كانت فاطمة (عليها السلام) تهتمّ بالأسرة إهتماماً بالغاً و تعّدها مرکز مقدس في حين کانت هي بنت أكبر شخصية دينية و سياسية في عصرها. فقد قبلت النظام التكويني للحياة الذي جعلها الله موجوداً حسّاساً لطيفاً و عطوفا. و استخدمت هذه الوديعة في طريق دعم زوجها و تربية أولادها و تنميتهم.
السيدة فاطمة (عليها السلام) هي زوجة و كانت حياتها مع علي (عليه السلام) بنحوٍ كانا فيه مرافقان احد للأخر و كانا متوافقين بأعلی درجة مع بعضهما البعض. و كانا يعتبران الوصول إلی الفضائل و اكتساب الملكات الأصل الأساس في حياتهما المشتركة خلافا لما اعتاد عليه عامة الناس و التهی به. و هكذا كانا الزوجان في رأی كلٍّ منهما يعدّ الأخر من أفضل النعم. و كان کل واحد منهما يسعيان في طريق التعالي و الرقي الأخر. و في الأصل ما يجعل الحياة حلوةً ليس زخارف الحياة و الإمكانيات و الطعام و الشراب. إنّما الوفاق و الإنسجام يلعب دور الأساسي في مسار الحياة. علی الزوج و الزوجة أن يصلا إلی درجة التفاهم و أن يخرج کل منهما من دائرة نفسه لصالح الأخر و أن يراقب لكي لا ينزعج منه الأخر.
كانت فاطمة (عليها السلام) محبّا و موالياً لعلي (عليه السلام) و کانت مسلّية له و موضع سرّه و مستشارته و مواسيته و كان هذه الأمر بدرجة أنه إذا صادف علي (عليه السلام) مشكلة ما، قال:" لقد كنت أنظر إليها فتنكشف عني الهموم."(1)
ما طلبت فاطمة (عليها السلام) من علي (عليه السلام) حاجة طوال حياتها في بيته و کانت تقول: "يا أباالحسن إني لأستحيي من إلهي أن أكلف نفسك ما لا تقدر عليه" (2) و كان موقف الزهراء (عليها السلام) في قبال علي (عليه السلام) بشكلٍ حيث يقول علي (عليه السلام): " فو الله ما أغضبتها و لا أكرهتها على أمر حتى قبضها الله عز و جل إليه و لا أغضبتني و لا عصت لي أمرا." (3)
كانت فاطمة (عليها السلام) اُمّاً يجتمع فيها عنصرا الرأفة و العطف و كانت تمتلك هذين العنصرين بدرجة الكمال حيث مهّد الأرضية المناسبة لتربية الأطفال بنحو أفضل. إن روح الأمومة لدی فاطمة و عطفها و شفقتها كان السبب الرئيس في متابعة أولادها لها و كانت فاطمة (عليها السلام) من هذه الجهة مصداقاً لقول النبي الأكرم محمد (صلّی الله عليه و آله و سلّم): "خير نسائكم ألطفهن بأزواجهن و أرحمهن بأولادهن."(4)و(5).
الهوامش
1- كشف الغمة، المجلد 1، الصفحة 363
2- كشف الغمة، المجلد 2، الصفحة 26، ذخائر العقبی، الصفحة 45
3- بحار الانوار، المجلد 43، الصفحة 133 و 134
4- فروع الكافي، المجلد 5، كتاب النكاح، باب فضل النساء قريش، الصفحة 327، حديث 2، وسائل الشيعة، المجلد 20، الصفحة 37، حديث 24967
5- هذا القسم من مقال مأخوذ من کتاب "في مکتب الزهراء" بقلم دکتور علي قائمي
source : abna24