطروح والسند ضعيف بعلي بن أبي حمزة، أو مؤوّل محمول على مراتب الاستحباب.
الأمر الثالث: حكم الإعادة إذا نام بين الغسل والإحرام
وأمّا الإعادة إذا نام بعد الغسل وقبل الإحرام ففيه وجهان:
الأوّل: لزوم الإعادة والمراد به هو بطلان الغسل بالنوم قبل الإحرام ولا منافاة بين أن يكون الغسل مستحباً بالذات، ووجوب إعادته إذا نام، لأنّ المراد من الوجوب هو ناقضية النوم فلا محيص لدرك فضيلة الغسل المستحب عن إعادته، ويمكن استظهاره من لفيف من الروايات:
1. صحيح النضر بن سويد، عن أبي الحسن(عليه السلام)قال: سألته عن الرجل يغتسل للإحرام ثمّ ينام قبل أن يحرم؟ قال: «عليه إعادة الغسل».(579)
2. خبر علي بن أبي حمزة قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام)عن رجل اغتسل للإحرام، ثمّ نام قبل أن يحرم؟ قال: «عليه إعادة الغسل».(580)
3. صحيح عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا إبراهيم (عليه السلام)عن الرجل يغتسل لدخول مكة ثمّ ينام فيتوضأ قبل أن يدخل أيجزيه ذلك أو يعيد؟ قال: «لا يجزيه لأنّه إنّما دخل بوضوء».(581)
4. خبر علي بن أبي حمزة، عن أبي الحسن (عليه السلام)قال: قال لي: «إن اغتسلت بمكة ثمّ نمت قبل أن تطوف فأعد غسلك».(582)
وموردهما وإن كان هو الاغتسال لدخول مكة أو للطواف، لكن يمكن الاستئناس بأنّ النوم يبطل الأغسال المسنونة.
5. موثّق إسحاق بن عمار، عن أبي الحسن(عليه السلام)قال: سألته عن غسل الزيارة، يغتسل بالنهار ويزور بالليل بغسل واحد؟ قال: «يجزيه إن لم يحدث، فإن أحدث ما يوجب وضوءاً فليعد غسله» .(583)
وهذه الروايات التي يؤيّد بعضها بعضاً، تثبت انتقاض الغسل بالنوم، وبغيره بطريق أولى.
الوجه الثاني: عدم الانتقاض، وعدم الحاجة إلى الإعادة ويدلّ عليه صحيح العيص بن القاسم، قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام)عن الرجل يغتسل للإحرام بالمدينة، ويلبس ثوبين ثمّ ينام قبل أن يحرم ؟قال: «ليس عليه غسل».(584)
والظاهر وجود التعارض بين صحيحي النضر بن سويد و صحيح العيص بن القاسم، فإنّ مفاد الأوّل هو كون النوم ناقضاً، كما هو ظاهر قوله: عليه إعادة الغسل، كما أنّ مفاد الثاني عدم ناقضية النوم المعبر عنه بقوله: ليس عليه غسل، فيتعارضان فيتساقطان. ويشهد على أنّ المراد هو الناقضية، خبر ابن أبي حمزة في من لبس المخيط بين الغسل والإحرام.(585)
وأمّا الروايات المؤيدة فقد مرّ أنّها للاستئناس لا للاستدلال. فالمرجع هو عمومات ما دلّ على ناقضية النوم وغيره من سائر النواقض.
فإن قلت: مقتضى إطلاق كفاية غسل النهار ليومه، أو غسل الليل لليلته وبالعكس، عدم ناقضية النوم ، الغسل.
قلت: الإطلاق محمول على صورة عدم النوم ، وذلك لأنّ ناقضية النوم أمر مرتكز في ذهن الراوي الشيعيّ.
ومنه يظهر حكم ما إذا بال بين الغسل والإحرام.
فخرجنا بالنتيجة التالية:
إنّ وجدان الماء في الميقات ـ إذا اغتسل قبله ـ لا ينقض الغسل بخلاف النوم فإنّه ينقض فلا محيص عن الإعادة لإدراك الفضيلة.
ثمّ إنّ هنا نواقض أُخرى كالأُمور التالية:
1. أكل ما لا يجوز أكله.
2. لبس ما لا يجوز لبسه.
3. التطيب.
4. التقنع.
حكم الإعادة في الأكل واللبس والتطيب والتقنّع
كما أنّ الأولى إعادة الغسل إذا أكل أو لبس ما لا يجوز أكله أو لبسه للمحرم، بل وكذا لو تطيّب، بل الأولى ذلك في جميع تروك الإحرام،فلو أتى بواحد منها بعدها قبل الإحرام، الأولى إعادته.
قد أُلحق بالنوم ـ في إعادة الغسل ـ أكلُ أو لُبس ما لا يجوز أكله ولبسه للمحرم، في كلام الشيخ والمحقّق.
قال الشيخ: ومتى اغتسل للإحرام، ثمّ أكل طعاماً لا يجوز للمحرم أكله، أو لبس ثوباً لا يجوز له لبسه، يستحب له إعادة الغسل استحباباً.(586)
قال المحقّق: ولو اغتسل وأكل أو لبس مالا يجوز للمحرم أكلُه ولا لُبسه، أعاد الغسل استحباباً.(587)
وتدل عليه صحيحة معاوية بن عمار عـن أبي عبـد اللّه(عليه السلام)قـال: «إذا لبست ثوباً لا ينبغي لك لُبسه، أو أكلت طعاماً لا ينبغي لك أكله، فأعد الغسل».
ونظيرها صحيحة عمر بن يزيد، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)قال: «إذا اغتسلت للإحرام فلا تقنع ولا تطيب، ولا تأكل طعاماً فيه طيب فتعيد الغسل».(588)
إنّما الكلام في إلحاق جميع تروك الإحرام بالنوم، فقد ألحقه صاحب العروة، وقال الشهيد الثاني: أضاف الشهيد (رحمه الله) التطيب، ولم يتعرض لباقي محرمات الإحرام مع أنّ منها ما هو أقوى من هذه، لعدم النص.(589)
3. وصحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)قال: «إن لبست ثوباً في إحرامك لا يصلح لك لبسه، فلبّ وأعد غسلك».(590)
4. خبر علي بن أبي حمزة، قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام)عن رجل اغتسل للإحرام ثمّ لبس قميصاً قبل أن يحرم؟ قال: «قد انتقض غسله».(591)
5. صحيح محمد بن مسلم ـ و في السند سهل وقد قيل: و الأمر في سهل، سهل ـ عن أبي جعفر (عليه السلام)قال:«إذا اغتسل الرجل وهو يريد أن يحرم فلبس قميصاً قبل أن يلبّي فعليه الغسل».(592)
ولو أخذنا بهذه الروايات لا تنحصر مواضع الإعادة بالثلاثة المذكورة في المتن، بل يضاف إليها التقنّع في صحيح عمر بن يزيد.
إنّما الكلام في إلحاق سائر التروك بها، يمكن التفصيل بين الأقوى، كالنكاح وغيره فيلحق ، أخذاً بالأولوية وبين الأضعف كتقليم الأظفار أو قلع السنّ، ففي مرسلة جميل، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر (عليه السلام)في رجل اغتسل لإحرامه ثمّ قلّم أظفاره، قال: «يمسحها بالماء ولا يعيد الغسل».(593)
لو أحرم بغير غسل
قال الشيخ في «النهاية»: ومن أحرم من غير صلاة وغير غسل، كان عليه إعادة الإحرام بصلاة وغسل.(594)
قال المحقّق: ولو أحرم بغير غسل أو صلاة ثمّ ذكر، تدارك ما تركه وأعاد الإحرام.(595)
وقال في «المسالك»: المشهور والأقوى أنّ تداركه على وجه الاستحباب ليقع على أكمل أحواله.(596)
ويدلّ عليه صحيح حسين بن سعيد، عن أخيه الحسن قال: كتبت إلى العبد الصالح أبي الحسن(عليه السلام): رجل أحرم بغير صلاة أو بغير غسل جاهلاً أو عالماً، ما عليه في ذلك؟ وكيف ينبغي له أن يصنع؟ فكتب: «يعيده».(597)
وظاهر قوله:«يعيده» هو الوجوب، لأنّ الجملة الخبرية أوضح في الوجوب من صيغة الأمر، ولكن حمل على الاستحباب لبعض الوجوه.
قال في «المدارك»: وإنّما حمل الأمر بالإعادة على الاستحباب، لأنّ السؤال إنّما وقع عمّا ينبغي أن يصنع لا عمّا يجب.(598)
وما ذكره مبنيّ على ظهور لفظة «ينبغي» في الاستحباب وهو كذلك في عصرنا، وأمّا في عصر صدور الرواية فصاحب الحدائق ينكر ذلك، والأولى أن يقال: إنّه يحمل على الاستحباب، لأنّه لا وجه للوجوب بعدما كان الغسل من أصله مستحباً.
وإليه أشار في «الجواهر» حيث قال: لا أجد فيه خلافاً...، بل ولا وجهاً ضرورة عدم تعقّل وجوب الإعادة مع كون المتروك مندوباً.(599)
إنّما الكلام في تفسير الاستحباب في المقام، إذ كيف يستحبّ للمحرم أن يحرم ثانياً ويعيده قبل الشروع في الأعمال.
فهناك وجوه:
الأوّل: إنكار استحباب الإعادة وهو الذي اختاره ابن إدريس فأنكر استحباب الإعادة قائلاً بأنّه أحرم واقعاً فلا معنى لإعادته مرّة ثانية، قال في «المدارك»: وهو جيّد على أُصوله.(600)
والظاهر أنّ مراد صاحب المدارك من قوله:«وهو جيد على أُصوله» هو عدم حجّية الخبر الواحد (حديث سعيد الأهوازي) عنده، ولكن عبارة السرائر تدلّ على أنّ الإنكار لأمر آخر، وإليك نصّه:
فقال بعد نقل كلام شيخنا الطوسي في «النهاية» الّذي سبق ما هذا نصّه: إن أراد أنّه نوى الإحرام، وأحرم، ولبّى، من دون صلاة وغسل، فقد انعقد إحرامه، فأيّ إعادة تكون عليه، وكيف يتقدر ذلك.
وإن أراد أنّه أحرم بالكيفية الظاهرة، من دون النية والتلبية، على ما قدّمنا القول في مثله، ومعناه، فيصحّ ذلك، ويكون لقوله وجه.(601)
أقول: ما ذكره من الوجه الثاني بعيد جدّاً فإنّ الرواية ظاهرة في أنّه أحرم حقيقة، فكيف يحمل على أنّه أحرم من دون النية والتلبية؟
فلابدّ من تفسير الاستحباب على الوجه الأوّل أي أنّه أحرم ولبّى، إحراماً صحيحاً.
الثاني: بطلان الإحرام الأوّل بالإحرام الثاني نظير التكبيرة الثانية الّتي تبطل التكبيرة الأُولى فيتوقّف الدخول في الصلاة على تكبيرة ثالثة.
نعم يفارقها المقام بأنّ الإحرام الثاني مبطل للأوّل وصحيح في نفسه، وهو خيرة صاحب الرياض قال: وعلى هذا فالمعتبر من الإحرامين ثانيهما.
ونسبه إلى «المختلف» و«المنتهى» وغيرهما(602) ولكن عبارة العلاّمة في «المختلف» ليست ظاهرة في هذا القول، بل ظاهر عبارته هو صحّة كلا الإحرامين غاية الأمر أنّ الأوّل واجب والإعادة مستحبة نظير إعادة المكتوبة بالجماعة، وإليك نصّه:
قال في جواب ابن إدريس: إنّما قصد الشيخ (رحمه الله) أنّه إذا عقد إحرامه بالتلبية والنيّة ولُبس الثوبين الّتي هي أركان الإحرام وأجزاؤه، من غير غسل ولا صلاة، استحب له إعادة التلبية ولبس الثوبين والنية ثمّ ذكر رواية الحسين بن سعيد وقال: ولا استبعاد في إعادة الفرض لأجل النفل كما في الصلاة المكتوبة إذا دخل المصلي فيها بغير أذان ولا إقامة فإنّه يستحبّ له إعادتها.(603)
الثالث: انّ الصحيح هو الإحرام الأوّل والثاني صورة الإحرام بمعنى مشروعية صورة الإحرام بلبس الثوبين والتلبية من دون إنشاء النية. وهو خيرة «المسالك» و«المدارك» وصاحب العروة.
قال الشهيد الثاني: المشهور والأقوى أنّ تداركه على وجه الاستحباب، ليقع على أكمل أحواله، وللرواية. وقيل: على وجه الوجوب. والمعتبر هو الأوّل، إذ لا سبيل إلى إبطال الإحرام بعد انعقاده.(604)
وقال سبطه: وقد نص الشهيدان على أنّ المعتبر هو الأوّل، إذ لا سبيل إلى إبطال الإحرام بعد انعقاده، وعلى هذا فلا وجه لاستئناف النية، بل ينبغي أن يكون المعاد بعد الغسل والصلاة ] صورة[ التلبية واللبس خاصة.(605)وتبعهما صاحب العروة وقال: وأعاد صورة الإحرام.
ولعلّ وجهه أحد أمرين:
1. أنّ الإحرام أمر بسيط قائم بالقلب وهو توطين النفس على ترك المحرمات. وأمّا التلبية ولبس الثوب فمن أعمال الإحرام كما عليه الشيخ الأنصاري، وهو لا يقبل التكرار والإعادة، فتحمل الرواية على تكرار الصورة.
2. أنّه من المقرر عند الفقهاء انّ الإنسان لا يخرج من الإحرام إلاّ بالأعمال، سواء أكان الإحرام إحرام العمرة أم إحرام الحجّ، فكيف يخرج من الإحرام بتجديد النيّة؟
الرابع: صحّة كلا الإحرامين.
وهو ما اختاره الفاضل الإصبهاني وصاحب الحدائق والسيد الخوئي.
قال الفاضل: إنّ الإعادة لا تفتقر إلى الإبطال، لِمَ لا يجوز أن يستحب تجديد النية وتأكيدها للخبر، وقد ينزل عليه ما في المختلف.(606)
وقال صاحب الحدائق: لا منافاة بين الإعادة لطلب الكمال وبين براءة الذمة بالأوّل، ولأنّ عدم اعتباره لا يدلّ على إبطاله، وقد عرفت أنّه لا دليل على إبطاله بعد انعقاده.(607)
وقال السيد الخوئي: وذهب بعضهم إلى أنّه لا مانع من انعقاد الإحرام بعد الإحرام، وكلا الإحرامين حقيقي صحيح، والأوّل واجب ـ على فرض وجوب الحجّ ـ والثاني مستحب، نظير الصلاة المعادة جماعة، ويحسب له في الواقع أفضلهما، نحو ما ورد في الصلاة جماعة، فالأوّل صحيح وإن استحب له الإعادة التي لا تبطله، فالحكم بالإعادة حكم تعبّدي شرعي لتدارك الفضيلة، وهذا الوجه اختاره صاحب الجواهر، وهو الصحيح، ويوافق ظاهر الرواية، لأنّ الظاهر منها إعادة نفس ما أتى به أوّلاً، وأنّ الإعادة إعادة حقيقة للإحرام الأوّل ولا موجب لبطلانه.(608)
هذا وقد عدل عنه في الفصل الثالث عشر(فصل في كيفية الإحرام) المسألة الخامسة.
وحقيقة الأمر أنّ الجمع بين الإحرامين الصحيحين الحقيقيين أمر مشكل، لا، لاجتماع المثلين، بل لأجل أنّ الإحرام إذا كان توطين النفس على ترك المحرمات فالإحرام الثاني يشبه أن يكون تحصيلاً للحاصل، فالأوجه هو القول الثالث كما عرفت.
لو ترك الغسل عامداً أو جاهلاً أو ناسياً
هنا فرعان:
1. عمومية الحكم للعامد والجاهل والناسي.
2. لو أتى بما يوجب الكفّارة بين الإحرامين وجبت عليه.
أمّا الأوّل، فالعامد والجاهل منصوص عليهما حيث جاء في الرواية: رجل أحرم بغير صلاة أو بغير غسل جاهلاً أو عالماً.(609)
وأمّا الناسي فغير مذكور، وقد ألحقه في «الجواهر» بالجاهل بالفحوى وقال: اللّهمّ إلاّ أن يفهم لحوقه بالفحوى.(610)
يلاحظ عليه: بأنّه إن أُريد إلحاقه بالعالم باعتبار أنّه العالم الذي طرأ عليه النسيان، فالإلحاق مشكل، لأنّ الناسي أضعف من العالم، وثبوت الحكم في الأقوى لا يكون دليلاً على ثبوته في الأضعف، وإن أُريد إلحاقه بالجاهل فله وجه حتّى جعله المحقّق الخوئي من أقسام الجاهل، لأنّه جاهل بالفعل.
ويمكن أن يقال: إنّ ذكرهما في سؤال السائل من باب المثال والحكم لمطلق المعذور.
وأمّا الفرع الثاني: فإنّه مقتضى صحّة الإحرام الأوّل مطلقاً على عامة الأقوال حتّى ولو قلنا ببطلانه بالإحرام الثاني، فإنّ المفروض أنّه ارتكب ما يوجب الكفّارة والإحرام صحيح ولم يأت بعد بما يبطله.
الأمر الرابع: أن يكون الإحرام عقيب صلاة فريضة أو نافلة
المشهور أنّ الإحرام بعد الصلاة أمر مستحب، ولم يخالف فيه إلاّ ابن الجنيد.
قال الشيخ: والأفضل أن يكون الإحرام بعد صلاة فريضة، فإن لم تكن صلاة فريضة، صلّى ست ركعات من النوافل، وأحرم في دبرها. فإن لم يتمكّن من ذلك، أجزأه ركعتان.(611)
وقال المحقّق: وأن يحرم عقيب فريضة الظهر أو فريضة غيرها، وإن لم يتفق صلّى للإحرام ست ركعات، وأقلّه ركعتان.(612)
وقال العلاّمة في «المختلف»: ظاهر كلام ابن الجنيد يعطي وجوب الغسل وصلاة الإحرام، فإنّه قال: وليس ينعقد الإحرام إلاّ من الميقات بعد الغسل والتجرّد والصلاة، والأشهر الاستحباب.(613)
وقال النراقي: وعن الإسكافي الوجوب وظاهر أكثر الأخبار معه، إلاّ أنّ شذوذه، بل مخالفته للإجماع المحقّق بالحدس لعدم قدح مخالفة النادر فيه، أوجب صرفه عن ظاهره.(614)
وأمّا السنّة فالظاهر اتّفاقهم على استحباب إيقاعه بعد الفريضة أو مطلق الصلاة.
قال الخرقي في مختصره: فإن حضر وقت صلاة مكتوبة وإلاّ صلّى ركعتين.
وقال ابن قدامة في شرحه: المستحب أن يحرم عقيب الصلاة، فإن حضرت صلاة مكتوبة أحرم عقيبها، وإلاّ صلّى ركعتين تطوّعاً وأحرم عقيبهما. استحب ذلك عطاء وطاووس ومالك والشافعي والثوري وأبو حنيفة وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر. وروي ذلك عن ابن عمر وابن عباس، وقد روي عن أحمد أنّ الإحرام عقيب الصلاة وإذا استوت به راحلته.(615)
والمهم دراسة الروايات الواردة في المقام، والذي يمكن أن يقال: إنّ الروايات على طوائف:
الأُولى: ما هو ظاهر في الوجوب
1. صحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)قال:«لا يكون الإحرام إلاّ في دبر صلاة مكتوبة أو نافلة، فإن كانت مكتوبة أحرمت في دبرها بعد التسليم، وإن كانت نافلة صلّيت ركعتين وأحرمت في دبرهما».(616)
ولولا اتّفاق الأصحاب على الاستحباب لكان القول بالوجوب لأجلها قوياً لكن الاتّفاق قرينة على أنّ المراد هو كمال الإحرام نظير: لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد.
2. صحيحته الأُخرى قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام)يقول: «خمس صلوات لا تترك على حال: إذا طفت البيت، وإذا أردت أن تحرم ...».(617)
وفي دلالة الثانية على المطلوب، ضعف، لأنّ الظاهر ـ بقرينة سائر الروايات ـ أنّ المراد هو عدم اختصاص وقت خاص له ويصحّ إتيانها في عامّة الأوقات، بشهادة الرواية التالية:
عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)قال: «خمس صلوات تصلّيها في كلّ وقت، منها صلاة الإحرام».(618) وفي السند هاشم بن أبي سعيد المكاري، وهو من مشايخ ابن أبي عمير.
والعمدة هذه الطائفة وقد عرفت عدم ظهورها إلاّ الأُولى، وأمّا الطوائف الباقية فليست بصدد بيان حكم صلاة الإحرام من حيث الوجوب أو الاستحباب، وانّما هي بصدد بيان أُمور أُخرى:
ـ جواز الإحرام بعد كلّ صلاة.
ـ لبيان كيفية التطوع للإحرام.
ـ أو الأفضل كون الإحرام بعد الفريضة.
ـ ما يحكي فعل النبي من أنّه أحرم بعد الظهر أو الصلاة.
ـ ما يدلّ على أنّه سنّة مؤكّدة.
وإليك التفصيل:
الثانية: ما يدلّ على جواز الإحرام بعد كلّ صلاة
ما دلّت على جواز الإحرام بعد كلّ صلاة فريضة كانت أو نافلة:
1. خبر أبي الصباح الكناني قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): أرأيت لو أنّ رجلاً أحرم في دبر صلاة مكتوبة أكان يجزيه ذلك؟ قال: «نعم». (619)
2. خبر عمر بن يزيد، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)في حديث قال: «واعلم أنّه واسع لك أن تحرم في دبر فريضة أو نافلة، أو ليل أو نهار».(620)
والظاهر أنّ المركوز في أذهان الأكثر أنّه لا يصح الإحرام إلاّ بعد صلاة الفريضة، فركز الإمام على كفاية مطلق الصلاة.
الثالثة: لبيان كيفية التطوع للإحرام
إنّ بعض ما ورد في المقام بصدد بيان كيفية التطوع للإحرام و بيان مقدار ركعاتها:
1. خبر أبي بصير، عن أبي عبد اللّه(عليه السلام)قال: «تصلي للإحرام ست ركعات تحرم في دبرها».(621)
2. صحيح معاوية بن عمار، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)، قال: «إذا أردت الإحرام في غير وقت صلاة الفريضة، فصلّ ركعتين ثمّ أحرم دبرها».(622)
الرابعة: أفضلية كون الإحرام بعد المكتوبة
وهنا ما يدلّ على أنّ الإحرام بعد المكتوبة سنّة مؤكّدة:
1. صحيحة معاوية بن عمار، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)قال: «صل المكتوبة ثمّ أحرم بالحجّ أو بالمتعة».(623)
2. صحيحة البزنطي قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام)كيف أصنع إذا أردت الإحرام ؟قال: «إعقد الإحرام في دبر الفريضة» .(624)
3. عن إدريس بن عبد اللّه، قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام)عن الرجل يأتي بعض المواقيت بعد العصر كيف يصنع؟
قال: «يُقيم إلى المغرب » قلت: فإن أبى جمّاله أن يقيم عليه؟ قال: «ليس له أن يخالف السنّة»، قلت: أله أن يتطوّع بعد العصر؟ قال: «لا بأس به، ولكنّي أكرهه للشهرة، وتأخير ذلك أحبّ إليّ»، قلت: كم أُصلي إذا تطوّعت؟ قال: أربع ركعات».(625)
ومراده من السنّة هو الإحرام بعد المكتوبة، فإنّ الإحرام في غير وقت المكتوبة مكروه عند السنّة، ففي الموسوعة الكويتية: ولا يصلّيهما في الوقت المكروه اتّفاقاً بين الأئمّة.(626)
وربّما يتخيّله الجاهل بأنّه تطوّع بعد العصر وهو عندهم ممنوع، ولذلك أمره الإمام بالصبر إلى وقت صلاة المغرب.
ولمّا رأى السائل أنّ الإمام أمره بالصبر إلى المغرب حاول أن يتخلّص من ذلك بسؤال آخر وهو التطوّع بعد العصر، فإذا جاز فله أن يتطوّع ويحرم ويخرج مع الجمّال، فأجاب الإمام بعدم البأس به لكن كرهه مخافة الشهرة.
فهذا يدلّ على أنّ الصلاة سنّة مؤكّدة لا تخالف حتّى في الظروف الحرجة.
الخامسة: في أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)أحرم بعد الظهر أو الصلاة
وهنا ما يدلّ على أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)أحرم بعد صلاة الظهر، أو مطلق الصلاة.(627) وما يدلّ على أنّ القارن يقلدها بنعل خلق قد صلى بها.(628)
السادسة: ما يستظهر منه أنّه سنّة مؤكّدة
وهنا ما يدلّ على أنّه سنّة مؤكّدة حيث عبر عنه وعمّـا يأتي بعده بالفرض.
روى حنان بن سدير قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام)يقول: «إذا أتيت مسجد الشجرة فأفرض» قلت: وأي شيء الفرض؟ قال: تصلّي ركعتين، ثم تقول: اللّهم إنّي أُريد أن أتمتّع بالعمرة إلى الحج».(629)
واشتماله على الدعاء المستحب آية أنّ المراد من الفرض هو الاستحباب المؤكد. فلم يدلّ دليل قاطع على لزوم الإحرام بعد الصلاة.
والأولى أن يكون بعد صلاة الظهر، في غير إحرام حجّ التمتع، فإنّ الأفضل فيه أن يصلّي الظهر بمنى. وإن لم يكن في وقت الظهر فبعد صلاة فريضة أُخرى حاضرة وإن لم يكن فمقضية، وإلاّ فعقيب صلاة النافلة.
الأمر الخامس: صلاة ست ركعات أو أربع ركعات أو ركعتين للإحرام
والأولى الإتيان بها مقدماً على الفريضة. ويجوز إتيانها في أيّ وقت كان بلا كراهة، حتّى في الأوقات المكروهة، وفي وقت الفريضة، حتّى على القول بعدم جواز النافلة لمن عليه فريضة. لخصوص الأخبار الواردة في المقام. والأولى أن يقرأ في الركعة الأُولى بعد الحمد التوحيد، وفي الثانية الجحد، لا العكس كما قيل.
في كراهة استعمال الحناء للمرأة
يكره للمرأة ـ إذا أرادت الإحرام ـ أن تستعمل الحناء إذا كان يبقى أثره إلى مابعده، مع قصد الزينة، بل لا معه أيضاً إذا كان تحصل به الزينة وإن لم تقصدها، بل قيل بحرمته. فالأحوط تركه، وإن كان الأقوى عدمها. والرواية مختصة بالمرأة. لكنّهم ألحقوا بها الرجل أيضاً، لقاعدة الاشتراك، ولا بأس به. وأمّا استعماله مع عدم إرادة الإحرام فلا بأس به وإن بقي أثره ، ولا بأس بعدم إزالته وإن كانت ممكنة.
523 . مختلف الشيعة:4/ 50.
524 . مختلف الشيعة: 4/ 51.
525 . المبسوط:1/314 .
526 . الخلاف:2/286 .
527 . المنتهى:10/200، الطبعة الحديثة.
528 . التذكرة:7/ 223.
529 . تحرير الأحكام:1/ 566.
530 . مختلف الشيعة: 1/315 .
531 . الجواهر:5/ 44.
532 . الجواهر:5/ 44.
533 . بداية المجتهد:3/302ـ 303.
534 . المغني:3/ 261.
535 . الجواهر:5/ 44.
536 . الجواهر:5/ 44.
537 . الوسائل: ج 9، الباب10 من أبواب الإحرام، الحديث 3.
538 . الوسائل: ج 9، الباب10 من أبواب الإحرام، الحديث 1.
539 . الوسائل: ج 2، الباب1 من أبواب الأغسال المسنونة، الحديث 6.
540 . الوسائل: ج 9، الباب6 من أبواب الإحرام، الحديث 4.
541 . الوسائل: ج 9، الباب7 من أبواب الإحرام، الحديث 1.
542 . الوسائل: ج 9، الباب8 من أبواب الإحرام، الحديث 1.
543 . الوسائل: ج 9، الباب10 من أبواب الإحرام، الحديث 1.
544 . الوسائل: ج 9، الباب11 من أبواب الإحرام، الحديث 2.
545 . الوسائل: ج 9، الباب11 من أبواب الإحرام، الحديث 1.
546 . الوسائل: ج 2، الباب1 من أبواب الأغسال المسنونة، الحديث 3.
547 . الوسائل: ج 1، الباب1 من أبواب الجنابة، الحديث 4.
548 . الوسائل: ج 9، الباب20 من أبواب الإحرام، الحديث 1.
549 . التهذيب:1/105، باب الأغسال، الحديث 27.
550 . الوسائل: ج 9، الباب8 من أبواب الإحرام، الحديث 5.
551 . المبسوط:1/ 314.
552 . المهذب:1/ 219.
553 . الشرائع:1/ 244.
554 . المنتهى:10/207، الطبعة الحديثة.
555 . المسالك:2/ 228.
556 . المائدة: 6.
557 . النهاية: 212.
558 . الشرائع:1/ 244.
559 . لاحظ الجواهر:18/180; كشف الرموز في شرح المختصر النافع:1/ 347.
560 . الرياض:6/ 224.
561 . المدارك:7/ 251.
562 . الوسائل: ج 9، الباب8 من أبواب الإحرام، الحديث1و 2.
563 . التهذيب:5/303، الباب24 ما يجب على المحرم اجتنابه، الحديث 32.
564 . الفقيه:2/308، الحديث2537، الباب109 التهيّؤ للإحرام.
565 . رياض المسائل:6/ 224.
566 . الوسائل: ج 9، الباب8 من أبواب الإحرام، الحديث 5. والظاهر اتّحاده مع الحديث 6.
567 . الوسائل: ج 9، الباب7 من أبواب الإحرام، الحديث 1.
568 . المصدر نفسه، الحديث 3.
569 . مستند الشيعة:11/ 272.
570 . النهاية: 212.
571 . الشرائع:1/ 244.
572 . المختصر النافع: 82.
573 . رياض المسائل:6/ 226.
574 . الوسائل: ج 9، الباب9 من أبواب الإحرام، الحديث 2.
575 . الوسائل: ج 9، الباب9 من أبواب الإحرام، الحديث 4.
576 . الوسائل: ج 9، الباب9 من أبواب الإحرام، الحديث 1.
577 . الوسائل: ج 9، الباب9 من أبواب الإحرام، الحديث 5.
578 . الوسائل: ج 9، الباب9 من أبواب الإحرام، الحديث 3.
579 . الوسائل: ج 9، الباب10 من أبواب الإحرام، الحديث 1.
580 . المصدر نفسه، الحديث 2.
581 . الوسائل: ج 9، الباب6 من مقدّمات الطواف، الحديث 1.
582 . المصدر نفسه، الحديث 2.
583 . الوسائل: ج 10، الباب 3 من أبواب الزيارة، الحديث 2.
584 . الوسائل: ج 9، الباب 10 من أبواب الإحرام، الحديث 3.
585 . الوسائل: ج 9، الباب 10 من أبواب الإحرام، الحديث 1.
586 . النهاية: 212.
587 . الشرائع:1/ 244.
588 . الوسائل: ج 9، الباب 13 من أبواب الإحرام، الحديث 1و 2.
589 . المسالك:2/ 229.
590 . الوسائل: ج 9، الباب13 من أبواب الإحرام، الحديث 3.
591 . الوسائل: ج 9، الباب11 من أبواب الإحرام، الحديث 1.
592 . الوسائل: ج 9، الباب11 من أبواب الإحرام، الحديث 2.
593 . الوسائل: ج 9، الباب12 من أبواب الإحرام، الحديث 2.
594 . النهاية: 213.
595 . الشرائع:1/ 244.
596 . المسالك:2/ 229.
597 . الوسائل: ج 9، الباب20 من أبواب الإحرام، الحديث 1.
598 . المدارك:7/253ـ 254.
599 . الجواهر:18/ 185.
600 . المدارك:7/ 254.
601 . السرائر:1/532 .
602 . رياض المسائل:6/ 229.
603 . مختلف الشيعة:4/ 50.
604 . المسالك:2/229ـ 230.
605 . المدارك:7/ 254.
606 . كشف اللثام:5/ 251.
607 . الحدائق الناضرة:15/ 19.
608 . المعتمد:2/ 467.
609 . راجع الوسائل: ج 9، الباب20 من أبواب الإحرام، الحديث 1.
610 . الجواهر:18/ 189.
611 . النهاية: 212.
612 . الشرائع: 1/ 244.
613 . مختلف الشيعة:4/ 51.
614 . مستند الشيعة:11/ 274.
615 . المغني:3/ 229.
616 . الوسائل: ج 9، الباب16 من أبواب الإحرام، الحديث 1.
617 . الوسائل: ج 9، الباب19 من أبواب الإحرام ، الحديث 1.
618 . الوسائل: ج 9، الباب19 من أبواب الإحرام، الحديث 2.
619 . الوسائل: ج 9، الباب18 من أبواب الإحرام، الحديث 2.
620 . المصدر نفسه، الحديث 3.
621 . الوسائل: ج 9، الباب 18 من أبواب الإحرام ، الحديث 4.
622 . المصدر نفسه، الحديث 5.
623 . الوسائل: ج 9، الباب34 من أبواب الإحرام، الحديث 6.
624 . الوسائل: ج 9، الباب34 من أبواب الإحرام، الحديث 7.
625 . الوسائل: ج 9، الباب19 من أبواب الإحرام ، الحديث 3.
626 . الموسوعة الكويتية:2/113، مادة «أحرم».
627 . الوسائل: ج 8، الباب2 من أبواب أقسام الحج، الحديث2و 14.
628 . الوسائل: ج 8، الباب12 من أبواب أقسام الحج، الحديث 4.
629 . الوسائل: ج 9، الباب23 من أبواب الإحرام، الحديث 3.


source : موقع موسسة الامام الصادق
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الزكاة
الزيارة الجامعة الكبيرة
ُ نَجَاسَةِ أَسْآرِ أَصْنَافِ الْكُفَّارِ
ما تركزه الصلاة في النفس والمجتمع
أَبْوَابِ الْأَسْآرِ
الخمس فی زمن علی علیه السلام
الصلاة عبادة وتربية
إتمَام الحجج في تفسير مَدلول ولا جدَال في الحَج
سنّة الوضوء
أَبْوَابُ الْمَاءِ الْمُضَافِ وَ ...

 
user comment