يوافق الـ 15 من شهر ذي الحجة ذكرى الولادة العطرة عاشر أئمة الهداة المهديين علي بن محمد الهادي (ع)، فبهذه المناسبة نقدم بعض المعلومات حول الزيارة الجامعة الكبيرة المروية عنه (ع) والتي تعتبر تراثاً قيماً، إذ تُعدُّ هذه الزيارة من أشهر زيارات الأئمّة الطاهرين (عليهم السلام) وأعلاها شأناً وأكثرها ذيوعاً وانتشاراً، كما أنّها تمثّل خلاصة عقائد مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، وتبرز المقامات الحقّة للأئمّة المعصومين (عليهم السلام)، وتبيّن منزلتهم العظيمة عند الله عزّ وجلّ، فهم (عليهم السلام):
مَحالّ مَعْرِفَةِ اللهِ، وَمَساكِنُ بَرَكَةِ اللهِ، وَمَعادِنُ حِكْمَةِ اللهِ، وَخَزَنَةُ عِلْمِ اللهِ، وَحَفَظَةُ سِرِّ اللهِ، وَحَمَلَةُ كِتابِ اللهِ، وأوصِياءُ نبيِّ اللهِ، وذُرِّيَةُ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله).
وقد حظيت هذه الزيارة بأهميّة خاصّة بين الأدعية والزيارات المأثورة عن أئمة الهدى (عليهم السلام)، وقد أقبل أتباع أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم على حفظها وزيارة الأئمة (عليهم السلام) بها خصوصاً في ليلة الجمعة ويومها، وذلك لأنّها مرويّة بالإسناد عن الإمام الهادي النقي (عليه السلام)، وتشتمل على كلام فريد يزخر بالمعارف الإلهيّة السامية، ويبيّن حقيقة الإمام الذي يمثّل الحجّة التامّة للحقّ على جميع العالمين، ومحور كائنات الوجود، وواسطة الفيض بين الخالق والمخلوق، والجامع لكلّ الخير والمحاسن، والنموذج الكامل للإنسان، وقد جاء كلّ ذلك في أرقى مراتب البلاغة والفصاحة.
وقد اهتمّ علماء الشيعة بهذه الزيارة واعتبروها أفضل الزيارات الجامعة سنداً ومحتوى، ونقلها الشيخ الصدوق والشيخ الطوسي [1] وغيرهما.
وقال عنها العلاّمة المجلسي: إنّ هذه الزيارة من أصحّ الزيارات سنداً، وأعمّها مورداً، وأفصحها لفظاً، وأبلغها معنىً، وأعلاها شأناً [2].
كما يقول العلاّمة السيّد عبد الله شبّر (ت 1242 ه ) : لا يخفى على اُولي البصائر النقّادة، وأرباب الأذهان الوقّادة، وذوي العقول السليمة، وأصحاب الأفهام المستقيمة، أنّ الزيارة الجامعة الكبيرة أعظم الزيارات شأناً، وأعلاها مكانةً ومكاناً، وأنّ فصاحة ألفاظها وفقراتها، وبلاغة مضامينها وعباراتها، تنادي بصدورها من عين صافية نبعت عن (ينابيع الوحي) والإلهام، وتدعو إلى أنّها خرجت من ألسنة نواميس الدين ومعاقل الأنام، فإنّها فوق كلام المخلوق وتحت كلام الخالق الملك العلاّم، قد اشتملت على الإشارة إلى جملة من الأدلّة والبراهين المتعلّقة بمعارف (اُصول الدين)، وأسرار الأئمّة الطاهرين، ومظاهر صفات (ربّ العالمين)، وقد احتوت على رياض نضرة، وحدائق خضرة، مزيّنة بأزهار المعارف والحكمة، محفوفة بثمار أسرار أهل بيت العصمة، وقد تضمّنت شطراً وافراً من حقوق اُولي الأمر الذين أمر الله بطاعتهم، وأهل البيت الذين حثّ الله على متابعتهم، وذوي القرب الذين أمر الله بمودّتهم ، وأهل الذكر الذين أمر الله بمسألتهم ، مع الإشارة إلى آيات فرقانيّة ، وروايات نبويّة ، وأسرار إلهيّة ، وعلوم غيبيّة ، ومكاشفات حقّيّة ، وحكم [3].
وقد شرح هذه الزيارة جمع من العلماء، الأمر الذي يدلّ على أهميّتها في تراث أهل البيت الزاخر وموقعها المتميّز عند علماء الطائفة:
1 - شرح الزيارة الجامعة الكبيرة، للعلاّمة الشيخ أحمد بن زين الدين بن إبراهيم الأحسائي، وهو شرح كبير.
2 - شرح الزيارة الجامعة، لمحمّد تقي بن مقصود المجلسي.
3 - شرح الزيارة الجامعة، فارسي، للسيّد حسين بن السيّد محمّد تقي الهمداني.
4 - شرح الزيارة الجامعة، للسيّد عبد الله بن السيّد محمّد رضا شبّر الحسيني، بعنوان الأنوار اللامعة.
5 - شرح الزيارة الجامعة، للسيّد علي نقي الحائري.
6 - شرح الزيارة الجامعة، للشيخ محمّد علي الرشتي النجفي.
7 - شرح الزيارة الجامعة، للسيّد محمّد بن محمّد باقر الحسيني.
8 - شرح الزيارة الجامعة، للسيّد محمّد بن عبد الكريم الطباطبائي البروجردي.
وواضح من هذه الزيارة وكذا سائر الزيارات الكثيرة المروية عن الإمام أبي الحسن الهادي (عليه السلام) وغيره من أئمة الهدى (عليهم السلام) أنّ القصد من إيراد الزيارة ليس الزيارة وحسب، بل تعداد فضائل عترة المصطفى، وبيان عقائدهم التي هي عقائد الإسلام الأصيل المنبعثة من هدي الكتاب الكريم وسنّة المصطفى (صلى الله عليه وآله)، هذا إضافة إلى المعاني التربويّة والأخلاقية الواردة في مجمل الأدعية والزيارات .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] عيون أخبار الرضا (عليه السلام) للشيخ الصدوق 2 : 305 ، تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي 6 : 96 .
[2] بحار الأنوار 99 : 144 .
[3] الأنوار اللامعة في شرح الزيارة الجامعة : 29 .
source : abna24