هو كوكب من كواكب الإسلام المشرقة عظيم وعلم من أعلام الإنسانية كريم. نقف عنده لنأخذ عبرة ونستلهم من مواقفه كل جوانب العلم والحلم والخير. نحن عند علم على شفة الموت وجفن الحياة وبينهما مشرف الشهادة، وهذه فوق الحياة والموت لأنها عري الذات وامتشاق الإرادة للانهمار على بحر الله بحر المعرفة والعرفان، والاندياح فيه دون شراع.
هو فرع الدوحة النبوية الشريفة لكنه يختلف عمن سبقه بأشياء وأشياء، هو من النادرين في تاريخ الأرض وقد تميز تميزاً واضحاً يلفت النظر إلى الشكل والمضمون في العلوم التي بقرها بقراً كأنه من نسيج الفضاء لا تحده حدود. إنه محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) لبس درع الرسالة الإسلامية فوجد في كل حلقة فيه نبضة قلب تتفجر عزيمة، والعزيمة تشع كضوء يتماوج بألف لون ولون. ثم نظر إلى موقع قدميه فلمح كوة تنفتح على الجنة فيها آباؤه وأجداده الأطهار، ورفع بصره إلى فوق فإذا بنسمة عريضة من الفم الملائكي وكأنها تقول له: سر في درب الحق وأسرع في العطاء النبيل الجليل فأنت محوط بالعناية الإلهية.
نقف بإجلال وتقدير كبيرين عند إشراقة من حياة الإمام الخامس من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) عند أبي جعفر مجمع الفضائل، ومنتهى المكارم سبق الدنيا بعلمه وامتلأت الكتب بحديثه. وليس من نافلة القول في شيء إن قلنا إن الإمام أبا جعفر كان من أبرز رجال الفكر ومن ألمع أئمة المسلمين، ولا غرو من أن يكون كذلك بعد أن سماه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بالباقر في حديث جابر بن عبد الله الأنصاري، لأنه بقر العلم بقراً، أي فجره ونشره فلم يرو عن أحد من أئمة أهل البيت ـ بعد الإمام الصادق (عليه السلام) ما روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) فها هي كتب الفقه والحديث والتفسير والأخلاق، مستفيضة بأحاديثه، مملوءة بآرائه، فقد روى عنه رجل واحد من أصحابه ـ محمد بن مسلم ـ ثلاثين ألف حديث، وجابر الجعفي سبعين ألف حديث، وليست هذه بميزة له عن بقية الأئمة المعصومين، فعقيدتنا (عليهم السلام) أنهم متساوون في العلم، سواسية في الفضل، فهم يغترفون من معين واحد: كتاب الله وسنة رسوله، وما أودع الله فيهم من العلم اللدني بصفتهم أئمة الحق وساسة الخلق الكريم وورثة الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله).
كان الإمام الباقر (عليه السلام) الرائد والقائد للحركة العلمية والثقافية التي عملت على تنمية الفكر العربي الإسلامي، وأضاءت الجوانب الكثيرة من التشريعات الإسلامية الواعية التي تمثل الأصالة والإبداع والتطور في عالم التشريع…
أما ما يدعم ذلك فقد ألمحنا إليه في هذا البحث المتواضع من العلوم والمعارف التي فتق أبوابها،وسائر الحكم والآداب التي بقر أعماقها، فكانت مما يهتدي بها الحيران، ويأوي إليها الظمآن، ويسترشد بها كل من يفيء إلى كلمة الله. لقد كانت حكمه السائرة وآدابه الخالدة من ابرز ما أثر على أئمة المسلمين في هذا المجال، فقد ملأت الفكر وعياً وأترعت القلب إيماناً ومكنت النفس ثقة وصقلت الروح جلالاً وصفاءً.
نعم، إن الظروف التي مرت على الإمام الباقر (عليه السلام) كانت مؤاتية. فالدولة الأموية أصبحت في نهايتها واهية البنيان، مقلقلة الأركان، والثورات تقوم هنا وتهدأ هناك، فاستغل (عليه السلام) هذه الفرصة الذهبية ونشر ما أمكنه نشره من العلوم والمعارف، كما استغل ولده الإمام الصادق (عليه السلام) من بعده انشغال الدولتين الأموية والعباسية عنه، فأتم ما كان والده قد أسسه، ولو تيسر للإمام الجواد (عليه السلام) أن يحصل على ظرف مناسب كظرف الصادقين (عليهما السلام) فما كان ليقصر عن ذلك. فهو الذي أجاب في مجلس واحد عن ثلاثين ألف مسألة، لكن الظروف السياسية والاجتماعية تقوم بدورها في كل عصر. وهكذا كانت بقية الأئمة (عليهم السلام) كواكب مشرقة على مفارق الطرق كل واحد منهم قام بدوره على أكمل وجه وفي ظروفه وأوضاعه.
والإمام الباقر (عليه السلام) قام بدور عظيم في بحوثه ومحاضراته على الفقه الإسلامي وخاض جميع ألوان العلوم الفقهية والعلمية والفلسفية، أما تفسير القرآن الكريم فقد استوعب اهتمامه فخصص له وقتاً، ودون أكثر المفسرين ما ذهب إليه وما رواه عن آبائه في تفسير الآيات الكريمة. وقد ألف كتاباً في التفسير رواه عنه زياد بن المنذر الزعيم الروحي للفرقة الجارودية(1).
لقد ترك الإمام (عليه السلام) ثروة فكرية هائلة تعد من ذخائر الفكر الإسلامي، ومن مناجم الثروات العلمية في الأرض، وليس من المستطاع تسجيل جميع ما أثر عنه من العلوم والمعارف لأن ذلك يستدعي عدة مجلدات. وقد أشرت إلى ذلك إشارات سريعة وتركت الباب مفتوحاً لمن يريد التعمق والتفصيل في كل باب من هذه الثروات العلمية المعظمة. وناظر (عليه السلام) علماء المسيحيين والفرق والملحدين، وقاوم الغلاة وخرج من مناظراته ضافراً باعتراف الخصم. لقد وقف حياته كلها لنشر العلوم الإسلامية بين الناس، عاش في يثرب كالينبوع الغزير يستقي منه رواد العلم من نمير علومه وفقهه ومعارفه، عاش لا لهذه الأمة فحسب، وإنما للناس جميعاً.
وإن هذه البحوث التي أقدمها عن هذا العالم العظيم تبقى قاصرة عن استيعاب جميع جوانب علوم الباقر (عليه السلام) ومعارفه، ولا تحكي واقعه المشرق تماماً وإنما هي مؤشرات تلقى الضوء على بعض معالم شخصيته وأطلب المعذرة من باقر علوم الأولين والآخرين إذا تعبت في ارتقاء هذا الجبل الأخضر العظيم. إنه حبيبي وأملي ورجائي، والحبيب يعذر حبيبه.
حياة العظماء ثرة جداً بالعطاء هي مصدر إشعاع للفكر وينبوع فياض بالمثل، ومنهل نمير للمعرفة، وينبوع غزير بالحكمة، وطاقة فياضة بالخير، وقوة جبارة في تفتيق أبواب العلم وتهذيب الأخلاق والآداب.
منها تستوحي الأمة العقيدة الحقة، ومنها تستمد الإيمان الصادق وبها تذود عن المبادئ القويمة، ومن مثلها العليا تعيش الحياة الحرة الكريمة.حياة العظماء مدرسة كبرى للإنسانية ومحطة حضارية وضاءة لتحقيق العدل وإظهار الحق ومقاومة الظلم والطغيان بأي ثمن من الأثمان. جهاد الأبطال عبر الأجيال يسدد خطاهم وينير دروبهم.
ولا نجد في الأمة على مسار التاريخ من يساوي أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في عظمتهم وفضلهم، أو يباريهم في مقامهم ومكانتهم وشرفهم ونسبهم، فهم الثقل الذي تركه رسول الرحمة (صلّى الله عليه وآله) بين ظهراني الأمة، وجعلهم نظراء القرآن الكريم. قال فيهم الرسول الأعظم موصياً المسلمين.
(إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبداً).
كان أهل البيت حياة للعلم، وموتاً للجهل هم قادة الأمم وأصول الكرم. ساهموا في تأسيس الحركة العلمية وفي تكوين الثقافة الإسلامية فبسطوا العلم وأشاعوه بين المسلمين في وقت كان الجمود الفكري قد ضرب نطاقه في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
في ذلك العصر منيت الأمة الإسلامية بثورات متلاحقة، وانتفاضات شعبية كان مبعثها جور الحكم الأموي واضطهاده، فأهملت من جراء ذلك الحياة العلمية والثقافية إهمالاً تاماً.
الإمام الباقر (عليه السلام) وعى كل هذه الأمور، ولما كان همه مصلحة الأمة الإسلامية ابتعد عن كل تلك التيارات السياسية ابتعاداً تاماً ولم يشترك بأي عمل سياسي، فانبرى صوب العلم وأسس قواعده وأرسى أصوله ورفع مناره فكان الرائد والقائد والمعلم لهذه الأمة في مسيرتها الثقافية كان من أهم ما عني به (عليه السلام) نشر الفقه الإسلامي الذي يحمل في جوهره روح الإسلام وتفاعله مع الحياة، ومن منجزاته العظيمة إقامة المدرسة الكبرى التي زخرت بكبار الفقهاء والعلماء والأدباء وإلى جانب الفكر والعلم تحلى الإمام الباقر (عليه السلام) بالأخلاق الحميدة والتجرد من كل نزعة مادية، فهو يمثل في سلوكه روح الإسلام وفكره وانطلاقه في هداية الناس وتهذيب سلوكهم وأخلاقهم.وقد داهمت الإمام (عليه السلام) كوارث عدة وهو في غضارة الصبا فامتحن بها امتحاناً شاقاً وعسيراً. من هذه الكوارث.
ـ مأساة كربلاء فقد شاهد بأم عينه رزايا كربلاء وما جرى على العترة الطاهرة من صنوف القتل والتنكيل والإجرام. جرت أمامه عملية القتل الجماعي بوحشية وهمجية لعترة النبي (صلّى الله عليه وآله). من قبل الجيش الأموي فقتلوا الشيوخ والأطفال والنساء، ومثلوا تمثيلاً آثماً بجثمان الإمام العظيم، ريحانة الرسول (صلّى الله عليه وآله) وسيد شباب أهل الجنة. حمل الإمام (عليه السلام) مع أسرى أهل البيت إلى ابن مرجانة فبالغ في إذلالهم، ثم حملهم إلى الطاغية الفاجر يزيد بن ميسون فقابلهم بمزيد من التوهين والاحتقار. وعندها قامت السيدة زينب، عقيلة أهل البيت وخاطبته خطاباً تاريخياً فندت فيه مزاعمه الباطلة وإجرامه الحقير ووبخته في حضرته كلاماً قاسياً ترتعد له الفرائص.
ـ والكارثة الأخرى وهو في غضون الصبا أنه شهد واقعة الحرة التي انتهك فيها جيش الطاغية يزيد حرمة مدينة الرسول واستباح الأعراض والأموال وأزهق النفوس، ولم ينج من أهوال تلك الكارثة إلا الإمام زين العابدين (عليه السلام).
وعى الإمام الباقر تلك الأحداث المؤلمة، فتركت تلك الصور الحزينة في نفسه شعوراً طافحاً بالأسى والحزن، وظلت ملازمة له طوال حياته فلم يهنأ بعيش ولم يذق طعم سعادة الحياة.
ومن الأمانة العلمية أن نقول: إن عصر الإمام (عليه السلام) من أدق العصور في الإسلام. فالسياسة الأموية لم تضع نصب أعينها سوى مصالحها الشخصية ورغباتها في تحصيل أنواع الملذات الخاصة فأهملت مصالح الأمة وأثقلت كواهلها بالضرائب والخراج. والإمام (عليه السلام) عاش هذه الظلامات وعاصر أحداثاً سياسية مرهقة أثرت تأثيراً كبيراً في الحياة الاجتماعية والفكرية والاقتصادية في ذلك العصر.
وما نلفت إليه أن المكتبات العربية لم تحظ بدراسة عن هذا الإمام العظيم، العلم الكبير والرائد العظيم في التثقيف الاجتماعي والتكوين الحضاري للأمة الإسلامية.
وليس من الوفاء في شيء أن نهمل حياة عظمائنا وقادتنا وعلمائنا الذين كانوا مشاعل مضيئة بالخير لجميع الناس، في حين أننا نرى الأمم الأخرى تهتم بتخليد عظمائها وتشيد بمآثرهم إلى العالم للتدليل على مدى أصالتها وما تملكه من قيم تقول إنها كريمة!!
هذا الاهتمام نجده في أوروبا التي أبرزت عظماءها بعصبية زائدة، فأعملت الخيال في تبرير النقص وتكميل العيب وإثارة لطلب الكمال. أما نحن العرب فقد وضعنا سدوداً وحواجز بين عظمائنا وبين استفادة شبابنا من ثرواتهم.
ألا يحق لنا أن نشيد بالإمام محمد الباقر (عليه السلام) الذي بقر العلوم بقراً وفجرها تفجيراً وفتق أسرارها. فقد كان واحداً من عباقرة الدنيا الذي ملأ رحابها بمآثره وخدماته الجلى منها: تحرير النقد العربي والإسلامي من السيطرة الخارجية..
يقول القرشي:
(إن القدامى عنوا بالبحث عن سيرة الإمام الباقر (عليه السلام) فألف الجلودي عبد العزيز بن يحيى المتوفى سنة (304هـ) كتاباً أسماه: (أخبار أبي جعفر الباقر)(2).
ولا أزعم أنني أحطت بمآثر الإمام الباقر (عليه السلام) ودونت جميع ما أثر عنه من فضائل وعلوم ومعارف، لكنني عملت جهدي من إلقاء الضوء على بعض نواحي شخصيته، وتركت الباب مفتوحاً للبحاث للكشف عما أغفلته عن هذا الإمام العظيم وابن الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) وحفيد الإمام الحسين، سيد الشهداء.
وقال الرسول الأعظم: (من عمل منكم عملاً فليتقنه).
والإتقان هو أعلى درجة من درجات المعرفة.
فلنحذر أيها الأخوة أعمالنا لنتقنها كل منا في الحقل الذي يعمل فيه ولنتذكر الآية الكريمة:
فالله عز وجل يراقبنا، والرسول الأعظم يحاسبنا والمؤمنون من عباد الله الصالحين يستطلعون أعمالنا.
وآمل أن يكون هذا البحث دعوة لي ولكم للسير حذو منهج هذا الإمام العظيم، مقتفين لآثاره، ميميمين نحو أهدافه.
اللهم أعني على نفسي بما تعين به الصالحين على أنفسهم وخذ بيدي لما يسعدني في آخرتي ودنياي إنك سميع مجيب. وجنبني مزالق السوء، ومرابض الفتن وإنك أنت العزيز القدير. قال تعالى:
(ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيآتنا وتوفنا مع الأبرار. ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد)(3).
الوليد المبارك العظيم
بمزيد من الفرح والابتهاج استقبل أهل البيت وليداً مباركاً عظيماً ازدهرت به الحياة الفكرية والعلمية ازدهاراً عظيماً وسجل له التاريخ صفحات بيضاء في رحاب الحضارة الإنسانية.هو أول مولود التقت به عناصر السبطين الكريمين الحسن والحسين وامتزجت به الأصول الكريمة التي أعز بها الله عز وجل المسلمين خاصة والعرب عامة محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام).
ولد في غرة رجب سنة (57هـ) يوم الجمعة وقيل سنة (56هـ)(4).
وقد أجريت له فور ولادته المراسيم الشرعية من الأذان والإقامة في أذنه، وحلق رأسه في اليوم السابع من ولادته والتصدق بزنة شعره فضة على المساكين، وذبح كبش عنه والتصدق به على الفقراء.
الأب
هو الإمام السجاد زين العابدين من ألمع سادات المسلمين علماً وفقهاً وتقى ومعرفة في جميع نواحي الحياة الإنسانية الراقية.
الأم
هي السيدة الطاهرة فاطمة بنت الإمام الحسن سيد شباب أهل الجنة (الصديقة التي لم تدرك في آل الحسين مثلها)(5) وحسبها سمواً أنها بضعة من ريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) تربى الإمام الباقر في حجرها الطاهر فغذته بلبنها الطاهر وأغدقت عليه أشعة سماوية من روحها الزكية حتى أصبحت من ذاتيته الشخصية تفيض جمالاً وتذكو جلالاً وتسمو كمالاً.
أولاده
أ ـ الذكور: الإمام جعفر الصادق ، عبد الله، إبراهيم، عبيد الله، علي.
ب ـ الإناث: السيدة زينب وأمها أم ولد، والسيدة أم سلمة وأمها أم ولد(6).
أخوته
سئل أي إخوانك أحب إليك؟ فأجاب (عليه السلام) (أما عبد الله فيدي التي أبطش بها وأما عمر فبصري الذي أبصر به، وأما زيد (7) فلساني الذي أنطق به، وأما الحسين فحليم يمشي على الأرض هوناً، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا: سلاماً).كانت علاقة الإمام بأخوته علاقة حميمة ووثيقة تسودها المحبة والألفة فلقد توافرت فيهم جميع الصفات الكريمة من التقوى والورع والصلاح، تغذوا من هدي أبيهم سيد الساجدين وزين العابدين الذي أنار قلوبهم بحقائق الإسلام ونور الإيمان ليعيدوا بين الناس حكم القرآن، ويقضوا على معالم الظلم الاجتماعي التي أوجدها الحكم الأموي. وهذا عرض موجز لسيرتهم.
1ـ الشهيد زيد:
الذي ملأ الدنيا بعلمه وفضائله وشمم آبائه، نشأ في بيت النبوة والإمامة تغذى بلباس الأدب وروح الحكمة وآثر رضا الله وطاعته على كل شيء كان لصحبته أخاه الباقر أثر فعال في سلوكه وتكوين شخصيته. ولد الشهيد سنة (78هـ) ولما بشر أبوه الإمام زين العابدين (عليه السلام) أخذ القرآن الكريم وفتحه متفائلاً به فخرجت الآية الكريمة (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة)(8) وفتحه ثانية فخرجت الآية: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون)(9) ثم فتح القرآن ثالثة فخرجت الآية (وفضل الله المجاهدين على القاعدين)(10) عندها بهر الإمام وقال: (عزيت عن هذا المولود وأنه لمن الشهداء)(11) قام بثورة عارمة ضد الحكم الأموي الجائر والظالم والمستبد في أمور المسلمين سنة (122هـ) لكن خيانة أهل الكوفة وغدرهم أفشلت ثورته وجهاده ولما رأى تخاذلهم راح يقول: (فعلوها حسينية).
لقد آثر زيد عز الممات على ذل الحياة كما آثر ذلك آباؤه من قبله فلم يخضع للذل والعبودية ومات عزيزاً كريماً تحت ظل السيوف.
2 ـ الحسين الأصغر:
كان من مفاخر الأسرة النبوية في فضله وتقواه وسائر مواهبه، كان من العلماء البارزين في عصره تحلى بالحلم والوقار والتقى والورع. نشأ في بيت الحكمة وتغذى من مثل أبيه الإمام زين العابدين ومن كمالاته وزهده في الدنيا. توفي في يثرب عن عمر يناهز (57 عاماً) ودفن بالبقيع مجاوراً لأبيه الإمام زين العابدين ولأخيه الإمام الباقر (عليه السلام).
3 ـ عبد الله الباهر:
هو أخو الإمام محمد الباقر لأمه وأبيه. لقب بالباهر لجماله، وما رآه أحد إلا هابه وأكبره. كان من مفاخر أبناء الأئمة الطاهرين في علمه وورعه وتقواه. عني بتربيته أبوه الإمام زين العابدين فغذاه من علومه وفضائله يقول المؤرخون إنه من فقهاء أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. روي عن آبائه عن رسول الله، كما روي مرسلاً عن جده أمير المؤمنين، وعن جده لأمه الإمام الحسين (عليه السلام)(12).
تولى عبد الله بالنيابة عن أخوته صدقات النبي (صلّى الله عليه وآله) وصدقات الإمام أمير المؤمنين وقام بتوزيعها على حسب ما جاء في وصية النبي (صلّى الله عليه وآله) والإمام أمير المؤمنين (عليه السلام).
4 ـ عمر الأشرف:
ابن الإمام زين العابدين (عليه السلام) لقب بالأشرف بالنسبة إلى عم أبيه عمر الأطرف وذلك لما ناله من شرف وفضيلة بالنسبة لولادة جده (13) الحسين (عليه السلام) من سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام بخلاف عمر الأطرف فإنه نال الشرف من طرف أبيه الإمام أمير المؤمنين. قال الإمام الخوئي: (هو أشرف من الأطرف بحسبه وفضله وورعه)(14).
وقد تولى صدقات النبي (صلّى الله عليه وآله) وصدقات جده الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ودلت عليه أعماله بالسخاء والنبل وسمو الأخلاق والإنسانية.
5 ـ علي:
ابن الإمام زين العابدين توفي بينبع ودفن فيها وعمره ثلاثون سنة وقد أهملت مصادر التراجم والنسب ترجمة ملمة عن حياته.
أولاده أولاد الإمام الباقر كأخوته، كانوا من مفاخر المسلمين في هديهم وصلاحهم شربوا من مكارم أخلاق أبيهم وتغذوا من مثله العليا ونزعاته الكريمة وباتوا امتداداً مشرقاً لذرية طاهرة طبق شذاها العالم بأسره. هم خمسة ذكور وسيدتان.
1ـ الإمام جعفر الصادق:
هو سيد ولده، ووصيه، والإمام القائم من بعده، كان في طليعة عباقرة العالم على الصعيد العلمي والفكري والاجتماعي أبدع فيها كلها. فعلى سبيل الذكر: علم الكيمياء ألقى بحوثه فيها على جابر بن حيان العالم المعروف ومفخرة الشرق العربي في التقدم التكنولوجي. ولا يزال الكثير من نظريات الإمام في هذا الفن لم تكتشفها العلوم الحديثة.
والبحوث الفلسفية وعلم الكلام، يعد الإمام الصادق من الرواد الأوائل فيها. من طلابه الذين تخرجوا على يده هشام بن الحكم، النموذج الرائع في هذه البحوث.
والعلوم الفقهية فإنه المؤسس لها والواضع لقواعدها وأصولها استمد ينابيعها من آبائه الطاهرين. وقد حفلت الموسوعات الفقهية بما أثر عنه من هذا العلم في الأصول والفروع، ناهيك عن سائر العلوم الإسلامية الأخرى كعلم التفسير والحديث والأخلاق والاجتماع.
2ـ عبد الله:
ابن الإمام الباقر وأمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر (15) تعهد تربيته والده فكان من أفاضل العلويين. لكن يد الشر الأموية لم توفره فقد دخل عليه أحد أرجاس بني أمية وسقاه السم ولم يلبث بعدها قليلاً حتى فارق الحياة. ومضى عبد الله شهيداً شأنه شأن آبائه الأطهار الذين أجهزت عليهم النفوس الحاقدة الآثمة لكن الله جل وعلا يأبى إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
3ـ علي:
لقب بالطاهر لطهارة نفسه وعظيم شأنه، عاش في كنف أبيه الإمام الباقر (عليه السلام) وتربى على هديه فكان المثال للفضل والكمال وحسن الخلق جاء في سفينة البحار عن صاحب رياض العلماء أن قبره في (كاشان) وعليه قبة رفيعة عظيمة وله كرامات ظاهرة (16).
4ـ عبيد الله:
هو ابن الإمام الباقر (عليه السلام) أمه أم حكيم بنت أسيد بن المغيرة الثقفية (17) توفي في حياة أبيه ولم نعثر له على ترجمة وافية فيما حصلناه من المصادر.
5ـ إبراهيم:
هو ابن الإمام الباقر (عليهم السلام) أمه أم حكيم بنت أسيد بن المغيرة الثقفية فيكون شقيق عبيد الله لأمه وأبيه. وهذا أيضاً لم نوفق بمعلومات مفصلة عنه في المصادر التي بين أيدينا.
السيدات من بناته:
1ـ السيدة زينب: وأمها أم ولد.
2ـ والسيدة أم سلمة وأمها أم ولد: وهي أم إسماعيل بن الأرقط وقد مرض ولدها فهرعت إلى أخيها الإمام جعفر الصادق وأخبرته فأمرها أن تصعد فوق البيت وتصلي ركعتين، وتدعو الله بهذا الدعاء: (اللهم إنك وهبته لي، ولم يك شيئاً، اللهم وإني استوهبكه فأعرنيه…)(18).
ففعلت ذلك فعافاه الله. (وتعِز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير)(19).
تسميته :
سماه جده رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بمحمد على اسمه وكناه بالباقر قبل أن يخلق بعشرات السنين، وقد استشف من وراء الغيب ما سوف يقوم به سبطه من نشر العلم بين الناس وإذاعته فبشر به أمته كما حمل له تحياته مع الصحابي الجليل جابر (20).
كنيته :
(أبو جعفر) ولا كنية له غيرها، لقد كني الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) الذي فجر ينابيع الحكمة في الأرض، وبعث الروح والحياة في هذه الأمة.
ألقابه :
ألقابه الكثيرة تدل على ملامح شخصيته العظيمة ونزعاته الرفيعة:
الأمين (لقبه به جده الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله). الشاكر. الهادي.
الشبيه (لأنه كان يشبه جده رسول الله صلى الله عليه وآله)(21).
الصابر.الشاهد. الباقر وهو أكثر ألقابه شهرة وذيوعاً، وقد لقب به هو وولده الإمام الصادق (بالباقرين) كما لقبا (بالصادقين) من باب التغليب. ولقب الباقر سمي به لتبقره في العلم.
قال الطلقاني: عن الجلودي، عن المغيرة بن محمد، عن رجاء بن سلمة، عن عمرو بن شمر قال: سألت جابر الجعفي فقلت له: ولم سمي الباقر باقراً، قال: لأنه بقر العلم بقراً أي شقه شقاً وأظهره إظهاراً (22). وفيه يقول الإمام الفرضي:
يا باقر العلم لأهل التقى وخير من لبى على الأجيل (23)
وكأنهم نظروا في ذلك إلى ما أثر عنه من سعة العلوم والمعارف فجعلوا هذا اللقب مشعراً بها.
ملامحه :
أما عن ملامحه الشريفة فهي حسب ما يقول جابر بن عبد الله الأنصاري الصحابي العادل، كانت كملامح جده رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وشمائله (24). وكما شابه جده الأكرم في صفاته الجسدية فقد شابهه أيضاً في صفاته الأخلاقية الكريمة. ووصفه بعض المعاصرين له فقال:إنه كان معتدل القامة، أسمر اللون، رقيق البشرة له خال، ضامر الكشح، حسن الصوت مطرق الرأس (25)، كريماً يتصدق على أصحاب الحاجة ويعتق العبيد ويكرم العلماء..
الذكاء المبكر :
عرف الصحابة ما يتحلى به الإمام الباقر (عليه السلام) منذ نعومة أظفاره بالعلم الغزير والمعرفة والواسعة فكانوا يرجعون إليه في كل المسائل التي لا يهتدون إلى حلها. يقول الرواة: إن جابر بن عبد الله الأنصاري وهو شيخ كبير، كان يأتيه فيجلس بين يديه ليتعلم.. وقد أعجب جابر من سعة دائرة العلم عند الإمام وعمق معارفه المتعددة فطفق يقول: (يا باقر لقد أوتيت الحكم صبياً) (26).
كما روى المؤرخون أن رجلاً سأل عبد الله بن عمر عن مسألة فلم يقف على جوانبها فقال للرجل: اذهب إلى ذلك الغلام ـ مشيراً إلى الإمام الباقر ـ فاسأله وأعلمني بما يجيبك. فبادر الرجل نحو الإمام وسأله فأجابه (عليه السلام) عن مسألته ثم خف إلى ابن عمر وأخبره بجواب الإمام. عندها أبدى إعجابه بذكاء الإمام المبكر. وقال: (إنهم أهل بيت مفهمون)(27).
ولا غرابة في الأمر فالله سبحانه وتعالى خص أهل البيت بالعلم والفضل والمعرفة، ووهبهم الكمال المطلق الذي يهبه لأنبيائه. وعن الأئمة المعصومين قال الرسول الأكرم: (إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبداً: كتاب الله وعترتي أهل بيتي).
فكل فرد من أئمة أهل البيت لا تخفى عليه أية مسألة تعرض عليه لأنهم (عليهم السلام) زقوا العلم زقاً وأخذوه من مصادره الأساسية الصحيحة ونشروه على الناس جميعاً ليظهروا الحق ويعلوا كلمة الله جل شأنه.
يقول المؤرخون: إن الإمام الخامس محمد الباقر (عليه السلام) سئل عن أدق المسائل فأجاب عنها وكان له من العمر تسع سنين.
الهيبة والوقار :
أهل البيت لهم ملامح خاصة تبدو عليهم هيبة الأنبياء ووقارهم، فما جلس معهم أحد إلا هابهم وأكبرهم. وقد تشرف فقيه أهل البصرة، قتادة، بمقابلة الإمام الباقر ولما رآه اضطرب قلبه من هيبته الموقرة وقال بعد المقابلة: (لقد جلست بين يدي الفقهاء وأمام ابن عباس فما اضطرب قلبي من أي أحد منهم مثل ما اضطرب قلبي منك) وهو يخاطب الإمام.
لقد تجلت في شخصية الإمام الباقر سمات أبيه السجاد، زين العابدين وجده الإمام الحسين، سيد شباب أهل الجنة، وجديه: الإمام علي بن أبي طالب إمام المتقين والنبي الأكرم خاتم النبيين (صلّى الله عليه وآله).
هذه الهيبة هي هيبة نبوية، وهذه الملامح ملامح نورانية تميز الأئمة عن سائر الناس العاديين. وممن بهرتهم هيبة الإمام الباقر الشاعر المغربي الذي قال في وصفه:
يا ابن الذي بلسانه وبيانه هدي الأنام ونزل التنزيل
عن فضله نطق الكتاب وبشرت بقدومه التوراة والإنجيل
لولا انقطاع الوحي بعد محمد قلنا: محمد من أبيه بديل
هو مثله في الفضل إلا أنه لم يأته برسالة جبريل(28)
روى المؤرخون أن الإمام كان يبتعد عن كل ما ينافي الوقار واحترام الشخصية الكريمة، ولم ير ضاحكاً، وإذا ضحك كان يقول: (اللهم لا تمقتني)(29) والصفة الظاهرة من صفاته هي ذكر الله بلسانه بصفة مستمرة، ففي جميع أوقاته يبقى مشغولاً بذكر الله.
نقش خاتمه :
كان الإمام الباقر يتختم بخاتم جده الإمام الحسين الذي كان نقشه (إن الله بالغ أمره)(30) أما نقش خاتم الإمام الباقر فهو: (العزة لله جميعاً)(31) وهذا مما يدل على انقطاعه التام إلى الله وشدة تعلقه به. حدث أحمد بن محمد، عن البرقي، عن وهب بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان نقش خاتم أبي (العزة لله جميعاً)(32).
شعراؤه :
من الشعراء الذين اهتموا بالدعوة الإسلامية عامة وبالإمام الباقر خاصة الشاعر المعروف: كثير عزة، والشاعر: الكميت بن زيد الأسدي، والشاعر: الورد الأسدي شقيق الكميت، والشاعر: السيد الحميري.
بوابه :
جابر الجعفي، الصحابي التقي الجليل الذي روى عن الإمام أكثر الأحاديث.
ملوك عصره :
كانت مدة إمامته (عليه السلام) تسعة عشر عاماً، عاصر خلالها:
الوليد بن عبد الملك، وسليمان بن عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز، ويزيد بن عبد الملك، وهشام بن عبد الملك.
إقامته :
أقام (عليه السلام) طيلة حياته في يثرب دار الهجرة، ولم يبرحها إلى بلد آخر، وقد كان فيها الرائد الأكبر للحركات العلمية والثقافية والمعلم الأول، وقد اتخذ المسجد النبوي مدرسة له يلقي فيه محاضراته القيمة على طلابه إنه الإمام الباقر الذي بقر العلم بقراً وأظهره إظهاراً فملأ الدنيا بعلمه وحديثه ومحاوراته.
وفاته (عليه السلام) إلى الفردوس الأعلى :
كانت يوم الاثنين، السابع من ذي الحجة سنة 114هـ حيث عانقت روحه الطاهرة أرواح أجداده وأبيه عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام في الجنة التي وعدهم بها الله جل جلاله. وله من العمر 58 سنة وقد انطوت بموته أروع صفحة من صفحات الرسالة الإسلامية التي أمدت العالم الإسلامي بأبهى آيات الوعي وأرقى درجات التطور وأنقى حالات الازدهار.
نصه على الإمام الصادق (عليه السلام) :
نص الإمام الباقر على إمامة ولده الإمام الصادق مرجعاً عاماً للأمة من بعده، وأوصى شيعته بلزوم أتباعه وطاعته.
وكان الإمام يعرف مكانة ولده وأهليته فيشيد به ويدلل على إمامته فقد روى أبو الصباح الكناني، قال:
نظر أبو جعفر إلى أبي عبد الله يمشي، فقال: ترى هذا؟ هذا من الذين قال الله عز وجل: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين)(33).
المصادر :
1- فهرست الشيخ الطوسي ص98
2- حياة الإمام الباقر (عليه السلام) ج1 ص15 عن الذريعة ج1 ص315
3- سورة آل عمران، الآية: 193 و194
4- دائرة المعارف لفريد وجدي ج3ص563، وفيات الأعيان ج3 ص314 وتذكرة الحفاظ ج1 ص124
5- أصول الكافي ج1 ص469
6- طبقات ابن سعد ج5 ص230 وسفينة البحار ج1 ص309
7- سفينة البحار ج2 ص273 وعبد الله هو أخو الإمام لأمه وأبيه
8- سورة التوبة، الآية 111
9- سورة آل عمران، الآية 169
10- سورة النساء، الآية 95
11- الروض النضير ج1 ص52
12- الإرشاد ص300 وتهذيب التهذيب ج5 ص324
13- من هنا نرى رده على الطاغية هشام بن عبد الملك عندما عيره أنه ابن أمه فقال له: إن الأمهات لا يقعدن بالرجال عن الغايات، وقد كانت أم إسماعيل أمة لأم إسحاق فلم يمنعه ذلك أن بعثه الله نبياً وجعله أبا العرب وأخرج من صلبه خير الأنبياء محمد (صلّى الله عليه وآله): الكامل لابن الأثير ج5 ص84
14- المصدر السابق
15- الإرشاد ص303 ومقاتل الطالبين ص159
16- سفينة البحار ج1 ص309
17- الإرشاد ص303
18- سفينة البحار ج1 ص309
19- سورة آل عمران، الآية 26
20- الفصول المهمة ص198
21- علل الشرائع ج1 ص233 وعيون الأخبار ص213
22- أعيان الشيعة ج4 ص464 والمناقب لابن شهر آشوب ج4 ص210
23- الإمام محمد الباقر لباقر شريف قرشي ص22
24- أصول الكافي ج1 ص469
25- أعيان الشيعة ج4 ص471
26- علل الشرائع ص234
27- المناقب ج4 ص147
28- المناقب ج4 ص181
29- تذكرة الخواص ص349 وصفة الصفوة ج2 ص92
30- أعيان الشيعة ج4 ص169
31- حلية الأولياء ج3 ص186
32- التهذيب ج1 ص32 والاستبصار ج1ص48
33- أصول الكافي ج1 ص306./القصص:5
source : rasekhoon